أطباء فرنسيون عائدون من غزة يروون للجزيرة نت تفاصيل كارثية
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
باريس- أرسلت جمعية "بالمد" (PALMED) للأطباء الفلسطينيين في أوروبا أول بعثة طبية إنسانية إلى قطاع غزة في الفترة ما بين 22 يناير/كانون الثاني والسادس من فبراير/شباط، بقيادة الطبيب العسكري السابق والمتخصص في طب الحرب والطب الإنساني، البروفيسور رافائيل بيتي.
ووصل الأطباء إلى مطار شارل ديغول، ضواحي العاصمة الفرنسية باريس، أمس الثلاثاء، بعد عملهم مدة 10 أيام في المستشفى الأوروبي في خان يونس، جنوب القطاع.
وفور وصولها، وصفت البعثة الوضع الإنساني بالكارثي في القطاع المحاصر في ظل عدم كفاية المساعدات الإنسانية الدولية والغياب التام لوسائل الحياة الطبيعية، ونقص المياه والدواء والغذاء والكهرباء، فضلا عن ظهور الأمراض المعدية ونقص التغذية عند الأطفال.
كما تحدث الوفد عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمنشآت الطبية والمستشفيات طوال 4 أشهر من الحرب، وأعرب الأطباء عن حزنهم الشديد لاستشهاد عدد كبير من العاملين في المجال الطبي.
أول بعـثة طبية
وكان في البعثة ممرضة متخصصة في غرفة العمليات و6 أطباء من تخصصات مختلفة هي: جراحة العظام، وجراحة البطن، والجهاز الهضمي، وأمراض النساء، وطب الطوارئ، وتخدير العناية المركزة.
كما خصص الطاقم الطبي العناية المطلوبة لسكان المنطقة المصابين بصدمات نفسية جراء قصف جيش الاحتلال المستمر، فضلا عن تقديمهم الخبرة لزملائهم في مجال الجراحة وطب الحروب.
وقال نزار بدران، وهو جراح وعضو في تجمع الأطباء الفلسطينيين "بالمد": إن تنسيق سفر البعثة تم من خلال مؤسسة إنسانية طبية أميركية، وليس عن طريق السلطات الفرنسية، مشيرا إلى أن التجمع يتكفل بعد ذلك بالمسائل الأخرى المتعلقة بالتنظيم والتكلفة، حسب قوله.
وأضاف بدران، في حديثه للجزيرة نت، أن "الوفد اشترى معدات طبية من فرنسا ومصر"، لافتا في الوقت ذاته إلى أنه لم يدخل سوى كميات قليلة منها، و"تم حملها باليد، أو في حقائب؛ لأن السيارات لا تستطيع تجاوز نقطة الحدود عند معبر رفح".
وهو ما أكده طبيب آخر كان ضمن الوفد -فضل عدم ذكر اسمه- قائلا: "أُخذت معدات طبية خاصة بجراحة العظام من زميل بريطاني في المطار".
من جانبها، أشادت رئيسة منظمة "قاطعوا إسرائيل" أوليفيا زيمور التي استقبلت الوفد بالورود ولافتة كتبت عليها "شكرا لكم" بعدة لغات، بـ"العمل الشجاع" الذي قامت به أول بعثة فرنسية إلى القطاع، مستنكرة في الوقت ذاته الموقف الفرنسي الذي لا يزال مصرا على عدم المطالبة بوقف إطلاق النار ولم يشجع جنوب أفريقيا في مرافعتها ضد إسرائيل، على حد تعبيرها.
وتابعت: "نشعر بخيبة أمل كبيرة جدا من فرنسا التي سحبت دعمها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وهذا أمر خطير جدا يشجع الاحتلال على مواصلة الإبادة الجماعية".
وتشابهت شهادات الأطباء الذين عاشوا ظروف الحرب بكل تفاصيلها رفقة زملائهم الفلسطينيين في مستشفى رفح لبضعة أيام، قبل التوجه إلى المستشفى الأوروبي، حيث سلطت جميعها الضوء بشكل خاص على الأوضاع الكارثية التي تعانيها المنشآت الصحية في قطاع غزة.
