رايتس ووتش وأمنستي للجزيرة نت: بريطانيا وأميركا تنتهكان الاتفاقيات الملزمة
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
لندن- نددت منظمات إغاثية دولية بوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والتي تعد الجهة المحورية في تقديم المساعدات للفلسطينيين في قطاع غزة، محذرة من وقوع أزمة إنسانية محققة تتنافى مع توصيات محكمة العدل الدولية، وتعرقل مسار تنفيذ توصياتها التي طالبت بوصول المساعدات الإنسانية.
ووصفت مؤسسة "آكشن إيد" البريطانية قرار وقف الدعم بـ"حكم بالإعدام" على الفلسطينيين في غزة والمنطقة، مما جعل بعض المراكز الحقوقية تحذر من أن متخذي هذا القرار قد يحاكَمون بتهم التواطؤ في جرائم حرب.
"قرار رهيب"
وقال كريستيان بنديكت مدير الاستجابة للأزمات في منظمة العفو الدولية بالمملكة المتحدة إن "هذا قرار رهيب، ويجب التراجع عنه فورا، وقد قالت الأونروا بالفعل إنها تحقق بشكل عاجل في هذه الادعاءات".
وأضاف في حديث للجزيرة نت "تحاول الأونروا يائسة مساعدة المدنيين الفلسطينيين الذين يواجهون المجاعة والمرض في غزة وسط القصف والحصار الإسرائيلي المستمر، وهؤلاء المدنيون هم الذين سيعاقَبون بقرار المملكة المتحدة".
وانتقد بنديكت الحكومة البريطانية مؤكدا أنه "وبعد فترة وجيزة من الانتقادات المزيفة لقضية الإبادة الجماعية التي رفعت بمحكمة العدل، يبدو أن المملكة المتحدة تعطي الأولوية مرة أخرى لعلاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل والولايات المتحدة على حساب المحنة الكارثية للشعب الفلسطيني".
وقد أصدرت الحكومة البريطانية بيانا عقب قرار العدل الدولية، جاء فيه أن "المملكة المتحدة لا تعدّ أفعال إسرائيل في غزة إبادة جماعية" وأنّ قرار رفع الدعوى من جنوب أفريقيا "خطأ واستفزازي".
وتقول أكشايا كومار مديرة المناصرة لشؤون الأزمات في هيومن رايتس ووتش "رغم أن الدول الموقعة لا توجد لديها واجبات المحتل التي تقع على دولة إسرائيل، لكنها ملزمة بموجب اتفاقيات القانون الدولية وبالتحديد اتفاقية الإبادة الجماعية".
وأوضحت المسؤولة بهذه المنظمة الحقوقية -للجزيرة نت- أن هناك التزامات لكل من حكومتي المملكة المتحدة والولايات المتحدة اللتين وقعتا على اتفاقات دولية، ومن ضمنهما التزامان جرى تجاوزهما وهما:
الالتزام الأول: منع الإبادة الجماعية. والثاني: التحقق قبل إرسال أي نوع من التسليح العسكري من احتمال أن يخرق القانون الدولي أو الإنساني.وأشارت كومار إلى توصية محكمة العدل بالحرص على عدم تفاقم الأوضاع وضمان توصيل المساعدات، وهو ملزم لكل الحكومات الموقعة على تلك الاتفاقية من قبل، مشددة على ضرورة أن ينعكس هذا التوقيع على قرارات الحكومات الموقعة، خصوصا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
وحذّرت من قطع المساعدات عن الأونروا، معتبرة أنه تجويع لآلاف الفلسطينيين من ذوي الاحتياجات الخاصة والنساء والأطفال والحوامل والمسنين الذين يعتمدون على مساعدات الوكالة، وأن المجتمع الدولي يعلم بحقيقة التجويع.
