شهدت مكتبة الإسكندرية، اليوم الأربعاء، حوارها السابع بعنوان «العدل والإحسان في الزواج» ضمن سلسلة «حوارات الإسكندرية»، والذي دار حول الأخلاق والقوانين المتعلقة بالزواج من منظور القرآن والسنة والتراث القانوني الإسلامي والممارسات التاريخية، والقانون المعاصر، وكيفية دعم العلاقات الزوجية القائمة على المساواة من داخل التراث الإسلامي.

افتتح الحوار الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، وقال إنه يعتز بالإسهام الفكري الذي يقدمه كتاب "العدل والإحسان في الزواج"، مؤكدا أن لديه قناعة أن الخطاب الديني لن يتغير إلا بإسهامات تأتي من الضفة الأخرى من النهر، أي من الاتجاهات الليبرالية والإنسانوية.

وأضاف أن هذه الإسهامات تقدم رؤية مختلفة تنطلق من معطيات وفرضيات مرتبطة بالنظريات الاجتماعية والقدرة على التأويل وقراءة النصوص بأشكال مختلفة ومستحدثة، لتقدم نظرة مختلفة ترفع فكرة الوصاية التي تضمر في الخطاب الديني وتضع مكانها أفكارا حول المساواة والتعددية والثقة وتعريفات مختلفة للعلاقة بين المرأة والرجل، وبالتالي ينتج خطاب مختلف ربما يكون اتجاها جديدا هو الذي يسود ويستمر.

أدارت الحوار الدكتورة مروة شرف الدين، زميلة زائرة في كلية الحقوق بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية، لافتة إلى أن الحوار يدور حول كتاب "العدل والإحسان في الزواج" والذي يأتي في سياق التحديات التي تواجهها الأسر في السياقات المسلمة حاليا، ويطرح عدة تساؤلات بخصوص منظومة الزواج الحالية في مجتمعاتنا المسلمة وقوانيننا العربية.

وتحدثت الدكتورة ملكي الشرماني، أستاذة مشاركة للدراسات الإسلامية ودراسات الشرق الأوسط في جامعة هلسينكي الفنلندية، عبر الإنترنت، عن خلفية الكتاب، لافتة إلى أنه يعد نتاجا لمشروع بحثي بدأ عام 2018 سعى للإجابة على تساؤل هو: "هل هناك أطر أخلاقية وقانونية في المصادر الإسلامية والتراث تستطيع أن تؤسس وترسخ منظومة زواج قائمة على العدل والمساواة والتشارك والرعاية المتبادلة؟ ولفتت إلى أن المشروع ضم مجموعة كبيرة من الأكاديميات والباحثات في إطار مشروع" مساواة "، وهو حركة فكرية تسعى لتعزيز مبادئ العدل والمساواة في الأسر المسلمة، ونشر الوعي والمساهمة في تجديد الخطاب الديني من منظور إسلامي.

وأكدت أن الهدف من المشروع هو دراسة بطريقة علمية طروح بديلة من داخل التراث الإسلامي لتقديم أطر تكون دعامة لمنظومة زواج مختلفة قائمة على التشارك والمساواة والعدل والإحسان. وأضافت أن الكتاب قدم دراسات في عدة محاور، هي: القرآن، والسنة، وأصول الفقه والأخلاق الإسلامية، ومسارات الإصلاح في قوانين الأسرة المسلمة في العديد من الدول المسلمة.

وقالت إن الكتاب يقدم فصلا ختاميا يقدم تصورا جديدا للزواج من المنظور الصوفي، وأن الكتاب يستنتج أن هناك بالفعل منظومة زواج قائمة على الإحسان والعدل من داخل التراث الإسلامي وأفكار وحجج يمكن أن ينتج عنها رؤية بديلة للزواج السائد الآن.

من جانبها، تحدثت الدكتورة أميرة أبو طالب، دكتوراه من كلية العلوم الدينية بجامعة هلسينكي الفنلندية، عن الأخلاقيات في القرآن مثل المودة والرحمة والصبر والإحسان، لافتة إلى أنها سعت لدراسة مفهوم الإحسان في القرآن بشكل شمولي لأنه مذكور في القرآن بشكل متكرر جدا، مؤكدة أنه رسالة قرآنية تشجع على الخير والجمال والسعي نحو الإتقان.

وفي كلمتها، قالت الدكتورة أميمة أبو بكر، أستاذة الأدب الإنجليزي المقارن بجامعة القاهرة، وعضوة مؤسسة ورئيسة مجلس أمناء" مؤسسة المرأة والذاكرة "، إلى أنها سعت من خلال دراستها التي قدمتها في الكتاب أن تنظر إلى البنية الأخلاقية للأحكام في القرآن وكيف يتم ترسيخها وتفعيلها في القرآن ككل، من خلال مقاربة شمولية وتحليل لوضع تصور محدد للبنية الأخلاقية التي تؤسس للزواج كمؤسسة وعلاقة تكافؤ وليس كعلاقة فوقية أو سلطوية.

