غضب في 7 دول أوروبية بسبب دعم أوكرانيا.. إلى أين وصلت «انتفاضة المزارعين»؟
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
بعد قرار فرض الحكومات الأوروبية قيود على قطاع الزراعة، من شأنها أن تؤدي إلى زيادة التكاليف ورفع أسعار الوقود والأسمدة، إضافة إلى قواعد خانقة، نتيجة العقوبات المفروضة على روسيا ودعم القطاع الزراعي في أوكرانيا، على حساب المزارعين في دول الاتحاد الأوروبي، تشهد 7 دول أوروبية، على الأقل، حركات احتجاجية واسعة، فيما يُعرف بـ«انتفاضة المزارعين».
وفي غضون الساعات القليلة الماضية، انضم آلاف المزارعين في إسبانيا، لليوم الثاني على التوالى، للحركة الاحتجاجية التي تشهدها الدولة الواقعة في غرب أوروبا، بجانب مزارعين من عدة دول أوروبية، بينها ألمانيا، وفرنسا، وبلجيكا، وإيطاليا، وبولندا ورومانيا، رفضاً لارتفاع التكاليف والقواعد الخانقة التي تفرضها الحكومات الأوروبية على قطاع الزراعة.
وأغلق عشرات المزارعين في إسبانيا الطرق السريعة الرئيسية بجراراتهم لليوم الثاني على التوالي، وعطلوا الوصول إلى محطات الموانئ، مع تزايد الاحتجاجات الغاضبة في مناطق واسعة من ريف أوروبا، بسبب ارتفاع التكاليف والبيروقراطية والمنافسة من دول خارج الاتحاد الأوروبي، بحسب ما ذكرته صحيفة «يو إس نيوز» الأمريكية.
مزارعون يتهمون حكوماتهم بعدم احترام القواعدوقال أحد المزارعين الإسبان، يُدعى «خوان»، يزرع الليمون في الأندلس، بينما كان يشارك في احتجاج أمام منفذ «ملقة»، إن «بعض الدول لا تحترم القواعد، وليس لديها ضوابط على الجودة، مما تسبب في تدمير أسعار الليمون الحالية»، وأضاف لمحطة «تي في أي» الوطنية: «إنهم لا يريدونهم حتى لو تخليت عنهم».
وأعرب غالبية المزارعين في إسبانيا عن استيائهم من الأوضاع المتردية في مختلف الأسواق، كما أعلنوا عن تضامنهم مع الاحتجاجات المماثلة في دول أوروبية أخرى، وأخرجوا جراراتهم من حظائرهم أمس، قبل يومين من الاحتجاجات التي حددتها جمعيات المزارعين الرئيسية في البلاد.
إغلاق 10 طرق و296 مليون يورو للمزارعينوقالت السلطات الرسمية في إسبانيا إنه تم إغلاق حوالي عشرة طرق سريعة رئيسية، خلال اليوم الأول من احتجاجات المزارعين، صباح أمس الثلاثاء، في جميع أنحاء البلاد.
ويطالب المزارعون في دول الاتحاد الأوروبي بمراجعة القواعد التي تفرضها عليهم سياسات الاتحاد الخاصة بحماية البيئة، والتي تجعلهم أقل قدرة على المنافسة من أقرانهم في مناطق أخرى، مثل أمريكا اللاتينية أو أوروبا خارج الاتحاد الأوروبي، كما أنهم يشكون من الإجراءات البيروقراطية الغامضة المفروضة عليهم بشكل متزايد.
ودفعت «انتفاضة المزارعين» الحكومة الإسبانية إلى توزيع دعم إضافي بقيمة 269 مليون يورو، لما يصل إلى حوالي 140 ألف مزارع.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: أوروبا إسبانيا الاتحاد الأوروبي بلجيكا ألمانيا الاتحاد الأوروبی المزارعین فی دول أوروبیة فی إسبانیا
إقرأ أيضاً:
انتفاضة واشنطن ضد قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت!
غضبة في واشنطن وانتفاضة تنديد ورفض داخل مؤسسات صنع القرار الأمريكي، ضد قرار المحكمة الجنائية الدولية اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم تتعلق بـ"ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية"، خلال حرب الإبادة المتواصلة على غزة منذ أكثر من عام.
