هل تسعى القاهرة لخلق جبهة مدنية سودانية موازية لتنسيقية «تقدم»؟
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
بحسب مصدر تحدث لـ (التغيير) فإن نقطة الاتفاق بين مصر والإمارات والسعودية هي استبعاد الإسلاميين من المشهد الا ان مصر تريد دورا أكبر للجيش ونفوذا لشخصيات أمنية وعسكرية مرتبطة بها.
التغيير: نيروبي: أمل محمد الحسن
أكدت مصادر سياسية سودانية وجنوب سودانية ومصرية متطابقة لـ (التغيير) سعي القاهرة لتنظيم ورش عمل لعدد من المكونات السياسية والمدنية خلال الأسبوع المُقبل من فبراير الجاري، يشارك فيها مسؤولون من حكومة جنوب السودان.
وأكدت المصادر مشاركة الكتلة الديمقراطية إلى جانب عدد من أعضاء أحزاب منضوية تحت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) إلى جانب مشاركة ممثلين للمجتمع المدني.
مصادر جنوب سودانية: مشاركة وزراء جنوبيين في ورشة القاهرة
وأفاد مصدر مطلع لـ (التغيير) أن المخابرات المصرية بالتعاون مع مستشار رئيس جنوب السودان للشؤون الأمنية توت قلواك ومدير جهاز المخابرات السوداني الأسبق المقيم بمصر صلاح قوش يعملون على تصنيع جسم مواز لتنسيقية (تقدم) لاستخدامه ككرت ضغط من قبل الحكومة المصرية لاشراكها في أي ترتيبات متعلقة بالسودان بعد الحرب.
وبحسب المصدر فإن نقطة الاتفاق بين مصر والإمارات والسعودية هي استبعاد الإسلاميين من المشهد الا ان مصر تريد دورا أكبر للجيش ونفوذا لشخصيات أمنية وعسكرية مرتبطة بها.
وكانت مصر صاحبة دور في تشكيل ما يسمى بـ “الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية” التي قوامها تنظيمات وشخصيات موالية لانقلاب 25 أكتوبر 2021 ومشاركة في اعتصام القصر الذي مهد للانقلاب.
فيما كشفت مصادر جنوب سودانية عن مشاركة المستشار الأمني لرئيس جنوب السودان توت قلواك إلى جانب الوزير ضيو مطوك في ورشة القاهرة.
نائبة رئيس حزب الأمة القومي مريم الصادق المهدينائبة رئيس حزب الأمة القومي: لا علم لي بمؤتمر القاهرة
وكانت تقارير صحفية أشارت إلى مشاركة نائبة رئيس حزب الأمة القومي مريم الصادق المهدي لكنها أكدت لـ (التغيير) عدم مشاركتها، وأبدت استغرابها من نشر صحف لخبر يتعلق بمشاركتها في مؤتمر لم تسمع بقيامه في الأساس.
وأضافت: “أنا مشغولة حاليا في التحضير لاجتماعات مؤسستي الرئاسة والتنسيق بحزب الأمة”.
من جهته نفى نائب رئيس حزب الأمة الفريق صديق اسماعيل مشاركته أيضا ردا على سؤال (التغيير)، إلا ان مصادر مطلعة أكدت لـ (التغيير) بأن الفريق صديق اسماعيل يقود تيارا داخل حزب الامة يطالب باشراك المؤتمر الوطني في أي ترتيبات لما بعد الحرب.
كما يطالب بدور أكبر لمصر وأن عددا من القيادات السياسية والمدنية البارزة المقيمة في مصر مشاركة في ترتيبات ورشة القاهرة المزمعة إلا أنها تحفظت على المشاركة العلنية تحسبا لاحتمالات فشل المخطط.
نائب رئيس حزب الأمة القومي ينفي مشاركته في مؤتمر القاهرة
اقصاء (تقدم)أكد عدد من قيادات (تقدم) لـ (التغيير) عدم تلقيهم دعوة للمشاركة في المبادرة المصرية، فيما اعتبرتها بعض المكونات الحزبية اجتماعات خاصة بالكتلة الديمقراطية.
