يمانيون/ تقرير: معين النجري

استمرار نشاط برنامج الأغذية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعيّنة سعودياً والمناطق الجنوبية وتوقّفها في مناطق سيطرة حكومة صنعاء، جعل الكثير يربط بين موقف حكومة صنعاء من العدوان على غزة، واستمرار أنشطة برنامج الأغذية في تلك المناطق.

عجزت الثلاثينية سامية العبسي عن دفع إيجار شقتها للشهر الثاني على التوالي، بعد توقّف صرف المساعدات الغذائية التي كان يقدّمها برنامج الغذاء العالمي للمستفيدين في معظم المحافظات اليمنية.

لقد اضطرّت العبسي التي تعمل في مكتب خدمات إعلانية مقابل 50 ألف ريال (ما يقارب 100$ شهرياً) لتخصيص هذا المبلغ لشراء المواد الغذائية الأساسية بدلاً من دفع إيجار السكن.

وتقول في تصريح لـلميادين نت: “لقد وقعت بين نارين، إما الجوع مقابل السكن، أو الغذاء مقابل التشرّد في الشوارع”، مؤكدة أن إيقاف صرف المساعدات الغذائية جعلها أكثر قلقاً على عائلتها المكوّنة من ثلاثة أطفال، إضافة إلى والدتها المسنّة.

العبسي واحدة من ضمن 6 ملايين مستفيد موزّعين على المحافظات الخاضعة لسيطرة حكومة صنعاء، كانت تعتمد بشكل أساسي على المساعدات الغذائية “السلة الغذائية” التي كان يقدّمها برنامج الغذاء العالمي، قبل أن يعلن إيقاف توزيع المساعدات ابتداء من شهر كانون الأول/ديسمبر 2023.

وأوضح برنامج الأغذية العالمي في اليمن أن قرار إيقاف المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة صنعاء “تمّ اتخاذه بالتشاور مع الجهات المانحة”، مبرّراً اتخاذه لهذا القرار بـ”محدودية التمويل”، لكنه أكد في البيان نفسه الذي نشره البرنامج في موقعه الإلكتروني، استمرار توزيع المساعدات الغذائية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعيّنة سعودياً.

المساعدات وموقف اليمن من غزة

استمرار نشاط برنامج الأغذية في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعيّنة سعودياً والمناطق الجنوبية وتوقّفها في مناطق سيطرة حكومة صنعاء، جعل الكثير من العاملين في معالجة الوضع الإنساني يربطون بين موقف حكومة صنعاء من العدوان الإسرائيلي على غزة، واستمرار أنشطة برنامج الأغذية في تلك المناطق.

وفي هذا السياق، يؤكد المسؤول الإعلامي للمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية والتعاون الدولي في اليمن جمال الأشول، أن قرار إيقاف المساعدات الغذائية في المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء له تداعيات كبيرة، وتضاعف المعاناة الإنسانية الأسوأ في العالم التي يعيشها الشعب اليمني من جراء العدوان والحصار، مؤكداً أنّ أميركا تستخدم الورقة الإنسانية للضغط على الشعب اليمني من أجل تحقيق أهداف سياسية، واصفاً هذا السلوك بأنه “جريمة حرب تنتهك كلّ القوانين الدولية”.

وقال الأشول في حديثه للميادين نت: “إيقاف المساعدات من قبل برنامج الأغذية العالمي، في المناطق الواقعة تحت سيطرة حكومة صنعاء جاء بتوجيه أميركي، كوسيلة ضغط بسبب موقف اليمن المساند لفلسطين”.

واتهم المنظمات العاملة في المجال الإنساني بالانصياع للضغوط الأميركية، وهذا ما أدى إلى تفاقم المأساة خاصة للمستفيدين الأشد فقراً، مؤكداً أن هذا السلوك لن ينجح في تغيير موقف الشعب اليمني حيال القضية الفلسطينية التي يعتبرها قضيته الأساسية.

تعميق جراح النازحين

وقع الأربعيني فؤاد المساوى بين خيارين أحلاهما بطعم العلقم، نتيجة توقّف المساعدات الغذائية والنقدية التي كان يحصل عليها شهرياً من المنظمات العاملة في المجال الإنساني طوال 6 سنوات من النزوح.

يفكّر المساوى الذي نزح مع عائلته، من منطقة تهامة غرب اليمن، بالعودة إلى قريته رغم المخاطر الأمنية التي قد يتعرّض لها وحرمان ابنتيه من إكمال تعليمهما الجامعي، ويقول لـلميادين نت: “توقّف صرف المساعدات وضعني بين نارين، إما العودة إلى القرية وحرمان بناتي من التعليم أو البقاء في صنعاء ومواجهة المجهول”.

