الإسراء والمعراج رحلة تخطت حدود الزمان والمكان ..السّحار: البراق موكب إلهى يليق بمقام النبى الكريم.. ومصطفى الرافعى: الاكتشافات العلمية الحديثة تقودنا للإقرار بهذه المعجزة
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
أعلنت دار الإفتاء عن موعد ليلة الإسراء والمعراج الذي يوافق اليوم الأربعاء 7 من فبراير، ليكون هذا اليوم على موعد للاحتفال بإحدى المعجزات التي حدثت مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أسري به من المسجد الحرام بمكة إلى القدس ليصلي بالأنبياء أجمعين ومن بعدها يُعرج به إلى السماء السابعة وكل هذا لم يستغرق وقتا ولا زمنا طويلا، فهذه الرحلة هي من الأحداث البارزة في تاريخ الدعوة الإسلامية، حتى إن قبيلة قريش لم تصدق بها واستهانت بها، عندما أبلغهم محمد صلى الله عليه وسلم بها وما حدث معه فكذبه الكثيرون فلا يكاد يوجد عقل يُصدق ما حدث فما يقوله النبي يعجز العقل البشري عن تصديقه.
الاديب عبدالحميد جودة السحار
إن الأديب عبدالحميد جودة السحار تناول قضية ليلة الإسراء والمعراج، فتحدث عن هذه الرحلة ويصفها فيقول عنها: إنها رحلة استهوت أهل الأرض وحركت الخيال؛ ليتصور ما يشاء من الأعاجيب، ولما كان علم ذلك الزمان محدودا عن الكون والفضاء والسماوات العلى، فلم تستطع علومهم أن تمد أخيلتهم إلا ببعض ما لمسوه في حياتهم وما تمنته عقولهم التي كانت ترى أن النعيم أنهار وظل ظليل، وأن وسيلة الانتقال بين الأرض والسماء لا يمكن أن تكون غير دابة فوق الحمار ودون البغل تسير بسرعة البرق، وقد عبروا عنها بالبراق يضع حوافره عند منتهی طرفه، ولم يستطيعوا أن يتصوروا السماوات غير تصورهم للأرض فجعلوا لها أبوابا تدق.
إن آية الإسراء لم تذكر أنه كان محمولا على شيء، إنه كان يسبح في الفضاء بقدرة الله التي لا تحد بعد أن أصبح حقيقة كونية في غير حالتها الأرضية الناقصة، فإن كان قد قيل إنه ركب البراق فقد يكون المقصود البرق أو أي قوة كهربية، ولا يمكن في حالة إسراء الله بعبده أن تجرى أحكام الحواس ولا أحكام المادة.
وقيل في حكمة ركوب البراق مع أن الله قادر على أن يطوى الأرض له طيا: إن ذلك كان تأنيسًا له بالعادة في مقام خرق العادة، لأن العادة جرت أن الملك إذا استدعى من يختص به بعث إليه بمركب سنى يحمل إليه في وفادته إليه، فعامله الله تعالى بذلك تأنيسا له وتعظيما.
استقبال ملك الملوك لرسوله
وأقول أين استقبال ملوك الأرض للوافدين عليهم من استقبال ملك الملوك لرسوله ؟ فإذا كان ملوك الأرض يبعثون بعثات الشرف لاستقبال زائريهم وطيارات لتحيتهم في الجو، أفيبعث الملك الجبار تأنيسا لرسوله وتعظيما دابة فوق الحمار ودون البغل ؟ وإذا أراد أن يعرج به إلى السماء ليريه من آياته الكبرى أيقيم له سلما يصعد فيه ، ومن حولنا ٣٠٠ بليون سلم تحيط بنا من كل جانب هي الذبذبات التي أصبحت معروفة في وقد أظهر المنكرون للإسراء دهشتهم من ذهاب الرسول عليه السلام إلى بيت المقدس وعودته إلى مكة فى ليلة واحدة وهنا نقف قليلا لنسأل: ما الزمن؟ إننا إذا تخلصنا من هذه الأرض المادية واحتللنا مكانا مستقلا لا يربطنا بجاذبيتها ولا بقوانينها سوف لا نشعر بالزمن الذي تعودنا عليه، ولا يصبح للعمر أو للفناء لدينا أى معنى. إننا عندئذ لا نعرف سوىـ اللازمن- أي الخلود- لا ماض ولا مستقبل ولكن الحاضر وحده هو الذي نعيش فيه.