ولفتت إلى أن منهجية الدراسة قامت على عدد من المحاور، ومنها: النظر إلى الخلفية التاريخية للآيات وأسباب النزول، والمقصد الأخلاقي وراء الآيات المراد تحقيقه، والقيم والمبادئ المذكورة في سياق الزواج والطلاق، والأخذ في الاعتبار الخطاب القرآني الشامل لمنظومة العلاقات الإنسانية.

وفي كلمتها، قالت الدكتورة ياسمين أمين، القائمة بأعمال المعهد الألماني للأبحاث الشرقية بالقاهرة، إلى أنها سعت للتعرف على أسباب وجود اختلاف بين الصورة القرآنية والصورة الفقهية للزواج، وذلك بالنظر إلى الأحاديث والسيرة النبوية، والبحث في كيفية الوصول لتقارب بين الصورتين. ولفتت إلى أن الأحاديث النبوية تمثل مصدرا بالغ الأهمية حيث تعد مرآة للوقت الذي وضعت فيه، وأضافت أنه تم تقسيم الأحاديث لتتناول أحوال الزواج، والمهر والنفقة، وكيفية تعامل الزوجين مع بعضهم البعض والعلاقة بينهم.

من جانبها، تحدثت الدكتورة هدى السعدي، عضوة هيئة التدريس المنتدبة في قسم الحضارة العربية والإسلامية في الجامعة الأمريكية بالقاهرة- مصر، وعضوة مؤسسة في" مؤسسة المرأة والذاكرة "، عن دراستها لأعراف الزواج في مصر في العصور ما قبل الحديثة، لافتة إلى وجود مصادر تاريخية ثرية كشفت عن وجود تراث قانوني إسلامي ثري، وأن الفقه لم يكن المصدر الوحيد للأحكام، فكان هناك أحكام السلاطين والمحاكم.

وقالت إن الفقيه لم يعش بمنأى عن المجتمع، بل كان لديه منهجيات للوصول لحلول للمشكلات من خلال وضعها في سياقها المجتمعي، كما أن الظروف السياسية والاقتصادية كان لها دور في تشكيل الفقه.

الجدير بالذكر أن «حوارات الإسكندرية» هي سلسلة من الحلقات النقاشية دشنتها مكتبة الإسكندرية بمبادرة من الأستاذ الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية، وهو لقاء دوري يتم من خلاله فتح حوار مفتوح بين المنصة، والتي تضم عددا من الخبراء والمتخصصين، وبين الحضور لمناقشة كل ما يتعلق بالشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، تأكيدا على دور مكتبة الإسكندرية بأن تكون همزة الوصل بين مسئولي ومثقفي الدولة والجمهور، ومدجسور التعاون بين أركان الحركة الثقافية المصرية.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الإسكندرية القانون الإسلامي حوارات الإسكندرية مكتبة الإسكندرية مکتبة الإسکندریة لافتة إلى فی القرآن

إقرأ أيضاً:

منصة عين تدشّن أربعة كتب جديدة ضمن مشروع الكتاب الصوتي

تزامنًا مع معرض مسقط الدولي للكتاب الذي يفتح أبوابه اليوم (الخميس)، وفي إطار مشروع "الكتاب الصوتي" الذي أطلقته وزارة الإعلام منذ عام 2021، أعلنت منصة "عين" عن تدشين أربعة كتب صوتية جديدة، لترتفع بذلك حصيلة ما أنتجته المنصة إلى واحدٍ وستين كتابًا صوتيًّا، تتوزع بين أجناس أدبية وفكرية متعددة. ويأتي هذا الإنجاز استمرارًا للجهود المبذولة في توسيع نطاق الوصول إلى المعرفة المقروءة من خلال الصوت، وتوفير محتوى عربي غني يخاطب ذائقة الجمهور بمختلف فئاته.