وأعربت كومار عن قلقها قائلة "أبلغتنا الأونروا رسميا أنها لن تكون قادرة على العمل بنهاية الشهر الحالي، وبالتالي ستكون هناك صعوبات مرعبة، وهو خطر مجاعة محقق، وبالقطع هذا أمر من اختصاص محكمة العدل، والتي دعت الدول المعنية والموقعة على اتفاقيتها لضمان دخول المساعدات الإنسانية".
وأكدت مديرة المناصرة لشؤون الأزمات لدى ووتش أن منظمتها تحث إسرائيل حاليا على وقف النزاع والامتثال لواجبها كقوة محتلة، وهو يشمل:
أولا ضرورة تحمل إسرائيل مسؤولية حصول الشعب الفلسطيني على احتياجاته الإنسانية. ثانيا ضرورة الانصياع لقرار محكمة العدل الدولية بالسماح بدخول المساعدات.ورفضت كومار الحديث عن أي خطط بديلة للأونروا محذرة من هذا السيناريو، ووصفته بالخطة الإسرائيلية، وأن هذه مطالبات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته يسرائيل كاتس بوقف عمل الوكالة في غزة.
وشددت مديرة شؤون الأزمات على أن أي محاولة للبحث عن خطة بديلة للأونروا تبنٍّ للهدف الإسرائيلي، وناشدت ألا يتم الاستسلام لهذا الهدف.
وأشارت إلى استمرار ووتش في توثيق الحقائق، وأنهم وثقوا "بالأدلة الدامغة فظائع قام بها جيش الاحتلال الإسرائيلي" وأنها جرائم حرب خطيرة بما في ذلك أدلة عن تعمّد العقاب الجماعي واستخدام التجويع سلاحا من أسلحة الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
وحذّرت كومار من المقامرة بحياة الفلسطينيين في غزة، ومطالبتهم بالانتظار حتى انتهاء التحقيقات ليحصلوا على مساعدات غذائية. وقالت إنه أمر ينذر بكارثة إنسانية محققة.
وأوضحت كومار للجزيرة نت أن مسارات التحقيق جارية في الأمم المتحدة، والجهة المسؤولة عن التحقيقات في تلك المزاعم والادعاءات تم تفعيلها بقرار من الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش.
وتحدثت عن هيئة مستقلة وبعيدة عن إدارة الأونروا لضمان استقلال التحقيقات. وقالت إنه، ورغم ما يُتَدَاوَل من مزاعم واتهامات لـ12 موظفاً من الوكالة، اطّلعت الهيئة المستقلة على ادعاءات سردية فقط دون أية أدلة، ومع ذلك أخذت المزاعم على أعلى حد من الجدية للتحقيق.
وقالت كومار إن ثمة أنباء متداولة عن وجود "ملف" ولكنها نفت اطلاع منظمتها أو الأمم المتحدة على أي أدلة مكتوبة قد تدعم تلك الادعاءات، مشيرة إلى أنه لا توجد معلومات كافية لتأكيد أو نفي ما إذا كانت الدول التي أوقفت الدعم تسلمت ملفا يتعلق بأدلة دامغة "لتورط" هؤلاء الموظفين بأي أنشطة "مخالفة للقانون" أم أن قرار المنع جاء بناء على ادعاءات شفهية.
وبناء على ذلك، قالت كومار إن المنظمة ستجري التحقيقات الآن بنفسها دون استلامها أي أدلة تساعدها في التحقق من تلك الادعاءات، بحسب قولها.
وفي السياق نفسه، صرح المكتب القانوني "للمركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين بالمملكة المتحدة" أن قرار قطع المملكة المتحدة تمويل الأونروا خطوة تقوض أوامر العدل الدولية التي أوصت بضمان وصول المساعدات إلى غزة.
وجاء في التصريح أنه "مع تزايد خطر المجاعة في غزة، فإن قرار منع التمويل قد يعرض المسؤولين بالمملكة المتحدة لخطر الاتهام بالتواطؤ في جرائم حرب بما في ذلك العقاب الجماعي".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
الأونروا: انهيار الوكالة سيحرم جيلاً كاملاً من التعليم
حذّر المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة، لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فيليب لازاريني، أمس الخميس، من أنّ انهيار الوكالة سيتسبّب بحرمان جيل كامل من الأطفال الفلسطينينين من التعليم، ما سيؤدّي لزرع بذور مزيد من التطرّف.
