يسود الأوساط الأميركية العامة جدل حول تعليق أدلت به النائبة الديمقراطية الأميركية براميلا جايابال مؤخرا وصفت فيه إسرائيل بأنها دولة عنصرية.

جاء ذلك في سياق تعليقات أدلت بها النائبة اليسارية الأميركية خلال مشاركتها في مؤتمر بشيكاغو نهاية الأسبوع الماضي، عندما قطع نشطاء مؤيدون للقضية الفلسطينية حديث زميلها النائب الأميركي يان شاكوسكي، في جلسة كانت جايابال تشارك فيها، احتجاجا على رفضه دعم مشروع قانون يحمي أطفال فلسطين.

وفي حين كانت جايابال تحاول نزع فتيل الموقف، أكدت للناشطين أنها تتفق معهم على أن إسرائيل دولة عنصرية، وهو ما أثار موجة سخط في أوساط أميركية عديدة.

ووفق مقال رأي نشرته مجلة "نيوزويك" (Newsweek) الأميركية، فقد تعرضت جايابال للإدانة من قبل نواب الحزبين الديمقراطي والجمهوري، الذين نشروا رسالة تصف التعليق الذي أدلت به بأنه غير مقبول ومعاد للسامية.

ويبرز الكاتب والمحلل السياسي عمر بدّار -في مقاله بالمجلة الذي نشر بعنوان "النائبة الديمقراطية جايابال على حق: إسرائيل دولة عنصرية"- أنه حتى من وقفوا في صف جايابال ودافعوا عنها اعترفوا بأنهم يرون أن اللغة التي استخدمتها كانت خاطئة إلى حد ما.

كما تأسّف بدّار -في مقاله- لكون النائبة جايابال نفسها اضطرت فيما بعد للتراجع عن الحقيقة التي عبرت عنها في تعليقها الذي أثار ضجة، وأصدرت بيانا قالت فيه "لا أعتقد أن فكرة إسرائيل كدولة أمر عنصري، لكن سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عنصرية تماما".

وفي موجة الردود الكثيرة التي أعقبت تعليق جايابال، بما في ذلك البيان الذي أصدرته هي نفسها، يقول بدّار إن ما غاب تماما في خضم تلك الضجة هو الدفاع عن الحقيقة التي نطقت بها النائبة الديمقراطية وتعرضت لضغوط شديدة للتراجع عنها رغم الكم الهائل من الأدلة الدامغة التي تؤكد صحتها. فالحقيقة التي لا مراء فيها هي أن إسرائيل فعلا دولة عنصرية.

كما يقول إن إسرائيل أُسست من أول يوم لتمييز مجموعة من الناس على أخرى. وقد طردت إسرائيل -التي أنشئت لتكون دولة لليهود دون سواهم- أكثر من 700 ألف فلسطيني من أراضيهم ودمرت مئات البلدات والقرى الفلسطينية لضمان عدم عودة سكانها إليها.

وهناك إجماع دولي اليوم من قبل شتى الأطراف المعنية بحقوق الإنسان على أن إسرائيل تمارس جريمة الفصل العنصري ضد الفلسطينيين.

ويشمل ذلك منظمة العفو الدولية، التي توصلت تحقيقات أجرتها إلى أن "إسرائيل تفرض نظاما يقوم على الهيمنة والقمع ضد الفلسطينيين في جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها"، كذلك خلص تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش إلى أن "السلطات الإسرائيلية تسعى من خلال التمييز العنصري للحفاظ على هيمنة ممنهجة من اليهود الإسرائيليين على الفلسطينيين"، وذلك التمييز العنصري أسست له وكرّسته سياسات وممارسات وتصريحات القادة الإسرائيليين.

وتلك حقيقة توافق عليها الأمم المتحدة والمنظمات الإسرائيلية المدافعة عن حقوق الإنسان، حسب المقال.

وأورد المحلل السياسي الفلسطيني الأميركي في مقاله أدلة عديدة تبرهن على عنصرية دولة إسرائيل، معظمها ينص عليها الدستور الإسرائيلي.

