الجزيرة:
2025-03-03@23:07:41 GMT

البصمة الكربونية لحرب غزة.. خطر بيئي يستلزم التدخل

تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT

البصمة الكربونية لحرب غزة.. خطر بيئي يستلزم التدخل

عادة ما ينصرف الحديث عن التأثيرات البيئية للحروب إلى الإشارة لما تخلفه من مواد كيميائية سامة تلوث التربة والمياه لعقود من الزمن حتى بعد توقف القتال، ولكن الاهتمام العالمي مؤخرا بقضايا "تغير المناخ" -لاسيما بعد الأحداث المناخية المتطرفة التي وقعت خلال السنوات الخمس الماضية- ساهم في فتح "الصندوق الأسود" لمساهمات الحروب في انبعاثات الكربون، وتأثيراتها طويلة الأمد على المناخ.

وبينما وجد باحثون في الحرب الروسية الأوكرانية نموذجا عمليا لبيان حجم التأثير الذي تحدثه الحروب، وطالبوا قبل نحو عامين في تقرير أعدته "مبادرة حساب الغازات الدفيئة للحرب الروسية الأوكرانية" (رابطة لخبراء المناخ يقومون بتقدير تأثير الحرب على المناخ)، بإضافة بنود إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تتضمن الانبعاثات العسكرية، فإن الحرب الإسرائيلية على غزة التي أعقبت السابع من أكتوبر/تشرين الأول، جاءت لتدعم هذا المطلب بعد أن كشفت دراسة حديثة لباحثين بريطانيين وأميركيين عن حجم هائل من الانبعاثات خلفته تلك الحرب في شهورها الأولى.

وخلفت الحرب الروسية الأوكرانية في سنتها الأولى 120 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، وهذا يعادل تقريبا الانبعاثات السنوية لبلجيكا، وفق التقرير الذي أصدرته مبادرة حساب الغازات الدفيئة. بينما كشفت الدراسة بشأن حرب غزة التي نشرت بموقع ما قبل طباعة الأبحاث (سوشيال سيانس ريسيرش نيتورك) عن حجم هائل من الانبعاثات خلال الشهرين الأولين فقط يفوق البصمة الكربونية السنوية لأكثر من 20 دولة من أكثر دول العالم في الانبعاثات.

الغالبية العظمى من الانبعاثات من ثاني أكسيد الكربون تولدت في أول 60 يوما من الحرب على غزة (الفرنسية) مسؤولية القصف الجوي الإسرائيلي

وعزت الدراسة الغالبية العظمى من الانبعاثات (99%) -من 281 ألف طن متري (الطن المتري يساوي 1000 كلغ) من ثاني أكسيد الكربون، تولدت في أول 60 يوما من الحرب- إلى القصف الجوي الإسرائيلي والغزو البري لغزة، وكان ما يقرب من نصفها بسبب طائرات الشحن الأميركية التي تنقل الإمدادات العسكرية إلى إسرائيل.

ووفقا للدراسة التي تعتمد على عدد قليل فقط من الأنشطة كثيفة الكربون، وبالتالي ربما تكون أقل من الواقع بشكل كبير، فإن كلفة المناخ خلال الأيام الـ60 الأولى من الهجوم العسكري الإسرائيلي كانت تعادل حرق ما لا يقل عن 150 ألف طن من الفحم.

وولدت الصواريخ التي أطلقتها حماس على إسرائيل في الفترة نفسها نحو 713 طنا من ثاني أكسيد الكربون، وهو ما يعادل حوالي 300 طن من الفحم، مما يؤكد عدم التماثل في آلية الحرب لدى كل جانب.

ويتضمن التحليل الذي نشرته الدراسة، ثاني أكسيد الكربون الناتج عن مهمات الطائرات والدبابات والوقود من المركبات الأخرى، بالإضافة إلى الانبعاثات الناتجة عن صنع وتفجير القنابل والمدفعية والصواريخ، ولا يشمل الغازات الأخرى المسببة للاحتباس الحراري مثل الميثان، لذلك فإن الدراسة لا تعطي سوى صورة جزئية لانبعاثات الكربون الهائلة والملوثات السامة الأوسع التي ستبقى لفترة طويلة بعد انتهاء القتال، كما يقول بنجامين نيمارك أحد كبار المحاضرين بجامعة كوين ماري البريطانية في تقرير نشرته صحيفة غارديان البريطانية في يناير/كانون الثاني الماضي.

