ينتقد تحليل نشرته مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية محاولات إدانة قطر داخل دوائر سياسية في واشنطن وتل أبيب، بسبب علاقاتها مع حركة "حماس" واستضافتها قيادات من الحركة، وهي العلاقات التي مكنت الدوحة من تصدر عناوين الأخبار طوال فترة الحرب الحالية بين "حماس" والاحتلال الإسرائيلي، لجهودها الفعالة في الوساطة والتي أسفرت عن الهدنة الوحيدة الناجحة والإفراج عن أسرى إسرائيليين في غزة وفلسطينيين في سجون الاحتلال.

ملاحقة أهم دبلوماسي بالمنطقة

ويقول التحليل - الذي كتبه كل من كريستيان كوتس أولريشسن، الزميل في معهد بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس في هيوستن، وعمر رحمن، الزميل غير مقيم في معهد بيكر للسياسة العامة وزميل باحث في مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية في الدوحة – إن "محاولة ملاحقة قطر، وهي الآن أهم دبلوماسي في المنطقة خطأ لا يستطيع الشرق الأوسط والولايات المتحدة تحمله".

اقرأ أيضاً

نتنياهو: وساطة قطر أكثر إشكالية من الأمم المتحدة والصليب الأحمر

ويورد التحليل أمثلة على محاولات داخل الكونجرس الأمريكي للضغط على قطر أو معاقبتها بسبب علاقاتها مع "حماس"، والتي جاءت بطلب أمريكي في عهد باراك أوباما، لكي تتمكن واشنطن من الحفاظ على اتصالات خلفية مع الحركة الفلسطينية، خاصة في أوقات التوتر بغزة والتي تهدد الأمن الإقليمي بالكامل.

ففي 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قال السيناتور مايك لي (جمهوري من ولاية يوتا) على منصة "X" إن "أيدي قطر ملطخة بالدماء" وأنه إذا لم تقم الحكومة باعتقال قادة حماس ومصادرة أصولهم، "فيجب أن يكون هناك عواقب".

وهناك تصريحات أخرى لأعضاء مجلس الشيوخ تيد بود (جمهوري عن ولاية نورث كارولاينا)، وتيد كروز (جمهوري عن ولاية تكساس)، وعضوة الكونجرس كارول ميلر (جمهوري عن ولاية فرجينيا الغربية)، على سبيل المثال لا الحصر، الذين حاولوا جميعًا توريط الدولة الخليجية في هجوم "حماس" الذي وقع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وقبل أيام فقط، طالب السيناتور بود في قاعة مجلس الشيوخ قطر "إما بالضغط على قادة حماس لإطلاق سراح الرهائن الآن أو طردهم من أراضيكم".

ويتساءل الكاتبان: لكن هل تمتلك قطر هذا النوع من النفوذ عندما انتقل قادة حماس عدة مرات في الماضي؟ إذا وجهت قطر مثل هذا الإنذار، فهل تنقطع علاقتها البناءة مع القيادة السياسية لحماس، مما سيوقف أي قدرة أخرى على التوسط بين الجماعة والعالم الخارجي؟

اقرأ أيضاً

كيف أصبحت قطر دولة لا غنى عنها في المحادثات مع حماس؟

سوء فهم لعلاقة قطر مع "حماس"

ويرى الكاتبان أن تلك التصريحات تعكس، في أحسن الأحوال، سوء فهم جوهري لعلاقة قطر مع حماس، وفي أسوأ الأحوال، محاولة قصيرة النظر لمعاقبة الدوحة على دورها الأوسع في دعم القضية الفلسطينية.

ويضيفان: من خلال القيام بذلك، يخاطر منتقدو الدوحة بتنفير الشريك الدبلوماسي الأكثر فعالية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط والحليف الرئيسي من خارج الناتو الذي يستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة.

بالإضافة إلى ذلك، تشكل هذه الانتقادات أيضًا رادعًا لأي طرف منخرط في دبلوماسية جادة في وقت حيث لا تستطيع المنطقة تحمل المزيد من النزعة العسكرية بينما تندفع نحو حرب واسعة النطاق ومفتوحة النهاية.