وقال القيادي بحزب التحالف الوطني السوداني ماهر أبو الجوخ إن الكتلة الديمقراطية لم توجه لهم دعوة لحضور اجتماعاتها نسبة لعدم وجود أي صلة رسمية تجمعهم معها منذ اختطافهم لمسمى (الحرية والتغيير) واستخدامه لاعداد مسرح انقلاب اكتوبر.
مشيرا إلى استمرارهم فيما وصفه بـ “اختطاف المسمى” والتزوير بإضافة أطراف لم تكن تاريخيا جزء من الحرية والتغيير.
وعلى الرغم من عدم دعوة القاهرة لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) إلا أن عددا من المصادر السياسية أكدت سماح الحكومة المصرية لعدد من قياداتها بدخول أراضيها.
القاهرة تمارس ضغوطا على القوى السياسية عبر حرمانها من تأشيرة دخول أراضيها
حرمان وضغوطوكانت القاهرة تمارس ضغوطات على القوى السياسية بحرمانها من الحصول على التأشيرات لدخول أراضيها فيما يشبه التهديدات بإخطار بعض القيادات السياسية بأنهم غير مرحب بهم للعودة حال شاركوا في بعض الأنشطة السياسية التي لا تلقى ترحيب الجانب المصري.
من جهته استدرك الجوخ بأن هناك فرصة للالتقاء مع الكتلة الديمقراطية حال قررت الانخراط في جهود وقف الحرب والتوقف عن دعم استمرارها و”تسعيرها”.
ماهر أبو الجوخقيادي بحزب التحالف السوداني: الدور المصري لا يتجاوز منح التسهيلات لوصول المشاركين
وشكك القيادي بحزب التحالف الوطني السوداني في دعم مصر “الرسمية” للكتلة الديمقراطية متهما إياهم بإطلاق الدعايات لمنح انفسهم وزن إضافي حد تعبيره. وقال الجوخ لـ (التغيير) إن الدور المصري لا يتجاوز منح التسهيلات لوصول المشاركين في الاجتماع. مؤكدا أن الحرية والتغيير حصلت على ذات الامتياز أبان اجتماعاتها في يوليو ونوفمبر الماضيين.
وأعرب الجوخ عن استغرابه من تصريحات الكتلة الديمقراطية التي أعابت على الآخرين عقد اجتماعاتهم خارج السودان فيما قرروا دون سابق انذار الاقتداء بهم وكانوا يؤكدون بأنهم لن “يهربوا” ولن “يغادروا”. وأضاف: “هذا مؤشر لحدوث متغيرات داخلية ستكشف عنها مستقبل الأيام”.
ضبابية الرؤية المصريةتأثر مصر بالحرب السودانية كبير جدا على عدد من المستويات الأمنية والاقتصادية وتدفق الفارين من الحرب إلى حدودها، إلا أن موقف القاهرة السياسي من حرب السودان يتسم بعدم الوضوح بحسب الخبير الاستراتيجي المختص في الأزمات، محمد إبراهيم كباشي.
والذي أكد أن موقف الحكومة المصرية متردد بين دعم الجيش والتخوف من عودة الإسلاميين المتشددين للمشهد السياسي. وأضاف: “هناك عدد من المتغيرات في البحر الأحمر وحرب غزة وعودة العلاقات السودانية الايرانية جميعها عوامل تربك الإدارة المصرية وتجعلها غير قادرة على تكوين تصور متكامل بعد الحرب”.
خبير استراتيجي: مصر متأرجحة بين دعم الجيش والخوف من عودة الإسلاميين الراديكاليين
وبحسب الخبير الاستراتيجي فإن التحكم والسيطرة ميدانيا ستقلق مصر حتى حال الاتفاق على وقف اطلاق نار مشيرا إلى تولد أنواع جديدة من العنف فيما يشبه النموذج الليبي محذرا من أن توفر هذه البيئة ملاذات آمنة للجماعات الداعشية. وأضاف: “دون شك هذه الظروف ستشكل تهديدا للأمن القومي المصري”.