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، قال جراح العظام مؤمن برقاوي إن "مسجدا يقع بجانب مستشفى في رفح تعرض لاستهداف جيش الاحتلال، وهو أمر تكرر في أثناء عمله في مستشفى خان يونس حيث سقط أحد جدرانه بسبب قصف طيران الاحتلال".
ويصف برقاوي الحالات التي عالجها بأن "معظمها كانت عبارة عن جروح مع كسور مفتوحة استدعت البتر في بعض الأحيان، فضلا عن الحروق الكثيرة والتمزق الشديد في الأطراف".
بدوره، قال طبيب التخدير شمس الدين بوشكور إن "المستشفى كان مكتظا بالمرضى وأهاليهم الذين ظلوا بداخله، واتخذوا سقفه ملجأ لهم يحميهم من الصواريخ؛ لأن منازلهم دمرت ولا يملكون مكانا آخر يذهبون إليه".
وعند سؤاله عن نقص الأدوية في المستشفيات وإجراء عديد العمليات بدون تخدير، أوضح بوشكور أنه رغم تمكن الجراحين من إنجاز عمليات باستخدام التخدير، إلا أن مسكنات الألم القوية مثل المورفين بدأت تنفد، وهو ما ينبئ بوقوع أزمة صحية جديدة وآلام لا يمكن لأي إنسان تحملها، على حد قوله.
أبطال تحت القصف
وكان للأطباء الفلسطينيين الذين ما زالوا يعملون في مستشفيات قطاع غزة، رغم ندرة المعدات الطبية وظروف العمل الخطيرة والقاسية، النصيب الأكبر من رواية الوفد الطبي.
وذكر برقاوي، ذو الأصول الفلسطينية، أن الأطباء شعروا بالسعادة عند وصول البعثة "لأنهم تمكنوا أخيرا من أخذ قسط من الراحة"، مشيرا إلى أنهم "يحبون عملهم كثيرا، لكن الإرهاق والتعب تمكن منهم بالفعل، نفسيا وجسديا".
ووصفت إيمان معرفي، الممرضة الوحيدة ضمن الوفد والمتخصصة في الطوارئ والإنعاش، زملاءها في المستشفى الأوروبي بأنهم "محترمون وشرفاء"، فرغم كل الظروف القاسية "يعيشون بكرامة".
وأخبرت معرفي الجزيرة نت أن الأطباء الفلسطينيين "لا يشكون حالهم لأحد، ولا يفصحون عما بداخلهم؛ لأنهم في حالة حداد جماعي، لذلك يغرقون أنفسهم في العمل فقط".
وأثنى عضو تجمع الأطباء الفلسطينيين بدران على "الدور النبيل الذي تقوم به الطواقم الطبية الفلسطينية" منذ بداية الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قائلا: "هؤلاء زملاؤنا وأصدقاؤنا، منهم من استشهد، ومنهم من دُمر بيته. وأنا فقدت صديقا لي كان طبيب أطفال في خان يونس، واستشهد هو وأطفاله وزوجته".
وأضاف بدران: "إنهم منهكون جدا في عمل وضغط مستمر منذ 4 أشهر، لكن الطبيب الفلسطيني البطل بقي على رأس عمله ولم يغادر، وحتى أولئك الذين اعتُقلوا رجعوا إلى مزاولة مهنتهم مباشرة بعد إطلاق سراحهم".
وأكد كل أعضاء جمعية "بالمد" ووفدها الطبي ضرورة وقف إطلاق النار الشامل؛ لأنه الحل الوحيد الذي سيسمح بوصول المساعدات الدولية المتراكمة في مصر، وأنهم "مستمرون في إرسال بعثاتنا إلى قطاع غزة، وندعو السلطات الفرنسية والأوروبية إلى تسهيل مهمتنا الإنسانية بشكل أفضل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
بضغوط أمريكية.. خبير: تهجير الفلسطينيين يجري العمل عليه بأدوات استخباراتية وسياسية
تواصل الولايات المتحدة ضغوطها على مصر للقبول بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتهجير سكان قطاع غزة، وذلك تزامنا مع التصعيد العسكري الإسرائيلي على القطاع، في خطوة تهدف إلى خلق واقع جديد يجعل من خطة تهجير الفلسطينيين واقعا لا تجد الدول العربية، خاصة مصر، مفرا من التعامل معه.