وخلص بدّار إلى أنه ما دام التعليق -الذي أدلت به جايابال بشأن عنصرية إسرائيل- أثار هذا الجدل، فإنه أمر يلقي بظلال من الشك على مصداقية الخطاب السياسي الأميركي، إذ "لا يمكننا العيش في ديمقراطية فاعلة واتخاذ قرارات سياسية مستنيرة إذا كان التطرق لبعض الموضوعات محرما، والاعتراف بالواقع المتعلق بتلك الحقائق مثارا للسخرية".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تُعربد.. والعالم يتفرج!

 

 

سالم بن نجيم البادي

 

من يُصدق أنَّ مايحدث الآن في غزة واقع وليس كابوسًا أو فليم رعب أنتج في هوليود تتوالى فيه مشاهد القتلى والأشلاء الممزقة والأطفال الموتى والأمهات الثكالى والدموع والصراخ والدمار الواسع والهلع  وانتشال بعض الأحياء من تحت الأنقاض والدماء والجثث المتناثرة في كل مكان، وقد تحولت بعض الأجساد إلى هياكل عظمية وترى الناس في صفوف طويلة ينتظرون الحصول على الطعام النادر، وقد يعودون وأوانيهم فارغة، وقد يقصفهم الطيران الإسرائيلي وهم في تلك الطوابير!

الناس في حيرة من أمرهم، لا يعرفون إلى أين يفرون، والموت يتربص بهم في كل مكان، وأسرٌ مات كل أفرادها وفقدان الآلاف من النَّاس ويُعتقد أنهم موتى تحت الركام وأطفال أيتام تائهون بعد تفرق شمل ذويهم ومآسٍ وقصص إنسانية لا يتسع المجال لذكرها كلها.

منذ أكثر من 10 أشهر، وإسرائيل ماضية في الانتقام والعربدة، والعالم بين صامت وشامت ومتواطئ ومُتفرج والذين يظهرون ما لا يضمرون قلوبهم مع إسرائيل وألسنتهم تلوك عبارات جوفاء مثل نُدين ونستنكر ونشجب وندعو إلى وقف القتال فورا وهذا كلام ممجوج ومُعاد ومكرر ومُقزز ولا فائدة منه؛ لأنه غير مقترن بالأفعال وحتى لو كانت أفعالا رمزية، مثل قطع العلاقات وطرد السفراء وفرض عقوبات وتسجيل مواقف حاسمة، وخاصة من الدول التي كنَّا نتوقع منها مواقف حازمة، والدول التي كُنَّا نظن أنها مهد حقوق الإنسان وراعية للديمقراطية والمساواة والعدل مثل فرنسا وكل دول الاتحاد الأوروبي، عدا إسبانيا التي اتخذت موقفًا يختلف قليلًا عن أقرانها في أوروبا.

من يستمع إلى تصريحات الساسة في هذه البلدان يتملكه العجب حين يتباكون على الأسرى الإسرائيليين في غزة في حين لا يذكرون إطلاقًا عشرات الآلاف من الفلسطينيين في سجون الاحتلال مع ما يعانونه من أصناف التعذيب والإذلال والقهر والمرض والاكتظاظ الفظيع في هذه السجون سيئة السمعة، وهل الإنسان الإسرائيلي أغلى من الإنسان الفلسطيني؟ والحديث عن مواقف الدول العربية والإسلامية محزن ويُدمي القلب والتفكير فيه مؤلم ويجلب ضغط الدم وربما الجلطات، ولا يمكن تفسيره وهو خارج عن حدود المنطق والمعقول والدول التي اعترفت بدولة فلسطين؛ وهو الاعتراف الذي لا يفيد شيئًا في الوقت الراهن، أين هي الدولة الفلسطينية المعترف بها وقد قضمت إسرائيل كل أراضي فلسطين وماذا أفاد هذا الاعتراف هل توقفت الإبادة الجماعية في غزة؟

عجيب وغريب كل هذا الصمت والتخاذل في مواجهة غطرسة إسرائيل وهي تمارس هذا الإجرام والوحشية والبربرية وتمعن في القتل والخراب والدمار وتمارس القتل في كل الجهات وتنتهك سيادة الدول وتضرب بالأعراف الدبلوماسية والإنسانية عرض الحائط. ولقد اعترف بعض جنودها بأنهم يمارسون النهب والسلب والقتل بدافع الانتقام إن الجيش الإسرائيلي هو عصابة من القتلة الذين لايمتلكون عقيدة قتالية ولا أخلاق لهم وهم من شذاذ الآفاق قدموا إلى فلسطين من كل أصقاع العالم، إنه الإجرام والكراهية والتعصب والعنصرية واحتقار الجنس العربي وهذه عقيدتهم التي رضعوها منذ أن كانوا أجنة في بطون أمهاتهم.

