بينما يمضى الوقت – alywtirn «اليوتيرن» – أمل أبوالقاسم
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
____________
وَلا خَيرَ في وِدِّ اِمرِئٍ مُتَلَّونٍ إِذا الريحُ مالَت مالَ حَيثُ تَميلُ
جَوادٌ إِذا اِستَغنَيتَ عَن أَخذِ مالِهِ وَعِندَ اِحتِمالِ الفَقرِ عَنكَ بَخيلُ
فَما أَكثَرَ الإِخوان حينَ تَعدّهُم وَلَكِنَهُم في النائِباتِ قَليلُ
لعل هذه الأبيات المقتطفة من حديقة حكم الإمام الشافعى الغناء تحاكى آيات القرآن الكريم في كونها صالحة لكل زمان ومكان طالما انها تخاطب البشر.
اي كانت مشاربهم _ اي البشر _ ففي الأخير يجتمعون في خصال واحدة بدرجات متفاوتة مفطورين وبعضهم مجبولين.
بيد ان هذه الخصلة ( التلون)_ طبعا وفقا للأهداف والأطماع_ هي أس بلاء ليس على صاحبها فقط بل على المجتمع ككل لأنها موغلة في الأنا.
وحيث انها خصلة تتمتع بها البشرية منذ الأذل وتتضرر منها الشعوب والأفراد وكل المجتمعات فالسودان ليس باستثناء.
لكن تعالوا لنرى الى أي مدى كان معول النفاق والتلون هداما.
فنحن شعب ورغم ما نتميز به من كريم خصال اصبحت مثار العالم لكنا في ذات الوقت نبتلى بهذه الآفة وما أكثرها.
فالندع وقعها على بقية الصعد ونكتفى بالسياسة أو فالنقل ان الأخيرة هي من تحرض البقية كونهم يقعون تحت تأثيرها. كيف لا وتداعيات السياسة تنعكس مباشرة على الأمور الحياتية الأخرى.
ولعل تأريخنا يحتفظ بأمثال لمتلونون كثر سواء اكانوا افراد أو ٱجسام. لكن ما شهدته الفترة الأخيرة هو الأبشع كونه يجسد الانتهازية الرخيصة في ابهى صورها. وليس هناك ما اقعد بلادنا سواها. وتعودنا ان نتفرج على هكذا مواقف على مستوى الداخل.
ورغم الحرج والفضائح الاخلاقية جراء النفاق الإجتماعى إلا ان مرتكبوه لا يلوون على شيء ولا يلفتفتون خلفهم.. ولا غرو في ذلك طالما ان ليس بوجوههم مزعة لحمة.
اما الخارج والذي لم تتكشف نواياه واخلاقه إلا خلال المحنة الأخيرة التي يمر بها السودان وتبارى البعض منهم في ايذائه بالاشتراك يرومون منه صيدا ثمينا بعد ان رمى لهم كبير الصيادين بالطعم. لا ادري كيف سيعود هؤلاء ادراجهم لحظيرة التعامل معنا بعد ان فشل دأبهم وتبددت مطامعهم ولم تعد تجدى نفعا اي محاولة أو جولة بعد الخسائر السابقة، وبعد ان اوشكنا على الخلاص ولاحت تباشير وإشراقات النصر الذي ما يئسنا يوما منه… كيف يا ترى؟!
المحنة التى مر بها السودان وهي الأعظم على مر تأريخه كشفت الكثير. اسقطت النقاب وخلفت رؤوس حاسرة. عندما وقف البعض في المنتصف يتفرج ولسان حاله (يشجع اللعبة الحلوة) أو فالنقل يميل حيث تميل الريح، وهؤلاء اخف وطأة في التلون من اولئك الذين جاهروا بالوقوف في صف العدو مرجحين كفته. هؤلاء تحديدا طريق عودتهم وانعطافهم مع المشهد الجديد محرج ( اها كيف وكيف)؟!.. هذا الى جانب مجاهرين عاصين مع سبق الاصرار والترصد
شكرا لهذه الحرب التي كشفت العميل من الوطنى، الانتهازى والمتملق من المستمسك بموقفه، الطامع من الحادب على المصلحة العامة.