المساوى واحد من بين أكثر من 5 ملايين و126 ألف نازح ‏يتوزّعون على 15 محافظة يمنية يواجهون المصير ذاته، نتيجة إيقاف صرف المساعدات، ووفقاً للإحصائيات الصادرة عن المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية والتعاون الدولي، فإنّ إيقاف أنشطة الأغذية العالمية حرم أيضاً 46 ألفاً و629 مستفيداً من المساعدات النقدية.

الإجراءات الأخيرة للمنظمات الإنسانية في اليمن شملت أيضاً توقّف أنشطة التدخّلات المتعلّقة بالحد من انتشار سوء التغذية، في ظل ارتفاع عدد حالات الإصابة بسوء التغذية الحاد والعام، متجاوزة 4 ملايين و500 ألف حالة حتى نهاية 2023، معظمهم من الأطفال والنساء.

وضع كارثي

يستقبل مشروع التغذية المدرسية في صنعاء عشرات المكالمات يومياً، يستفسر فيها المواطنون عن موعد صرف المساعدات، وفقاً للمسؤول الإعلامي لمشروع التغذية نبيل القدسي، عوضاً عن عشرات المستفيدين الذين يذهبون يومياً إلى مقرّ المشروع للسبب نفسه.

يقول القدسي لـلميادين نت: “الكثير من الرسائل نستقبلها بشكل يومي حتى عبر مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالمشروع حول موعد الصرف، لكن -مع الأسف- لا نعرف ماذا نردّ على استفسارات المستفيدين”، واصفاً آثار إيقاف توزيع المساعدات بأنها ستكون “كارثية” على مئات الآلاف من الأسر اليمنية.

وكان مشروع التغذية المدرسية في صنعاء، وهو أكبر شريك محلي لبرنامج الأغذية العالمي، يستهدف أكثر من ثلاثة ملايين شخص من خلال صرف سلة غذائية شهرياً، ووفقاً للقدسي كانت تلك المساعدات هي المصدر الوحيد لتأمين لقمة العيش في ظل استمرار أزمة انقطاع الرواتب وارتفاع معدلات البطالة واتساع رقعة الفقر والجوع.

وخلال أكثر من ثماني سنوات كانت مئات الآلاف من الأسر اليمنية تعتمد بشكل أساسي على تلك المساعدات التي ساهمت في نجاتهم من المجاعة، وتحتوي السلة الغذائية الشهرية على “75 كغ دقيق، 10 ليترات زيت طعام، 5 غرامات ملح و2 كيلو بقوليات” قبل أن يتمّ تقليص كمية الدقيق قبل عامين إلى 50 كغ.

وأكد القدسي أن انعدام الأمن الغذائي يعرّض حياة ثلثي سكان اليمن للخطر، موضحاً أن القائمين على الوضع الإنساني في اليمن مدركون حجم المساعي المبذولة من قبل البرنامج لاستئناف توزيع المساعدات، وهناك تواصل مستمر ومساعٍ حثيثة لاستئناف النشاط، وفق قوله.

وإلى أن تصل حكومة صنعاء إلى اتفاق مع المنظمات الدولية -وعلى رأسها برنامج الأغذية العالمي- ستظل سامية العبسي وفؤاد المساوى ومعهم ملايين اليمنيين يواجهون مخاطر الإصابة بسوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي.

 

نقلا عن الميادين نت ً#اليمن#دعم وإسناد غزة‎#فلسطين المحتلةُ#قطاع غزة#موقف اليمنالمساعدات الإنسانية

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: فی المناطق الخاضعة لسیطرة برنامج الأغذیة العالمی ف المساعدات الغذائیة برنامج الأغذیة فی توزیع المساعدات ف صرف المساعدات فی الیمن

إقرأ أيضاً:

ميديابارت: المساعدات الإنسانية لغزة.. ألف عقبة إسرائيلية

يمن مونيتور/قسم الأخبار

قال موقع ميديابارت الفرنسي إن النظام الإنساني الذي كان يسند قطاع غزة منذ عام ونصف على وشك الانهيار، نتيجة لعوائق متعددة تعود إلى فترة طويلة، بالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي الكامل المفروض منذ 2 مارس/ آذار الماضي. فهذا هو الوجه الآخر للحرب الإسرائيلية على غزة، يقول الموقع الفرنسي.

