تدابير حكومية جديدة مع دخول السنة السابعة للجفاف في المغرب
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
الرباط- للأسبوع الثاني على التوالي يغلق عبد الله طريح (صاحب حمّام شعبي في الدار البيضاء) محله أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء امتثالا لقرار السلطات المحلية التي أمرت بإغلاق الحمامات التقليدية والعصرية ومحلات غسيل السيارات لمدة 3 أيام في الأسبوع، في إطار خطتها لترشيد استهلاك المياه، إلى جانب منع تنظيف الشوارع والساحات بالمياه، ومنع سقي المناطق الخضراء والملاعب بالماء الصالح للشرب أو مياه الآبار، ومنع ملء المسابح العمومية والخصوصية إلا مرة واحدة في السنة.
يقول طريح للجزيرة نت إنه يعي الأزمة التي تواجهها البلاد في ما يتعلق بتراجع الموارد المائية، لكنه لا يفهم كيف يكون ذهاب المواطن مرة في الأسبوع إلى الحمام الشعبي سببا في تبذير الثروة المائية.
ويضيف "فوجئنا بالقرار، لم يتم التشاور معنا ولم يُطلب منا تقديم مقترحات للاقتصاد في الماء قبل اللجوء إلى الإغلاق"، مشيرا إلى أن هذا القرار سيكون له انعكاس سلبي على العاملين في الحمامات، وكلهم من الفئات الهشة.
واتخذت السلطات المحلية في معظم مناطق المملكة هذا القرار ضمن خطتها للتعامل مع تحديات الإجهاد المائي، وبينما يرى البعض أن الحمامات التقليدية -التي يبلغ عددها 12 ألف حمام في المغرب- ليست مسؤولة عن الوضع الخطير الذي وصلت إليه الموارد المائية وليست وراء الاستهلاك غير الرشيد للمياه يرى آخرون أن مثل هذه القرارات المرتبطة بالحياة اليومية للمواطنين ستنبههم إلى خطورة الوضع، وستدفعهم إلى تغيير عاداتهم في التعامل مع "الذهب الأزرق".
تراجع المواردبدورهم، يتداول المسؤولون والخبراء على وسائل الإعلام المغربية مصطلحات مثل "أزمة حقيقية" و"وضعية حرجة" و"وضعية مقلقة" عند الحديث عن وضع الموارد المائية بعد سنوات الجفاف المتتالية، ورسم تقرير قدمه وزير التجهيز والماء في مجلس النواب صورة قاتمة عن الوضع المائي بعد سنوات من انحباس المطر.
وكشف التقرير أن مستوى المياه الجوفية انخفض خلال عامي 2022 و2023 بسبب الاستغلال المفرط لها، وسجل أهمها في مناطق تادلة (-5 أمتار) وبني عمير (-4 أمتار) وسوس (-4 أمتار).
ولم يتجاوز حجم الواردات المائية الإضافية 646 مليون متر مكعب في الفترة بين الأول من سبتمبر/أيلول و22 يناير/كانون الثاني 2024، وبلغ إجمالي المخزون المائي في السدود يوم 5 فبراير/شباط الجاري 3.71 مليارات متر مكعب، أي ما يعادل 23.1% كنسبة ملء، مقابل نسبة 31.9% سجلت في التاريخ نفسه من السنة الماضية.
ويتوفر المغرب على 153 سدا كبيرا، بسعة إجمالية تصل إلى 20 مليار متر مكعب، و141 سدا صغيرا ومتوسطا، و15 محطة لتحلية مياه البحر، بقدرة إنتاجية 192 مليون متر مكعب، و17 منشأة لتحويل المياه، لكن هذه البنية التحتية المائية لم تنجح في التخفيف من حدة الأزمة، مما استوجب اتخاذ تدابير طارئة أخرى.