الدراسة المشتركة لباحثين بريطانيين وأميركيين شددت على أن انبعاثات حرب غزة يجب ألا تمر دون مساءلة (شترستوك) تلوث بلا عقاب

وأوضح نيمارك الذي قاد الدراسة بمشاركة باحثين من جامعة لانكستر، ومشروع المناخ والمجتمع وهو مركز أبحاث لسياسات المناخ مقره الولايات المتحدة: أن "هذه الانبعاثات يجب ألا تمر دون مساءلة، وأن الاستثناء البيئي الذي تتمتع به الجيوش والذي يسمح لها بالتلوث مع الإفلات من العقاب يجب أن يتوقف".

ولفت نيمارك الانتباه إلى أن المساءلة الدولية عن هذه الانبعاثات، تأتي بعد أن يتم إضافة بنود واضحة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والانبعاثات العسكرية، والتي يجب أن تشمل أيضا الانبعاثات التي ستنتج عن إعادة الإعمار.

ويقدر البحث الجديد أن كلفة الكربون لإعادة بناء 100 ألف مبنى متضرر في غزة باستخدام تقنيات البناء المعاصرة؛ ستولد ما لا يقل عن 30 مليون طن متري من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وهذا يعادل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية في نيوزيلندا وأعلى من 135 دولة ومنطقة أخرى بما في ذلك سريلانكا ولبنان وأوروغواي.

ورغم اقتناع نيمارك وغيره من الباحثين -الذين درسوا البصمة الكربونية للحروب- بضرورة إدراج العواقب المناخية للحروب في الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ، فإن الخبير المصري والمنسق الوطني السابق لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ هشام عيسى، يوضح أن هذه المطالب، وإن كانت قد تجددت وأصبحت أكثر قوة بعد حرب غزة، فإنها ليست جديدة.

دراسة: إعادة بناء 100 ألف مبنى في غزة سيولد نحو 30 مليون طن متري من الغازات المسببة للاحتباس الحراري (رويترز)

ويقول في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت": "حرب غزة أكدت المطالب السابقة، ولكن الخبرة الماضية تشير إلى أن هناك صعوبات في تقدير البصمة الكربونية العسكرية، لذلك دائما ما تتجنب سكرتارية مؤتمرات الأطراف الخاصة باتفاقية المناخ إدراجها في المفاوضات، ويقتصر الحديث عنها في فعاليات يتم تنظيمها في المنطقتين الخضراء والزرقاء خلال القمة، وهما المخصصتان للأنشطة والندوات".

ووصف عيسى الحديث عن البصمة الكربونية للحروب بأنه "أمر عبثي" ومحاولة لدفع قضية الحروب لمنطقة هامشية، وتساءل ساخرا: "هل ستكون الحرب مقبولة عندما يتم قتل الناس بطريقة صديقة للبيئة".

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، آثار هذه النقطة عندما علق في أحد خطاباته على مساعي إدارة الرئيس بايدن لجعل الآليات العسكرية تعمل بالطاقة النظيفة، حيث قال ساخرا: "الدبابات إذا كانت كهربائية، فإنها ستفجر الجحيم في البلد الذي تذهب إليه، لكن على الأقل ستقوم بذلك بطريقة صديقة للبيئة".

سبب إضافي لوقف الحرب

وعلى النقيض من الرأي السابق، يرى الأمين العام لاتحاد خبراء البيئة العرب مجدي علام، أن الحديث عن البصمة الكربونية لحرب غزة، هو سبب إضافي للدفع بضرورة وقفها.

وقال في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت": "الحديث عن البصمة الكربونية لحرب غزة محاولة للفت انتباه الدول الأخرى بأن الآثار المدمرة لتلك الحرب ستصلكم عبر مساهمة انبعاثاتها في تغير المناخ العالمي".

رئيس تركيا أردوغان في قمة المناخ (كوب 28): مناقشات تغير المناخ ينبغي ألا تستبعد قصف إسرائيل المستمر لغزة (رويترز)

ويحمّل علّام الولايات المتحدة مسؤولية إعاقة وضع البصمة الكربونية للحروب على جدول أعمال مفاوضات قمم المناخ، رغم أنها دائما ما تكون حاضرة في تصريحات رؤساء الوفود، وفي بعض الندوات والفعاليات في المنطقتين الزرقاء والخضراء بقمم المناخ.