وقال لازاريني إنّ "هناك خطراً حقيقياً يتمثّل بانهيار الوكالة وانفجارها، إذا ما استمرّت ضائقتها المالية الشديدة". وأضاف أنّه "إذا انهارت الأونروا فإننا بالتأكيد سنضحّي بجيل من الأطفال الذين سيحرَمون من التعليم المناسب".
الأمم المتحدة تؤكد أن التقدم الذي تحقق خلال الأسابيع الأولى لوقف إطلاق النار يستمر بالتراجع، حيث يخيم شح الغذاء والماء والخدمات الصحية على قطاع #غزة بعد 11 يوما من وقف دخول المساعدات الإنسانية.https://t.co/gODVzAIKdg
— أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) March 12, 2025ومنذ أكثر من 7 عقود، تُقدّم الأونروا إلى اللاجئين الفلسطينيين مساعدات أساسية وإنسانية وخدمية مثل التعليم والرعاية الصحية.
ووصف لازاريني الأونروا بأنّها "شريان حياة" لنحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني، يتوزّعون على قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان والأردن وسوريا.
وكان لازاريني قال الإثنين الماضي، إنّه لا يمكن استبدال الأونروا إلا بمؤسسات فلسطينية، بعدما أعلنت إسرائيل أنها تشجع منظمات أخرى على "تولّي المسؤولية" في غزة. وأضاف خلال مؤتمر صحافي في جنيف "إن البديل ليس منظمة غير حكومية، وليس منظمة أخرى تابعة للأمم المتحدة"، مشدداً على أنّ "البديل الوحيد القابل للاستمرار هو المؤسسات الفلسطينية التابعة للدولة الفلسطينية".
Philippe #Lazzarini, the Commissioner-General of the United Nations Relief and Works Agency for Palestine Refugees (#UNRWA), warned that the collapse of the agency would deprive an entire generation of #Palestinian children of education, "which would lead to planting the seeds of… pic.twitter.com/DbNR3ZYDxI
— Mideast.Discourse.News (@news_mideast) March 14, 2025وفي قطاع غزة الذي دمّرته الحرب التي استمرت 15 شهراً، توظف الأونروا 13 ألف شخص وتدير عمليات إنسانية لمنظمات أخرى.
وفي نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، علّقت إسرائيل عمل الأونروا على أراضيها بموجب قانون أقِرّ في أكتوبر (تشرين الأول) 2024، يحظر نشاط الوكالة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
وتتّهم السلطات الإسرائيلية موظفين في الأونروا بالتورط في هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. ودفعت هذه الاتهامات كبار المانحين إلى تعليق تمويلهم الوكالة. وخلص تحقيق أجرته الأمم المتحدة في أغسطس (آب) 2024، إلى أن 9 من موظفي الأونروا "ربما كانوا متورطين" في الهجوم.
وقال لازاريني أمس الخميس: "نحن نقدّم في المقام الأول خدمات شبيهة بالخدمات الحكومية". وأضاف "من هنا فأنا لا أرى أيّ منظمة غير حكومية أو وكالة أممية، تتدخل فجأة لتقديم خدمات عامة".
وحذّر المسؤول الأممي من أنّ فقدان الخدمات التعليمية التي تقدمها الأونروا قد تكون عواقبه وخيمة. وقال "إذا حرمتَ 100 ألف فتاة وصبي في غزة، على سبيل المثال، من التعليم، وإذا لم يكن لديهم مستقبل، وإذا كانت مدرستهم مجرد يأس ويعيشون بين الأنقاض، فأنا أقول لك إنّنا نزرع بذلك بذور مزيد من التطرف". مضيفاً "أعتقد أنّ هذه وصفة لكارثة".