واتخذت المملكة عددا من الإجراءات ضمن مخطط عمل استعجالي أعلن عنه وزير التجهيز والماء خلال لقائه مع البرلمانيين في لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة بمجلس النواب، وتضمن المخطط عددا من التدابير، من بينها: تسريع إنجاز سدود كبيرة ومتوسطة وصغيرة، وإنجاز آبار وأثقاب استكشافية لاستغلالها في دعم التزويد بالماء الصالح للشرب.
وتضمن المخطط أيضا إنجاز مشاريع تحلية مياه البحر لتزويد المدن الساحلية، ومواصلة برنامج إعادة استعمال المياه العادمة لسقي المساحات الخضراء وملاعب الغولف، وتكثيف الاقتصاد بالماء وتوزيع الماء الصالح للشرب، والتقييد في استعمال مياه السقي، إضافة إلى تجهيز محطات متنقلة لتحلية مياه البحر، وإنجاز مشروع الربط بين سد وادي المخازن وسد خروفة، ودراسة مشروع الربط بين أحواض سبو وأبي رقراق وأم الربيع.
الاستغلال المفرطبدوره، يرى رئيس لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة في مجلس النواب محمد ملال أن الوضع الحالي هو نتيجة التأخر في تنفيذ عدد من البرامج والتدابير، لذلك يؤكد على "ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة ومتوازنة تستهدف بشكل مباشر المجالات التي تشهد استهلاكا مفرطا وغير عقلاني للمياه".
وأوضح ملال للجزيرة نت أن الاستعمال المنزلي للموارد المائية لا يتجاوز 15%، فيما يستهلك القطاعان السياحي والفلاحي نسبة كبيرة، مشيرا إلى أن الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة لوقف استنزاف المياه في الفلاحة غير كافية.
وقال "تم تدمير المياه الجوفية في بعض المناطق بسبب الاستعمال المفرط للمياه في زراعات تستهلك الكثير من المياه ومردوديتها ضعيفة أو متوسطة".
وأضاف "في منطقة الغرب تتم زراعة منتجات تستنزف الموارد المائية بإفراط مثل الأفوكادو الذي لا يدخل في المائدة المغربية بل يوجه كله للتصدير، وهناك مناطق أخرى تنتج زراعات مستهلكة للمياه مثل البطيخ الأحمر، في حين يمكن الاستغناء عنها أو زراعتها بكميات محدودة".
ويؤكد البرلماني أن "الخروج من هذه الأزمة يبدأ باتخاذ تدابير فورية توقف الاستنزاف المفرط للموارد المائية في المجال الفلاحي الذي يستهلك 85% من الثروة المائية"، مشددا على ضرورة المنع الفوري للزراعات المستنزفة للمياه، وإعادة النظر في خطط التصدير، وتوظيف التكنولوجيا في المجال الفلاحي لاقتصاد المياه واستعمالها بشكل عقلاني.
ويدعو ملال إلى إنشاء مؤسسة تقوم بالتتبع والمراقبة لحماية المياه الجوفية من التلوث والاستعمال العشوائي، مشيرا إلى ضرورة تفعيل دور شرطة المياه في ضبط ومنع أي تهديد أو استنزاف للموارد المائية.
معالجة المياه العادمةمن جهته، يرى الأستاذ الجامعي والخبير في الماء والبيئة عبد الحكيم الفلالي أن "الاستمرار في تنويع وتعبئة الموارد المائية قد لا يكون مجديا إذا لم يوازِه تطبيق سياسة للاقتصاد في الاستهلاك، خاصة في القطاع الفلاحي".
وأشار الفلالي إلى ضرورة إعادة النظر في السياسة الفلاحية بإعطاء الأولوية للزراعات الإستراتيجية الأقل استهلاكا للمياه، مشيرا إلى أهمية تشجيع البحث العلمي لتطوير القطاع الفلاحي.