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، والعاهل الأردني الملك عبد الله، شددوا خلال قمة تغير المناخ الماضية في دبي (كوب 28)، على أن المناقشات بشأن تغير المناخ ينبغي ألا تستبعد تأثيرات القصف الإسرائيلي المستمر لغزة.

وقال وزير الموارد الطبيعية والبيئة وتغير المناخ الماليزي نيك نظمي في تصريحات صحفية على هامش مشاركته بالقمة، إنه يجب تناول التأثير المناخي والبيئي للهجوم الإسرائيلي على غزة.

ولفت علام الذي كان عضوا في فريق شكله برنامج الأمم المتحدة للبيئة لتقييم حجم الدمار البيئي الذي أحدثه الجيش الأميركي في العراق، إلى أنه رغم غياب البيانات الرسمية عن البصمة الكربونية للجيوش في التقارير التي تُقدمها سنويا لاتفاقية الأمم المتحدة للمناخ، إلا أنه صارت لدى الفرق البحثية المعنية بهذه القضية بعض الأدوات التي يمكن استخدامها وتعطي تقديرات تقريبية.

كيف تُحسب البصمة الكربونية للجيوش؟

وفصل بنجامين نيمارك -الذي قاد دراسة البصمة الكربونية لحرب غزة- في الآلية التي تُستخدم لحساب البصمة الكربونية للجيوش في مقال نشره بموقع "ذا كونفرسيشن".

الانبعاثات المتولدة عن الحروب أربعة أنواع ولكل نوع طريقة لحسابه (رويترز)

وأوضح نيمارك أنه توجد أربعة أنواع من الانبعاثات، ولكل نوع طريقة لحسابه، وهي:

أولا: انبعاثات النطاق 1؛ وتشمل الانبعاثات المباشرة المسببة للاحتباس الحراري والناتجة عن الطائرات والآليات العسكرية، ونستطيع مثلا إذا عرفنا كمية الوقود التي يستهلكها نوع معين من الطائرات النفاثة لكل كيلومتر، البدء بتقدير كمية الكربون المنبعثة من أسطول كامل من تلك الطائرات خلال كمية معينة من المهام. ثانيا: انبعاثات النطاق 2؛ وتشمل انبعاثات غازات الدفيئة غير المباشرة المرتبطة بتشغيل الكهرباء أو البخار أو الحرارة أو التبريد، فمثلا عن طريق حساب الانبعاثات الناتجة عن حرق الغاز لإنتاج الكهرباء لإضاءة ثكنات عسكرية، نستطيع وضع تصور لحجم هذه الانبعاثات. ثالثا: انبعاثات النطاق 3؛ وتضم جميع الأنشطة غير الواردة في الأولى والثانية، وتشير إلى الانبعاثات في سلاسل التوريد العسكرية واسعة النطاق، وتتضمن الكربون المنبعث من أي شيء بدءا من تصنيع الأسلحة إلى تكنولوجيا المعلومات وغيرها من الخدمات اللوجستية. رابعا: انبعاثات النطاق 3 بلس؛ وتشمل كل شيء من الأضرار الناجمة عن الحرب إلى إعادة البناء في مرحلة ما بعد الصراع.

ومن خلال تقدير حجم هذه الأنواع الأربعة من الانبعاثات، استطاع نيمارك وزملاءه تقدير حجم البصمة الكربونية لحرب غزة، مستعينين بخبراتهم السابقة في تحديد حجم البصمة الكربونية للحرب الروسية الأوكرانية والهجوم الأميركي على العراق.

وكانت "انبعاثات النطاق 3 بلس" حاضرة في بحث نشره نيمارك وزملاؤه، تناول استخدام الجيش الأميركي للخرسانة في العراق من عام 2003 إلى عام 2011.

ويشير هذا البحث إلى أنه "أثناء احتلال الجيش الأميركي لبغداد، قام ببناء مئات الأميال من الجدران كجزء من إستراتيجيته لمكافحة التمرد في المناطق الحضرية، واستخدمها للحماية من الأضرار الناجمة عن القنابل التي زرعها المتمردون، ولإدارة تحركات المدنيين والمتمردين داخل المدينة عن طريق توجيه السكان عبر الطرق ونقاط التفتيش المصرح بها، وكان لهذه الخرسانة بصمة كربونية هائلة، حيث مثلت ما يقرب من 7٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، وكانت الجدران الخرسانية في بغداد وحدها بطول 412 كيلومترا (256 ميلا)، أي أطول من المسافة من لندن إلى باريس، وتسببت بانبعاث ما يقدر بنحو 200 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون وما يعادله من الغازات الأخرى، وهو ما يعادل تقريبا إجمالي انبعاثات عادم السيارات السنوية في المملكة المتحدة، أو كامل الانبعاثات لدولة جزرية صغيرة".

