طالعتنا الكثير من القصص مؤخراً في وسائل الإعلام حول كيفية تأييد الناخبين لدونالد ترامب بسبب أدواره الرائعة في إنعاش الاقتصاد. نعم، يمكن للجمهور أن يدعم من يريد ويصدق ما يشاء، ولكن من الجيد تذكيره كيف كان شكل البلاد والعالم حقيقة عندما ترك الرئيس السابق منصبه، ليحل محله جو بايدن في البيت الأبيض.
لقد توقف الاقتصاد إلى حد كبير في ربيع عام 2020 بسبب الوباء، وكان لا يزال بعيداً جداً عن إعادة فتحه بالكامل عند نقطة التحول.
كما أننا لم نكن نسير على طريق واضح لاستعادة هذه الوظائف بسرعة. وفقد الاقتصاد في الواقع 268 ألف وظيفة في ديسمبر/ كانون الأول 2020. في حين كان متوسط معدل خلق الوظائف في الأشهر الثلاثة الأخيرة من إدارة ترامب 163 ألف وظيفة فقط. فكيف بدا العالم عندما ترك دونالد ترامب منصبه؟
في الربع الأخير من عام 2020، كان الاقتصاد لا يزال يتشكل بطريقة كبيرة جداً بسبب الوباء. ورغم رفع معظم عمليات الإغلاق التي فرضت في البداية، لم يعد معظم الناس لحياتهم كما لو أن الوباء انتهى، وقد رأينا هذا بوضوح شديد في بيانات الاستهلاك مقارنة بعام 2019. ورغم انخفاض الاستهلاك الإجمالي بنسبة 0.8%، حدث تحول هائل من الخدمات إلى السلع.
وانخفض إثر ذلك الإنفاق المعدل حسب التضخم في المطاعم والمقاهي بنسبة 21.5% و47.7% على التوالي في الربع الرابع من عام 2020 مقارنة بالفترة نفسها من 2019، وذهب معظم هذا الإنفاق لشراء الطعام وتحضير ه في المنزل بدلاً من تناول الوجبات الجاهزة. وتراجع الإنفاق على الفنادق والموتيلات بنسبة 43.8%، حيث قلص الناس رحلاتهم بشكل كبير، مما أدى إلى انخفاض السفر الجوي بنسبة 52.4%. وفي ما يخص حضور الأحداث الرياضية، قلّ الإنفاق عليها بنسبة 68.3%. وكذلك الأمر بالنسبة للحفلات الموسيقية الحية وغيرها من وسائل الترفيه، مع انحسار الإنفاق بنحو 67.4%. كما انزلقت معدلات الذهاب إلى السينما بنسبة هائلة بلغت 92.7% على أساس فصلي.
في غضون ذلك، كثيراً ما تباهى دونالد ترامب وأنصاره بالغاز الرخيص الذي كانت تنعم به البلاد عندما كان في سدة الرئاسة. ويمكننا القول إن هذا صحيح، إذ انخفضت أسعار الغاز إلى أقل من دولارين للجالون في ربيع عام 2020 عندما حوصر الاقتصاد إلى حد كبير، على الرغم من أنها ارتفعت فوق 2.3 دولار للجالون بحلول الوقت الذي ترك فيه ترامب منصبه. لكن، لم يكن سبب انخفاض الأسعار سراً أو لغزاً، فقد حدث ذلك بسبب انهيار الطلب على المحروقات في الولايات المتحدة وجميع أنحاء العالم للأسباب ذاتها المرتبطة بفيروس كورونا. وفي الربع الرابع من عام 2020، كان استهلاك الغاز لا يزال أقل بنسبة 12.5% عما كان عليه قبل الوباء.
وفي الواقع، كان من المرجح أن تهبط أسعار الغاز لمستويات أقل في هذه الفترة لولا تصرفات ترامب، التي كان يتباهى بها في ذلك الوقت. حينها، زعم ترامب أنه توصل إلى اتفاق مع روسيا وأوبك لخفض الإنتاج ومنع أسعار الغاز من الانخفاض أكثر. وكانت التخفيضات الحادة في الإنتاج عاملاً رئيسياً في ارتفاع الأسعار عندما بدأ الاقتصاد في العودة إلى طبيعته بعد تولي الرئيس بايدن منصبه حيث لا يمكن استئناف إنتاج النفط على الفور. ومع انتهاء ولايته الأولى مطلع عام 2021 دون تجديد، سلّم دونالد ترامب الرئيس المنتخب بايدن اقتصاداً متضرراً بشكل لا يصدق. وهنا يمكن للناس افتراض أن المشاكل الاقتصادية التي عانتها البلاد في حقبة الرئيس السابق كانت بسبب «كوفيد-19»، لا لسوء الإدارة. لكن تأثير الوباء السلبي لم ينته في 21 يناير، والمشاكل والعقبات التي خلفها، والمرتبطة به مباشرة، هي السبب الرئيسي اليوم وراء معاناة الولايات المتحدة، من نوبة كبيرة من التضخم في عامي 2021 و2022. شأنها شأن كل دولة غنية أخرى.
يُقال في كثير من الأحيان إن الناس لا يهتمون بالأسباب، بل بالنتائج فقط. وهذا أمر معقول تماماً، ولكن النتائج في العام الأخير من إدارة ترامب كانت سيئة بالفعل وبكل المقاييس تقريباً.
