لجريدة عمان:
2025-10-29@08:55:26 GMT

عن التواطؤ مرة أخرى

تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT

أورثنا جنون الشرق الأوسط مهارة مهمة: عدم الثقة بالسلطة، أو بأي ممثل لها. يصل حد انعدام الثقة إلى التشكيك في أي شخص يُثبت شطارته في اللعبة، إذ نأخذ هذا كدلالة على انعدام النزاهة، أو يضعهم محل شك على الأقل.

نعلم أن هذا غير منصف بحق الكثيرين، وبحق أنفسنا، لكننا نعلم أيضا أن ثمة حدا: كُن تِرسا (يُمكن التسامح مع التروس)، لكن لا تكن بوقًا.

فرغم خلل النظام إلا أننا مضطرون للتعاطي معه، ونحن وإن كُنا غير مُهيئين للتفاوض، نفعله مع كل ما يُحيط بالعملية من تشويش وإرباك وإحباط.

والحال ذاتها مع الإعلام الرسمي الممول والمُدار من قِبل السلطة الحاكمة، وحتى غير الرسمي. فنحن نعي أن وسائل الإعلام المستقلة يُضيق عليها إلى أن ينتهي بها الأمر للإغلاق، وما يتبقى منها نعرف أنه مُداهن بحيث لا يعود بعد مصدرا موثوقا. تخرج عن القاعدة بعض مؤسسات الإعلام البديل، التي وجدت مصدرا آخر للتمويل (مؤسسات ثقافية أوروبية)، والتي تُدار في الغالب من خارج المنطقة، بأيدي أبناء المنطقة.

هذه إذا هي الخطوط العريضة للمشهد الإعلامي العربي. في المقابل لدينا المشهد الأوروبي (الألماني تحديدا)، الذي يُفاخر باستقلاليته. ولا تبدأ في التشكيك بذلك إلا في وقت الأزمات. اختبرت منها اثنتين حتى الآن. كانت الأولى مع الجائحة، والثانية هذه الأيام بالتزامن مع الحرب على غزة. ففي الأولى كان ملفتا أن نرى تماهي أصوات تيارات الإعلام الرئيسية. دون تفكّر حقيقي في مواقف المناهضين للسياسات الصحية الطارئة وقتها. رغم ما طرحوه من أسئلة مشروعة. من السهل الاستخفاف بما كان يحصل، وغض الطرف عنه بعد وضعه في سياق سياسة ما بعد الحقيقة، ورده إلى إيمان غير منطقي في نظريات المؤامرة. إلا أن بعض الأطروحات التي ولّدها اليمين تقع في قلب اهتمام اليسار، خصوصا ما يتعلق بحرية المرء في التصرف بجسده، والذي يُعد الإجبار على تلقي اللقاح انتهاكا له، سواءً بالطرق المباشرة أو غير المباشرة، مثل قصر حق ارتياد الأماكن العامة على الملقحين. خصوصا وأن تطوير اللقاح تم في وقت قياسي، دون النظر في الآثار طويلة المدى للقاح.

الأمر ذاته يحصل اليوم. إذ يتم التسفيه بمواقف المناصرين للقضية الفلسطينية وصرف النظر عن مطالبهم المشروعة (وعلى رأسها وقف الدعم العسكري والسياسي للجيش الإسرائيلي)، والادعاء أن باعثها الأساسي كره دفين لليهود.

الانتقائية في التغطية والانحياز الإسرائيلي لا يحتاج إلى عين نبيهة ليُدرك. وكل هذا يُقدم في قالب يبدو موضوعيا، وحياديا. فيما أصبح اليمين واليسار أقرب للعقيدة منه للمنهجية. أي أنه يتم التصديق بمجموعة من المقولات في كسل ذهني، عوضا عن مقاربة كل قضية وإعمال الأدوات عليها لفحص ما إن كانت تستحق المناصرة أو المناهضة.

نفترض أن الحرب على غزة، بما فيها من أهوال غير مسبوقة، ستأتي بمثابة المنبه، ليصحو العالم ويعرف أن الصمت، عدم الانشغال، وترك الأمور لمن بأيديهم القوة، صار ينتمي لزمن آخر. ونعجز عن فهم لماذا لا يحدث هذا. ثمة ثقة عمياء بالسلطة، ثمة ثقة لا تُهز بالإعلام، وثمة ثقة -فوق ذلك- أن ألمانيا تعلمت درسها، وهذا الفخر بأنها تعلمت الدرس، ونهضت لتكون مِثالا للأخلاقية، يكاد يعلو على الذنب. فكما يفخر الأمريكي بأنه أمريكي، يفخر الألماني بعدم فخره بأنه ألماني. ورغم أن الثانية أفضل من الأولى بمراحل، إلا أنها تشترك مع الأولى في استعلائها. فألمانيا هي المثال الأُممي لارتكاب الأخطاء، الاعتذار عنها، والالتزام بعدم ارتكابها مرة أخرى. لكن الدروس لا تُوظف في ملاحظة ارتكابها لأخطاء جديدة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

والدتي لا تدعني وشأني وهي تتدخل في كل صغيرة وكبيرة تخصني

والدتي لا تدعني وشأني وهي تتدخل في كل صغيرة وكبيرة تخصني.