وحول استضافة ورش عمل تشارك فيها الكتلة الديمقراطية قال كباشي إن مصر لها تجربة سابقة مع هذا المكون السياسي في محاولة لتشكيل حاضنة سياسية للانقلاب العسكري مشيرا إلى تغيرات وانقسامات هائلة حدثت داخلها.
وأشار كباشي إلى أن وجود مصر في محادثات المنامة يؤكد اهتمامها بأن تكون حاضرة في تحضير المشهد ما بعد الحرب. وقال لـ (التغيير) إن أحد احتمالات مخرجات المنامة اقتسام سلطة بين الجيش والدعم السريع.
وأضاف: “الكتلة الديمقراطية مثلت الحاضة السياسية لطرفي الصراع بعد الانقلاب العسكري لكنه شكك أن تتمكن من القيام بذات الدور بعد الحرب وسط وجود متشددين ضد الدعم السريع داخلها”.
واتفق كباشي مع رأي القيادي بحزب التحالف السوداني الوطني حول أن مصر فتحت أبوبها للمجلس المركزي ما يؤكد محاولتها لتقريب الشقة بين المدنيين. وقطع في ختام حديثه لـ (التغيير) بأن الجانب المصري لديه مخاوف من اندلاع خلافات داخل الجيش نفسه وسط تجاذب الإسلام الراديكالي.
الوسومالقاهرة الكتلة الديمقراطية تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية(تقدم) حرب الجيش والدعم السريع مصرالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: القاهرة الكتلة الديمقراطية تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم حرب الجيش والدعم السريع مصر رئیس حزب الأمة القومی الکتلة الدیمقراطیة الحریة والتغییر بعد الحرب عدد من
إقرأ أيضاً:
حادثة لندن استهداف للثورة، وليس لتقدم فقط؟
صلاح شعيب
تسعى تقدم الآن لتكون فاعلة سياسياً وسط دوي مدافع الحرب الهادرة، ومرة أخرى تحاول أحزابها إقناع جماهيرها بأنها قادرة على معالجة أخطائها السابقة باختراق سياسي لإيقاف الحرب. فالفترة الانتقالية الأخيرة اختبرت تحالف الحد الادنى الثوري بما فيه الكفاية، وكذلك بينت القصور في العمل النظري والتطبيقي للتحالف الجبهوي المركزي بعد انقسامه. فنحن نعرف أنه عند مرحلة ما بعد ثورة أكتوبر تكاثرت المطامع الحزبية، وتعثر الحلم الديموقراطي، وتلاشى بالانقلاب ريثما. وهكذا أعدنا إنتاج الفشل المماثل في الديمقراطية الثالثة حين عجز التجمع الوطني الديمقراطي من تنفيذ شعارات الانتفاضة الجوهرية، وفي أعقاب ثورة ديسمبر شاهدنا الاستمرار في نهج التكتل الجماعي والفردي الذي عوق حكومة حمدوك الأولى. وعند الثانية لاحظنا كيف أن التحول من ما عديناه حكم التكنوقراط إلى حكم الأحزاب قد عوق كفاءة الجهاز التنفيذي، وانتهت المحاصصة إلى التخلي عن بعض أهداف الثورة، وكثرت الاستجابة للابتزاز الكيزاني. ولما طُبقت اتفاقية جوبا تبلور تكتل جديد أضعف المكون المدني، وتعالت من ثم سقوف المكون العسكري للانقضاض على الثورة.
بعد الحرب وجدت بعض مكونات قوى إعلان الحرية والتغيير في تقدم بديلاً للتخلص من تحالفها الأول. وبالتالي صار اسم تقدم يشير إليها ضمنياً مع إضافة لمنظمات المجتمع المدني المؤمنة بالتغيير وفقاً لقناعاتها. وقد سعت الأحزاب الرئيسية لتقدم لوراثة دور المكون المدني، والجذريين، وما اصطلحنا عليها بحركات الكفاح المسلح التي انضمت للمكون العسكري.
ومع ذلك اعترضت تقدم عوائق سياسية ذاتية وموضوعية جعلتها عاجزة عن سد الفجوة في الدور المدني أثناء الحرب، وغاب الوصول إلى توافق سياسي مع بقية القوى المدنية التي رفضت القناعة بأهمية الاتفاق الإطاري الذي سبق الحرب، وعليه تصعبت فرص توحيد جبهة قومية قوية لاستقطاب الرأي العام وتوظيف طاقته ضد الحرب.