ويلفت الكاتبان إلى أن واشنطن وتل أبيب كانتا قد طلبتا من الدوحة، قبل أيام قليلة من 7 أكتوبر، زيادة تمويلها لغزة للتخفيف من الأزمة الاقتصادية المتصاعدة وتهدئة السخط، وفقًا لتقارير في الصحافة الإسرائيلية.

ولم تكن قطر قد وافقت بعد على الزيادة وقت هجوم "حماس".

ومن الأهمية بمكان أنه لم يتمكن أي طرف آخر من لعب هذا الدور قبل هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول أو بعده. وهذا يشمل الولايات المتحدة، على الرغم من عقود من الانخراط في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني باعتبارها الوسيط الرئيسي في عملية السلام.

اقرأ أيضاً

لدور قطر في ملف الأسرى.. إسرائيل تتراجع عن خطة لإغلاق "الجزيرة"

عجز دبلوماسي أمريكي

ويرى الكاتبان أن هذا النوع من النهج المتشدد هو الذي ترك الولايات المتحدة عاجزة في دبلوماسيتها الخاصة، حتى خارج نطاق إسرائيل وفلسطين.

فلسنوات، عزلت واشنطن نفسها عن الأطراف الحاسمة في الصراعات التي تشارك فيها أيضًا.

وفي الوقت نفسه، أعطى الكونجرس أولوية كبيرة للإنفاق الدفاعي على حساب السلك الدبلوماسي الأمريكي.

ونتيجة لذلك، أصبح التدخل العالمي للولايات المتحدة أكثر عسكرة أو قائماً على العقوبات، وخاصة منذ الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001.

ولكن بالنسبة لأغلب الأزمات، لا يوجد حل عسكري. وعند مرحلة ما، تصبح الدبلوماسية والوساطة ضرورية لدعم التوصل إلى حل سياسي، ولو كان غير لائق، كما حدث مع حركة طالبان التي أنهت "الحرب الأبدية" في أفغانستان.

اقرأ أيضاً

ردا على طوفان الأقصى.. دعوة أمريكية لقطر بتسليم هنية

الدوحة تسد الفراغ الدبلوماسي لواشنطن

ويقول التحليل إن قطر دخلت في الفراغ الدبلوماسي الأمريكي.

وحتى الآن، توسطت الدوحة بين الولايات المتحدة وإيران لإطلاق سراح السجناء الأمريكيين، وبين الولايات المتحدة وطالبان لإنهاء الحرب في أفغانستان، بما في ذلك مساعدة المدنيين الضعفاء الذين تُركوا وراءهم بعد الخروج الأمريكي المتسرع والفوضوي في أغسطس/آب 2021.

وفي العام الماضي، تفاوضت قطر أيضًا على عودة الأطفال الأوكرانيين الذين تم أسرهم في روسيا، وكذلك بين الجهات السياسية الفاعلة في فنزويلا، لتأمين ساحة لعب عادلة قبل انتخابات 2024.

وفي كل حالة، كانت الولايات المتحدة غير قادرة على إجراء مثل هذه المفاوضات لأنها لم تتحدث مع إيران أو طالبان أو روسيا أو فنزويلا.

ومن ناحية أخرى، تحافظ الدوحة على سياسة الحياد والانفتاح مع مجموعة واسعة من الجهات السياسية الفاعلة. وهذا شرط للوساطة الفعالة التي يجب أن تقوم على تنمية العلاقات والثقة، ويشمل ذلك إسرائيل، التي حافظت قطر على علاقة غير رسمية معها منذ التسعينيات، وهو العقد الذي شهد افتتاح إسرائيل مكتبًا تجاريًا في الدوحة.

ومن خلال سياسة بناء العلاقات والوساطة هذه، أصبحت قطر تلعب دورًا أكثر فعالية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني من أي من أقرانها، حتى أولئك الذين لديهم الآن علاقات طبيعية مع إسرائيل، بحسب الكاتبان.

اقرأ أيضاً

بين الواقع والمفاهيم الخاطئة.. كيف تدير قطر علاقاتها مع حركة حماس؟

معاقبة الدوحة أمر خطير

ويختم الكاتبان تحليلهما بالقول إنه، وفي حين أن السعي إلى معاقبة أي شخص مرتبط بـ"حماس" في أعقاب أحداث 7 أكتوبر أمر مفهوم، فإن السعي إلى معاقبة الدوحة على الدور الذي أقرته الولايات المتحدة وإسرائيل هو أمر في غير محله وخطير.