وعلى ذلك يرى علام، أن الإشكال يكمن في طريقة عرض المشكلة، ويختم بالقول: "عرضها في إطار المقارنات كما تفعل هذه الدراسات يجعلنا ندرك خطورتها، فهي ليست ضررا هامشيا لحرب غزة، لكنها تقع في قلب الأضرار، ويحب تأكيد ضرورة فتح هذا الصندوق الأسود".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: من ثانی أکسید الکربون الروسیة الأوکرانیة بشأن تغیر المناخ من الانبعاثات الأمم المتحدة الحدیث عن حرب غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

الميثانول الإلكتروني.. كيف يتم إنتاجه وهل يساعد في خفض الكربون؟

وعلى مستوى العالم، يعمل صناع السياسات وقادة الصناعة على تكثيف جهود إزالة الكربون من القطاعات “التي يصعب التخفيف منها” مثل الشحن والصناعة الكيميائية.

ورغم أن الكهربة قد دفعت بهذه العملية إلى الأمام في مجال سيارات الركاب والمباني وبعض الصناعات، فإنها تظل تشكل تحدياً كبيراً بالنسبة للتطبيقات كثيفة الطاقة وعالية الحرارة.


وهنا يبرز الميثانول الكهربي (إي ميثانول).

يتم إنتاج الميثانول الإلكتروني عن طريق الجمع بين الهيدروجين الأخضر وثاني أكسيد الكربون الملتقط، وله دورة كربون مغلقة: فهو لا ينبعث منه سوى ثاني أكسيد الكربون (CO2) الذي يلتقطه أثناء الإنتاج.


باعتباره وقودًا مستدامًا للشحن ومادة خام كيميائية، يوفر الميثانول الإلكتروني طريقًا لبعض أصعب تحديات إزالة الكربون.

السباق ضد الانبعاثات


تمثل الشحنات العالمية حاليًا حوالي 3% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، مع إمكانية ارتفاع هذه النسبة في حالة عدم اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.

استجابت المنظمة البحرية الدولية (IMO) باستراتيجيتها للغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي لعام 2023، مطالبة بخفض انبعاثات الشحن بنسبة 20% بحلول عام 2030، وتصعيدها إلى 70-80% بحلول عام 2040.

وفي الوقت نفسه، تمثل الصناعة الكيميائية، التي تعتمد بشكل كبير على الميثانول كمادة أولية للعديد من منتجاتها، قطاعًا آخر كثيف الانبعاثات يجب أن يعمل على تنظيف سلاسل التوريد الخاصة به بسرعة.

الدور المزدوج الذي يلعبه الميثانول الإيثيلي كوقود بحري ومادة خام كيميائية يتماشى تمامًا مع هذه المطالب العاجلة، فتعدد استخداماته يجعله حلاً ملموسًا في الأمد القريب يمكن دمجه في البنية الأساسية القائمة، وخاصة في الموانئ ومراكز التصنيع الكيميائي.

مسارات الإنتاج والفوائد البيئية
تتضمن عملية إنتاج الميثانول عادة 

ثلاث خطوات رئيسية:
 إنتاج الهيدروجين الأخضر: يتم إنتاج المادة الخام للهيدروجين من خلال التحليل الكهربائي للمياه باستخدام الطاقة المتجددة.

 التقاط ثاني أكسيد الكربون: يتم التقاط ثاني أكسيد الكربون من غازات المداخن الصناعية (مثل مصانع الصلب أو مصانع الأسمنت) أو مباشرة من الهواء، مما يقلل من الانبعاثات الإجمالية عند المصدر.

تخليق الميثانول: يتم دمج الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون في مفاعل تحفيزي تحت الضغط، مما يؤدي إلى إنتاج الميثانول مع الحد الأدنى من المنتجات الثانوية.