أمريكا تُشهر السيف في وجه الجنائية الدولية
وفي مواجهة أمريكية مستمرة ضد العدالة الدولية وإسقاط لها، رفضت غالبية النخبة الأمريكية قرار اعتقال نتنياهو وغالانت، وكانت التصريحات على مستويات مختلفة بمثابة إشهار السيف في وجه المحكمة الجنائية الدولية، التي تمثل أحد أدوات منظومة العدالة الدولية، التي دأبت واشنطن على هدمها.
رفضت إدارة بايدن المنتهية ولايتها ونظيرتها المنتخبة بقيادة ترامب، بشكل قاطع قرار الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت. وقد تعهد مايكل والتر، مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب، برد قوي على ما وصفه بتحيز المحكمة الجنائية الدولية المعادي للسامية، بحسب تعبيره، بعد تنصيب ترامب في كانون الثاني/ يناير 2025.
أزعم أنه ليس من المبالغة القول إن الولايات المتحدة في مواجهة دائمة ضد العدالة الدولية، والأمثلة عديدة لا حصر لها
موقف فاضح وتناقض واضح
وفي موقف فاضح وشديد التناقض، ندد الرئيس الأمريكي جو بايدن بقرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت، ووصف هذا القرار بأنه يُعد "أمرا شائنا"، وقال في بيان: "سنقف دائما إلى جانب إسرائيل ضد أي تهديدات تواجه أمنها."
وقد كان لافتا للنظر التصريحات التحريضية للسيناتور الجمهوري الأمريكي "ليندزي غراهام، والتي تمثل احتقارا لمنظومة العدالة الدولية وتطاولا على أحد مؤسساتها، وتُعدُ انقلابا أخلاقيا فاضحا. وعلى منصة "إكس" كتب غراهام واصفا المحكمة الجنائية الدولية بأنها "منظمة مارقة ذات دوافع سياسية تدهس مفهوم سيادة القانون"! وانطلاقا من ثقافة الكاوبوي الأمريكية، التي يبدو أنها تهيمن عليه، أطلق غراهام تهديداته قائلا: "إن أي دولة أو منظمة تدعم قرارات الجنائية الدولية ستواجه موقفا حازما من الولايات المتحدة الأمريكية"!
جدير بالذكر، أن غراهام حرض مرارا وتكرارا ضد غزة، ودعا لضربها بقنابل خارقة للتحصينات، وزعم أنه يحق لإسرائيل استخدام سلاح نووي لتسوية غزة بالأرض، لإنهاء الحملة العسكرية، كما فعلت الولايات المتحدة بمدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، إبان الحرب العالمية الثانية.
أمريكا إذ تهدم منظومة العدالة الدولية!
أزعم أنه ليس من المبالغة القول إن الولايات المتحدة في مواجهة دائمة ضد العدالة الدولية، والأمثلة عديدة لا حصر لها.
في عام 2002، أصدر الكونغرس الأمريكي قانون "حماية أعضاء الخدمة الأمريكية" أو ما يعرف بقانون "غزو لاهاي"، والذي يهدف لحماية أفراد القوات المسلحة، والمسؤولين في الحكومة، سواء كانوا معينين أو منتخبين، من التعرض للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وقد تضمن قانون "حماية أعضاء الخدمة الأمريكية" مادة مثيرة للجدل، هي المادة 2008، التي تنص على "السماح للرئيس الأمريكي باستخدام جميع الوسائل الضرورية لإطلاق سراح أي من أعضاء الخدمة الأمريكية، في حال احتجازه من قبل المحكمة الجنائية الدولية أو بأمر منها، أو نيابة عنها".
وقد فسر كثيرون هذه المادة بأنها تعطى واشنطن حق القيام بعمل عسكري، وغزو مقر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا لإطلاق سراح أي محتجز، ومن هنا عُرف هذا القانون مجازا بقانون "غزو لاهاي".
ترامب وتهديد المحكمة الجنائية الدولية
خلال ولايته الأولى، وبصدد طلب التحقيق في جرائم القوات الأمريكية في أفغانستان، هاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المحكمة الجنائية الدولية، وهدد برد سريع وقوي ضد أي قرارات تستهدف بلاده أو إسرائيل أو غيرهما من حلفاء واشنطن.
