«بيتكوين» في العالم التقليدي
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
يمثل أول صندوق استثماري متداول للبيتكوين طرحته «بلاك روك» و«فيديليتي» وغيرهما من شركات إدارة الأصول الكبيرة، والذي وافقت عليه هيئة الأوراق المالية والبورصة الأمريكية، لحظة فارقة في اقتصاد الأصول الرقمية الجديد داخل عالم وول ستريت «التقليدي».
يأتي هذا التطور وسط الهزات الارتدادية الحاصلة للتضخم القياسي، وفي وقت مهم جداً، تمهد خلاله هذه الأداة المالية المبتكرة الطريق أمام ملايين المستثمرين الراغبين في اختبار أكثر العملات المشفرة نجاحاً في العالم.
فيما مضى، كان الافتقار إلى التثقيف أكبر عقبة أمام اعتماد «بيتكوين». ولهذا السبب استغرقت «وول ستريت» نحو 15 عاماً لتصحيح الموقف تجاهها. لكن اليوم، هناك الكثير من الأسئلة التي تدور في أذهان الأمريكيين فيما يخص هذه العملة وغيرها. ومن أهمها، سؤال رئيسي لم تجب عنه «بيتكوين» بعد: «هل ستمنع التقلبات الشديدة في الأسعار من اعتمادها وسيلةً آمنة للاحتفاظ بالثروة؟» وهي التي خطت خطوات تنظيمية كبيرة مؤخراً ساعدت على اقترابها أكثر من أن تصبح منتجاً مالياً رئيسياً في عالم الاستثمار.
في المقابل، وبعد منح المنظمين الأمريكيين الضوء الأخضر لأول صناديق تداول «بيتكوين» فورية، انخفض سعر أكبر عملة مشفرة في العالم بأكثر من 10% خلال أسبوعين إلى نحو 40 ألف دولار، من 47 ألفاً، أعلى مستوى لها منذ عامين تقريباً. فهل ستؤدي صناديق الاستثمار المتداولة هذه إلى تفاقم تقلبات الأسعار في القطاع؟
لأجل ذلك، قرر العديد من أولئك الذين اشتروا «بيتكوين» بسعر أقل استثمار أموالهم في عملات مشفرة أخرى، مثل «إيثريوم»، ثاني أكبر أصول مشفرة من حيث القيمة السوقية. ويتوقع هؤلاء أن تُحفز خطوة «بلاك روك» صناديق مماثلة مع عملات مشفرة أخرى. وبالفعل، هناك طلبات مقدمة لتنظيم صناديق استثمار متداولة جديدة مرتبطة بعملة «إيثريوم».
لقد قطعت «بيتكوين» شوطاً طويلاً منذ أن كتب مخترعها، ساتوشي ناكاموتو، بحثاً في عام 2008 يوضح رؤيته لنسخة من العملة الإلكترونية تسمح بإرسال المدفوعات مباشرة من طرف إلى آخر دون وساطة مؤسسة مالية.
لكن العملة المشفرة فشلت لاحقاً في اكتساب قدر كبير من الاهتمام كنظام أساسي للمدفوعات، لأنها باهظة الثمن ومرهقة في الاستخدام، وهو العيب الذي اعترف به حتى أكثر مؤيديها نفوذاً، لاري فينك، الملياردير الأمريكي الذي يدير شركة «بلاك روك» نفسها، والذي قال في مقابلة حديثة له: «أنا مؤمن بها لأنني أعتقد أنها مصدر بديل لامتلاك الثروة، لكني لا أرى أنها ستصبح عملة على الإطلاق، أعتقد أنها فئة الأصول التي تحميك».
وأضاف فينك: «أعتقد أن «بيتكوين» سترتفع إذا شعر العالم بالخوف أكثر، سواء من المخاطر الجيوسياسية، أو تلك الخاصة بالأفراد أنفسهم. ولن يختلف الأمر كثيراً عما مثله الذهب على مدى آلاف السنين». ومع ذلك، توقع فينك أن تُحدث تقنية «بلوكتشين»، الداعمة لعملة «بيتكوين»، ثورة في عالم التمويل الرقمي في نهاية المطاف. مشيراً إلى أن صناديق الاستثمار المتداولة هي الخطوة الأولى في الثورة التكنولوجية الحاصلة للأسواق المالية، والخطوة الثانية تتمثل في ترميز كل أصل مالي.
وبهذا الصدد يرى مؤيدو «البيتكوين» أن صناديق الاستثمار المتداولة ستفتح الأبواب لإدراج العملة الرقمية في المحافظ الاستثمارية البالغة 151 تريليون دولار، والتي تديرها مؤسسات كبيرة، مثل البنوك وصناديق الاستثمار العملاقة.
وحتى لو تم تخصيص جزء صغير من هذه الأموال لها فقد يؤدي ذلك إلى زيادة كبيرة في سعر العملة الرقمية، بالنظر إلى أن القيمة السوقية الإجمالية للبيتكوين تبلغ نحو 800 مليار دولار. علماً أنه خلال الأيام القليلة الأولى من التداول قبل نحو أسبوعين اجتذبت صناديق الاستثمار المتداولة للبيتكوين نحو ملياري دولار، ووصل صندوق تداول «بلاك روك» إلى مليار دولار في أسبوع واحد. لكن، من المرجح أن يستغرق الأمر سنوات قبل أن يتقبل كبار المستثمرين المؤسَّسِيِّين والمستشارين الماليين العملات المشفرة، هذا إن فعلوا ذلك أساساً.
