نهى زكريا تكتب: أميركا الباحثة عن جذور
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
طاولة خشبية رخيصة في زقاق (حارة ضيقة جداً) بمنطقة خان الخليلي بالقاهرة القديمة، صاحبها الحاج فهمى على الفيشاوي "قبل أكثر من مئتي عام"، لتقديم بعض المشروبات لرواد الخان،
ثم شراء بعض المتاجر المجاورة، وكانت فكرته الأساسية أن يشبه المقهى المنزل العادي، كي يشعر الناس فيه بالراحة.
فى نفس التوقيت فى مكاناً آخر فى أقصى الغرب كانت هناك دولة تبدأ أول خطواتها تدعى "أمريكا" شعبها من دول أوروبية، جيشها من أى جنسية حصل صاحبها على الجنسية الأمريكية ، سكنت معظم دول العالم بأفلامها الهوليودية " اجمل ما بها " ووجباتها السريعة صاحية الفضل الأول فى انتشار تصلب الشرايين، كما سكنت العالم بقواعدها العسكرية المنتشرة التى قدرها البعض ب 890 قاعدة محاولة الهيمنة على العالم عوضاً عن كونها دولة بلا جذور.
حكمت فظلمت، تدخلت فى شؤون البلاد لنهب ثرواتها و خسرت البلاد و خسرت اميركا مثل العراق و فيتنام و غيرها.
تنبأ البعض بسقوط اميركا و لكن هذا السقوط لن يحدث بين ليلة و ضحاها، فكما تُبنى الدول فى عقود فإن سقوطها أيضا فى عقود، ولكن لماذا يتحدث البعض عن سقوط أميركا الآن؟
إن تطور مجموعة البريكس التى تقدمت على الدول السبع ومنهم" اميريكا " اقتصاديا حيث أكدت رئيسة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا أن حصة دول "بريكس" ارتفعت في نهاية عام 2023 من 31% إلى 35% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي متجاوزة حصة مجموعة السبع، و تتقدم مجموعة بريكس من الناحية الديموغرافية حيث يعيش 800 مليون فى مجموعة السبع مقابل 3,2 فى دول البريكس، بالإضافة إلى الموقع الجغرافى دول البريكس الذي ينتشر فى أماكن عديدة فى العالم كما يملك " الجنوب العالمى" و هو الصين و البرازيل و جنوب أفريقيا و الهند و تتفق رغبتهم حول رفض الهيمنة الغربية.
كما ان الحرب على غزة و موقف اميريكا منها جعلت العالم يتذكر تاريخها الأسود فى الحروب داخل و خارج ارضها منذ ان استخدموا اسلحة بيولوجية للقضاء على أعداءها ومنهم الهنود وذلك بإهدائهم بطاطين بها مرض الجدرى، وأيضاً في حرب فيتنام كان الرش الكيميائي لمناطق فيتنام، حيث أدى العنصر البرتقالي الذي قصفته الطائرات الأمريكية "بالديوكسين "إلى أمراض مثل السرطان والإعاقة العقلية في هذه المنطقة على مر السنين، و القاء القنبلة النووية على اليابان و غيرها من حروب إبادة جماعية، و حرب غزة خسر فيها بايدن أصوات العرب فى اميركا و هو اكبر دليل على ان السياسة الأمريكية فى بداية المنحدر و خاصة بعد تولى بادين.
و الذين لا يتذكرون فقط هم من يعتقدون ان سقوط أميركا مستحيل حيث انه منذ عقود قليلة تفكك الاتحاد السوفييتي، و الآن ولاية" تكساس "تطلب الاستقلال و هى ليست المرة الأولي، و لا يمكن ان تنسي تكساس دور روسيا فى مساندة "حركه تكساس" عدّ رد الجميل لأمريكا حيث أنها ساهمت من قبل فى تفتيت الاتحاد السوفيتي.
و اخبراً و ليس آخراً ترتكز الانتقادات التي تُوجه إلى " بايدن" على الشيخوخة والوهن وفقدان الذاكرة أحيانا، بل يرى البعض على أن ذلك يتصادف مع "شيخوخة الإمبراطورية" الأمريكية.
و كتب المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي "من بين الحضارات الاثنتين والعشرين التي ظهرت في التاريخ، انهارت تسعة عشر منها عندما وصلت إلى الحالة الأخلاقية التي تعيش فيها الولايات المتحدة الآن"، ما يدل، بحسب هذا الموقف، على أن انهيار الإمبراطورية الأمريكية ليس جديدا، وأنه بدأ منذ مدة، إلا أن "الشواهد" عليه الآن "كثيرة وواضحة للعيان.