زيارة وفد التنسيقية بقيادة حمدوك للندن يعد التحرك الدولي الأبرز بعد آخر تحرك إقليمي تمثل في زيارة مصر، والاستجابة لفكرتها القاضية بجمع تقدم مع الكتلة الديمقراطية. وفي المسافة الزمنية بين ذلك التحرك الإقليمي، وهذا الدولي الجديد، تشعبت حرب السودان، وتكاد تصل الآن إلى حرب أهلية مكتملة الأركان. ذلك بخلاف أنها زادت في أرواح القتلى المدنيين، والعسكرين، وعمقت المعاناة الإنسانية للسكان، والنازحين، واللاجئين، وأهاليهم في المهاجر أضعافا أضعاف. أي أن آلة الحرب صارت أمضى من أي تأثير لميكانيزم سياسي أو إعلامي مرافق للقتال. وهاهنا لاحظنا أن الرأي العام المعارض لم يسهم على الإطلاق في تعطيل هيجان الحرب. ومن الجانب الآخر لم يمتلك الرأي العام المؤيد للفريقين القدرة على تحقيق انتصار ساحق ضد بعضهما بعضاً.
من الصعب – أو قل من غير الموضوعي – تحميل تقدم، أو حمدوك، المسؤولية في الفشل في خلق أي اختراق لإيقاف الحرب في تحركاتهم المحلية، أو الإقليمية، أو الدولية. فنحن نعرف مسبقاً أن تقدم فصيل من فصائل المدنيين الذين فرقهم الاتفاق الإطاري، وجعلهم شذراً مذراً. وجاءت الحرب لتورطهم في خلافات، واتهامات، وعداءات، نلحظها في تصريحات بعض القياديين، وكذلك بين سطور الناشطين المدنيين.
ومع كل ذلك فإن تحركات تقدم السلحفائية، وحضور قياداتها المتباعد على مستوى الميديا – على كثرتهم – يعد سبباً من أسباب قلة الثمرات في العمل غير الدؤوب لتقدم.
إن غياب حمدوك عن الإعلام، وتفضيله الصمت على تحولات الحرب، وظهوره فقط لتلاوة البيانات التقريرية الطابع لتذكير الناس بثورة أكتوبر، ثم الغياب مرة أخرى، لا يعد أمراً مساعداً في تفعيل قيادة هذا التنظيم. فعند المقارنة بين ظهور حمدوك من جهة، وحميدتي والبرهان من جهة أخرى نجد أنهما لا يغيبان كثيراً في الظهور الإعلامي. فحمدوك الذي اختارته القوى الثورية ينبغي أن يشكل حضوراً أسبوعياً عبر أحاديث، وتصريحات، ومؤتمرات صحفية، تخاطب الشعب السوداني المنكوب يومياً، وهو ذا الذي يريد قيادته إلى بر الأمان.
أما من الناحية الإعلامية فإننا ندرك أن الحرب لا تدور فقط في الميدان فإنها حرب الرؤى التي أعدت لها الأطراف الثلاثة المتقاتلة جيداً، وتديرها غرف إعلامية إما لكسب الرأي العام، أو تغبيش معرفته ووعيه بمجريات الحرب.
صحيح أن الإمكانيات المادية لتنظيم تقدم لا تسمح بوجود قنوات فضائية مثل التي يمتلكها الجيش والحركة الإسلامية، وغرف إعلامية مؤسسة للدعم السريع. ولكن لابد من استنباط أفكار لترقية العمل الإعلامي الذي يوثر في الرأي العام، ويجعل تقدم حاضرة طوال اليوم، بل كل ساعة في المنصات الإعلامية.
ليس كافياً الاعتماد على الناطقين الرسميين لتقدم – والذين مع عظم مساهمتهم الفردية – لا يستطيعون إجراء كل اللازم الإعلامي. بل لاحظنا أنه لا يوجد فريق عمل مسمى لقيادة مجهودات إعلامية نشطة، وفاعلة لتقدم في الميديا الحديثة، وهي المساحة الوحيدة التي كان يمكن أن تنافس فيها الكوادر الإعلامية للتنسيقية المتحالفة.
