توقعت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن يصبح الشحن البحري في مضيف هرمز في موقف أكثر صعوبة بعد شن الولايات المتحدة ضربات على أهداف مرتبطة بإيران في العراق وسوريا خلال الأيام الماضية ردًا على مقتل 3 جنود أمريكيين في هجوم بمسيّرة نهاية يناير/كانون الثاني الماضي.

وقالت المجلة إنه أيا كانت الخطوات الأخرى التي ستتخذها واشنطن، سيصبح الشحن البحري في مضيق هرمز في موقف صعب، نظرًا لأن السفن التجارية تعتمد بشدة على الممر المائي الذي تتحكم إيران في جانب منه وتضايق السفن باستمرار.

وتأمل الولايات المتحدة أن تبعث الضربات الأخيرة رسالة واضحة لإيران دون تصعيد الصراع غير المباشر إلى مواجهة مباشرة. وقد تتبع الضربات أعمال انتقامية أخرى.

ووفقا للمجلة فإنه حتى إذا لم ينتشر القتال، فإن المضيق أصبح أكثر خطورة.

ومضيق هرمز مسطح مائي حيوي. وفي 2022، عبر 21 مليون برميل من النفط المضيق يوميًا، أي ما يساوي 21% من الاستهلاك العالمي للسوائل البترولية.

((1))

وهو مسطح ضيق منقسم بين إيران وعمان، حيث يمكن تعطيل حركة الملاحة بسهولة بسبب العواصف، أو الحوادث، أو الأفعال المتعمدة من الأطراف المعنية.

حرب الناقلات

وخلال حرب إيران والعراق في الثمانينات، بدأ العراق مهاجمة السفن المتجهة لإيران، وبعد فترة انتقمت إيران، وسرعان ما أصبح الخليج العربي ومضيق هرمز غارقان في ما أصبح يُعرف بـ"حرب الناقلات".

وبحسب المجلة، فقد كانت حربًا جامحة، واستهدفت الدولتان السفن بالصواريخ والألغام البرية، وتعرضت سفن من بلاد مختلفة للهجوم.

إلا أن السفن واصلت الإبحار في المضيق والخليج على أية حال لأن العالم احتاج إلى النفط.

وبنهاية حرب الناقلات، قُتل أكثر من 320 بحارًا تجاريًا، أو أُصيبوا، أو فُقدوا، في حين تضررت 340 سفينة تجارية، وحوالي 30 مليون طن من الشحنات، وغرقت 11 سفينة.

ورغم أن حرب الناقلات لم تكن فكرة إيران، إلا أن الإيرانيين تعلموا الدرس الواضح، وهو أنه طالما العالم يحتاج إلى النفط، ستحتاج السفن إلى التوجه إلى الخليج العربي، وهذا يمنح طهران فرصة مثالية لاستهداف السفن التي تختارها، بحسب المجلة.

وهذا هو ما كانت تفعله على مدار الـ5 أعوام الماضية. وفي أغسطس/آب الماضي، دفعت هذه الهجمات على السفن التجارية الولايات المتحدة إلى إرسال قوة مهام تضم بحارة، وجنود مارينز، وسفينة هجومية برمائية، وسفينة إنزال، وغيرها من السفن، إلى المضيق لحماية سفن الشحن.

الآن، بما أن واشنطن سترد على مقتل جنودها الـ3، قد تنتقم طهران عن طريق إيذاء السفن التي تعبر مضيق هرمز. وفي هذا الصدد، قال الأدميرال الأمريكي المتقاعد، أندرو لويس، إن خسارة نفط الخليج العربي "لن تؤثر في أمريكا كثيرًا، لكنها ستؤثر في حلفائنا".

((2))

وتقيّم صناعة الشحن خطر وقوع المزيد من الهجمات في المضيق. وفي هذا الشأن، قال مدير شركة "دي إن كيه" للتأمين البحري، سفين رينجباكين: "بغض النظر عما إذا كانت هذه نهاية الرد الأمريكي أو قررت الولايات المتحدة الانتقام من الحرس الثوري، يمكن أن يهاجم الإيرانيون السفن التجارية. وهذا هو ما كانوا يفعلونه لسنوات، ولا يوجد سبب للاعتقاد بأنهم لن يستغلوا هذه الفرصة".

حرب غير معلنة

وأشار رينجباكين إلى أن الإيرانيين قد يختارون فعل ذلك خلسة، وقال: "يمكن أن يختبئوا خلف الإنكار المقبول ويتظاهروا أن التدخل مرتبط بحادثة سابقة، مثل التهريب أو ما شابه، أو ينفذون هجمات خارج مياههم مثلما فعلوا في 2019".

