ها هو معرض مسقط الدولي يطرق الأبواب، وقد تبقى على افتتاحه أقل من أسبوعين، وفي الحقيقة جال بخاطري أن أكتب عن شيئين لمقالة اليوم؛ الأول عن العنوان الذي وضعته للمقالة، والثاني عن جرائم الناشرين بحق المؤلفين. ولكن الإنسان يكتب عما يثيره ويعتمل في صدره تأثيرًا أو هما أو أملًا وتطلعًا، ولعل الأحاديث التي يخوضها المرء مع أقرانه وخاصته مما يثير كوامن النفس، وكما في مجمع الأمثال للميداني «لاَ بُدَّ لِلْمَصْدُورِ أَنْ يَنْفُثَ» وهي عبارة منسوبة إلى أحد الفقهاء السبعة -كما وجدتها- وهو عبيد الله بن عبد الله.
إذا ما تتبعنا المقولة التي قالها عبيدالله، نجدها مذكورة في معرض حديثه عن الشعر، وكما هو معلوم أن الشعر ظل -حتى فترة قريبة- سيد المشهد الثقافي عند العرب، حتى خفت بريقه وانكمش في الركن الميت من الثقافة ؛ فلا القراء يقربونه، ولا المكتبة تتسع له، في وقت اقتحمت فيه الرواية السور العالي للثقافة وتركت باب الحديقة مفتوحًا يعبث بها العابثون. احتلت الرواية مكانتها ومنزلتها إذن، وتراجع الشعر، ولكن هل في الرواية شيء مختلف عن الشعر في موضوعه؟ ربما هو الإغراق في التفاصيل والعيش مع الشخصيات عن قرب حتى لتكاد تلك الشخصيات تخرج لنا من الرواية بلحمها ودمها! ومع أن الشعر في كثير من الأحيان يشبه الحكاية في تسلسله إلا أنه سريع القراءة وبالتالي سريع التأثير، فقد لا نتذكر الكلمات الواردة فيه، لكننا نتذكر العِبرة منه. والرواية على النقيض، فنحن نتذكر شخوصها بالاسم والصفات، وكأنهم أناس حقيقيون عشنا معهم وقابلناهم!
يأسرنا الأدب ويؤثر فينا بقدر مقاربته للهموم الإنسانية العامة، فالإنسان هو الإنسان منذ عصر هوميروس حتى أبي العلاء المعري وصولًا إلى البردوني وعصرنا الحالي.
فنحب الشجاعة والمروءة والكرم والصفات الخيِّرة في الإنسان، ونمقت ونكره اللؤم والصفات الدنية فيه. وقد اخترت أدباء فقدوا البصر -هناك خلاف حول هوميروس- لأن التطور الذي يعايشه الإنسان لا يخترق روحه؛ إنما هي أدوات يستعملها، أما المشاعر الإنسانية والقصص الحقيقية لمعاناة الإنسان فهي ما تؤثر في روح المرء اليوم وقبل ألف عام، لذلك نجد همومهم واحدة رغم ما بينهم من الفجوة الزمنية الهائلة!
حسنا، يختار الكثير من الناس أن يقرؤوا الرواية، وتكون جسرًا موصلًا إلى معانٍ مفقودة أو متخيلة لهم. فالثري الذي يفكر في بناء عمارة أخرى إلى عمارته القائمة، لا يتخيل وجود إنسان يبحث في القمامة عن ما يسد رمقه ويكفيه مؤونة التذلل إلى الناس. والموظف الذي لا يعمل إلا بالقدر الذي يؤدي به مهامه الموكلة إليه، لن يدرك مأساة الباحث عن العمل النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وهذان المثالان بالنسبة إلى المترف يشبهان الحُلُم لا الحقيقة، ومن الأمثلة الكثير والكثير. وفي العموم فإن الرواية تؤثر في قارئها كما يفعل أي نتاج أدبي فكري آخر؛ ولكن هلَّا توقفنا قليلا في حياتنا لننظر حولنا؟
إن البحث عن البطولة المولودة من رحم المأساة حافز جيد للمرء؛ كي يبذل أكثر ويواصل كفاحه ليكون معينًا وناصرًا للضعفاء والمساكين؛ لكن الأبطال الحقيقيين ليسوا من يسكن بطون الروايات والقصص الخيالية، إنهم أناس يعيشون بيننا. فالأم التي تعمل في المستشفى أو المدرسة لتنظف القمامة والممرات ليست إنسانًا محبًا للقاذورات ولا تشعر بشيء تجاه عملها ومعاملة الناس لها! والأب الذي يتحمل نقل البضائع على ظهره نظير مبلغ لا يتعدى الريال ليس محبًا لهذا العمل شغوفًا به؛ إنما يفعلان ذلك لأجل أبنائهم وكثيرة هي الأمثلة.