لا ينكر أحد دور أمريكا فى التطور العلمي الكبير و لكن لن يكون هذا سبب فى مغفرة التاريخ لما فعلته اميركا.
فشلت فى بداية كلماتي بالمقارنة بين مصر و أمريكا و لم اجد غير قهوة الفيشاوى لأنها الأقرب عمرا إلى أميركا، فالفرق فظيع فمصر دولة صاحبة حضارة و جذور و اميريكا دولة باحثةً عن جذور.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
البعض يتسآئل لماذا مصر
البعض يتسآئل لماذا مصر
أول دولة فتحت أبوابها للسودانيين بعد محنة الحــــ ـرب :
لا يمكن قياس دور مصر الرسمية والشعبية فقط من زاوية معاملة اللاجئين (لكل دولة مخاوفها وحساباتها الاقتصادية والأمنية والصحية) ولا يمكن إسقاط معاناة السودانيين في القنصليات والمعابر على معادلة وسلوك مصر تجاه الأزمة السودانية ..
وجودي في ولاية نهر النيل أمن لي قدر كبير من المعلومات الهامة عن مكاسب الشعب السوداني من الجاره الشمالية مصر . على أساس أن الولايات قبل سقوط مدني كانت تمثل معبرا الي غالب ولايات السودان (من والي) خصوصاً حركة البضائع في ستة نقاط اختصر مكاسب السودان الشعب والدولة من مصر الدولة والشعب :
أولاً. (…………….) ساترك المساحة خالية لأنها جزء من أسرار الدولة لا يحق لي الحديث وان كنت شاهد عليها ..
ثانياً : بعد انهيار مصانع إنتاج الدقيق في الخرطوم وتوقف الواردات عبر ميناء بورتسودان .. أنسابت سلعة الدقيق من مصر عبر البر وبأسعار أقل بكثير من المعروض في السوق المحلي اَ المستورد لاحقا من السعودية .. ولولا جشع إدارات التجارة والتموين في ولايات المعبر الشمالية ونهر النيل لبقى سعر جوال الدقيق 25 كيلو في (20 جنية سوداني) الي اليوم لكن فرض الرسوم ضاعف من السعر بمعنى أن المصريين لم يستغلو أزمة السودان لمضاعفة سعر الدقيق وحتى كتابة هذا الدفاع عن مصر لم تشهد البلاد أزمة في سلعة الدقيق …
ثالثاً : ظل التعامل بين تجار البلدين بالعملات المحلية وكان في أماكن شركات مصر ان تشترط البيع بالدولار او الدرهم في بلد الحــــ ـرب فيها تاكل كل شيء وربما وطنيةوحسن إدارة رجال الأعمال السودانيين كذلك ساعدت .. ومن جانب آخر ساهم التبادل بالجنيهين السوداني والمصري في رفع الطلب عليهما وزادت قيمه الجنية السوداني خلال الأزمة .
رابعاً : كان من اليسير جداً على قيادات الجيش والشرطة والمستنفرين ان يرسلوا أهلهم وأولادهم الي مصر للتفرغ للمعركة لأن الذين تحملوا الصدمة الأولى لولا اطمئنانهم على أهلم اما استطاعو الصمود ..
خامساً : الملابس والأدوية والمعدات الطبية وغيرها من مطلوبات المعركة وعلاج الجرحى حتى المياة المعدنية كانت تأتي من مصر بأسعار السوق المحلي هناك
سادساً واخيراً : ما ضر السودان حكومة وشعبا ان يرد الدين والجميل في تخصيص مشروع واحد أو أكثر لشركات مصرية في مشوار إعادة البناء افترض ان قيمة العطاء ملياري دولار ما ضر السودان وحالياً أكثر من مليون مواطن سوداني موجود هناك ..
إذا تم ذهنيا عكس موقف مصر من الحــــ ـرب في السودان الي المعسكر الآخر .. معسكر الإمارات .. ما هو السيناريو المتوقع حينئذ .. اقولها وأنا على يقين .. لو وقفت مصر إلى جانب الإمارات لكان شكل وواقع المعركة يختلف عن الذي حدث وربما امتدت المعارك حتى حلفا القديمة شمالاً
Osman Alatta
إنضم لقناة النيلين على واتساب