تهجير الفلسطينيين من قطاع غزةوفي هذا الصدد، قال الدكتور جهاد أبولحية، أستاذ القانون والنظم السياسية الفلسطينية، إن لم يعد ما يجري الحديث عنه بشأن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة مجرد مخطط محتمل أو فكرة عابرة، بل هو مشروع إجرامي واضح، يجري العمل عليه بأدوات استخباراتية وسياسية.
وأضاف أبولحية في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن تهجير الفلسطينيين قسرا من قطاع غزة إلى أي دولة أو منطقة أخرى، وتحت أي ذريعة، يشكل جريمة حرب صريحة، يجرمها القانون الدولي الإنساني، وتضع مرتكبيها تحت طائلة الملاحقة القضائية الدولية، لا سيما أمام المحكمة الجنائية الدولية التي تنظر حاليا في جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
وتابع: "الأخطر من ذلك، أن هذا المخطط يتعدى كونه انتهاكا تقنيا للقانون الدولي، ليصل إلى محاولة تصفية القضية الفلسطينية عبر تفريغ الأرض من سكانها، وتحويل غزة إلى "ريفييرا" للمشاريع الاقتصادية والسياحية الإسرائيلية، على أنقاض شعب أصيل يعيش فوق أرضه منذ قرون".
وأردف: "هذا المشروع الإجرامي لا ينتهك فقط اتفاقيات جنيف، بل يضرب عرض الحائط أيضا بـمبدأ تقرير المصير، الذي يعتبر أحد المبادئ المؤسسة للنظام الدولي الحديث"، ولقد نص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة الأولى على أن : "لكل الشعوب الحق في تقرير مصيرها، وبموجب هذا الحق تقرر بحرية وضعها السياسي وتسعى بحرية إلى تحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".
توصيات للأمم المتحدةوأكمل: "بموجب هذا المبدأ، لا يحق لأي قوة في العالم أن تفرض على الشعب الفلسطيني مصيره أو تقرر له مستقبله، كما لا يجوز لأي دولة أن تستقبل قسرا لاجئين تم تهجيرهم خلافا لإرادتهم، لأن المشاركة في هذه الجريمة تعد تواطؤا مباشرا مع جريمة حرب، وفي ظل هذا الوضع، فإن خطورة المخطط تفرض على الفلسطينيين أولا تحقيق الوحدة الوطنية، فلا مجال لمواجهة هذا المشروع في ظل الانقسام السياسي، كما تفرض على العالم التحرك الجاد، وليس مجرد إصدار بيانات إدانة".
واختتم: "على الأمم المتحدة أن تفعل آليات العقوبات، لا أن تكتفي بالتوصيات، وعلى مجلس الأمن الدولي أن يتحمل مسؤوليته في حفظ السلم والأمن الدوليين، عبر فرض عقوبات رادعة عالى إسرائيل، وعلى كل من يشارك أو يتورط أو يسهل تنفيذ هذا المخطط، والتهجير القسري ليس مجرد خرق قانوني، بل هو عدوان على الشعب الفلسطيني بأسره، وعلى الضمير الإنساني العالمي، ولن يقبل الفلسطينيون ولا أحرار العالم بتمريره تحت أي ظرف".
ومن جانبه، أكد الإعلامي مصطفى بكري أن القوات المسلحة المصرية تمثل الدرع الحامي للأمن القومي، مشددا على أن الشعب المصري يقف دائما خلف قيادته السياسية وقواته المسلحة، مؤمنا بدورها في حماية البلاد من التهديدات والمخاطر.
مصر ترفض مخططات تهجير الفلسطينيينأوضح بكري، خلال تقديمه برنامج «حقائق وأسرار» على قناة «صدى البلد»، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يواجه ضغوطا دولية هائلة بشأن ملف تهجير الفلسطينيين، مؤكدا أن مصر تدرك خطورة هذه المخططات التي قد تؤدي إلى زعزعة استقرار الأمن القومي المصري.