نعلم أن الموتمر التأسيسي لتقدم ضم عشرات الإعلاميين، فوقا عن أن هناك عدداً هائلاً من الصحفيين والكتاب يقفون ضد الحرب رغم عدم انتمائهم للتنسيقية. ونعلم أكثر أن معظم هؤلاء الإعلاميين لا يختلفون حول ضرورة إسهامهم في المشاركة في أي عمل إعلامي يوقف الحرب، ويحاصر رسالة الداعين لها، سواء كان هذا العمل قد ابتدرته تقدم، أو تحالف الجذريين، أو جهات مستقلة حزبياً. فالمهم لدى الإعلاميين المناصرين للديموقراطية هو المساهمة لتوسيع قاعدة الرأي العام الذي يريد وضع نهاية للحرب عن طريق التفاوض.
ومثلما أن هناك منظمات مجتمع مدني يعتمد قادتها من اليمينيين واليساريين على المنظمات الخيرية المانحة بغير شروط لدعم مشاريع ديموقراطية، وحقوقية، وطبية، وخدمية، نرى أن تقدم تستطيع من خلال علاقات حمدوك الجيدة بالعالم استقطاب الدعم. ذلك الذي يؤسس لابتكار مشاريع إعلامية تستهدف الدعوة لإيقاف الحرب، وتقديم طرح إعلامي رصين يدفع المشروع الديموقراطي السوداني للأمام، ويساهم كذلك في محاربة الأفكار المتطرفة.
استمرارية ظهور قادة تقدم الكثيرين في الميديا الحديثة بصرف النظر عما يتفق معهم الرأي العام أو يختلف حول تصريحاتهم يساعد في تأكيد فاعلية التنظيم. كما أن الاستفادة من القبول الذي تحظى به تقدم في بعض الدوائر الأوروبية والأميركية المستقلة وطلب عونها الخيري لتأسيس قناة فضائية، أو راديو، أو منصات إعلامية في الوسائط الحديثة، يساعد أيضاً في إبراز رسالة إعلامية مناوئة لاستمرار الحرب.
إن أي خطوة لتقدم تنحو إلى إيقاف الحرب ينبغي أن تجد التشجيع، سواء اختلف الناس معها أو اتفقوا. فهي تمثل ذراعاً مدنياً مهماً يعبر عن قطاع عريض من قاعدة الثورة. والأمل أن تضاعف جهودها السياسية والإعلامية لهزيمة خطاب استمرارية الحرب، وكذلك عليها ألا تقنع في توسيع قاعدتها لصالح إيقاف الحرب.
الهجوم الأرعن الذي تعرض له وفد تقدم بقيادة حمدوك في العاصمة البريطانية من القوى المؤيدة للحرب، والذي وصل إلى محاولة إيذاء أعضاء الوفد جسدياً، دليل على سير تحرك التنسيقية في الاتجاه السليم. ومن الجهة الأخرى اتضح أن هذا الهجوم يعبر عن هدف الحرب الاستراتيجي المحموم لإسكات جانب من صوت الثورة، وعزله.
إن دائرة هذا الاستهداف الكيزاني والبلبوسي لا تقف عند حدود قمع حركة تقدم بوصفها عنصرا مهماً عند فترة ما بعد إيقاف الحرب، واستئناف العملية السياسية. إنها دائرة سوف تدور يوماً لتشمل الإخوة الجذريين، والقطاعات السياسية المعارضة لتقدم، وحتى أنصار الحركات المسلحة، والديمقراطيين المناصرين لاستمرار القتال. فغاية الحرب التي أشعلتها الحركة الإسلامية إنما هي موظفة لإعادة إنتاج المشروع الحضاري بطريقة جديدة، وإنهاء مظاهر ثورة ديسمبر، وشيظنة رموزها، ومحوهم من الساحة السياسية، سواءً بالقتل المعنوي، أو بالرصاص. وتلك أمانيهم، وإن لم تستوعبها بها فأنت مجرد مغفل نافع.