نشرت صحيفة "واشنطن بوست" (Washington Post) الأميركية مقالا للكاتب فريد زكريا يقول فيه إن إجماع الأميركيين على السياسة الخارجية لبلادهم لم يعد موجودا، وإن ذلك هو أكبر الأخطار على النظام العالمي القائم.

واستهل زكريا مقاله بالإشارة إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن كشف له أن إصراره على الترشح لفترة رئاسية ثانية يتعلق بالسياسة الخارجية، إذ إنه يرى أن العالم يواجه تغيرا جذريا، وأن أميركا لديها فرصة فريدة للتقريب بين الديمقراطيات في العالم، مؤكدا أنه سينجح في ذلك وأنه يريد إكمال هذه المهمة.

وأضاف الكاتب أن الأهم في رؤية بايدن هو اعتقاده بأن العالم اليوم يتشكل عبر الكيفية التي ترد بها الديمقراطيات على التحديات التي تمثلها الدول الاستبدادية "روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية".

المخاطر على النظام العالمي تتفاقم

وقال زكريا إن المخاطر، فيما يتعلق باستقرار النظام العالمي، كبيرة وما فاقم الأمر هو أنه ولأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، أصبحت القضية الأساسية لانخراط أميركا مع العالم قضية حزبية. فبينما تشن روسيا اليوم حربا "وحشية" في أوروبا، هناك انقسام عميق في أميركا حول هذه الحرب.

وأورد أرقاما تظهر أن 79% من الديمقراطيين يؤيدون مساعدة أوكرانيا على استعادة أراضيها المفقودة، حتى لو كان ذلك يعني إطالة أمد الصراع، بينما نجد أن 49% فقط من الجمهوريين يرغبون في إنهاء الصراع بسرعة حتى لو كان ذلك يعني السماح للروس بالاحتفاظ بالأراضي التي استولوا عليها بالقوة.


عضوية أميركا بحلف الناتو

وحول عضوية أميركا في حلف الناتو يوافق 76% من الديمقراطيين عليها بينما يعارضها 22% فقط. أما الجمهوريون فنجدهم منقسمين بهذا الشأن، مع موافقة 49% ورفض نفس النسبة، وفقا لمسح أجراه مركز بيو للأبحاث في مارس/آذار الماضي.

وفيما يتعلق بالمسألة الأوسع للتواصل مع العالم، قال 60% من الديمقراطيين في نفس الاستطلاع إنهم يعتقدون أنه "من الأفضل لمستقبل بلادهم أن تكون نشطة في الشؤون العالمية، بينما يرغب 39% فقط في إيلاء اهتمام أقل بالمشاكل في الخارج والتركيز على المشاكل الداخلية. ووسط الجمهوريين تم عكس هذه الأرقام تماما، حيث يريد 71% التركيز على الداخل و29% فقط يؤمنون بدور عالمي نشط للولايات المتحدة".

ومع ذلك، يقول زكريا إن هناك بعض الشخصيات البارزة في الحزب الجمهوري، بمن فيهم زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل ونائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس، يبذلون قصارى جهدهم لانخراط أميركا بنشاط في الشؤون العالمية، لكن يبدو أن قاعدة الحزب مع الانعزاليين، كما يتضح من مواقف رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي، ودونالد ترامب وحاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، وأقوى أيديولوجي إعلامي للحزب تاكر كارلسون.

التعامل مع الصين

وعن التأييد القوي للجمهوريين لمواجهة الصين، يؤيد زكريا رأي الكاتب بواشنطن بوست ماكس بوت من أن هذا التأييد لا يعني اهتمام الجمهوريين بالشؤون الدولية، بل بالعكس فهو يأتي لأن الصين هي خصم اقتصادي يديره الحزب الشيوعي ولأن العديد من المحافظين يركزون على بناء الحواجز والجدران وأسباب العزلة عبر الرسوم والجمارك ودعم الصناعة المحلية، وإثارة الشكوك المعادية للأجانب بشأن الطلاب الصينيين والأميركيين الصينيين، وإعطاء البنتاغون ميزانيات كبرى.

وختم زكريا مقاله بالقول إن أكبر خطر على النظام الدولي لا يكمن في حقول القتل في أوكرانيا أو عبر مضيق تايوان، بل في مسار الحملة الانتخابية بالولايات المتحدة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

المفرق: سيدة الإجماع والاجتماع،وأرض الفرص الواعدة

#المفرق: سيدة الإجماع والاجتماع،وأرض الفرص الواعدة

د. #بيتي_السقرات/ الجامعة الأردنية

لكل شيء من اسمه نصيب، إلا المفرق، فهي سيدة الإجماع والاجتماع. تمتد هذه المحافظة في شمال شرق الأردن، كأنها قلب نابض يربط بين ثقافات وأعراق متعددة. يقطنها أناس متنوعو الأصول والمنابت، ليشكلوا فسيفساء بشرية تعكس صورة الأردن الكبير بمساحته وتعدده الاجتماعي والثقافي.