والضمير العالمي ضمير غائب حين يتعلق الأمر بإسرائيل ولو أن دولة من دول العالم الثالث فعلت ما تفعل إسرائيل لتحركت البوارج والطائرات ولحدث حظر للطيران وانهالت عليها العقوبات من كل حدب وصوب، ليس من أجل حقوق الإنسان، ولكن من أجل مصالحهم الخاصة وإسرائيل تفعل ما تشاء وتقتل من تشاء وتغتال من تشاء وتعربد وتصول وتجول ولها تعظيم سلام وليذهب الإنسان الفلسطيني إلى الجحيم والدول الديمقراطية والحامية لحقوق الإنسان، على استعداد تام للدفاع عن إسرائيل ومدها بالسلاح الذي به ترتكب كل هذه الجرائم مثال على هذه الدول بريطانيا وألمانيا وفرنسا ولذلك هم شركاء في هذه الجرائم كلها.

فهل بقي أحد منكم يصدق كل ذلك الهراء الذي صدعونا به عبر كل تاريخهم وهم يتحدثون عن حقوق الإنسان وحريته وعدم المساس بكرامته ولقد خبرتهم الشعوب في حقبة الاستعمار وسجل التاريخ وحشيتهم الطاغية ونهبهم للثروات والاستعلاء والاعتقاد بتفوق المستعمر الأبيض والدم الأزرق وأنهم هم أهل الحضارة والتمدن، وما عداهم برابرة متوحشون متخلفون ولذلك نرى أنهم اليوم يساندون إسرائيل التي تحتل فلسطين.

لعل السبب في ذلك أن إسرائيل تذكرهم بأمجادهم الاستعمارية الغابرة وحين يتكلمون عن حقوق الإنسان فهم يقصدون حريته في الشذوذ الجنسي والمثلية الجنسية والعدالة الدولية والتي تمثلها محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية هذه العدالة تبدو عرجاء وغير فاعلة، وكذلك الأمم المتحدة وأمينها العام ومجلس الأمن الذي صار منبراً للخطب الرنانة فقط ومنظمات الأمم المتحدة؛ حيث تقف كلها عاجزة أمام الجوع وانتشار الأوبئة والأمراض والموت وقتل الأطفال وقتل الصحفيين والأطباء وهدم مقراتها وقتل موظفيها والتهجير القسري المتكرر لسكان غزة ومنع دخول الطعام والدواء إلى قطاع غزة.

وحتى لا نغمط حق كل أولئك الذين تضامنوا وتظاهروا وقاطعوا وتبرعوا من أجل الناس في غزة، تحية إجلال وتقدير واحترام لهم جميعًا على إنسانيتهم الرفيعة ووقوفهم المخلص مع إنسان غزة لمجرد أنه إنسان هذا الإنسان الذي تخلى عنه صناع القرار في العالم وتركوه يُذبح من الوريد إلى الوريد وهم يتفرجون!

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تُعربد.. والعالم يتفرج!
  • نيوزويك: المجاعة في السودان توشك أن تكون الأكثر فتكا منذ عقود
  • وسط تهديدات طهران.. واشنطن تستعد لإرسال تعزيزات للشرق الأوسط
  • قلعة الأمن وحصن الأمان
  • البنتاغون يطلع إسرائيل على تغييرات بالقوات الأميركية في الشرق الأوسط
  • إسرائيل تستولي على نحو 8 دونمات من أراضي اسكاكا
  • سؤال برلماني في النواب حول أسباب تصفية شركة ميتالكو
  • هنية بعد العشاء الاخير !؟
  • منصور: اغتيال هنية وجميع الجرائم بحق شعبنا تثبت أن إسرائيل دولة مارقة
  • برلمانية: اغتيال هنية ينذر بكارثة كبرى