وجّه شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي ابي المنى رسالة بمناسبة ذكرى الاسراء والمعراج قال فيها: "ذكرى الإسراء والمعراج محطةٌ للتأمُّل وفرصةٌ للمسافرة والارتقاء... مسافرة في درجات العلم والمعرفة والحكمة، وارتقاء من أرض الإنسانية إلى سماء الربوبية... هي ذكرى وتذكرة، نحن بأمسِّ الحاجة إليهما، لقوله تعالى: "وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ"، وقوله جلَّ وعلا: "إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذْكِرَةٌ ۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلًا"، ففي إحياء الذكرى منفعة للمؤمنين واستنهاضٌ لهممهم ودفعٌ لهم للإسراء على طريق الخير والإيمان، وفي التذكُّر تذكرةٌ لاتّخاذ السبيل الأقوم والعروج إلى الأعلى، وفي الحالتين؛ أفقيّاً وعاموديَّاً، محاولةٌ وسعيٌ للتقرُّب من الله عزّ وجَلّ، ولتقريب المسافات بين البشر، وللارتقاء بالأرواح والأفكار والقلوب إلى معرفة الله الحقّ وإلى رضاه ورحمته بشفاعة رسولِه الأكرم وبالسير على خُطاه والتحليق في حقائق رسالته".



أضاف: "نحتفي بذكرى الإسراء والمعراج ، كما في كلّ عام، باعتبارها مناسبةً دينية منفتحة على المجال الأرحب والمدى الأرفع، ومساحةً روحية للتلاقي والتآخي وتعزيز المشترَكات الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية، بما يعزز روحَ الايمان في النفوس ويحفظ الكرامة البشرية في رحاب الأفق الروحي الحاضن للجميع والذي لا تحدّه أمور الدنيا ومغرياتها ولا تحدِّدُه أهواؤها وشتّى علائقِها". 

 وختم: "نسأل الله تعالى بحقّ هذه الذكرى وهذه النعمة، أن يُلهمَ أهلَ الحلِّ والرَّبط في الوطن وفي المنطقة والعالم التبصُّرَ السليمَ بأحوال البلاد والعباد لعلَّهم يرفعون الظلم عن المسجد الأقصى وما حولَه وعن غزَّةَ وأهلِها وعن سائر فلسطين، ويحاسبون المغتصبَ الصهيونيَّ الظالمَ على أعماله الإجراميّة، ولعلّهم يخفِّفون من وطأة النزاعات في غير مكانٍ من العالم، فكوارث الطبيعة كافية وأزمات الدول الفقيرة متراكمة، ولن يُزيلَ عن كاهلِ النَّاس المتألمة وطأةَ الظلم والظلام والمصير المجهول سوى الاقتداءِ بإسراء النبوّة الميمون في موكبِ إسراءٍ حقيقي ٍّنحو أنسنة الدين والدنيا، وبمعراج الرسوليَّة الأكمل في رحلة عروج أسمى نحو الحقّ الذي لا حياة إلّا به ولا انتصار إلّا بالسلام الذي هو اسمُه، ومنه يأتي وإليه يعود".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

ميثاق غليظ

 

 

 

أنيسة الهوتية

"ميثاق غليظ" مصطلح ورد في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع وقد ورد في سورة الأحزاب في الآية 7؛ حيث يقول الله تعالى: "وإذ أَخَذْنَا من النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا". 

ويشار بهذا الميثاق الغليظ الأول إلى العهد العظيم الذي أخذه الله على الأنبياء الكرام صلوات الله وسلامه عليهم بتبليغ رسالاته إلى البشرية ببالغ المسؤولية التي تتطلب القوة والعزيمة والإخلاص، وأيضًا يتعين عليهم تحمل المشاق والصعاب، ومواجهة التحديات، والصبر على الأذى في سبيل إيصال الحق.

وورد في سورة النساء الآية 21: "وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا". ويشار بهذا الميثاق الغليظ الثاني إلى عقد الزواج، وما يتضمنه من حقوق وواجبات بين الزوجين، وبأنَّه عهد قوي متين يصعب نقضه، ومهم الالتزام بمواثيقه.