وقال للجزيرة نت "لا جدوى من تعبئة الموارد المائية وفي الوقت نفسه نقوم باستنزافها، هذا هدر للماء وللمال العام"، ويرى أن "الأزمة التي نعيشها اليوم لا ترتبط فقط بالتغيرات المناخية الموسومة بالجفاف، بل بالاستعمال المفرط للموارد المائية المتاحة".
ويؤكد الخبير نفسه على أهمية توسيع استعمال المياه العادمة المعالجة، ويرى أن البرنامج الوطني للتطهير "لم يحقق الحد الأدنى من الأهداف المسطرة"، مشيرا إلى أن "الفرصة لا تزال متاحة لرفع حجم المياه العادمة التي يمكن معالجتها، وإعادة استعمالها في سقي المناطق الخضراء في مرحلة أولى، ثم في الشرب بعد توفير التقنيات اللازمة".
كما يؤكد الفلالي على أهمية توسيع شبكة الربط بين الأحواض المائية، بهدف تشجيع التوزيع المتوازن للموارد المائية، ونقل الماء من المناطق الساحلية نحو المناطق الداخلية، ثم العمل على التعبئة الصناعية للسدود والمياه الجوفية من خلال قنوات نقل الماء، وهو ما سيشجع على استقرار السكان، ويدعم سوق الشغل، خصوصا في القطاع الفلاحي.
أما الخبير في الماء والبيئة محمد بنعطا فيقترح تعميم إنشاء محطات تحلية المياه في كل المدن الساحلية، ففي نظره "ستساعد هذه التقنية في تزويد هذه المدن بحاجتها من الماء الصالح للشرب، وأيضا تزويد المدن الداخلية أيضا".
وأكد بنعطا في حديثه مع الجزيرة نت على ضرورة التسريع في تنفيذ الخطط المرسومة لأن التأخير سيفاقم الوضعية.
ولفت إلى أهمية إعطاء الأولوية لمعالجة المياه العادمة، وإعادة استعمالها في سقي المناطق الخضراء، مشيرا إلى أن نجاح توظيف هذه التقنية في العاصمة الرباط يستدعي تعميمها على باقي المدن، وقال "نعيش سابع سنة جفاف في 11 عاما، لقد أصبح الجفاف مسألة هيكلية، وينبغي التكيف معها بوضع تدابير مبتكرة، واتخاذ قرارات جادة وحازمة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الماء الصالح للشرب الموارد المائیة للموارد المائیة المیاه العادمة المیاه الجوفیة مشیرا إلى أن متر مکعب
إقرأ أيضاً:
"البيجيدي" يطلب وزير التجارة إلى البرلمان بهدف تحديد تأثير رسوم ترامب التي بقيت في حدها الأدنى على صادرات المغرب
طالبت المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، بعقد اجتماع لجنة القطاعات الإنتاجية، بحضور وزير الصناعة والتجارة، وذلك لمناقشة عدد من المواضيع ذات العلاقة بالرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على الصادرات المغربية.
وبحسب إخبار للفريق، فإن الطلب الذي وجهه رئيس المجموعة، عبد الله بووانو، لرئيس لجنة القطاعات الإنتاجية، يضع في عين الاعتبار « احتمال أن تكون لهذه الرسوم الأمريكية الجديدة، تداعيات على الواردات المغربية، وقد يترتب عنها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الاقتصاد الوطني، خاصة على سلاسل التوريد والصادرات المغربية ».
ودعت المجموعة لتقييم دقيق للتأثيرات المحتملة لهذه الرسوم على القطاعات الصناعية والتجارية في المغرب، خلال هذا الاجتماع، وبحث الإجراءات الاستباقية والتدابير اللازمة لحماية المقاولات الوطنية وضمان استمرارية سلاسل التوريد، ومناقشة البدائل الاستراتيجية لتنويع الأسواق والشراكات التجارية لتقليل المخاطر الناجمة عن مثل هذه المتغيرات الدولية، ودراسة السبل القانونية والدبلوماسية للدفاع عن المصالح الاقتصادية الوطنية في إطار منظمة التجارة العالمية والاتفاقيات الدولية.