وطالما لا تعلن إيران الحرب على الولايات المتحدة أو الدول الأخرى المرتبطة بالسفن التي تعبر مضيق هرمز، لا يوجد الكثير لتفعله القوات البحرية الأمريكية أو غيرها لحماية السفن هناك.

وفي هذا السياق، قال الأدميرال المتقاعد لويس: "إذا لم تكن حربًا معلنة، توجد حدود بناءً على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار".

وأضاف رينجباكين: "القوات البحرية يمكنها المراقبة وربما التدخل في المياه الدولية، لكن بخلاف ذلك، لا يوجد الكثير لتفعله".

((3))

من جهة أخرى، قال أمين لجنة الحرب المشتركة، التي تقيّم المخاطر البحرية، نيل روبرتس، إن إيران "أثبتت قدرتها، لكنها لن تستفيد من إغلاق مضيق هرمز، ولهذا كانت حريصة على إبقاء أعمالها السابقة محدودة".

وتابع "إيران لن تحتاج إلى محاولة إغلاق المضيق، ويمكنها فقط أن تشير إلى أن المخاطر على الشحن التجاري هناك سترتفع. وإذا كانت طهران ستصعّد للدرجة التي تؤدي إلى حرب ناقلات جديدة، سيتعين على شركات الشحن والتأمين إجراء حسابات كبيرة.

وبطبيعة الحال، إذا قامت إيران بالتصعيد بشكل كبير إلى الحد الذي أدى إلى اندلاع حرب ناقلات جديدة، فسيتعين على صناعة الشحن وشركات التأمين التابعة لها إجراء حسابات دراماتيكية. لقد أدت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر بالفعل إلى زيادة المخاطر التي يتعرض لها البحارة، لكن الهجمات المتزايدة على الشحن في مضيق هرمز ستكون أكثر خطورة بكثير.

المصدر | فورين بوليسي + الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: مضيق هرمز إيران العراق أمريكا الولایات المتحدة حرب الناقلات مضیق هرمز

إقرأ أيضاً:

هل تتغير السياسة الإقليمية لإيران مع فوز بزشكيان بالرئاسة؟

قال موقع "ستراتفور" إن الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان، سيحاول تحسين العلاقات مع الغرب بما في ذلك الولايات المتحدة، ولكنه من غير المحتمل أن يؤثر بشكل كبير على إستراتيجية إيران الإقليمية، ومن المحتمل أن يواجه قيودا كبيرة داخل البلاد.

وأوضح الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي 21"، أن هذا الفوز جاء ليتوج مسارا مفاجئا نحو الرئاسة بالنسبة لـ"بيزشكيان" بعد أن وافق مجلس صيانة الدستور الإيراني، الذي يشرف على العملية الانتخابية على رئاسته فيما كان يُعتقد على نطاق واسع أنها محاولة من المؤسسة الإيرانية للموافقة على مرشح إصلاحي في محاولة لزيادة الإقبال على الانتخابات وتعزيز شرعية الجمهورية الإسلامية.

وخلال حملته الانتخابية، قال بيزشكيان إنه يعتزم تحسين الاقتصاد الإيراني من خلال إحياء الاتفاق النووي مع الغرب وتأمين رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران.

وأفاد الموقع أن بزشكيان سيصبح أول رئيس إصلاحي في إيران منذ رئاسة محمد خاتمي من 1997 إلى 2005، وهو أبعد عن التيار السياسي السائد في إيران من الرئيس المعتدل السابق حسن روحاني، الذي كان رئيسا عندما تفاوضت إيران على الاتفاق النووي لسنة 2015 مع الغرب المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة.

وأضاف أن بزشكيان دعا إلى تحسين العلاقات مع الغرب وضمان رفع العقوبات في محادثات مع الولايات المتحدة والمشاركين الآخرين في خطة العمل الشاملة المشتركة.

وذكر الموقع أن بزشكيان انتقد السياسات الاجتماعية المتشددة للحكومة مؤخرا، بما في ذلك القانون التقييدي الذي يلزم النساء بارتداء الحجاب، والذي كان جزءا رئيسيا من احتجاجات مهسا أميني الواسعة في سنة 2022، ودعا إلى المساواة للنساء.

