نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للكاتبة، لامورنا آش، قالت فيه إنه "ليس من الدقة القول إن الهجوم السيبراني على المكتبة البريطانية، وقع في 28 تشرين الأول/ أكتوبر 2023. أخبرني إنريكو ماريكونتي، المحاضر في مجال الأمن وعلوم الجريمة في جامعة UCL لندن، إنه على الأرجح، أن عصابة ريسيدا (Rhysida)، وهي عصابة القرصنة التي نظمت الهجوم ويعتقد أنها روسية، كانت تزحف عبر الأراضي الرقمية للمكتبة البريطانية لعدة أشهر دون أن يتم اكتشافها".



وأضافت: "بمجرد اختراق الشبكة الافتراضية الخاصة للمكتبة (VPN)، وهو الاتصال عن بعد الذي يسمح للموظفين بالوصول إلى شبكتها من أي مكان، يمكنها من الناحية النظرية البدء في شق طريقها عبر باب مغلق بعد باب مغلق لأنظمة المكتبة العديدة عبر الإنترنت، وتتصيد، حتى اكتشفت رسائل البريد الإلكتروني والمستندات التي تحتوي على تفاصيل مثل صور جوازات سفر الموظفين وعقود العمل".
وكانت تأمل في أن تغري هذه المستندات مُزايدا بدفع 20 عملة بيتكوين (حوالي 600 ألف جنيه إسترليني) للحصول على امتياز الوصول إلى كل تلك المعلومات الشخصية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه: "في النهاية، بعد أن رفضت المكتبة البريطانية دفع فدية قدرها 600 ألف جنيه إسترليني، نشر المتسللون ما يقرب من 500 ألف ملف لما وصفوه بالبيانات المسروقة "الحصرية والفريدة والمثيرة للإعجاب" ليتمكن أي شخص من تنزيلها مجانا عبر الويب المظلم". 

وتابعت: "قد تبدو صورة آثار هجوم ريسيدا في تشرين الأول/ أكتوبر على النحو التالي: مكتبة وطنية من عصر ما قبل العصر الرقمي، لا توجد شبكة WiFi، ولا إمكانية الوصول إلى الكمبيوتر، حتى خطوط الهاتف مقطوعة. عدا عن أن هناك اختلاف حاسم واحد، وهو أنه لا يمكن لأحد حتى الاستفادة من مجموعة المكتبة البريطانية الهائلة التي تضم 170 مليون مادة".


وبعد مرور ثلاثة أشهر، لا تزال المكتبة في المراحل الأولى من تعافيها، ولا تزال العديد من خدماتها وأنظمتها معطلة. هجوم ريسيدا، وفقا لكياران مارتن، وهو الرئيس التنفيذي السابق للمركز الوطني للأمن السيبراني، هو "واحد من أسوأ الحوادث السيبرانية في التاريخ البريطاني".

وأكدت: "لقد ولت منذ زمن طويل أيام المتسللين المنفردين الذين اخترقوا أنظمة أمان الكمبيوتر للحصول على حقوق التفاخر والتشدق، مثل المراهقين ذوي الشعر الأبيض في فيلم Hackers عام 1995. في شباط/ فبراير 2022، تم تسريب سنوات من الرسائل الداخلية من مجموعة روسية لبرامج الفدية، مما يوفر نافذة على الديناميكيات اللوجستية لمجموعات المتسللين". 

وكان لدى المجموعة المعنية في كثير من الأحيان أكثر من 100 موظف، كل منهم يعمل عن بعد على الأجزاء المتحركة المختلفة للهجمات الإلكترونية المخطط لها بدقة. تم توزيع القوى العاملة لديها على العديد من الإدارات، ولكل منها ميزانيتها الخاصة، وكان لديها قسم مخصص للموارد البشرية. في السنوات القليلة الماضية، توسعت الجريمة السيبرانية من صناعة منزلية إلى شبكة إجرامية ماهرة ومتخصصة.

ريسيدا هي مجموعة تقدم خدمات برامج الفدية. وهذا يعني أنه يمكن لأي شخص التعاقد معها لاستهداف ضحية من اختياره. ولا يحتاج عملاؤها إلى أي فهم أصلي للجرائم الإلكترونية، لأن ريسيدا ستتولى المهمة الثقيلة. فهي تكتشف كيفية اختراق الشبكة الخاصة للضحية، وجمع المعلومات، ثم تشفير بيانات الضحية وإرسال مذكرة الفدية، بعد أن يقرر مسبقا رقما سيكون كبيرا ولكنه ليس كافيا لإفلاس الضحية. وبعد ذلك، يقوم بالاتصال بالضحية من خلال بوابة الرسائل، مع تزويد الزبون بتحليل مفصل للتقدم.