فما العمل حتى تتركني بسلام أنعم بشبابي؟ 

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، سيدتي الفاضلة، لا أدري بما أستهل كلامي، فأنا أريد أن أفرغ كل ما يوجع قلبي، فمشكلتي متشعبة، وتفاصيلها كثيرة، أطرافها ليسوا عديدين لكن أدخلتني في دوامة وأردتني مهزوزة الشخصية، لا أملك من أمري شيء، لأنه الأمر ببساطة متعلق بأمي تريد التحكم بكل حياتي.

أجل سيدتين فانا بالرغم من أنني شابة بلغت عتبة الثلاثين، إلا أن أمي تعاملي كطفلة صغيرة، وهذا يحبطني وينقص من همتي كثيرا، تتخل في الصغيرة والكبيرة، حتى عند شراء ملابسي هي من تختارها لي، دوما تستصغرني أمام الناس وتنتقص من شأني، حتى في الاجتماعات العائلية، دوما تسخر من كلامي، تخيلوا أنها تقحم نفسها حتى في عملي، تسأل عن أدق التفاصيل، هي تريد فقط أن تتحكم في حياتي وان أفعل كل ما تريده، وأنا دوما أخضع لها ولرغباته خوفا من إغضابها، لكن من جهة أخرى سببت لي الكثير من العقد، أصبحت أعاني من مشكلة عدم تحمل المسؤولية والخوف من الكلام ولا أبدي أي رأي وإذا طُلب مني الكلام أتلعثم وتأتيني رغبة في البكاء، كل هذا يحدث معي وأنا كبيرة في السن، وحتى تربية ولدي تتدخل فيها ولا تترك لي المجال أبدا، لأنني مطلقة، وهذا ما زاد الطينة بلة، بينما بقية أفراد الأسرة تعطيهم كامل الحرية والتصرف، علما أنني البنت الكبرى في المنزل إلا أنني لا أحظى بمقام يليق بالبنت الكبرى، فكيف أتصرف معها دون أن أفسد علاقتي بها؟

أختكم ك.لبنى من الشرق الجزائري.

الــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرد:

مرحبا بك سيدتي في هذا المنبر الذي هو في الأصل من أجل راحتكم، حبيبتي إن ما يحدث معك غالبا يحدث للبكر في العائلة، فهو التجربة الأولى لوالديه، فتجهم يحرصون منذ ولادته أن ينشأ تنشئة خاصة ليكون فخرا لهم أو بالأحرى عنوانا لحسن تربيتهم،  ولا ننكر أن ظرفك الخاص زاد الأمور تعقيدا نوعا ما ليس كرها فيك، بل حبا من أمك فبهذه الطريقة هي تعتقد أنها لا تزال مسؤولة على توفير الحماية لك حتى لا تقعي في مشاكل أخرى في الحياة؟

لا حاولي أن تنظري إلى اهتمامها حتى لا أقول تحكمها من زاويته الإيجابية وبعينها هي كأم، أما عدم قدرتك على الرد عليها، فهذا دليل على أنك بذرة طيبة، تحاولين إرضاء الله ببرها وهذا الأصح حبيبتي.

ما عليك الآن إلا التحدث معها بهدوء وروية، وأخبريها عن مشاعرك واطلبي منها أن تترك بعض الحرية في بعض المجالات، وأنك لن تتأخري عن طلب مساعدتها في حال واجهتك مشكلة ما، لأنني ومن جهة أخرى أشعر أنك بحاجة للتغيير لتصبحي أكثر ثقة بنفسك وبقدراتك وتكون شخصيتك واضحة وحازمة، قللي من أخطائك حتى لا تجلبي الأنظار لك، حاولي أن تكون محادثاتك مع أمك حول أمور عامة، أما إن أردت إبداء رأي أو اتخاذ قرار ما، حاولي أن يكون بأسلوب لا يكسر قلبها كأن تقول “لو سمحت أمي” “من فضلك أنا أحب كذا وكذا لأنني أشعر بالارتياح أكثر..”، وكل هذا بطريقة مؤدبة ولطيفة وبريها واهتمي بها وأشعريها بقوتك وتحدثي عن انجازاتك معها وقولي لها انها صديقتك وان احتجت مساندة فتعلمين انها موجودة.

ولا تقلقي من أمر انك مطلقة، فهذا لا يجب أن يكون عائقا أمامك، تحلي بالقوة خاصة أمام ابنك، ولا تدعيه يرى دموعك ومشاعرك السلبية، لأنه سيتشرب منها وينشأ هو الآخر نشأة غير سوية، كرري الكلمات الإيجابية بأنك قوية وأنك قادرة وقوية، وسترين كيف أن المأمور سوف تتحسن دون أن تتأثر علاقتك بوالدة، والله أعلم.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

مقالات مشابهة

  • محادثات ترامب وشي.. أمل وقلق في الأسواق العالمية
  • «عايشين معانا... عائلة أخرى بيننا»
  • زيلينسكي: أوكرانيا بحاجة إلى دعم أوروبي لسنوات لمواصلة القتال
  • كاتب إيطالي: الفاشر غزة أخرى تتجاهلها وسائل الإعلام
  • حيلة قد تدفع ترامب لولاية ثالثة
  • تنزانيا.. سحر الطبيعة والأدب والتاريخ في رحلة فريدة
  • والدتي لا تدعني وشأني وهي تتدخل في كل صغيرة وكبيرة تخصني
  • فرنسا تحاكم شركة مالية بريطانية بتهمة التواطؤ في مخطط احتيالي
  • رنا سماحة تكشف عن موقفها من الزواج مرة أخرى (فيديو)
  • نعم يا عم حمدان.. نحتاج إلى وعي قبل مركز ثقافي