وأشار إلى أنه لا تزال هناك عقبات كبيرة في طريق إحياء الاتفاق النووي أو التوصل إلى اتفاق نووي جديد بين كل من الولايات المتحدة وإيران. ففي الولايات المتحدة، لا يتمتع الرئيس جو بايدن بالوضع السياسي القوي الذي يسمح له بالسعي إلى إبرام اتفاق جديد مع إيران قبل الانتخابات، على الرغم من أنه إذا فاز هو في الانتخابات الرئاسية المرتقبة أو أي مرشح ديمقراطي مختلف؛ فإن إبرام اتفاق سيصبح أكثر احتمالا.

أما إذا فاز ترامب في الانتخابات، فسيكون من المستبعد إبرام اتفاق نظرا لانعدام ثقة إيران بترامب في المحادثات، كما يشير دعم ترامب القوي السابق لإسرائيل، التي عارضت خطة العمل الشاملة المشتركة، إلى أنه من غير المرجح أن يقدم ترامب التنازلات اللازمة لإبرام اتفاق.

وأضاف أنه من المرجح أن يستعين بيزشكيان، كرئيس، بالعديد من شخصيات السياسة الخارجية الإيرانية المعتدلة والإصلاحية التي شاركت أو قادت المفاوضات مع الغرب خلال رئاسة روحاني، وربما يشمل ذلك كبير المفاوضين النوويين ووزير الخارجية السابق جواد ظريف، في محاولة لبدء المحادثات عندما يتولى منصبه.

وقال الموقع إن خطة العمل الشاملة المشتركة لسنة 2015 لم تكن مصممة للتعامل مع ما سيحدث إذا انسحبت الولايات المتحدة من الصفقة؛ حيث كانت آلية التنفيذ مصممة لمراعاة انتهاك إيران للصفقة، وليس الولايات المتحدة. ويعطي انسحاب الولايات المتحدة في سنة 2018 لإيران حافزا للمطالبة بقيود أضعف على برنامجها النووي، مثل عدم تفكيك وصب الخرسانة في جميع أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، في حال انسحبت الولايات المتحدة مرة أخرى.

ومن المحتمل أن يكون البرلمان الإيراني أيضا عقبة رئيسية أمام الصفقة، لقد جاءت نتيجة الانتخابات البرلمانية الإيرانية في آذار/ مارس 2024 ببرلمان يهيمن عليه المحافظون والمتشددون ويرأسه محمد باقر قاليباف، الذي حل في المركز الثالث في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية. وتحت رئاسة قاليباف، أصدر البرلمان الإيراني قانونا في سنة 2020 يقيد روحاني من التفاوض على استئناف سريع لخطة العمل الشاملة المشتركة مع الرئيس الأمريكي المنتخب آنذاك جو بايدن. وفي النظام السياسي الإيراني، لا يوافق الرئيس على القوانين أو يرفضها؛ بل تقع هذه المسؤولية على عاتق مجلس صيانة الدستور المتشدد.



وبين الموقع أنه من غير المحتمل أن يكون لبزشكيان تأثير كبير على إستراتيجية إيران الإقليمية، بما في ذلك العلاقات مع إسرائيل وارتفاع خطر الصراع بين إسرائيل وحزب الله اللبنانية المدعومة من إيران. وتهيمن قوات الحرس الثوري الإيراني وتحديدا فيلق القدس المسؤول عن العمليات خارج الحدود الإقليمية على إستراتيجية إيران الإقليمية. ونتيجة لذلك؛ ستستمر إيران في دعم المليشيات الإقليمية، بما في ذلك نقل الأسلحة المتطورة إلى حلفائها مثل حزب الله والحوثيين في اليمن؛ حيث عطلت هذه الأخيرة طرق الملاحة العالمية عبر البحر الأحمر.

وشدد الموقع على أن دعم هذه الميليشيات أمر بالغ الأهمية لإستراتيجية الأمن القومي الإيراني غير المتماثلة، مما يمنحها القدرة على توجيه ضربات مع قدر أكبر من الإنكار المعقول إلى إسرائيل وغيرها من حلفاء وشركاء الولايات المتحدة الإقليميين، مثل السعودية والإمارات. وبالفعل، في أعقاب انهيار الاتفاق النووي مباشرة في سنة 2018، تصاعد نشاط إيران بالوكالة الذي يستهدف إنتاج النفط في الخليج، مما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط لفترة وجيزة، وهي نقطة سعرية حساسة سياسيا بالنسبة للرؤساء الأمريكيين.

ولفت الموقع إلى أنه على الرغم من تأثير بيزشكيان المحدود على دعم إيران الإقليمي للميليشيات، إلا أن انتخابه سيوفر دفعة إضافية لتحسين العلاقات بين إيران وجيرانها الخليجيين، بما في ذلك السعودية والبحرين.