وأحب أن أذكر امرأة أعرفها منذ الصغر، كانت وظيفتها «عاملة نظافة» في إحدى المستشفيات، وعملت هذه المرأة طوال هذه السنين لتكوين أبناء متعلمين وبعضهم في وظائف جيدة الآن، كل هذا في غياب كامل وفاعل لدور الأب؛ وبالنسبة إلي فإن هذه المرأة المكافحة أعلى شأنًا وأحب إليَّ من كل أبطال الروايات والأبطال المزيفين في الحياة. كما أن هذه المرأة وأشباهها من الأبطال يدفعونني للتساؤل بصدق؛ أيهما أحق باليأس ومحاولات الانتحار الساذجة، من عاش عيشة صعبة تكالبت فيها عليه الظروف؟ أم من يدفعه ترفه للالتذاذ بالألم؟ في وقت تعدو موجة العدمية فيه عدوًا يستلزم أن يلجمه كل من لديه ضمير قبل أن يستحيل وحشا لا قِبَلَ لنا به. ولا أقصد باللجام هنا بمعناه الشرس، إنما هو لجام فكري تأملي ثم تفكيكي في بذور وجذور المسألة. وقد تحدثت عن هذه المسألة سابقا في مقالة في جريدة عمان بعنوان «رمنسة البؤس».
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
تفسير حلم تساقط الشعر.. بين القلق العاطفي والخوف من الشيخوخة
تفسير حلم تساقط الشعر، تعتبر الأحلام مرآةً لعالمنا الداخلي، فهي تعكس مشاعرنا وأفكارنا وأحيانًا حتى المخاوف التي نواجهها في حياتنا اليومية، من بين الأحلام الشائعة التي تثير القلق والتساؤل بين الكثيرين هي أحلام تساقط الشعر. قد يراود الكثير من الأشخاص حلم تساقط الشعر بطرق مختلفة، سواء كان بشكل جزئي أو كلي، وقد يكون في حالات معينة مرتبطًا بمشاعر نفسية عميقة كالتوتر أو القلق.
تفسير حلم تساقط الشعر: بين القلق العاطفي والخوف من الشيخوخة تساقط الشعرلكن ما الذي قد يعنيه تساقط الشعر في الأحلام؟ وهل يحمل تفسيرًا واحدًا أم أنه يختلف باختلاف التفاصيل والمواقف في الحياة الشخصية؟ في هذا المقال، سنتناول دلالات حلم تساقط الشعر من منظور نفسي وفلكي، مع تسليط الضوء على تفسيراته المتنوعة التي قد تكشف عن أعمق المخاوف والتوترات التي يعاني منها الشخص في الواقع، وفقًا لما جاء في موقع wikihow.
1. القلق والخوف من فقدان الجمال أو الجاذبية
إحدى أبرز التفسيرات النفسية لحلم تساقط الشعر تتعلق بالخوف من فقدان الجمال أو الجاذبية الشخصية. في كثير من الأحيان، يعتبر الشعر رمزًا للجمال الخارجي والمظهر الجميل في الثقافة العامة. لهذا السبب، قد يشير حلم تساقط الشعر إلى القلق العميق من فقدان الجاذبية الشخصية أو المظهر الخارجي بشكل عام. إذا كان الشخص يمر بفترة من التغيرات الجسدية أو العمرية، مثل التقدم في السن أو التغيرات المرتبطة بالصحة، فقد يتسبب ذلك في شعوره بعدم الأمان تجاه مظهره، ما ينعكس في حلم تساقط الشعر.
من الناحية النفسية، قد يرتبط هذا النوع من الأحلام بشعور الشخص بالضعف أو العجز، أو ربما يعكس قلة الثقة في النفس. في حالات أخرى، قد تكون هذه الأحلام نتيجة للضغوط الاجتماعية التي تملي على الفرد معايير معينة للجمال أو المظهر الخارجي، ما يعزز القلق بشأن الشكل والمظهر.
2. فقدان السيطرة على الحياة أو المواقف
تساقط الشعر في الحلم يمكن أن يكون أيضًا مؤشرًا على الشعور بفقدان السيطرة على جوانب معينة من الحياة. قد يعكس الحلم حالة من القلق العميق بسبب الأحداث اليومية التي تخرج عن السيطرة، مثل مشاكل في العمل أو في العلاقات الشخصية أو ضغوط الحياة بشكل عام. قد يشعر الشخص الذي يمر بهذه الأحلام أنه يفقد القدرة على التحكم في الأمور التي تشكل جزءًا من روتينه اليومي، ما يعزز الشعور بالضياع أو القلق المستمر.