وتتنوع دوافعها. أخبرني ماريكونتي أنه يعتقد أن الهجوم الإلكتروني الذي تعرضت له المكتبة البريطانية كان على الأرجح عملية "استعراضية". تعمل الهجمات رفيعة المستوى كإعلان للزبائن المحتملين. 

وقال ماريكونتي: "إنها تقول: 'مرحبا، نحن قادرون على مهاجمة مؤسسة كبيرة. تعالوا إلينا، أعطونا المال، وسنأخذ ما تريدون'". ثم هناك العنصر الانتهازي. تعد المكتبة البريطانية موقعا مهما للغاية للمعرفة، ولكن على عكس NHS أو GCHQ، فإن انتهاك أمنها السيبراني لن يسبب تهديدا مباشرا للسلامة العامة، لذلك هناك حوافز أقل للحكومة لتحسين أنظمة تكنولوجيا المعلومات لديها.

إلى ذلك، بدأ مستقبل الجرائم الإلكترونية مثل أي سباق تسلح آخر. هناك العديد من مجموعات القراصنة التابعة لروسيا، والتي لا تميل إلى تنفيذ هجمات على بلادها (في الواقع، العديد من سلالات البرامج الضارة لا تعمل حتى على أجهزة الكمبيوتر الروسية). 

وتلخص كبيرة مراسلي الأمن السيبراني سابقا في صحيفة نيويورك تايمز، نيكول بيرلروث، المبادئ التوجيهية الروسية للقراصنة على النحو التالي: "أولا، لا قرصنة داخل الوطن الأم. وثانيا، عندما يطلب منك الكرملين معروفا، عليك أن تفعل كل ما يطلبه منك". وفي الوقت نفسه، في بريطانيا، أدى افتقار الحكومة إلى الاستثمار في الأمن السيبراني إلى تحويل البلاد إلى هدف مفتوح للمعتدين المحتملين (في العام الماضي، نشرت وزارة الخزانة إعلانا عن وظيفة لرئيس الأمن السيبراني براتب يبدأ من 50 ألف جنيه إسترليني، ولكن متوسط الراتب للعاملين في مجال الأمن السيبراني في القطاع الخاص ضعف هذا الرقم تقريبا).

ثم هناك التكلفة الخفية الأخرى التي تكمن خلف سباق التسلح هذا: ألا وهي تأثيره البيئي. يتطلب تشغيل الخوادم التي تقوم ببناء البرامج الضارة أو الدفاع ضد مثل هذه الهجمات انبعاثات كربونية هائلة. في عام 2020، تمكنت شركة أمريكية للأمن السيبراني من فك تشفير البرامج الضارة التي منعت شركة تصنيع التكنولوجيا من الوصول إلى بياناتها في غضون ساعات قليلة باستخدام ما يقرب من 100 خادم كمبيوتر سحابي. ويقال إن السحابة لديها الآن بصمة كربونية أكبر من صناعة الطيران.

سألت البروفيسور ماريكونتي، عما إذا كان الحل للتهديد العالمي المتزايد الناجم عن الهجمات السيبرانية هو إنشاء حدود داخلية أقوى داخل الإنترنت، بحيث تصبح جدران الحماية في كل دولة أكثر تشابها مع تلك الموجودة في الصين، التي تحظر خوادمها قدرا كبيرا من حركة المرور الدولية والمواقع الدولية. 


فأجاب: "هذا يتعارض مع منطق الإنترنت. لقد وُلدت شبكة الإنترنت من فكرة القدرة على التواصل دون قيود في جميع أنحاء العالم". وهذه الخاصية ذات الوجهين كانت موجودة منذ بداية الإنترنت: حرية التجول بلا حدود، واحتمال إساءة استخدام مثل هذه الحرية.

وأبرزت الصحيفة نفسها، أن "كل ذلك الوقت الذي قضاه قراصنة ريسيدا يتحركون بحرية عبر شبكات المكتبة البريطانية، بينما كنا في الأسفل في غرف القراءة الفعلية، غافلين عن وجودهم، أتساءل عما إذا كانوا قد فكروا يوما في مفارقة هجماتهم". 