وبوصفها فئة أصول جديدة نسبياً، سيتعين على صناديق الاستثمار المتداولة لتلك العملات أن تخضع لمراجعات صارمة للعناية الواجبة والامتثال قبل أن تسمح الشركات المالية الكبرى لمستشاريها بتزكية المنتجات للعملاء.
علاوة على ذلك، فإنه حتى المؤسسة التنظيمية العليا ذات الصلة في الولايات المتحدة، والممثلة في هيئة الأوراق المالية والبورصات، أوضحت أن موافقتها جاءت على مضض. وكان ذلك على لسان رئيسها غاري غينسلر، وهو المصرفي المخضرم السابق في بنك «غولدمان ساكس»، والذي قال: «على الرغم من موافقة الهيئة على العديد من صناديق الاستثمار المتداولة للبيتكوين، إلا أننا لم نوافق على العملة أو نؤيدها». محذراً المستثمرين من المخاطر التي لا تعد ولا تُحصى بخصوص عملة «بيتكوين» والمنتجات التي ترتبط قيمتها بالعملات المشفرة.
وفي الوقت نفسه، أكد عملاق إدارة الأصول «فانغارد» أيضاً أنه لن يطرح صناديق «بيتكوين» متداولة في البورصة، لأنها لا تتماشى مع استثمارات المجموعة التقليدية في الأسهم والسندات والنقد، والتي تعتبرها اللبنات الأساسية لمحفظة استثمارية متوازنة وطويلة الأجل.
كما حذر أحد كبار المسؤولين التنفيذيين ورئيس الاستثمار في«غولدمان ساكس» شارمين رحماني، من أن العملات الرقمية لا تزال أشبه بلعبة الروليت، وليست أصلاً ينبغي الاحتفاظ به. وصرح لصحيفة «وول ستريت جورنال»: «إذا كنت تريد الذهاب إلى لاس فيغاس فهذا رائع». مشيراً إلى أنه يمكن للأشخاص استخدام العملات المشفرة إذا أرادوا المضاربة الكاملة، لكنها ليست استثماراً، ولا ينبغي للناس اعتبارها جزءاً من محفظتهم.
وحتى بعض المؤمنين الأوائل بالعملات المشفرة الذين انجذبوا إلى رؤية ناكاموتو لنظام مدفوعات مستقل عن الحكومات والبنوك المركزية، غير راضين عن اعتماد «وول ستريت» للعملة الرقمية.
كارين مالي – صحفية متخصصة في الخدمات المصرفية والاستثمارية والأسهم «فاينانشال ريفيو»
جريدة الخليج
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: صنادیق الاستثمار المتداولة العملات المشفرة وول ستریت بلاک روک
إقرأ أيضاً:
سعر البتكوين يحطم حاجز 95 ألف دولار للمرة الأولى
تخطى سعر عملة البتكوين الرقمية، الخميس، عتبة الـ 95 ألف دولار للمرة الأولى في تاريخها، وذلك بدفع من الآمال المعقودة على قرب عودة الرئيس الجمهوري السابق، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض والتوقعات بإقراره تشريعات أكثر مرونة في مجال العملات المشفرة.
وقرابة الساعة (01:24 ت. غ.)، تجاوز سعر البتكوين 95 ألف دولار، قبل أن تقلص مكاسبها وتتراجع إلى 94.463 دولارا عند الساعة (01:30 ت.غ.).
وكان ترامب وصف العملات الرقمية خلال ولايته الأولى بأنها نصب واحتيال، لكن موقفه تغير بالكامل في هذا الشأن، حتى إنه أطلق عملته الرقمية الخاصة، متعهدا جعل الولايات المتحدة "العاصمة العالمية للبتكوين والعملات الرقمية".
العملات المشفرة .. نظام مالي جديد أم فقاعة اقتصادية؟ وسط توقعات بأن تكون إدارة الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب مؤيدة للعملات المشفرة ، قفزت عملة البتكوين إلى مستوى تاريخي، حيث تجاوزت حاجز 90 ألف دولار، مسجلة أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 91,110 دولارات لاول مرة.وتطرق ترامب خلال حملته الانتخابية إلى فكرة إقامة احتياطي وطني استراتيجي من البتكوين، وقد حظي خلال حملته بدعم مجموعات ناشطة في مجال العملات الرقمية.
والبتكوين الذي كان الغرض منه في البداية هو التهرب من رقابة المؤسسات المالية التقليدية يرتكز على تقنية سلسلة الكتل التي تقوم مقام سجل افتراضي غير قابل للتزوير يحفظ أثر كل الصفقات المبرمة.
وتسعى الهيئات الناظمة إلى سد الثغرات القانونية المحيطة بهذه الأصول الرقمية التي غالبا ما كانت موضع جدل وما زالت تعتبر من الوسائل المستخدمة لتبييض الأموال أو الاحتيال على أفراد.