الأشخاص الذين يعانون من مشاعر العجز أو القلق قد يكونون أكثر عرضة لهذا النوع من الأحلام. قد يكون تساقط الشعر في الحلم بمثابة رمز لفقدان الثقة بالنفس أو الخوف من عدم القدرة على مواجهة تحديات الحياة اليومية. إذا كان الشخص يعاني من مشاكل مع مديره في العمل أو يواجه تحديات شخصية مع أفراد أسرته، فقد يظهر تساقط الشعر في الحلم كعلامة على الضغط النفسي الذي يعاني منه.
3. التوتر النفسي والضغط الداخلي
تساقط الشعر قد يكون أيضًا دلالة على التوتر النفسي المفرط والضغط الداخلي. في بعض الحالات، قد يكون الحلم مؤشرًا على أن الشخص يواجه قلقًا عاطفيًا عميقًا أو توترًا مستمرًا ينعكس في جسده، ويظهر بشكل رمزي في الشعر الذي يتساقط. التوتر المزمن والضغط العصبي من أبرز العوامل التي تؤثر على الصحة النفسية والجسدية، وقد يؤديان إلى تساقط الشعر في الحياة الواقعية أيضًا.
إذا كنت تشعر بتزايد مستويات الضغط النفسي في حياتك اليومية، سواء كان بسبب العمل أو العلاقات أو مشاعر الإحباط، فقد يظهر هذا القلق في شكل حلم تساقط الشعر. يكون هذا الحلم بمثابة تحذير من أن مستويات التوتر قد أصبحت مرتفعة جدًا وأنه يجب عليك اتخاذ خطوات للتخفيف من الضغط النفسي.
4. التغيرات الحياتية الكبيرة والانتقال إلى مرحلة جديدة
أحيانًا، قد يرتبط حلم تساقط الشعر بتجربة تغيرات حياتية كبيرة أو الانتقال إلى مرحلة جديدة في الحياة. قد يكون هذا التغير إيجابيًا مثل بدء وظيفة جديدة أو التخرج من مرحلة دراسية، أو قد يكون سلبيًا مثل الانفصال عن شريك الحياة أو فقدان أحد المقربين. هذه التغيرات يمكن أن تثير مشاعر القلق والخوف من المستقبل، ما يؤدي إلى أحلام قد تتضمن تساقط الشعر.
الشعور بفقدان شيء مألوف أو خوف من المستقبل قد ينعكس في العقل الباطن على شكل تساقط الشعر. قد يكون هذا الحلم نوعًا من التعبير عن المخاوف من الفقدان أو التغيير، ويعكس الصراع الداخلي بين التمسك بالماضي وبين القبول بالتغيرات الحياتية الجديدة.
5. الشيخوخة والموت: علاقة تساقط الشعر بالعمر
أحد التفسيرات النفسية الأخرى لحلم تساقط الشعر يتعلق بالخوف من الشيخوخة والموت. يشير تساقط الشعر في هذا السياق إلى التغيرات الطبيعية المرتبطة بالعمر، مثل الشيب أو تساقط الشعر الطبيعي نتيجة للتقدم في السن. قد يعكس هذا الحلم القلق من المرور بعلامات الشيخوخة أو مواجهة نهاية مرحلة معينة من الحياة.
عند الأشخاص الذين يقتربون من مرحلة الشيخوخة أو يواجهون تغييرات صحية مرتبطة بالعمر، قد يكون تساقط الشعر في الأحلام تعبيرًا عن الخوف من فقدان الشباب والحيوية أو الخوف من نهاية الحياة كما يعرفونها. هذا النوع من الأحلام يمكن أن يثير مشاعر العجز أو الحزن العميق على ما فات.
6. الشعور بالاستقلالية والتفرد
في بعض الأحيان، قد يشير حلم تساقط الشعر إلى فقدان الشعور بالاستقلالية أو التفرد. قد يمر الشخص بفترة يشعر فيها بعدم القدرة على اتخاذ قراراته بنفسه أو أنه تحت سيطرة الآخرين، سواء كان ذلك في العمل أو في العلاقات الشخصية. الشعر، كرمز للهوية الشخصية، قد يكون مرتبطًا بالإحساس بالاستقلالية. عندما يبدأ الشخص في الشعور بتراجع هذا الإحساس، فإن تساقط الشعر في الحلم قد يكون تعبيرًا رمزيًا عن هذا الفقدان للحرية والقدرة على التحكم في مصيره.
7. الحزن العميق والصدمات العاطفية
تساقط الشعر في الحلم يمكن أن يكون أيضًا علامة على الحزن العميق والصدمات العاطفية التي يمر بها الشخص في حياته. قد يكون الشخص قد تعرض لخيانة أو خيبة أمل كبيرة أو مر بتجربة فقدان مؤلمة. في هذه الحالات، قد يترجم العقل الباطن مشاعر الحزن والفقدان في شكل حلم تساقط الشعر. في هذه الحالة، يكون الحلم تعبيرًا عن الصدمة النفسية والرغبة في الشفاء والتعافي من الألم العاطفي.