يوافق مغرب اليوم الأربعاء، ذكرى بداية رحلة الإسراء والمعراج، في 26 رجب 1445هـ الموافق 7-2-2024 إلى فجر الخميس 27 رجب 1445هـ الموافق 8-2-2024.

في هذه الليلة المباركة، ينصح المسلمين 
بالإكثار من الطاعات والأعمال الصالحة في ليلة الإسراء والمعراج، التي رأى فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، العديد من المعجزات التي اختصه الله تعالى برؤيتها.

قصة الإسراء والمعراج
كانت رحلة الإسراء والمعراج حدثًا عظيمًا، ومعجزةً إلهية متكاملة أيد الله بها نبيه محمدًا عليه الصلاة والسلام، ونصر بها دعوته، وأظهره على قومه بدليل جديد ومعجزة عظيمة يعجز عنها البشر؛ إذ أسرى به من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في مدينة القدس؛ِ ليسري عنه ما لقيه من أهل الطائف، ومن آثار دعوته، وموت عمه وزوجته، ثم عرج به إلى السماوات العُلى؛ ليريه من آياته الكبرى.

وعلى الرغم من عدم ذكر الحادثة تصريحًا في آيات القرآن الكريم، إلا أنها اشتملت إشارات تؤيد صحتها، منها ما ورد في قوله –تعالى-: « وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ*عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ*إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ*مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ*لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ».

التّوقيت والمكان
قيل في توقيت رحلة الإسراء والمعراج قولان: فنقل أنها وقعت قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل قبلها بسنة واحدة، وأما موضع بدايتها ففيه أيضًا قولان: أولهما من المسجد الحرام؛ إذ كان رسول الله -عليه الصلاة والسلام- نائمًا في الحجر، فكانت انطلاقة الرحلة من موضعه، وثانيهما من بيت أم هاني بنت أبي طالب، وثلث آخرون بقول: كل الحرم مسجد.

قصة الإسراء
بدأت حكاية الإسراء كما يرويها صاحبته -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-، بقدوم ثلاثة من الملائكة الكرام، بينهم جبريل وميكائيل، فجعلوا جسد رسول اللهِ لظهره مستقبلًا الأرض وهو نائم، ثم شقوا بطنه، فغسلوا ما كان به من غلٍّ بماء زمزم، ثم ملؤوا قلبه إيمانًا وحكمة، ثم عرض له لبنًا وخمرًا، فاختار الرسول الكريم اللبن فشربه، فبشره جبريل بالفطرة، ثم اركبه جبريل دابة يقال لها البراق، فانطلق به البراق إلى المسجد الأقصى يسوقه جبريل، فأنزله طيبة، فصلى بها، وأخبره ما يكون من هجرته إليها، ثم أنزله طور سيناء حيث كلم الله موسى عليه السلام، فصلى به، ثم أنزله بيت لحم مولد عيسى عليه السلام، فصلى فيها، ثم دنا به إلى بيت المقدس فأنزله باب المسجد، وربط البراق بالحلقة التي كان يربط بها الأنبياء، ثم دخل المسجد ليلتقي أنبياء الله المبعوثين قبله، فسلموا عليه، وصلى بهم ركعتين.

قصة المعراج
بدأت أحداثُ المعراج بصعود الصخرة المشرفة؛ إذ سار جبريل بالرسول -صلى الله عليه وسلم- إليها، ثم حمله منها على جناحه؛ ليصعد به إلى السماء الدنيا، ويتجلى بها بعد أن استفتح واستأذن، فاطلع الرسول على بعض أحداث السماء الأولى، ثم ارتقى به جبريل إلى السماء الثانية، فاستفتح، فأذن له، فرأى فيها زكريا وعيسى بن مريم عليهم سلام الله جميعًا، ثم ارتقى به جبريل إلى السماء الثالثة، فرأى فيها يوسف عليه السلام، ثم ارتقى به جبريل إلى السماء الرابعة وفيها إدريس، ثم إلى الخامسة وفيها هارون، ثم ارتقى به إلى السادسة وفيها موسى، ثم إلى السابعة وفيها إبراهيم عليهم صلوات الله جميعًا وسلامه، ثم انتهى به جبريل إلى سدرة المُنتهى.

