ليلة الإسراء والمعراج.. أحب الأعمال والحكمة من فرض الصلاة فيها
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
أكد الدكتور مجدي عاشور المستشار السابق لمفتي الجمهورية، أن رحلة الإسراء والمعراج معجزة كبرى فيها من الدروس ما نحن بحاجة إليه الآن مثل الأخذ بالأسباب، وأنه مع كل أزمة أو محنة توجد منحة علينا أن نسعى إليها بالجد والاجتهاد والعمل.
وأضاف «عاشور» أن ليلة السابع والعشرين من رجب مباركة، ناصحًا المسلمين بكثرة الذكر وقراءة القرآن الكريم وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- والاطلاع على سيرته العطرة، وصلاة ركعتين قيام ليل، منبهًا على أن الصلاة معراج القلب إلى الله تعالى، مشيرًا إلى أنها رحلة روحية يطوي الإنسان فيها فواصل البعد بينه وبين الله، ويدنو من خالقه ورازقه -سبحانه وتعالى-.
وألمح إلى أنه في الصلاة يكون الإنسان في موارد القرب والحب الإلهي العظيم، ويعلن عن تصاغره وعبوديته لخالقه، وتتسع أمام الإنسان آفاق العظمة والقدرة الإلهية المطلقة، ويتجسّد للإنسان فقره وضعفه وحاجته إلى غنى بارئه ورحمته، وتزول الحجب بين العبد وربّه، فتفيض إشراقات الحب والجمال الإلهي على النفس، لتعيش أسعد لحظات الإيمان والرّضى.
ولفت مستشار المفتي، إلى أن كل إنسان يستطيع أن يعرج يوميًا إلى الله تعالى عن طريقة أداء الصلوات، موضحًا أن أداء الصلاة ليلًا فهذا إسراء وأداء الصلوات في أكثر من مكان يعد معراجًا لأن الانتقال من طاعة إلى طاعة فهو معراج يقرب العبد من ربه -عز وجل-، منوها بأن المعنى الحقيقي للمعراج هو القرب من الخالق جل شأنه.
الحكمة من فرض الصلاة ليلة الإسراء والمعراجإنّ العبادة الوحيدة التي فُرضت في السماء السابعة دون واسطةٍ بين الله تعالى ونبيه محمدًا صلّى الله عليه وسلّم عبادة الصلاة، وليس ذلك إلّا لبيان أهمّيتها، وفضلها، وعظمة مكانتها في ميزان الله تعالى، حيث فُرضت الصلاة أولًا خمسين صلاةً كما ورد في حديث صحيحٍ طويلٍ عن النبي عليه الصلاة والسلام، ثم خفّفها الله تعالى على الأمة حتى بلغت خمس صلواتٍ في اليوم والليلة.
حكم صيام الإسراء والمعراج
قالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا مانع شرعًا من التطوع بصوم ليلة الإسراء والمعراج، لما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- إنه قال: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ الله بَعَّدَ الله وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا».
وذكرت دار الإفتاء، أنه يستحب إحياء هذه الليلة بالعبادات والطاعات ومن أبرز هذه العبادات التي يحبها الله هي الصيام، منوهة أن هناك كذلك إطعام الطعام وإخراج الصدقات والسعي على حوائج الناس، والإكثار من الذكر والاستغفار.
وأوضحت، أن النبي الكريم، كان يحرص على الصيام في رجب لما له من مكانة عظيمة عند الله، ولم يرد عن صوم الإسراء والمعراج أنه سنة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإسراء والمعراج حكم صيام الإسراء والمعراج دار الإفتاء رحلة الإسراء والمعراج الإسراء والمعراج الله تعالى
إقرأ أيضاً:
القدوة الصالحة وأثرها على المجتمع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
الحمد لله متمم النعم والإحسان، معلم الحكم للإنسان، نور بكتابه القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، والصلاة والسلام على لبنة الكمال، وبدر التمام، ومسك الختام، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم – الذي جَعلَه الله لنا قُدوَةً وَمَثَلًا أعلى نتأسى به في كل شئون حياتنا إلى يوم الدين،، وبعد،،،
فمما لا شك فيه أن للقدوة الصالحة، والتأسي الحسن، أثر طيب في تربية النفوس، وصلاح المجتمعات، والقدوة في اللغة تدور حول عدة معان، منها: التقدُّم على الاخرين، ومتابعة الغير، وإذا شَممت الرائحة الطيِّبة تُمسِي قدوةً، وهكذا من كان طيِّبًا في سُمعته يُتابَع في فعله.