بين "السّحار" إن الإسراء كان بالجسد والروح ما في ذلك شك وأن الله سبحانه وتعالى قد أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام وأراه آياته الكبرى في السماوات العلا، وأن الرسول- قد رأى سدرة المنتهى وقد غشيها نور الله، وقد أوحى الله إليه الصلوات الخمس، وقد انتهت الرحلة العجيبة عند بيت المقدس ولو كانت قد تجاوزت المسجد الأقصى لذكر ذلك القرآن الكريم وأعتقد أن الرسول لم يكثر من الحديث عن الإسراء وإن كان القصاص قد رووا أحاديث عنه جمعها الذهبي في مجلدين، لأن العجائب التي رآها كانت فوق تصور رجال عصره، بل لعلها تكون فوق.
تصور الناس في أي عصر، فاتساع الكون الذي زاره غير محدود أو محدود ولكن قطره يقاس ببلايين السنين الضوئية إن الإسراء معجزة تفوق تصور عقول البشر في كل عصر، فلا الطائرات ولا الصواريخ ولا أى من المخترعات الحديثة أو مخترعات المستقبل حتى يرث الله الأرض ومن عليها تستطيع أن تعطينا صورة صحيحة عن إسراء الله بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى أما ما يروى من أحاديث عن الإسراء فهي من اختراع القصاص، وفى رأيي أن أغلب هذه الأحاديث نتاج عقول تصورت ملكوت الله على قدر علمها، وهي أول قصة أدبية إسلامية استوحيت من آيات الإسراء والنجم، وقد اشترك في تأليفها أكثر من مؤلف، وكانت مصدر إلهام أبى.. العلاء المعرى لما كتب رسالة الغفران، وكانت رسالة الغفران وحى دانتي عندما كتب الكوميديا الإلهية "جحيم دانتي".
وحي القلم
الاديب مصطفى صادق الرافعي
يرى مصطفى صادق الرافعي في كتابه "وحي القلم" أن قصة الإسراء والمعراج هي من خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هذا النجم الإنساني العظيم؛ وهو النور المتجسد لهداية العالم في خيرة ظلماته النفسية؛ فإن سماء الإنسان تظلم وتضيء من داخله بأغراضه ومعانيه. والله- تعالى- قد خلق للعالم الأرضي شمساً واحدة تنيره وتحييه وتتقلب عليه بليله ونهاره، بيد أنه ترك لكل إنسان أن يصنع لنفسه شمس قلبه وغمامها وسحائبها وما تسفر به وما تُظلم فيه. ولهذا سمي القرآن نوراً لعمل آدابه في النفس، ووصف المؤمنون بأنهم "في كتابه الكريم "يَسْعَى نُورهم بين أَيدِيهِم وبِأيمانهم"، وكان أثر الإيمان والتقوى في تعبير القرآن الكريم أن يجعل الله للمؤمنين نورا يمشون به.
يرى الرافعي أن يكاد ينقضي عجبه هوقول الله تعالى: "لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا"، فمع أَن الألفاظ كما ترى مكشوفة واضحة، يُخيل إليك أن ليس وراءها شيء، ووراءها السر الأكبر؛ فإنها بهذه العبارة نص على إشراف النبي فوق الزمان والمكان يرى بغير حجاب الحواس مما يرجعه إلى قدرة الله لا قدرة نفسه؛ بخلاف ما لو كانت العبارة: ليرى من آياتنا فإن هذا يجعله لنفسه في حدود قوتها وحواسها وزمانها ومكانها، فيضطرب الكلام، ويتطرق إليه الاعتراض ولا تكون ثم معجزة وتحويل فعل الرؤية من صيغة إلى صيغة، فهو بعينه إشارة إلى تحويل الرائي من شكل إلى شكل، وهذه معجزة أخرى يسجد لها العقل.