وفي هذا الحال، ربما يكون الناس على استعداد لمسامحة ترامب، أكثر من بايدن، على الأضرار التي ألحقها الوباء بالاقتصاد، لكنه ليس تفسيراً يستند إلى الواقع في حياة الناس، أو «التجربة المعيشة» في المصطلح العصري. وهذا يعني أن الشعب الأمريكي، لسبب ما، يدرك ويسامح ترامب على الظروف الصعبة التي واجهها نتيجة للوباء، لكن من المؤكد أنه لن يفعل ذلك مع بايدن.
دين بيكر – المدير المشارك لمركز البحوث الاقتصادية والسياسية الأمريكي (يوراسيا ريفيو)
جريدة الخليج
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: عام 2020
إقرأ أيضاً:
المشاط توقّع مع المنتدى الاقتصادي العالمي خطاب نوايا لإطلاق «محفز النمو الاقتصادي والتنمية»
وقعت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، خطاب نوايا مع المنتدى الاقتصادي العالمي، لإطلاق «محفز النمو الاقتصادي والتنمية»، وذلك بحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، والبروفيسور كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى.
وبتدشين «محفز النمو الاقتصادي والتنمية»، تنضم جمهورية مصر العربية، لمبادرة مستقبل النمو التي أطلقها المنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2024، استمرارًا للجهود التي تقوم بها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، من أجل تعزيز الشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي، وبمثابة تعاون استراتيجي جديد يدفع الشراكة مع المنتدى.
وبموجب خطاب النوايا، يتم تطوير «محفز النمو الاقتصادي والتنمية» بجمهورية مصر العربية، بما يدعم جهود تحقيق التنمية الاقتصادية في مصر، والاستفادة من الرؤى والأفكار المستمدة من مركز الاقتصاد الجديد والمجتمع التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي، كما ينص خطاب النوايا على تولي الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، منصب الرئيس المُشارك للمحفز.
وأوضحت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن التعاون الجديد مع المنتدى الاقتصادي العالمي، يُرسخ الشراكة الوثيقة التي تم تدشينها مع المنتدى خلال السنوات الماضية، مضيفة أن تدشين «محفزالنمو الاقتصادي والتنمية» يمكن مصر من الانضمام لمبادرة هامة أطلقها المنتدى الاقتصادي العالمي العام الماضي، من أجل إعادة صياغة النمو العالمي ودعم صناع القرار في الدول المختلفة من أجل تحقيق التوازن بين النمو كمًا ونوعًا.
وذكرت الدكتورة رانيا المشاط، أن مبادرة مسرعات مستقبل النمو تقدم نهجًا متعدد الأبعاد لتعزيز النمو العالمي والموائمة بين الأولويات لكل دولة والأهداف العالمي، كما تتيح المبادرة البيانات والتحليلات المقدمة من مجموعة واسعة من الأطراف ذات الصلة، وعبر أكثر من 100 اقتصاد، بما يعزز التكامل ويحقق الابتكار والشمول، ويدعم جهود تبادل الخبرات والرؤى لدفع النمو المستدام.
بالإضافة إلى ذلك، نوهت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن انضمام مصر لشبكة مسرعات النمو التي تجمع مجموعة واسعة من المؤسسات والأطراف من القطاعين الحكومي والخاص والرؤساء التنفيذيين وممثلي المجتمع المدني والأكاديمي، بما يدعم جهود إعادة صياغة النمو وتشكيل مستقبل الاقتصاد، ورسم خريطة لمحركات النمو وتحديد أولوياته، وتقييم عوامل النمو والتحديات، وتعزيز أهمية الحوار والتحليل والدراسات لإطلاق العنان لفرص النمو المبتكر.
وأشارت إلى أن الخطوة التي اتخذتها الحكومة المصرية تتسق مع المرحلة الجديدة التي يمر بها الاقتصاد المصري، حيث تعمل الحكومة من خلال برنامجها للسنوات الثلاثة المقبلة، على تعزيز صمود واستقرار الاقتصاد المصري، وبناء اقتصادي تنافسي جاذب للاستثمارات، والاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية، بما يخلق نموذجًا للنمو المستدام بقيادة القطاع الخاص .
وأشارت إلى أن هذا التعاون، يُعزز الجهود التي تقوم بها وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، منذ دمج الوزارتين في التشكيل الحكومي الجديد لدفع النمو الشامل والمستدام، من خلال تعظيم الاستفادة من أدوات التخطيط، وعناصر خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموارد الخارجية من شركاء التنمية، من أجل دعم رؤية الدولة التنموية 2030.
جدير بالذكر أن الوزارة أطلقت إطار «الاستدامة والتمويل من أجل التنمية الاقتصادية»، الذي يقوم على على 3 ركائز رئيسية:؛ صياغة سياسة التنمية الاقتصادية القائمة على البيانات والأدلة، بناء اقتصاد مرن، وتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، من خلال تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لزيادة القدرة التنافسية وتحسين بيئة الأعمال، وحشد التمويلات المحلية والخارجية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال إطار وطني مُتكامل للتمويل.
ويعد التعاون الجديد مع المنتدى، استمرارًا للشراكة الوثيقة حيث تتولى الدكتورة رانيا المشاط، منصب الرئيس المُشارك لشبكة تحفيز الاستثمار في الطاقة النظيفة والمتجددة في الاقتصادات الناشئة، كما تتولى عضوية في عدد من المراكز والتحالفات المهمة بالمنتدى منها "مركز الاقتصاد الجديد والمجتمع" و"تحالف المرونة" و"مبادرة مستقبل النمو"، إلى جانب ذلك تُنفذ الوزارة بالشراكة مع المنتدى والمجلس القومي للمرأة، مبادرة "محفز سد الفجوة بين الجنسين" لتمكين المرأة في مصر.