شكرا كثيرا بلا حدود لكل الدول الصديقة التي تكشفت نيتها واخلاقها ودعمت لو بالكلمة الطيبة، وبالمقابل تبا لتلك المعروفة والتى اصبحت طرف ثان في الحرب ويجب على الدولة بعد انجلاء الحرب
ان تعيد شكل التعامل معها على المستوى الرسمى سيما رعاياها وان يكون بمستوى اخلاقهم لا اخلاقنا.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” لكل غادر لواء يوم القيامة، يقال : هذه غدرة فلان ” .
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: الوقت بينما يمضى بعد ان
إقرأ أيضاً:
متسترون نهاراً – مستهترون ليلاً
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
أغرب ما شاهدته ليلة امس بعض المقاطع المصورة وجدتها منشورة في مواقع الفيسبوك، كانت جميعها تعكس ظاهرة البذخ والإسراف في ملهى ليلي من ملاهي مدينة السليمانية، يحمل أسم: (النادي العائلي). . كان المسرح مزدحما بالراقصات. ولا علاقة له بالعائلة ولا بالترفيه البريء. حيث الموائد عامرة بمشروبات كحولية من كل الأحجام والأصناف، بينما الموسيقى الصاخبة تصم الآذان. .
ابشع ما رأيته في هذا المنظر أكوام العملات الورقية من فئة 100 دولار. تلال مكدسة فوق بعضها البعض. رزم مالية متناثرة في الهواء بكميات هائلة تحتاج إلى جرافات لكنسها، كان احد العاملين في الملهى منهمكا بجمعها في صناديق كبيرة، لكنها ظلت تنهمر بكثافة، وتتساقط كما المطر فوق رؤوس الراقصات المترهلات المترنحات. . الأوراق النقدية مبعثرة فوق الأرض وعلى الطاولات وفي الممرات وملتصقة بأجساد الراقصات، منظر لن تجده في كازينوهات لوس أنجلس ولا في ملاهي لاس فيجاس ولا في حي الطرب. ملايين الدولارات تُنثر هناك كل ليلة بلا وجع قلب. .
مهربون ولصوص ومقاولون وسياسيون وتجار وسماسرة ورجال دولة ومعهم لفيف من اصحاب الدرجات الخاصة، من الذين يتظاهرون في ساعات النهار بالورع والتقوى والعفة والنزاهة والاستقامة والشرف (وأحلى من الشرف مفيش – برواية توفيق الدقن)، ثم يظهرون على حقيقتهم بعد غروب الشمس. فيتوافدون على المراقص وصالات القمار حيث السكر والعربدة والسرسرة والسربتة والخلاعة والتهتك. بعضهم كان يحمل مسدسات مخصصة لنثر الدولارات (money gun). وكأنهم في عجالة من امرهم لتفريغ ما بجعبتهم من أموال. . من اين جاءوا بها ؟، وكيف حملوها في جيوبهم ؟. ألا يفترض ان يسألهم السائلون: من أين لهم هذا ؟. .
لا شك انهم احرار فيما يفعلون، ولكن لماذا يرمون هذه الاموال التي لا نعرف اصلها وفصلها ومصدرها، تساؤلات يطرحها كل فقير على اجهزة الدولة. وهل لدى هؤلاء فائض لا ينضب من الأموال حتى يبعثرونها بهذه الأساليب العبثية ؟. .
كان هذا في مسرح واحد، فما بالك ببقية المسارح ؟. وكلها مجازة رسمياً ببركات الجهات الرقابية وبعلم كبار القادة حفظهم الله ورعاهم. .
الشيء بالشيء يُذكر ان السلطان سليمان القانوني أرسل إلى ملك فرنسا فرانسوا الأول قائلا: لقد علمنا أن الناس عندكم يتراقصون في الشوارع والأماكن العامة بشكل وقح، ولأن بلادكم لها حدود مع بلادنا فإننا نخشى أن تنتقل هذه الوقاحة إلى بلدنا فإذا وصلتك رسالتي هذه فأوقف هذه الوقاحة، وإلا ساتي بنفسي لأقضي عليها. وما ان وصلت الرسالة إلى الملك حتى أمر بوقف الرقص العلني وأصبح الرقص في فرنسا سريا لمدة 100 عام. .
كلمة اخيرة: اعلموا ان اخطر فيروس فوق ارض العراق هو هذه الفئات الملعونة من التافهين الداعرين المبذرين المسرفين. اللهم اكفنا شرهم. .