صعود القمر برهان على الإسراء والمعراج
ويقول الرافعي أيضا إنه إذا كان النبي محمد نجماً إنسانيا في نوره، فلن يأتي هذا إلا من غلبة روحانيته على مادته؛ وإذا غلبت روحانيته كانت قواه النفسية مهيأة في الدنيا لمثل حالتها في الأخرى؛ فهو في هذه المعجزة أشبه بالهواء المتحرك، وهنا نقول: أيُعترض على الهواء إذا ارتفع بأنه لم يرتفع في طيارة؟ ومن ثم كان الإنسان إذا سما درجةً واحدةً في ثبات قواه الروحية، سما بها درجات فوق الدنيا وما فيها، وسُخْرت له المعاني التي تُسخّر غيره من الناس، ونشأت له نواميس أخلاقية غير النواميس التي تتسلّط بها الأهواء، ومتى وُجد الشيء مِنَ الأشياء كانت طبائع وجوده هي نواميسه ؛ فالنار مثلاً إذا هي تضرمت أوجدت الإحراق فيما يحترق فإن وضع فيها ما لا يُحترق أبطل نواميسها وغلب عليها، وفي علماء عصرنا من يفكر في الصعود إلى القمر، وفيهم من يعمل المخاطبة مع الأفلاك، وفيهم من تقع لَه العجائب في استحضار الأرواح وتسخيرها، وكل ذلك أول البرهان الكوني الذي سَيُلزم العلمَ فيضطره في يوم ما إلى الإقرار بصحة الإسراء والمعراج.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: دار الإفتاء الإسراء والمعراج الإسراء والمعراج
إقرأ أيضاً:
الصوم الكبير.. رحلة روحية للتوبة والتجديد في الكنيسة الكاثوليكية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قال الأب لويس حزبون مع بداية زمن الصوم الأربعيني، يتساءل المؤمنون عن معنى هذه الفترة الروحية وقوانينها وفوائدها.
وفي هذا السياق، قدّم الأب لويس حزبون راعي كنيسة مار يوسف في القاهرة، رؤيةً لاهوتيةً وعمليةً للصوم الكبير، مستندًا إلى الكتاب المقدس وتعاليم الكنيسة الكاثوليكية.
الصوم ليس مجرد امتناع عن الطعام، بل هو "ضبط للجسد والنفس"، كما يوضح الأب حزبون، مشيرًا إلى أن كلمة "صوم" في اليونانية (νεστεια) تعني "الإمساك"، أي السيطرة على الرغبات وتوجيه القلب نحو الله.
وذكر أن الصوم في المسيحية يشمل ثلاثة أبعاد:
-الجسدي: الامتناع عن بعض الأطعمة.
-الروحي التوقف عن الخطيئة وتجديد العلاقة مع الله.
-الاجتماعي
ممارسة الصدقة والمصالحة مع الآخرين.
الصوم هو الاعتراف بأن الله هو مصدر حياتنا، وليس الخبز وحده"، يؤكد الأب حزبون مستشهدًا بإنجيل متى (4:4).
بحسب الأب حزبون، الصوم هو "شريعة إلهية" وُجدت منذ آدم، وثبّتها المسيح بقوله: "ستأتي أيامٌ يُرفع العريس منهم، فحينئذ يصومون" (متى 9:14). وأبرز أهدافه:
-تطهير الذات: كبح الرغبات المنحرفة وتحرير القلب من الأنانية.
-التقرُّب إلى الله: عبر الصلاة وقراءة الكتاب المقدس.
-خدمة الآخرين: بتقديم الصدقات ومساعدة المحتاجين، استنادًا إلى إنجيل متى (25:34-40).
الصوم كالطير لا يطير إلا بجناحَي الصلاة والصدقة"، يضيف الأب حزبون
ففي العهد القديم: كان الصوم مرتبطًا بأحداث كالكوارث أو التوبة، مثل صوم داود سبعة أيام عند مرض ابنه.
- في العهد الجديد: ربط المسيح الصوم بطرد الشياطين (متى 17:21) وإعداد التلاميذ للرسالة (أعمال الرسل 13:1-3).
-المدة: تتراوح بين يوم واحد (كصوم يوم الكفارة) و40 يومًا (كصوم موسى والمسيح).
-الصوم الواجب: يشمل الامتناع عن اللحوم أيام الجمعة، والصوم الكامل (وجبة واحدة) في أربعاء الرماد والجمعة العظيمة.
الصوم المستحب: كصوم الأربعاء والجمعة طوال السنة، أو الصوم القرباني قبل تناول الإفخارستيا بساعة.
-
الكنيسة الرومانية الكاثوليكية: تفرض الصوم خلال الأربعاء والجمعة من أسابيع الصوم، مع تفاصيل تختلف باختلاف الأبرشيات.
>"الكنيسة تحدد الحد الأدنى من الجهد الروحي لتحقيق الوحدة بين المؤمنين"، يشرح الأب حزبون.
ويختتم الأب حزبون بالتشديد على أن "الصوم اختبارٌ شخصي لا يُدرك معناه إلا بالممارسة"، مستشهدًا بقول القديس يوحنا فم الذهب: "اشحذ منجلك التي أتلفتها الشراهة بالصوم