ولجأ البيت الأبيض إلى عملية حسابية بسيطة لتحديد الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء وطبقها بشكل موحد على جميع البلدان مما أثار انتقادات وتساؤلات خبراء الاقتصاد، بمن فيهم الحائز على جائزة نوبل بول كروغمان.
وقال ترامب إنه يريد معاملة الآخرين بالمثل، لكن الأرقام التي أعلنها لا تتوافق مع مستوى الرسوم الجمركية الحالية.
وبناء على حسابات البيت الأبيض، تفرض الصين ضريبة بنسبة 67% على المنتجات الأميركية، لكن أرقام منظمة التجارة العالمية تبين أن بكين فرضت في عام 2024 على واشنطن تعرفة جمركية قدرها 4,9% في المتوسط.
والفجوة واسعة بالقدر نفسه لدى حساب الرسوم التي يفرضها الاتحاد الأوروبي (1,7% وفقا لمنظمة التجارة العالمية، و39% وفق ترامب) والهند (6,2% مقابل 52%).
ويقول البيت الأبيض إنه أخذ في الاعتبار حواجز تجارية أخرى إلى جانب التعرفات الجمركية، بما في ذلك المعايير البيئية والتلاعب بسعر العملة.
ونشر الممثل التجاري للولايات المتحدة صيغة تحتوي على متغيرات متعددة عب ر عنها بالأحرف اليونانية. لكن العديد من هذه المتغيرات يلغي بعضه بعضا ويجعل المسألة قسمة بسيطة.
في الواقع، لحساب الرسوم الجمركية المفترضة، قام البيت الأبيض بتقسيم الميزان التجاري (الفرق بين الواردات والصادرات) على قيمة الواردات وذلك بغض النظر عن البلد ومن دون أخذ خصوصيات الروابط التجارية في الاعتبار.
ويؤكد خبراء الاقتصاد في دويتشه بنك أن « الصيغة تعتمد على القيمة النسبية للفائض التجاري مع الولايات المتحدة ».
وكتب بول كروغمان على مدونته « هذا النهج حافل بالأخطاء إلى درجة يصعب معها أن نعرف من أين نبدأ ».
وأشار على وجه الخصوص إلى أن الحسابات تأخذ في الاعتبار السلع المتداولة فقط، وتتجاهل الخدمات. وهي طريقة « غبية »، في نهاية المطاف، كما يقول.
وبتطبيق الصيغة التي نشرتها الإدارة على بيانات عام 2024 التي نشرها مكتب الإحصاء الأميركي، حصلت وكالة فرانس برس على الأرقام التي عرضها ترامب. والرسوم الجمركية الجديدة المعلنة لكل دولة تتوافق مع هذه النتيجة مقسومة على اثنين.
وفي حال الحصول على أقل من 10%، أو في حالة وجود فائض تجاري، تطبق الولايات المتحدة بشكل موحد نسبة 10%. وهذه حال أكثر من مئة دولة أو إقليم، بما في ذلك المملكة المتحدة وأستراليا. ومع ذلك، لم يكن من الممكن فهم كيف تم الحصول على الرسوم الجمركية البالغة 10% التي تم فرضها على أفغانستان.
إضافة إلى ذلك، تعتمد الصيغة على افتراضات بسيطة لتقدير تأثير الزيادة في أسعار المنتجات المستوردة على الطلب المحلي الأميركي. ويطلق على هذا المتغير اسم « المرونة »، وقيمته ثابتة لكل بلد، بغض النظر عن المنتج.
هذا مع أن إحدى المقالات العلمية التي استشهد بها البيت الأبيض لدعم صيغته تؤكد أن المرونة « تختلف تبعا للمنتج والمستورد ».
كلمات دلالية المغرب برلمان تجارة ترامب جمارك رسوم