وتقدَّمَ جبريل بالرسول - صلى الله عليه وسلم- إلى الحجاب وفيه مُنتهى الخلق، فاستلمه ملك، وتخلف عنه جبريل، فارتقى بهِ الملك حتى بلغ العرش، فأنطقه اللهُ بالتحيات، فقال -عليهِ الصلاة والسلام-: «التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ وَالصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ»، وفيه فُرِضت الصلاة خمسين صلاة على النبي وأمته كل يوم وليلة.

ثم صحبه جبريل عليه السلام، فأدخله الجنة، فرأى من نعيمها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ثم عرض عليه النار، فنظر في عذابها وأغلالِها، ثم أخرجه جبريل حتى أتيا نبي الله موسى، فأرجعه إلى ربه يسأله التخفيف، فخفف عنه عشرًا، ثم أرجعه موسى فسأله التخفيف، فخفف الله عنه عشرًا، ثم لم يزل بين ربه وموسى حتى جعلها الله خمس صلوات في اليوم والليلة، ثم ارجعه موسى إلى ربه يسأله التخفيف، فأعرض الرسول عليه الصلاة والسلام عن ذلك؛ استحياءً من الله تعالى وإجلالًا، فناداه ربه: «إنِّي قد فرضْتُ عليكَ وعلى أمَّتِكَ خَمْسِينَ صَلَاةً، وَالْخَمْسُ بِخَمْسِينَ، وَقَدْ أَمْضَيْتُ فَرِيضَتِي وَخَفَّفْتُ عَنْ عِبَادِي»، ثم عاد به جبريل إلى مضجعه، وكل ذلك في ليلة واحدة.

أهداف الإسراء والمعراج 
كرم الله عزوجل، رسوله صلى الله عليه وسلم، بهذه المعجزة العظيمة، وكانت وسيلة لتثبيت قلب النبي عليه الصلاة والسلام، بعد ما لقيه من البلاء، ولهذه الرحلة دروس وأهداف عظيمة أهمها ما يأتي:
1- امتلاء قلب النبي صلى الله عليه وسلم، باليقين والراحة والثقة بالله سبحانه وتعالى، وذلك بعدما رأى مظاهر قدرة الله عز وجل العظيمة وآثار رحمته سبحانه.

2- توطئة لرحلة الهجرة.

3- رؤية النبي لشيءٍ من الغيب الذي بلّغه للناس، حيث رأى الجنة والنار، ورأى النعيم والعذاب فيهما.

4- رحلة الإسراء والمعراج تثبيتٌ لمن آمن بالله، واختبار وتمحيص لمن كان إيمانه ضعيف، وبالتالي يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، المتردّد في إيمانه الضعيف فيه، والمؤمن الحق القوي المخلص، فتخلص صفوف المؤمنين من ضعاف الإيمان ويبقى فيه الثابتون الأقوياء لبدء رحلة الهجرة الجديدة.

5- شجاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومواجهته للمشركين، حيث جهر بالحق وواجههم بما تنكره عقولهم ولا تدركه تصوّراتهم.

6- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلّم، وتثبيته؛ فقد بين الله عز وجل أنه ناصره، وجاعل رسالته تمتد حتى تصل إلى بيت المقدس، ومسخرًا له الجند من السماء، فكل محنة منحة، وكان ذلك تكريمًا عظيما لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

أسباب حدوث رحلة الإسراء والمعراج ليلًا

أوضح الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق، وعضو هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، أنه فيما ورد في السنة النبوية الشريفة، أن هناك خمسة أسباب لجعل الله تعالى معجزة الإسراء والمعراج تحدث في الليل دون النهار.

وكشف «جمعة» في فتوى له، أن أول الأسباب لجعل رحلة الإسراء والمعراج ليلا، هو أن الليل هو وقت الخلوة والاختصاص، وثانيها أنه وقت الصلاة التي كانت مفروضة على النبي صلى الله عليه وسلم، وثالثًا ليكون أبلغ في الإيمان بالغيب، ورابعًا أن الليل محل الاجتماع بالأحباب، وخامسًا لإبطال قول الفلاسفة بربط الظلمة بالشر.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الإسراء والمعراج الجنة والنار الرسول الكريم الصخرة المشرفة المسجد الحرام النبي محمد صلي الله عليه وسلم رحلة الإسراء والمعراج رحلة الإسراء والمعراج علیه الصلاة والسلام صلى الله علیه وسلم جبریل إلى علیه السلام إلى السماء

إقرأ أيضاً:

جمعة: النبي كنز مخفي لمن أراد باب الله وعز الدنيا ومفاتيح الجنة

يقول سيدنا رسول الله ﷺ : (مَنْ صَلّى عَليَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ومَنْ صَلّى عَليَّ عَشْرًا صَلّى الله عَلَيْهِ مِئَةً)، ويقول ربنا سبحانه وتعالى رافعًا شأن سيد الخلق ﷺ : (ِإنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيما).