وقال ابن منظور: «والقُدوة والقِدوة: الأُسْوة. يُقَالُ: فُلَانٌ قُدْوَة يُقْتَدَى بِهِ. والقَدْوةُ التقَدُّمُ. يُقَالُ فُلَانٌ لَا يُقادِيه أَحد وَلَا يُماديه أَحد وَلَا يُباريه أَحد وَلَا يُجاريه أَحد، وَذَلِكَ إِذا بَرَّز فِي الخِلال كُلِّهَا». ومن خلال هذه المعاني، يمكن القول بأن القدوة هي اتّخاذ الغير مِثالًا لنا، وأن نقتدي به وأن نحذوا حذوه.
فإن كانت التأسي به في الخير، فهو القدوة الصالحة والمثال الحسن والإنموذج الطيب، وإن كان التأسي في الفساد والشرِّ فهو القدوة السيئة. والإنسان بطبعه وفطرته يميل إلى الاقتداء والتأسي؛ حيث يحتاج في حياته إلى تواجد شخصية إيجابية ناجحة كي يستفيد من تجاربها الناجحة في حياته، وتطوير ذاته، وتحديد قدراته، وتنمية مهاراته في مختلف المجالات.
ولو تدبرنا نصوص الشريعة من قرآن وسنة، لوجدنا أن القدوة الصالحة، والتأسي الحسن خُلُق كريم، وصفة عظيمة من صفات أنبياء الله ورسله - عليهم الصلاة والسلام - ولأهميتها في حياة الأمة، وفي إصلاح المجتمعات، نجد أن القرآن الكريم قد حث على أهمية القدوة في حياة الأمة، فأرشد نبينا وحبيبنا محمدًا صلى الله عليه وسلم إلى الاقتداء بأحوال السابقين من المرسلين؛ فهم صفوة عباده، وخيرة خلقه، جُبلوا على كمال الدين، وجميل الصفات، ومكارم الأخلاق وطيب العادات؛ فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بهم؛ فقال الله – تعالى - بعد أن ذكر عليه قصصهم - ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 90].
وأرشد الله تعالى أمة حبيبه صلى الله عليه وسلم إلى التأسي برسولهم صلى الله عليه وسلم في جميع سلوكياته وأقواله ؛ فقال الله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
لذا اقتدى صحابته- رضوان الله عليهم - به في كل أحواله وحركاته وسكناته، والأدلة على ذلك كثيرة، منها: ورد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَنْ يَسَارِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ الْقَوْمُ أَلْقَوْا نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ، قَالَ: «مَا حَمَلَكُمْ عَلَى إِلْقَاءِ نِعَالِكُمْ»، قَالُوا: رَأَيْنَاكَ أَلْقَيْتَ نَعْلَيْكَ فَأَلْقَيْنَا نِعَالَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ جِبْرِيلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا - أَوْ قَالَ: أَذًى - " وَقَالَ: " إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ: فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا" ( ) قال العظيم آبادي عند تعرضه لشرح هذا الحديث:«وَفِيهِ أَنَّ الِإْتِسَاءَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَفْعَالِهِ وَاجِبٌ كَهُوَ فِي أَقْوَالِهِ وَهُوَ أَنَّهُمْ رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَعَ نَعْلَيْهِ فخَلَعُوا نِعَالَهُمْ».
إن القدوة الحسنة لها أثر طيب في إصلاح الأفراد والمجتمعات؛ فهي توفر جهودا كبيرة، وأوقاتا كثيرة على الآباء في مجال تربية أبنائهم، وتساعدهم في غرس القيم الجميلة، والأخلاق النبيلة الايجابية في نفوس أطفالهم ونشئهم. فالأولاد دائما يتأثرون بآبائهم وأمهاتهم، والقائمين على تربيتهم منذ نعومة أظفارهم، وقد أصاب كبد الحقيقة من قال:
مَشَى الطاووسُ يومًا باعْوجاج فقلدَ شكلَ مشيتهِ بنوهُ
فقالَ علامَ تختالونَ؟
قالوا: بدأْتَ به ونحنُ مقلّدوهُ
فخالِفْ سيركَ المعوجَّ واعدلْ
فإنا إن عدلْتَ معدلوه
أمَـا تدري أبانا كلُّ فــــــــرعٍ يجاري بالخُطى من أدبوه؟
وينـشَأُ ناشئُ الفتيانِ منـا على ما كان عوَّدَه أبوه.
إن وجود القدوة الصالحة، والمثال الحسن، في حياة الأطفال والشباب –الذين هم عماد الأمة وقادة المستقبل - له جميل الأثر ودوام النفع على الفرد والمجتمع ويساعد على بناء جيل يتصف بسلوك حميد صفات إيجابية مما يجعلهم قادرين على النهوض بأمتهم وإصلاح مجتمعهم.
د. أحمد رزق درويش، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية