عبد المعطي أحمد يكتب: صورة إسرائيل الآن
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
المشهد العام فى فلسطين الآن: فى غزة أو الضفة، فى الشمال أو الجنوب، فى الشرق أو الغرب، فى محيط المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين مسرى حبيبنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، هذا المشهد يشير بوضوح إلى أن مرحلة جديدة حقا قادمة، فى المنطقة والإقليم والعالم.
وأيا كان الشكل أو الطريقة التى ستنتهى بها الحرب على غزة، فالصور والوقائع التى جرت وترسخت منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن، كفيلة بأن تصعب على اسرائيل مهمة مداواة هذا الشرخ، وذلك التصدع الذى تعرضت له صورة إسرائيل المزعومة التى حاولت فرضها داخليا وإقليميا وعالميا.
إن مجريات الأحداث فوق أرض المعركة الدائرة الآن بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل- بما أسفرت عنه والتى أدت إلى تغيير الصورة الذهنية التقليدية لإسرائيل داخل الذهن العام الداخلى والإقليمى والدولى - فرضت على الجميع تبنى صياغة جديدة لقواعد التعامل مع قضايا المنطقة.
إن إسرائيل تدرك جيدا ومعها حلفاؤها حجم التداعيات المزلزلة التى ألحقتها بها الحرب على غزة، وما حدث قبلها فى السابع من أكتوبر.
ولعل استخدام الولايات المتحدة الأمريكية الحليف الأكبر لإسرائيل حق النقض"الفيتو" فى جلسات مجلس الأمن الخاصة بغزة والإصرار على استمرار الحرب هو فى حقيقته رغبة أمريكية فى منح إسرائيل – باعتبارها الوكيل المدلل- مزيدا من الوقت لترميم صورة القوة المزعومة التى تبخرت فى شوارع غزة.
• بعد حرب أكتوبر، وتوقيع اتفاقية السلام المصرية الاسرائيلية كانت أصوات السلام أكثر فى إسرائيل، وكان حزبا العمل وميريتس والأحزاب اليسارية والاشتراكية والعلمانية تتبنى الدعوة للسلام، حتى ظهر بنيامين نتنياهو، ومعه تغيرت خريطة الأحزاب الإسرائيلية، وتعالت أصوات اليمين المتطرف، وسيطرت تلك الأحزاب على الأغلبية فى الكنيست الإسرائيلى، وكانت الحكومة الإسرائيلية الأخيرة برئاسة نتنياهو هى الشكل الأبرز للتطرف الإرهابى الإسرائيلى، بعد أن وفرت تلك الحكومة الغطاء الرسمى للحركات الأصولية اليهودية الإرهابية التى تطالب بقتل الفلسطينيين، وإبادتهم، أو ترحيلهم، وإقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.
• الشخصية المصرية الأصيلة لن تموت، وكل الظواهر الغريبة والعجيبة التى تطفح على سطح المجتمع من آن لآخر ستنتهى إن عاجلا أو آجلا، لأن أهم قيم الشخصية والهوية المصرية هى الأصالة والمعاصرة، وهى العلاقة الإنسانية المتميزة، قد تتغير بعض الشىء، وقد تتحول يسارا أو يمينا، لكنها سرعان ما تعود إلى طبيعتها الوسطية الجميلة, وكل الدول التى حاولت أن تستعمر مصر اختلطت بمصر وشعبها، وفشلت فى أن تحول مصر إلى مستعمرة، لكن مصر هى التى حولت المستعمر إلى مواطن يعيش بيننا, ويكون بعد مئات السنين منها، وتلك هى مصر الأصالة والهوية التى تغلب وتفوز، وتستمر، وتنتصر، مهما كانت المتغيرات والتاثيرات الجانبية التى تؤثر فيها كل عدد من السنين.
• معرض الكتاب كان بحق احتفالية بالهوية المصرية الحقيقية، والتأكيد على هوية مصر العميقة والأصيلة، أكد هذا العام الهوية المصرية سواء من خلال الابداعات التى صدرت من مبدعين شباب جدد أو الابداعات القديمة التى تمت إعادة طباعتها، وكذلك الندوات المميزة لإصدارات مميزة، إضافة إلى الأنشطة الجانبية، وكان اليوم الأخير للمعرض مهرجانا مصريا حقيقيا لا تجده إلا فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، أو عدد قليل من دول العالم بالفعل، ومع ذلك تجد من يحاول تقليل الجهد والتميز من داخل العائلة التى تشارك فى المعرض لأسباب شخصية أو انتخابية، وتلك إحدى اللوغاريتمات المصرية الغريبة!
• انخفاض انتاجية العمل من أهم التحديات التى تواجه التنمية فى مصر, فليس من المبالغة أن المعالجة الجذرية والدائمة للاقتصاد القومى تكمن أساسا فى تحسين انتاجية العمل والنهوض بها، لذلك فإن تحسين وتطوير انتاجية العمل فى مصر يمكن أن تحدث طفرة غير مسبوقة فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتحقيق مستويات الرخاء والرفاهية المستهدفة فى حياة الشعب المصرى.
• الاقتصاد يبدأ وينتهى بالمواطن كمنتج وكمستهلك أيضا، والقرار الاقتصادى الصحيح هو ما يصدر فى إطار سياسى اجتماعى، ولذلك سمى علم الاقتصاد بـ"الاقتصاد السياسى"، وتقريب المسافة بين الأجور والأسعار هو صمام أمان المجتمع ضد انتشار الفساد، وتخلخل التركيبة الاجتماعية، وما يسفر عنها من مخاطر.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
أحمد نبيوة يكتب: عمر الماحي.. 11 عاما على رحيل رائد التعليم في إفريقيا
تحل غدا الثلاثاء 12 نوفمبر، الذكرى الحادي عشر على رحيل رمز من رموز التعليم في القارة الإفريقي، حيث أثرى المكتبة العربية والإفريقية بمؤلفاته التي الدعوية والعلمية والتعليمية، حيث يعد واحدا من رواد التعليم في القارة الإفريقية.
ولا عجب فإن قارة إفريقيا التي ننتمي إليها، زاخرة بالجال الذين اختصهم الله تعالى بتغيير مسار الدول لتتحول من دول نامية غلى دول متقدمة، وسطر التاريخ بحروف من نور العديد من الشخصيات التي كانت لها بصمة في دولها سواء اقتصادية أو سياسية أو أدبية أو اجتماعية، ومن بين هؤلاء الشخصيات التي لا حصر لهم في دول منطقتنا العربية والإسلامية بالقاهرة السمراء، الدكتور عبد الرحمن عمر الماحي ابن دولة تشاد، فقد اشتهر بين الجميع بأنه رائد التعليم العربى والإسلامى فى القارة الإفريقية.
الدكتور الماحي، لمن لا يعرفه، تولى العديد من المناصب القيادية في دولة تشاد، حيث كان آخر منصب تولاه، هو رئاسة جامعة الملك فيصل بشاد، وهو أستاذ التاريخ والحضارة درَس فى مصر والجزائر والمغرب لعدة سنوات ، ثم تولى عدة مناصب فى جمهورية تشاد، حيث كان نعم المربى، ونعم القائد المخلص الذى أفنى عمره فى أداء رسالته تجاه دينه وأمته ووطنه، وأدى واجبه بكل جد ووفاء وسخاء.
وقد حظيت بشرف التواصل معه عن بعد، فقد أجريت معه بعض الحوارات والتصريحات الصحفية، واطلعت على عدة مؤلفات له، فكان بمثابة المعلم والمربي، وله العديد من المؤلفات فى الفكر الإسلامى والحضارة الإسلامية، وستظل منهلا للباحثين ومقصدا للدارسين، فله قرابة العشرون كتابا أبرزهم: انتشار الإسلام بين الأمم - الدعوة الإسلامية في أفريقية الواقع والمستقبل - تأثير الإسلام في المجتمع الأفريقي- علاقة التاريخ بالعلوم الشرعية وتطور البحث العلمي- علاقة الوحدة الإسلامية بالسلطة والدولة - تأثير الفكر التربوي الوضعي في المسلم المعاصر - التأريخ عند المسلمين ومنهج البحث التاريخي، كما شارك في العديد من المؤتمرات والندوات والمحاضرات الدولية وله أكثر من 20 بحثا بالاضافة للمقالات في كبرى الصحف في التاريخ والحضارة الإسلامية، والدعوة إلى الإسلام، والأدب الإسلامي في أفريقيا، ستظل منهلا للباحثين ومقصد الدارسين.
وقد منحه المدير العام للايسيسكو الدكتور عبد العزيز التويجرى جائزة أفضل إنتاج أدبى عن مدينة أنجامينا، كما أسهم –رحمه الله- فى تطوير جامعة الملك فيصل بتشاد والارتقاء بها وحرص على تنسيق العلاقات وتوسيع التعاون والتواصل بين الدول العربية والدول الأفريقية.
ولعل الكثير يعرف ماقامت به جامعة الملك فيصل بتشاد فى عهده –رحمه الله- بدور ريادى فى القارة الأفريقية، باعتبارها جامعة إسلامية عربية تخرِّج أجيالًا من الدعاة والعلماء المسلمين الأكفاء، ويدرس بها طلاب من مختلف دول أفريقيا، وتوفر لهم بيئة إسلامية وأكاديمية تساعدهم على البحث والتحصيل.
لقد كان مصاب الأمة العربية والإسلامية أليما فى هذا الرجل العظيم الذى ظل يعمل ويعمل طوال حياته منتهجا نهج العلماء المستنيرين الكبار، ومنطلقا من المدرسة الوسطية فى الإسلام، وكان حريصا كل الحرص على التمكين للغة العربية فى جمهورية تشاد والدول الأفريقية، ومازال التاريخ وسيظل يذكر إسهاماته الكبيرة في النهوض بالتعليم الإسلامي والعربي.
ولم يكن د.الماحي، عالمًا فقط وإنما كان مربيا للأجيال خير من يمثل الوسطية في الإسلام، حيث تولى زمام هذه المنارة العلمية الشامخة في زمن تعج فيه الصراعات الطائفية، لكن بفضل الله تعالى وجهوده في رابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي، وكلية الدعوة الإسلامية في جامعة الملك فيصل وجامعة أفريقيا العالمية، وغيرها من المؤسسات، أبرزت جهود العالم الراحل التعليمية على جامعة الملك فيصل، حيث ازدهر هذا الصرح الشامخ الذي تخرج منه آلاف العباقرة من دكاترة ووزراء وكوادر تربت في أحضان القيم والمثل الرفيعة المستمدة من تعاليم القرآن الكريم الذي حفظه منذ نعومة أظفاره وختمه في سن العاشرة من عمرة ، كما شهد بذلك طلابه وزملائه.
ولعل المقام يحتاج إلى ذكر جانب من سيرته الذاتية الحافلة ، حيث ولد الدكتور الماحي عام 1937م بقرية (كرل) مركز موسكوري محافظة شاري باقرمي بتشاد، وحفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من عمره، وتلقى تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي في تشاد، وحصل على شهادة الدراسات العربية والتربوية في معهد المعلمين بأبشه عام 1966م، وحصل على شهادة الكفاءة التربوية بفوت لامي (أنجمينا )عام 19680 ، وعمل بعدها مدرسا في مختلف مراحل التعليم في تشاد في الفترة الواقعة بين عامي 1960- 1972م، زار خلال هذه الفترة عددا كبيرا من الدول الأفريقية والعربي والأوروبية لعدة مهام، وحصل على شهادة الدراسات الجامعية في الشريعة والقانون في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بأم درمان السودان عام 1974م، كما حصل على درجة الإجازة العالمية في التاريخ والحضارة الإسلامية في كلية الآداب جامعة أم درمان الإسلامية بالسودان عام 1977م،و حصل على دبلوم الدراسات العليا في التاريخ عام 1979م، وحصل على درجة الماجستير عام 1981م.
كما حصل على درجة الدكتوراه عام 1984م. في التاريخ الحديث والمعاصر في كلية الآداب بجامعة عين الشمس بالقاهرة وحصل على درجة الدكتوراه (بروفسور) في عام 2008م، وكانت رسالة الدكتوراه بعنوان (الدعوة الإسلامية في أفريقيا: الواقع والمستقبل)، زعين عضو هيئة التدريس بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة الجزائر في الفترة الواقعة بين عامي 1986 و1994م.
كما تولى عدة مناصب منها عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية بالقاهرة، وعضو شرف برابطة الأدب الإسلامي العالمية (23/8/1422هـ، الموافق8/11/2001م)، وممثل الرابطة في تشاد، وعضو المنظمة العالمية للكتاب الأفريقيين والآسيويين، وممثل المنظمة في تشاد، ومنحته المنظمة الإسلامية للعلوم والتربية والثقافة (الإيسيسكو) جائزة أفضل إنتاج أدبي عن مدينة أنجامينا، ورائد التعليم العربي والإسلامي في القارة الإفريقية.
وتوفي الدكتور عبدالرحمن عمر الماحي ليلة الثلاثاء 12 من نوفمبر 2013م، في تونس، إثر مرض لم يمهله طويلا، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وجعل ما قدمه من جهود علمية ودعوية وتربوية في ميزان حسناته يوم القيامة، رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فسيح جناته ورزقنا وذويه والأمة الإسلامية والعربية الصبر والسلوان.