أدب عالمي بصوت عُماني

الكتاب الأول الذي انضم حديثًا إلى مكتبة "عين" الصوتية هو "الساذجة: قصص من الأدب العالمي"، وهو مختارات قصصية مترجمة لأشهر كتّاب العالم، من أمثال تشيخوف، وماركيز، وكافكا، وأورويل، وكاواباتا، وجيمس جويس، وغيرهم. ترجم الكتاب الصادر عن مؤسسة الانتشار العربي في بيروت عام 2008 عدد من المترجمين ينتمون إلى "مجموعة الترجمة العُمانية" في جامعة السلطان قابوس، وهم أحمد حسن المعيني، وابتهاج الحارثي، وعلياء الشحي، وهلال المعمري، ويونس الحراصي، وشمسة الحوسني، وجهينة الكندي، وأحلام المعمري، وأمل النبهاني، وخليفة الكندي، وفاطمة المعمري، ومي سعيد العبري. تقدم هذه القصص مشاهد إنسانية تعالج قضايا الصراع النفسي، والقلق الوجودي، وتعقيدات العلاقات الاجتماعية، بأسلوب أدبي رفيع. ومن بين ما جاء في إحدى قصص الكتاب: "ذهبتُ إلى الفراش ولكني لم أستطع النوم... بدأتُ أحس أنني مهما فعلت فلن أستطيع أبدًا تحقيق ما أرغب به". وقد قُرئ الكتاب بصوت المذيعَيْن أحمد الكلباني وماجدة المزروعي، وأخرجه تقنيًّا حمد الوردي.

سيرة من الضوء والانتصار

أما الكتاب الثاني فهو السيرة المؤثرة "قصة حياتي" لهيلين كيلر، الأيقونة الأميركية التي تغلبت على إعاقتي السمع والبصر لتصبح أول كفيفة تنال شهادة جامعية. ترجمت الكتاب المترجمة العراقية الدكتورة أنوار يوسف، ونشرته دار الرافدين عام 2021. تنقل كيلر في هذا العمل روحًا متوثبة ومعرفة عميقة بالحياة، وتقول في أحد مقاطع الكتاب: "إن المعرفة سعادة، لأن معناها أن تعرف الأهداف الحقيقية من الزائفة". وقد أُلقِي الكتاب بصوت المذيعة فاطمة إحسان، وأخرجه فنيًّا أيمن الحبسي.

ضحك ودموع تحت القصف

الكتاب الثالث يحمل عنوانًا صادمًا ومركبًا: "ضحك ولعب.. دموع وحرب: يوميات العدوان على غزة"، للكاتبة الفلسطينية سما حسن، والصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون عام 2015، بتقديم من الروائي الفلسطيني إبراهيم نصر الله. يوثق الكتاب تفاصيل العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، والتي لا تختلف كثيرًا عن تفاصيل حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل هذه الأيام، وذلك من منظور يومي حميمي يعايش الخوف والرجاء في بيت صغير تأوي إليه الكاتبة وأولادها الأربعة. تقول سما: "في غزة، أحسد كل من يموت مرة واحدة، لأن الأحياء يموتون كل لحظة". قرأت اليوميات بصوتها المذيعة أمل السعيدي، وأخرجتها صوتيًّا المخرجة فاطمة الرواس.

قصائد من رماد الروح

أما الكتاب الرابع والأخير، فهو الديوان الشعري "لديّ ما أنسى" للشاعر العُماني حسن المطروشي، الصادر ضمن أعماله الشعرية الكاملة الصادرة مؤخرًا عن مؤسسة الانتشار العربي. يضم الديوان خمسًا وعشرين قصيدة، تتأرجح بين شعر التفعيلة والقصيدة العمودية، وتمتاز بلغة مشحونة بالتأمل والقلق والبحث عن الهوية. يقول المطروشي في إحدى قصائده: "أغادرُ من ريحٍ لأخرى تُحيلني رمادًا، وإن بَعْثَرْتِه سَأُضيءُ!". وقد قرأ حسن المطروشي ديوانه بصوته، بينما تولى الإخراج الصوتي جمال الشعيلي.

وتجري حاليًّا الاستعدادات لتدشين مجموعة جديدة من الكتب في الأسابيع المقبلة، في إطار مشروع منصة "عين" الطموح لإثراء الفضاء السمعي العربي، عبر تقديم محتوى أدبي وثقافي متنوع يلبي تطلعات القرّاء المستمعين، ويجعل من الصوت جسرًا حيًّا نحو المعرفة، والتأمل، والانفعال الجمالي.

مقالات مشابهة

  • مكتبة الإسكندرية تهنئ محمد ندا لفوزه بالجائزة العالمية للرواية العربية
  • هل فرض على الرجل الزواج أكثر من مرة؟.. الدكتورة دينا أبو الخير تجيب
  • الولاية العالقة بين باكستان والهند منذ 1947.. كيف تعيش كشمير بين بندقيتين؟
  • غارديان: غزة حرّكت الصوت السياسي للمسلمين في أستراليا
  • مكتبة الإسكندرية تتسلم إهداءات من سفارة رومانيا
  • الأكاديمية  العربية تشهد  أكبر تجمع للجامعات التركية في الإسكندرية
  • الكتاب أصل الأشياء
  • منصة عين تدشّن أربعة كتب جديدة ضمن مشروع الكتاب الصوتي
  • رئيس مجلس إدارة الجهاز المصري للملكية الفكرية يحاضر في مكتبة الإسكندرية
  • رئيس جهاز الملكية الفكرية يحاضر في مكتبة الإسكندرية