ومنذ سنة 2023، تحسنت علاقات إيران مع معظم دول مجلس التعاون الخليجي. وشهد هذا الأبرز في صفقة آذار/ مارس 2023 التي توسطت فيها الصين بين إيران والسعودية لاستعادة العلاقات الدبلوماسية. ومؤخرا، أعلنت البحرين وإيران في حزيران/ يونيو أنهما اتفقتا على عقد محادثات تطبيع.

وأفاد الموقع أنه من المحتمل أن يحاول المحافظون المتشددون في إيران كبح أجندة بزشكيان، مما يهيئ لعلاقة مضطربة احتمالية بين بزشكيان ومعظم المؤسسات الإيرانية الأخرى التي يهيمن عليها المتشددون، بما في ذلك الجيش والقضاء والبرلمان الإيراني.

وأوضح الموقع أن رئيس إيران يتمتع بنفوذ أكبر على السياسة الداخلية أكثر مما هو عليه في السياسة الخارجية، إلا أنه سيجد عددا قليلا من الحلفاء الإصلاحيين أو حتى المعتدلين في النظام السياسي الإيراني لدعم أجندته. فبعد انهيار خطة العمل الشاملة المشتركة في سنة 2018، قام المتشددون والمحافظون في إيران ببناء قوتهم في كل مركز من مراكز القوة في النظام الإيراني، والتي سيستخدمونها للحد من قدرة بزشكيان على تحقيق إصلاحات هادفة في قضايا مثيرة للجدل مثل الإصلاحات الاجتماعية. وقد يحاول بعضهم بنشاط تقويض أجندته بالكامل.

وعلى الرغم من أن روحاني واجه ضغوطا مماثلة من المؤسسات غير المنتخبة في إيران، مثل القضاء ومجلس صيانة الدستور؛ فقد فاز التحالف المعتدل الإصلاحي لروحاني بالسيطرة على البرلمان الإيراني في سنة 2013، مما أعطاه حلفاء في البرلمان لتمرير القوانين لتنفيذ أجندته بدلا من الاعتماد فقط على العمل التنفيذي وتعيينات مجلس الوزراء. فعلى سبيل المثال، في عهد روحاني، مرر البرلمان إصلاحات فتحت قطاع النفط الإستراتيجي في البلاد للاستثمار الأجنبي.

وأضاف الموقع أن بزشكيان لن يحظى بهذا الدعم؛ حيث بدأ البرلمان للتو فترته الأربع سنوات في 27 أيار/ مايو — مما يعني أن فترة بزشكيان الأولى ستتزامن بشكل كامل تقريبا مع برلمان يعارض سياساته.

واختتم الموقع تقريره قائلا إنه بينما يمكن للمرشد الأعلى علي خامنئي أن يتدخل ويساعد على توجيه مؤسسات إيران لدعم جوانب معينة من أجندة بزشكيان الداخلية  خصوصا في الجوانب الأقل إثارة للجدل مثل السياسات الاقتصادية بدلا من السياسات الاجتماعية.

ومن المرجح أن يدخل بزشكيان المكتب كرئيس ضعيف جدا، حتى بمعايير إيران. وسيعتمد إلى أي مدى سيوفر خامنئي الحماية لبزشكيان في النهاية على تفسير خامنئي وحلفائه المقربين لنتائج الانتخابات.

مقالات مشابهة

  • خسائر جديدة يتعرض لها الاقتصاد البريطاني جراء تورطه في العدوان على اليمن
  • هل تتغير السياسة الإقليمية لإيران مع فوز بزشكيان بالرئاسة؟
  • هرب من مُربيه.. 13 مصابا بهجوم لـكلب بوليسي في كركوك
  • شراكة أمريكية - أوروبية لتحجيم تهديدات الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن
  • صحيفةNY: إدارة بايدن تخشى فرض عقوبات جديدة ضد روسيا خوفا من ارتفاع النفط
  • الجزائر تطرح مناقصة جديدة لاستيراد كمية من القمح اللين
  • بعد ساعات من انتخاب بزشكيان.. إيران تحتج على بيان عربي بمجلس الأمن
  • مهمة بحرية أوروبية: دمرنا طائرتين مسيّرتين في خليج عدن
  • تقرير بريطاني: تكتيكات الحوثيين البحرية تتطور وتتخذ منعطفات جديدة وخطيرة
  • صحيفة بريطانية: تصاعد هجمات الحوثيين يُضاعف مخاوف التضخم وزيادة أسعار الشحن والسلع