وكانت إدارة ترامب في ولايته الأولي، قد هددت قضاة ومدعي المحكمة الجنائية الدولية، على لسان مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، بمنعهم من دخول الأراضي الأمريكية وتجميد حساباتهم المصرفية، ومقاضاتهم في حال واصلوا التحقيق في جرائم الجنود الأمريكيين والإسرائيليين وغيرهم من حلفاء واشنطن.
وبعد التهديدات الأمريكية، صدر قرار المحكمة الجنائية الدولية برفض طلب المدعي العام للمحكمة بشأن فتح تحقيق في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يفترض أنها ارتكبت في أفغانستان، بدءا من أيار/ مايو 2003، وعللت قرارها أن مثل هذا التحقيق في ذلك الوقت لا يخدم مصالح العدل!
فقدان للعدالة وضغوط أمريكية ودولية
في 20 /أيار/ مايو الماضي، صُدمت النخب الأمريكية عندما طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، حيث كانت تلك هي المرة الأولى التي تجري فيها محاولة لمحاكمة أحد حلفاء واشنطن، علما أن قرار المدعي العام شمل في ذات الوقت ثلاثة من قادة حماس، هم: السنوار وهنية ومحمد الضيف، وتلك خطوة عليها مآخذ، إذ شابها فقدان للعدالة؛ وذلك بسبب مساواة الضحية بالجلاد، ومبالغات ومغالطات في توجيه اتهامات إلى المقاومة التي تواجه محتلا غاصبا.
وفي إطار منهجية واشنطن في الإطاحة بمنظومة العدالة الدولية، كان مشرعون أمريكيون قد أعلنوا قبل تقديم كريم خان طلب إصدار مذكرات الاعتقال، أنهم يستعدون لإصدار تشريع يستهدف المحكمة الجنائية الدولية. وقد أعلن مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن الحزب الجمهوري، بعد تقديم طلب إصدار مذكرات الاعتقال، قائلا: "إن واشنطن يجب عليها أن تعاقب المحكمة الجنائية الدولية وأن تعيد كريم خان إلى مكانه".
ماذا بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية؟
بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، يرى البعض أن تلك خطوة تاريخية، تحمل رمزية كبيرة، ستشجع الدول الموقعة على ميثاق روما للضغط على إسرائيل، كما ستضع نتنياهو تحت ضغط كبير، وتحد من قدرته على التنقل، كما أنها تضع مصداقية المجتمع الدولي على المحك.
قرار المحكمة الجنائية الدولية الأخير بحق نتنياهو وغالانت، في ظل الانتفاضة الأمريكية ضده، ربما لا يتجاوز عتبة الخطوة الرمزية، وسيضاف إلى أرشيف القرارات الدولية السابقة، التي باتت طي النسيان لأنه لا توجد قوة قادرة على إنفاذها
ومن ناحية أخرى، هناك من يرى أن قرار المحكمة الجنائية الدولية ستكون له آثار بعيدة المدى على الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأوروبية، التي تزود إسرائيل بالسلاح.
لكن تجارب الواقع وشواهد التاريخ الحديث، تؤكد أن الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأوروبية الداعمة لإسرائيل، هم أول من يطيح بقرارات الشرعية الدولية، ويضربون بها عُرض الحائط.
كثيرا ما يتم الحديث عن النظام القائم على القواعد، فهل يوجد حقا نظام دولي قائم على القواعد، إذا كانت تلك القواعد تنطبق على البعض دون البعض الآخر؟
الحقيقة أن الأمريكيين والأوروبيين ينظرون إلى النظام القائم على القواعد على أنه النظام الذي تتحكم فيه الولايات المتحدة، وليس النظام الذي تخضع فيه جميع الدول -بما فيها حلفاء واشنطن- للقواعد على قدم المساواة، بحسب تعبير "تاريتا بارسي" رئيس معهد كوينسي في واشنطن.
ختاما
إن قرار المحكمة الجنائية الدولية الأخير بحق نتنياهو وغالانت، في ظل الانتفاضة الأمريكية ضده، ربما لا يتجاوز عتبة الخطوة الرمزية، وسيضاف إلى أرشيف القرارات الدولية السابقة، التي باتت طي النسيان لأنه لا توجد قوة قادرة على إنفاذها.