ويضيفان: فهو يفرض تأثيراً مخيفاً يجعل الدبلوماسية، التي لكي تكون فعّالة، تستلزم مفاوضات صعبة مع الخصوم والأعداء لتحديد نقاط التسوية أكثر صعوبة.

ويمضيان بالقول: إن ملاحقة الوسطاء هي طريقة مؤكدة لتهميش الجهود السياسية لإنهاء الحرب وترك الخيارات العسكرية فقط والصراع الذي لا نهاية له على الطاولة.

المصدر | كريستيان أولريشسن وعمر رحمن / ناشيونال إنترست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: قطر وساطة قطر حماس غزة الولایات المتحدة الشرق الأوسط اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

عقوبات أمريكية على 3 من قيادات حماس في تركيا

أنقرة (زمان التركية) – فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على ستة من كبار مسؤولي حركة حماس، نصفهم يقيم في تركيا.

وجاء في بيان الوزارة أن ثلاثة من هؤلاء الأشخاص موجودون في تركيا.

مسؤولوا حماس المفروض عليهم عقوبات، هم: عبد الرحمن إسماعيل عبد الرحمن غنيمات، وموسى داوود محمد عكاري، وسلامة مرعي.

ويقيم غنيمات في تركيا، وهو عضو منذ فترة طويلة في كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، وأنشأ وحدة مسؤولة عن تعزيز مصالح حماس في الضفة الغربية، وتورط في عدة هجمات في إسرائيل.

وقيل إن عكاري توسط في تحويل الأموال من تركيا إلى غزة والضفة الغربية نيابة عن حماس، وأدين سابقًا بقتل شرطي حدود إسرائيلي.

ومرعي يقيم في تركيا وشارك في الوساطة المالية نيابة عن حماس، وسُجن عام 1993 بتهمة قتل جندي إسرائيلي في هجوم في الضفة الغربية.

ومؤخرا، قالت مصادر في وزارة الخارجية التركية في 18 تشرين الثاني/نوفمبر إن أعضاء حماس ”يزورون تركيا من وقت لآخر“، لكن ”الادعاءات بأن المكتب السياسي لحماس انتقل إلى تركيا لا تعكس الحقيقة“.

في اليوم نفسه نفى الحساب الرسمي لحماس على تطبيق تيليجرام هذه المزاعم التي أوردتها تقارير إسرائيلية.

وجاء في الرسالة، نقلاً عن مصادر في الحركة، أن الادعاءات بأن قادة حماس غادروا قطر إلى تركيا ”ليست سوى شائعات“.

وعقب بيان أنقرة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، إنهم على علم بنبأ توجه قادة حماس إلى تركيا.

وقال ميلر “سنوضح للحكومة التركية أن الأمور لا يمكن أن تستمر كما كانت من قبل فيما يتعلق بحماس”.

Tags: الولايات المتحدةتركياحماسواشنطن

مقالات مشابهة

  • فرض “حل” على الفلسطينيين لن ينهي صراع الشرق الأوسط مع إسرائيل
  • 48 ساعة سوداء على إسرائيل.. إدانة نتنياهو وغضب عالمي بسبب المستوطنين
  • خبير اقتصادي: مصر الملاذ الآمن للمنطقة العربية
  • مجلة أمريكية: كيف ستتعامل إدارة ترامب مع الحوثيين وهل استهداف قيادة الجماعة ضمن بنك أهدافها؟ (ترجمة خاصة)
  • السفيرة الأمريكية بالقاهرة: مصر هي قلب الثقافة في الشرق الأوسط
  • وزير خارجية إيران: المقاومة في لبنان كيان مستقل
  • عقوبات أمريكية على 3 من قيادات حماس في تركيا
  • عضو «الشرق الأوسط للسياسات»: واشنطن أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل بالتصعيد في حربها على غزة
  • بوتين يهاتف السوداني بشأن توترات الشرق الأوسط
  • إيلون ماسك المغربي يعلن تسويق سيارات الهيدروجين التي عرضها أمام الملك في الولايات المتحدة