وأردفت: "إن الظروف نفسها التي سمحت لهم بمزاولة تجارتهم عبر السهول المفتوحة للفضاء الإلكتروني هي تلك التي يهدفون الآن إلى إساءة استخدامها، من خلال إغلاق إمكانية الاتصال وتبادل المعرفة، وسرقة المعلومات وتشفيرها، وإجبار المستخدمين على إعادة شراء بياناتهم أو فقدان تلك البيانات، وتركيع المؤسسات الحيوية مثل المكتبات ــ التي تحمي وتشارك كل هذه المعرفة ليتمكن أي شخص من الوصول إليه".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية المكتبة البريطانية لندن الشبكة الافتراضية لندن الشبكة الافتراضية المكتبة البريطانية المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأمن السیبرانی الوصول إلى العدید من

إقرأ أيضاً:

طلاب الجامعة البريطانية يلتقون بالسفير المصري خلال تواجدهم في المملكة المتحدة

التقى عدد من طلاب الجامعة البريطانية في مصر، من كليات الاتصال والإعلام وإدارة الأعمال، والقانون والهندسة والآداب والإنسانيات. 

جاء ذلك خلال خلال تواجدهم في المملكة المتحدة، بالسفير شريف كامل، سفير مصر لدى المملكة المتحدة، بمقر السفارة المصرية فى لندن، وذلك بمناسبة مشاركتهم في برنامج التبادل الطلابي والرحلات الصيفية العلمية التي تنظمها الجامعة البريطانية لطلابها بالتعاون مع جامعة لندن ساوث بانك بالمملكة المتحدة.

حوار طلاب جامعة النت وسفير مصر فى لندن

وأدار سفير مصر فى لندن حوارًا مع  طلاب الجامعة البريطانية، طرحوا خلاله انطباعاتهم عن دراستهم في المملكة المتحدة، وبرامج التبادل الطلابي الصيفية التي توفرها الجامعة لهم، بالإضافة إلى الحديث عن زيارة الطلاب لجامعة "لندن ساوث بانك"  أحد أكبر الجامعات البريطانية، التي تساهم في صقل مهاراتهم مما يعد فرصة حقيقية لاكتساب خبرات جديدة. 

وأبرز السفير كامل أهمية مثل هذه الزيارات الخارجية فى صقل مهارات الطلبة وإضافة الخبرات إلى دراستهم الجامعية وتوسيع دائرة معرفتهم وتأهيلهم لحياتهم العملية. 

يشار إلى أن هذه الزيارة تأتي تنفيذًا لإستراتيجية الجامعة البريطانية في مصر لإشراك الطلاب في العملية التعليمية والتعليم بالممارسة والتدريب، وخوض التجارب الثقافية العالمية لاكتساب مهارات متقدمة والاطلاع على ثقافات البلدان الأخرى والاستفادة منها.

جديرًا بالذكر، أن الجامعة البريطانية في مصر برئاسة الأستاذ الدكتور محمد لطفي، تطبق نظام التعليم البريطاني، كما تمنح خريجيها الشهادات المزدوجة المعتمدة من المجلس الأعلى للجامعات المصرية ومن الجامعات الأجنبية الشريكة للجامعة البريطانية في مصر وهم  (London South Bank University & Manchester Metropolitan University & Queen Margaret University)، كما تتيح لطلابها فرصة قضاء فصل دراسي بالخارج بالجامعات الشريكة.

مقالات مشابهة

  • الأجسام الطائرة المجهولة: بحث جديد يكشف أسرار مشاهدات غامضة في بريطانيا
  • البرهان يشيد بتضحيات القوات المسلحة السودانية في سبيل الدفاع عن الأرض والعرض
  • قراصنة صينيون يستغلون Cisco Switches Zero-Day لتوصيل البرامج الضارة
  • مكتبة الملك فهد الوطنية تُعرّف بخدماتها في معرض سيئول للكتاب
  • طلاب الجامعة البريطانية يلتقون بالسفير المصري خلال تواجدهم في المملكة المتحدة
  • مكتبة الملك فهد الوطنية تُعرّف بخدماتها في معرض سيؤول للكتاب
  • طلاب الجامعة البريطانية يلتقون بالسفير المصري في لندن
  • المكتبة المتنقلة تطوف قرى ومراكز محافظة المنيا
  • المكتبة الوطنية الروسية تضم 17 مليون إصدار و800 ألف كتاب إسلامي
  • أبو الغيط يكشف سبب عدم تسميته 25 يناير بالثورة.. وسر غضب المصريين من الإخوان