فالقطاع الفلسطيني مغلق بإحكام، إذ لم تدخل منذ 53 يوماً أي شاحنة مساعدات عبر المعابر التي تخضع كلها لسيطرة إسرائيل. ومنذ ذلك الوقت، يوثق العاملون الإنسانيون فصول كارثة معلنة، يوضّح موقع ميديابارت، مضيفاً أن الحكومة الإسرائيلية قررت فرض هذا الحصار التام بعد نهاية المرحلة الأولى من الهدنة المطبقة منذ 19 يناير/ كانون الثاني الماضي.

وكان من المقرر أن تشمل المرحلة الثانية من الهدنة إطلاق سراح آخر الأسرى والرهائن الإسرائيليين، أحياءً وأمواتاً، من قبل الفصائل الفلسطينية المسلحة. لكن بنيامين نتنياهو وتحالفه اليميني المتطرف قرروا تغيير شروط الاتفاق، مطالبين بتمديد المرحلة الأولى والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن. واختار رئيس الوزراء الإسرائيلي استخدام المساعدات كوسيلة ضغط.

وعندما رفضت حماس هذه الشروط، قررت إسرائيل إنهاء الهدنة. ففي ليلة 17 إلى 18 مارس/ آذار، استأنفت القصف بكثافة غير مسبوقة. ومنذ ذلك الحين، يُقصف القطاع من الشمال إلى الجنوب، وأجزاء كاملة منه تحتلها القوات البرية، والسكان يتنقلون باستمرار، يشير موقع ميديابارت.

المخازن فارغة

وتابع موقع ميديابارت القول إن استخدام المساعدات الإنسانية كسلاح يخالف القانون الدولي. وقد ذكّر الرئيس الفرنسي بذلك في 8 أبريل/نيسان الجاري خلال زيارته إلى العريش في مصر، أمام مسؤولي المنظمات الإنسانية الذين ينتظرون بيأس إدخال المساعدات الأساسية إلى غزة. أما وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، فقال في 16 أبريل/ نيسان الجاري: ”لا أحد يفكر حالياً في السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، ولا توجد أي استعدادات جارية لهذا الغرض”.

داخل غزة، يراقب العاملون الإنسانيون تلاشي المخزونات بشكل حتمي. فوفقاً لمصدر إنساني طلب عدم الكشف عن هويته، فقد قام برنامج الأغذية العالمي (WFP) الأسبوع الماضي بتوزيع آخر مخزوناته على شركائه. وفي نهاية مارس/ آذار، كان ما يزال لديه 5700 طن من المواد الغذائية، لكن مستودعات الأمم المتحدة اليوم فارغة، ولم يتبق لدى المنظمات التي تُشغل المطابخ المجتمعية سوى “عدة أيام على الأكثر” من الإمدادات.

هذه المطابخ الجماعية التي يديرها برنامج الأغذية العالمي تقدم ما بين 360 ألفا و400 ألف وجبة ساخنة يومياً. ومع مطابخ منظمة “وورلد سنترال كيتشن” التي توفر العدد ذاته، فإنها لا تغطي حتى نصف سكان غزة. “الوجبة الواحدة لا توفر سوى 25% من السعرات الحرارية اليومية المطلوبة”، يضيف المصدر.

وغالباً ما تكون هذه الوجبة هي الطعام الوحيد المتاح، بعد إغلاق خمسة وعشرين مخبزاً كانت تموّلها الأمم المتحدة بسبب نفاد الدقيق. ووجد مليون شخص أنفسهم بلا خبز، وهو الغذاء الأساسي لهم منذ شهور، نتيجة نقص المواد الغذائية الأخرى وارتفاع أسعارها الجنوني بالنسبة لمعظم الأسر.

منذ بداية الحصار الكامل، خفض برنامج الأغذية العالمي الحصص التي كان يوزعها على نصف السكان تقريباً، بحيث تحصل كل أسرة مكونة من خمسة أشخاص على كيسين من الدقيق (25 كيلو لكل واحد)، وصندوقين (22 كيلو لكل منهما) يحتويان على الأرز والعدس والمعلبات.

ونقل موقع ميديابارت عن غافين كيلير، من المجلس النرويجي للاجئين (NRC)، قوله: “نحن نوزع آخر الخيام، وآخر مجموعات النظافة الصحية، وآخر المنتجات الصحية الأساسية، وقريباً لن نتمكن من توفير مياه الشرب لأن وسائل التنقية لدينا شارفت على النفاد”. كما أكد هذا المسؤول عن الوصول الإنساني، المقيم في قطاع غزة منذ عام، أن عرقلة توزيع المساعدات ليست جديدة، قائلا: “أعتقد أن هناك تعمداً لإفشال جهود الجهات الإنسانية، فقد كنا دائماً في موقف فشل مفروض. لم يُسمح لنا أبداً بإدخال الكميات اللازمة من الإمدادات، ولا بالتنقل بحرية داخل غزة للوصول إلى السكان المحتاجين، مما أعاق الاستجابة بشكل كامل”.