أذكار النوم.. كما وردت عن رسول الله جمعة يوضح أهم أسباب قلة البركة في زماننا

وقال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، ومفتي الجمهورية السابق أن الصلاة من الله سبحانه وتعالى في حقه صلى الله عليه وآله وسلم هي علو شأن ورفعة المقام؛ فقد زاد وشرَّف وكرَّم وعظم سيدنا رسول ﷺ ، وهو حقيق بذلك عند ربه سبحانه وتعالى.

وتابع جُمعة أن سيدنا رسول الله ﷺ هو حبيب الله، وخاتم النبيين، وإمام المرسلين، وهو صاحب الشفاعة يوم الدين، سيدنا رسول الله ﷺ كنز مخفي من أراد باب الله فليلتمسه، ومن أراد عز الدنيا فليتبعه، ومن أراد الجنة فمفتاحها مع سيدنا رسول الله ﷺ ؛ ومن أجل ذلك جعل الله ذِكْرَ سيدنا رسول الله ﷺ من ذكره سبحانه وتعالى، وجعل ذلك في الأمة الإسلامية مفتاحَ خير كثير في قربة العمل، ومن هنا ما جاء عن أبي بن كعب قال: كَانَ رَسُولُ الله إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: (يَا أَيُهَا النَّاسُ اذْكُرُوا الله. اذْكُرُوا الله. جَاءَتْ الرَاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ، جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ). قَالَ أُبَيٌّ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ الله إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي- يعني من مجلس ذكري ودعائي-؟ فقَالَ (مَا شِئْتَ). قال: قُلْت الرُّبُعَ؟ قَالَ (مَا شِئْتَ. فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ). قُلْتُ فَالنِّصْفَ؟ قَالَ (مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لكَ). قال: قُلْتُ فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: (مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ)، قُلْتُ أَجْعَلُ لَكَ صَلاَتِي كُلّهَا؟ قَالَ: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

وأضاف جمعة أنه من هنا فَهِمَتِ الأمة عن سيدنا رسول الله ﷺ وعن ربها - جل جلاله - ما أراده، وكان عندنا الشيخ الشوني قد أنشأ مجالس الصلاة على النبي ﷺ في الأزهر الشريف، وبقيت السنين الطوال، وأدركناها وجلسنا فيها نذكر ربنا بالصلاة على النبي المصطفى والحبيب المجتبى ﷺ، حتى أدركت البدعة الناس، فنسوا رسول الله مما نسوه من الدين؛ ونسوا كثرة الصلاة عليه ﷺ، وهو الذي يقول لأبى: (إِذًَا تُكْفَى هَمَّكَ ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ). فاللهم صَلِّ على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد ، ما هبت النسائم وناحت على الأيك الحمائم.

مقالات مشابهة

  • تأملات قرآنية
  • جمعة: النبي كنز مخفي لمن أراد باب الله وعز الدنيا ومفاتيح الجنة
  • «نصر أكتوبر» معجزة التاريخ
  • علي جمعه يوضح فضل الصلاة على النبي: يُكْفي همك ويغفر لك ذنبك
  • مَن هو النبي الذي سبحت معه الطير والجبال؟.. كان له صوت جميل
  • نسخة من دعاء السفر مكتوب للمسافر كما ورد عن النبي ﷺ
  • ليلة بكى فيها العالم.. غزو بري إسرائيلي وموجة استهدافات في لبنان وسوريا| فيديو
  • استمرار الاحتفالات بميلاد النبي "صلى الله عليه وسلم" بأوقاف الفيوم.. صور
  • «الإفتاء» توضح حكم التشارك في الطعام والشراب في إناء واحد
  • اختتام أعمال المؤتمر الدولي الثاني للرسول الأعظم بصنعاء