وتُظهِر التقييمات التي أجريت على منشآت تجارية مبكرة مثل فلاجشيب وان في السويد، أن الميثانول الإلكتروني قادر على تحقيق انبعاثات صافية منخفضة تصل إلى -1.3 كيلوجرام من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلوغرام من الوقود من خلال اعتمادات احتجاز الكربون، مما يجعله سلبي الكربون.

وحتى عند النظر في النقل والاحتراق ــ طريقة “البئر إلى الاستيقاظ” لتقييم الانبعاثات ــ يظل الميثانول الإلكتروني أنظف من الوقود الأحفوري.

محركات الطلب
ومن المتوقع أن تصبح صناعة الشحن أول مستخدم رئيسي للميثانول الإلكتروني، وبكثافة طاقة تبلغ 19.9 ميجا جول لكل كيلوجرام، فإنه يعمل في المحركات البحرية المعدلة ويناسب الطرق الطويلة.

وتتيح عمليات التحديث لأصحاب السفن تحديث أنظمة الوقود دون الحاجة إلى استبدال السفن بتكلفة باهظة.

ارتفعت طلبات السفن التي تعمل بالميثانول بنسبة 88% في عام 2023، مما يدل على الثقة المتزايدة في هذا القطاع.

وقد قامت شركات كبرى مثل ميرسك بالفعل بتكليف العديد من سفن الحاويات التي ستعمل بالميثانول؛ ومن المتوقع أن يخفض كل منها انبعاثات ثاني أكسيد الكربون السنوية بنحو مليون طن .

وعلاوة على ذلك، فإن المبادرات التي تمولها مؤسسة هورايزون أوروبا مثل POSEIDON تثبت كفاءة احتراق شبه كاملة وانبعاثات منخفضة بشكل كبير من أكسيد النيتروجين، وهو ما يؤكد الملف البيئي الواعد للوقود.

التصنيع الكيميائي
يعد الميثانول عنصراً أساسياً في عدد لا يحصى من العمليات الكيميائية، من البلاستيك إلى المنسوجات.

يمكن أن ينبعث من الإنتاج التقليدي ما يصل إلى 3 أطنان من ثاني أكسيد الكربون لكل طن من الميثانول، ولكن الميثانول الإلكتروني يمكن أن يكون بديلاً يزيل الكربون من سلسلة التوريد دون تغيير العمليات اللاحقة.

ومع ارتفاع أسعار الكربون ــ والتي من المتوقع أن تصل إلى 150 يورو للطن في أوروبا بحلول عام 2030 ــ تصبح الحجة الاقتصادية لصالح الميثانول الإلكتروني أكثر إقناعا.

التوسع والتكلفة


وعلى الرغم من التقدم الملحوظ، فإن الميثانول الإلكتروني يظل أغلى من نظيره الأحفوري بمرتين إلى ثلاث مرات، حيث تتراوح تكاليف إنتاجه حول 1000 دولار للطن المتري .

هناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى هذا التفاوت، بما في ذلك سعر الكهرباء المتجددة وكفاءة أجهزة تحليل المياه بالكهرباء.

مصانع الميثانول التقليدية الضخمة، والتي قد تكلف ما يصل إلى 2 مليار دولار ويستغرق بناؤها سنوات، تفسح المجال بشكل متزايد لمصانع الميثانول الإلكتروني المعيارية.

المصانع المعيارية والتصنيع الموزع


يمكن وضع هذه الأنظمة الأصغر حجماً والمقسمة إلى وحدات أقرب إلى مصادر ثاني أكسيد الكربون، مما يؤدي إلى خفض تكاليف النقل وتسهيل الطريق أمام التجمعات الصناعية لمشاركة البنية الأساسية لالتقاط الكربون.

ويعمل توجيه المفوضية الأوروبية بشأن التقاط الكربون وتخزينه على تعزيز مثل هذا التعاون، مما يشير إلى أن مستقبل الميثانول الإلكتروني قد يكمن في الشبكات الموزعة وليس في الشركات العملاقة المركزية.

ومن الأمثلة على التصميم المعياري وتكنولوجيا الالتقاط المتكاملة الجديدة مشروع UP-TO-ME الذي تموله مؤسسة Horizon Europe التابعة لمؤسسة ICODOS فهو يقرب الإنتاج من مصادر ثاني أكسيد الكربون ويحسن كل خطوة من خطوات العملية للمساعدة في خفض التكاليف الإجمالية، مما يوضح مسارًا قابلاً للتطبيق للتبني على نطاق واسع.