السابق بسبب تقلص النشاط الإنساني.

في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2024، أحصت الأمم المتحدة 75 قافلة تعرضت لهجمات وسرقة من قبل عصابات مسلحة منذ بدء الظاهرة. ووقعت أكبر عملية نهب في 16 من الشهر نفسه: بعد دخول 109 شاحنات استأجرتها الأونروا وبرنامج الأغذية العالمي من معبر كرم أبو سالم، تمت مهاجمتها، ونُهبت حمولات 98 منها، وتمت سرقة أو إتلاف الشاحنات، يُشير الموقع الفرنسي.

خلال مؤتمر عبر الفيديو في منتصف أبريل، قال أحد المسؤولين الدوليين: “ تحدثنا مع السلطات الإسرائيلية، وأكدنا لهم أن بعض العصابات أصبحت تبيع المساعدات الإنسانية في السوق السوداء، وهذا لا يخدمهم سياسياً. البعض في إسرائيل بدأ يفهم أن هذه الفوضى تعزز من سيطرة أمراء الحرب والمهربين”.

فالوسائل الوحيدة المتبقية اليوم لإدخال المساعدات هي الإسقاط الجوي -الذي تُجمع جميع المنظمات على اعتباره غير فعّال وغير آمن- والسفن التي تنطلق من قبرص وتصل إلى غزة عبر ممر بحري. لكن الكميات التي يتم إيصالها من خلال هذه الطرق ضئيلة جداً، إذ لا تزيد عن 200 طن يومياً، في حين أن قطاع غزة بحاجة إلى 500 شاحنة يومياً على الأقل. وبحسب أحد المنسقين اللوجستيين: “نقل حمولة شاحنة واحدة بواسطة الجو يتطلب إسقاط عشرين مظلة”، يوضح موقع ميديابارت.

أما بالنسبة للطريق البحري، فهي مسألة معقدة للغاية على المستوى اللوجستي، وتفترض توسيع الميناء المؤقت جنوب غزة، وهو ما قد يستغرق وقتاً طويلاً. ففي في 19 أبريل/ نيسان ، أغلقت منظمة “وورلد سنترال كيتشن” عملياتها، بعد أن قُتل سبعة من موظفيها في غارة إسرائيلية، رغم التنسيق مع الجيش. ومؤخراً، علقت منظمة “أنقذوا الأطفال” عملياتها مؤقتاً بعد مقتل أحد موظفيها الفلسطينيين في خان يونس.

في 22 أبريل/ نيسان، عبّر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، جيمس ماكغولدريك، عن أسفه قائلاً: “لن نتمكن من زيادة وتيرة عملياتنا الإنسانية ما لم يُرفع الحصار ويتم التوصل إلى وقف إطلاق نار مستدام”. وأضاف أن “قوافل المساعدات تتعرض للهجوم، والعاملين الإنسانيين يقتلون، والقيود البيروقراطية تمنع الوصول إلى الأشخاص الأكثر احتياجاً”.

 

 

مقالات مشابهة

  • حزب بارزاني: تم توزيع مناصب حكومة مسرور الجديدة بين عائلتي البارزاني والطالباني
  • ميديابارت: المساعدات الإنسانية لغزة.. ألف عقبة إسرائيلية
  • الأمم المتحدة: المساعدات الإنسانية التي نقدمها في غزة تتم وفق مبادئ الإنسانية
  • الأمم المتحدة تشدد على استقلالية توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة
  • البعثة الأممية تنظّم ندوة في بنغازي لتعزيز دعم الأمن والسلم الأهلي
  • برنامج الأغذية العالمي يوقف مساعداته لمئات الآلاف في إثيوبيا
  • لا امطار متوقعة على صنعاء.. متغيرات الأحوال الجوية في اليمن 
  • وفد WFP يتفقد توزيع مساعدات غذائية في مديرية الوادي بمأرب ضمن الدورة الثانية لعام 2025
  • ما الأماكن التي استهدفتها الغارات الأميركية في اليمن؟
  • بفعل الفوضى والفساد المستشري في مفاصل حكومة المرتزقة:أزمة معيشية وفجوة كبيرة في أسعار المواد الغذائية بين صنعاء وعدن