وورد في سورة النساء الآية 154: "وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا". ويشار بهذا الميثاق الغليظ الثالث إلى العهد الذي أخذه الله تعالى من بني إسرائيل بالعمل بأحكام التوراة، وعدم تجاوز حدود الله.

أما الأول، فقد أتم الأنبياء والمرسلون ميثاقهم الغليظ مع الله على أكمل وجه، وقد ذكر القرآن الكريم ذلك في عدة مواضع. وفي الثالث، فإن بني إسرائيل لم يتموا ميثاقهم الغليظ مع الله تعالى، بل نقضوه مرارًا وتكرارًا. وقد ورد ذكر ذلك في القرآن الكريم في عدة مواضع.

أما الثاني، فهناك من التزم به، ومن لم يلتزم لأسباب! وبما أن الطلاق حلال وإن كان أبغضه، فإنه جائز، ولكن ليس بأن يتم الحكم على نقض الميثاق الغليظ نهائياً من أول "فلعة" تقع على رأس الزوجين. ولأنه ميثاق غليظ، فهو من غلظته غير قابل للنقض إلا بعد "فلعتين"، كما ذكر القرآن الكريم، بصريح العبارة وشدة الوضوح: "الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ" سورة البقرة الآية 229

وهنا الآية الكريمة تتحدث عن الطلاق الرجعي الذي يظهر فيه مبدأ رحمة الإسلام بإعطاء الزوجين فرصتين للمراجعة بعد إجراء كل عملية طلاق صحيحة الأركان لم تمر بالمنقضات. ولأهمية رابط الزواج في دين الإسلام تم وضع منقضات للطلاق، أربعة تخص المرأة وأربعة تخص الرجل.

ويستطيع الزوج استخدام الفرصتين لمراجعة زوجته خلال فترة العدة مرتين، في الطلقة الأولى والثانية، ولازال يستطيع إرجاعها بعد فترة العدة بعقد جديد إن رضيت، وهاتان الفرصتان للإرجاع عدل إلهي مطلق يُبين قيمة الرابط المقدس للحفاظ على اللبنة الأساسية للمجتمع وهي الأسرة.

والثالثة ثابتة بتحريم الرجوع إلا إذا تزوجت زوجاً غيره بنية الزواج دون التُحايل للتحليل، وانفصلت عنه أو توفي عنها.

وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما: "كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن النَّاس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم" صحيح مسلم. ويُعتبر القرآن الكريم المصدر الأول للتشريع في الإسلام، وتليه السنة النبوية الشريفة. والأحاديث المروية من "حبر الأمة" و"ترجمان القرآن" موثوقة.

لذلك أعتقد أنه آن الأوان أن يتم الاتفاق في أحكام الطلاق بين المذاهب كلها كما أمر الله تعالى سبحانه في محكم كتابه العزيز كمثل الاتفاق على أصول الدين الأساسية، وإعطاء كل زوجين فرصتهم المستحقة، خاصة في ظل الزواج من المذاهب المختلفة، وأيضًا منعًا لاستغلال فرصة تحليل المرأة.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • للصائم دعوة لا ترد
  • أحمد عمر هاشم: هذا هو ما رآه رسول الله في رحلة الإسراء والمعراج
  • هل يُقبل صيام المرأة غير المحجبة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • ميثاق غليظ
  • مفتي الجمهورية في الذكرى الـ 56 ليوم الشهيد: دماء الأبطال سطور عز لا تذبل
  • الإيمان والإستقامة
  • شيخ العقل: المرأة عنصر أساسي في بناء الإنسان
  • الذكرى تنفع المؤمنين.. هذا هو شهر رمضان
  • أزهري يبكي بسبب إبراهيم عيسى.. شاهد السبب
  • عمران.. إحياء الذكرى الثامنة عشرة لرحيل العلامة مجد الدين المؤيدي