من أجل مستقبل خالٍ من الانبعاثات الكربونية
البيئة السياسية الداعمة تشكل أهمية بالغة لتحقيق اعتماد الميثانول الإلكتروني على نطاق واسع. ومن بين الروافع الرئيسية لذلك ما يلي:

 معايير انبعاثات دورة الحياة: يمكن للمنظمة البحرية الدولية والاتحاد الأوروبي اعتماد منهجيات “من البئر إلى الاستيقاظ” التي تعترف بالبصمة الكربونية القريبة من الصفر للميثانول الإلكتروني، ومكافأة الوقود منخفض الكربون بشكل فعال في الشحن العالمي.

 عقود الكربون مقابل الفروقات

من خلال ضمان سعر ثابت للكربون، تستطيع الحكومات الحد من مخاطر الاستثمار في المحطات الأولى من نوعها، ويستخدم نموذج H2Global في الدنمرك بالفعل آليات مماثلة لدفع الابتكار في مجال الهيدروجين والوقود الإلكتروني.

– الممرات البحرية الخضراء: إن تحديد الطرق ذات الأولوية (على سبيل المثال روتردام – شنغهاي) والمزودة بمرافق متخصصة للتزود بالوقود وتبسيط التصاريح يمكن أن يحفز الاستخدام على نطاق واسع.

كما تتزايد أشكال التعاون، فقد حفز قانون الصناعة الصفرية الصافية في الاتحاد الأوروبي إقامة شراكات عبر الحدود وأدوات استثمارية مثل مبادرة H2Global الألمانية، التي تعمل على تحفيز واردات الهيدروجين خصيصًا لإنتاج الوقود الإلكتروني.

وفي الوقت نفسه، تدير شركة نينجشيا باوفينج للطاقة الصينية أكبر مصنع في العالم لإنتاج الميثانول الإلكتروني بطاقة 600 ألف طن سنويا، وهو ما يسلط الضوء على قدرة التصدير المتنامية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ.

مستقبل الميثانول الإلكتروني


وتشير التوقعات إلى أن قدرة الميثانول الإلكتروني قد تتوسع بنسبة تزيد عن 20% سنويا على مدى العقد المقبل، مدفوعة بتفويضات السياسة، وتحسين التكنولوجيات، والطلب المتزايد من صناعات الشحن والمواد الكيميائية.

بحلول عام 2035، يتوقع الخبراء أن يتمكن الميثانول الإلكتروني من تلبية 60% من احتياجات قطاع الكيماويات من الميثانول، بشرط أن يواكب ذلك تسعير الكربون واستثمارات البنية التحتية.

ومع ذلك، فإن النجاح يعتمد على ابتكار أجهزة التحليل الكهربائي، واحتجاز ثاني أكسيد الكربون، وتنسيق سلسلة التوريد.

وفي الأمد البعيد، يشكل دمج الطاقة المتجددة واحتجاز الكربون وإنتاج الميثانول مفتاحاً لخفض التكاليف وتعظيم الفوائد البيئية.

قد يأتي ظهور الميثانول الإلكتروني في الوقت المناسب في السباق نحو تحقيق صافي الصفر من خلال التحول العادل والشامل للطاقة.

بفضل التعاون القوي بين الحكومات والصناعة ومؤسسات البحث، يمكن للميثانول الإلكتروني أن يتوسع إلى ما هو أبعد من المشاريع التجريبية ليصبح محركًا قويًا للتغيير في قطاعاتنا الأكثر كثافة في الانبعاثات.

مقالات مشابهة

  • الميثانول الإلكتروني.. كيف يتم إنتاجه وهل يساعد في خفض الكربون؟
  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • السعودية تؤكد أهمية المنتجات المحلية في خفض البصمة الكربونية
  • ما بصمتنا الكربونية وكيف نخفف من أثرها؟
  • المنتجات المحلية تقلل البصمة الكربونية وتعزز الأمن الغذائي
  • ”البيئة“: شراء المنتجات المحلية يساهم في تقليل البصمة الكربونية
  • “البيئة” تؤكد دور المنتجات المحلية في تقليل البصمة الكربونية وتعزيز الأمن الغذائي
  • الخارجية الروسية: زيلينسكي خطر على المجتمع الدولي ويحرض بشكل غير مسئول لحرب كبرى
  • ترشيد مدلول العقيدة في تصوّر المسلمين يستلزم نظرا جديدا في المفردات