المفرق تمتلك واجهتين للأردن من الناحيتين الشرقية والشمالية، مما جعلها تاريخيًا بوابة للتواصل والتجارة، ومحطة للمسافرين والوافدين. أهلها طيبون وأصحاب نخوة وشهامة، يعيشون بتناغم بين قبائل وأهل قرى وأهل مدينة، والمسجد فيها بجانب الكنيسة، في صورة تجسد روح التآخي والتعايش. وإذا زرت المفرق، ولو لفترة قصيرة، ستشعر أنك بين أهلك وفي بيتك، لأن كرم الضيافة هناك ليس مجرد تقليد، بل هو جزء أصيل من هوية المكان.

مقالات ذات صلة ترامب يُهدد القضية الفلسطينية ويُوسّع الهيمنة الإسرائيلية 2025/01/29

المفرق تجسد صبر الأردن وكرمه، إذ لطالما كانت حضنًا دافئًا للهجرات المتعددة، منذ ما قبل تأسيس الدولة. استقبلت موجات النازحين من فلسطين والعراق، ثم احتضنت الأشقاء السوريين في محنتهم، دون أن تشتكي أو تتراجع عن دورها الإنساني. ورغم ذلك، لم تحظ بما تستحقه من الاهتمام، رغم ما تمتلكه من موارد طبيعية وإمكانات هائلة.

تضم المفرق جامعة آل البيت، التي تحمل اسمًا يعكس عمقها الثقافي والديني، بالإضافة إلى كلية نسور الطيران الجوي، التي تُعد بوابة نحو مستقبل الشباب في مجال الطيران والدفاع. لكن هذه المنشآت، رغم أهميتها، ليست كافية لدفع عجلة التنمية في المحافظة.

تتميّز المفرق بتكوين جيولوجي متنوع، حيث تمتد فيها الطبقة البازلتية السوداء، وهي إحدى السمات الفريدة في المنطقة، مما يجعلها أرضًا خصبة لدراسات الجيولوجيا والتعدين. كما أن سماءها الصافية، البعيدة عن التلوث الضوئي، تجعلها موقعًا مثاليًا لمراقبة النجوم وإنشاء مراصد فلكية متقدمة، مما يفتح الباب أمام مشاريع علمية وسياحية متميزة. ورغم مساحاتها الشاسعة، لم تُستغل المفرق بعد زراعيًا بالشكل الأمثل. فهي أرض بكر قادرة على إعادة الأردن إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي وخلق أمن غذائي في المحاصيل الأساسية، مما يجعلها مؤهلة لتكون سلة غذاء حقيقية للوطن.

إضافة إلى ذلك، فإن أراضيها الواسعة تُعد بيئة مثالية لمشاريع الطاقة المتجددة، سواء في الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح. كما يمكن أن تصبح مركزًا صناعيًا متقدمًا يستقطب الاستثمارات ويوفر فرص عمل لأبنائها.

المفرق ليست مجرد نقطة على الخارطة، بل هي فرصة لم تُستغل بعد. لديها كل المقومات لتكون مركزًا زراعيًا وصناعيًا وعلميًا متطورًا إذا ما حظيت بالدعم والاستثمار المناسب. وكما كانت عبر التاريخ موطنًا للتعدد والتعايش، فهي اليوم تنتظر أن تكون موطنًا للتنمية والتقدم، فتُضاف فصول جديدة إلى قصتها التي لم تُكتب نهايتها بعد. “المفرق، المعروفة تاريخيًا بالفدين، هي من أقرب المحافظات إلى وِتيني.”

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية في معرض الكتاب: القضية الفلسطينية محور استقرار المنطقة وعلاقتنا بواشنطن استراتيجية
  • وزير الخارجية: القضية الفلسطينية محور استقرار المنطقة.. وعلاقتنا بواشنطن استراتيجية
  • وزير الخارجية بمعرض الكتاب: القضية الفلسطينية محور استقرار المنطقة وعلاقتنا بواشنطن استراتيجية
  • خلال 8 سنوات.. نهاية العالم تقترب عبر انفجار أقوى من هيروشيما بـ500 مرة
  • المسلماني: طريق رأس الرجاء الصالح كان يُعتقد أنه نهاية العالم وسُمي بـرأس العواصف
  • السيد بدر: الحوار نهج دبلوماسي تقوم عليه السياسة الخارجية العمانية
  • المفرق: سيدة الإجماع والاجتماع،وأرض الفرص الواعدة
  • بعد تحرره من السجون الإسرائيلية.. زكريا الزبيدي يوجه رسالة إلى العالم
  • وزير الخارجية الأميركي يبدأ جولة في أميركا الوسطى
  • مجلس الشيوخ يناقش تطوير نظام البعثات الخارجية وآليات تحسين جودة النظام البحثي والتكنولوجي