ليست منطقة اقتصادية تزدهر بالمشاريع الاستثمارية المتنامية وحسب، بل تعد الدقم أيقونة سياحية فريدة، بموقعها الاستراتيجي المطل على بحر العرب وتتكامل مفردات القطاع السياحي بدءا من مطارها النشط ومرافقها الفندقية إلى الأنشطة البحرية المتنوعة مثل الصيد والغوص والشواطئ الخلابة والطبيعة البكر على طول السواحل والحدائق والمتنزهات والمخيمات المتنوعة، بالإضافة إلى المحميات الطبيعية والمعالم السياحية التي تتميز بها محافظة الوسطى بشكل عام.
وقال سالم بن سعيد قطن، مسؤول المحطة الواحدة بالمنطقة الاقتصادية الخاصة: الدقم تتمتع بطقس معتدل، وتعتبر وجهة سياحية مثالية لمن يبحثون عن الهدوء وراحة البال خلال فصل الصيف، حيث تنخفض درجة الحرارة إلى 25 درجة مئوية خلال أشهر الصيف وهو أمر نادر في شبه الجزيرة العربية، حيث تتجاوز درجات الحرارة في الصيف 40 درجة مئوية.
وأشار إلى أن الدقم تقع بالقرب من العديد من المواقع السياحية في محافظة الوسطى، وتتميز بإطلالتها على بحر العرب، وبوقوعها في منتصف المسافة بين مدينتي مسقط وصلالة وتمثل الولاية وجهة سياحية استثنائية تتميز بتنوع عناصرها المختلفة وجمال مناظرها الطبيعية والبحرية، علاوة على مناخها المعتدل طوال أيام السنة، وتمتزج في هذه الوجهة الحداثة بالأصالة بالإضافة إلى التراث الثقافي البدوي الثري والتنوع الجغرافي الفريد، فهي تستحق سمات الوجهة السياحية المفضلة.
حديقة الصخور
وأوضح أن حديقة الصخور بالدقم تعد أحد أهم المواقع الجيولوجية في سلطنة عُمان وأحد أعظم كنوز الدقم الطبيعية، ويضم موقع الحديقة الذي يمتد على طول 6 كيلومترات مربع تشكيلات صخرية فريدة، يعتقد أنها تعود إلى 46 مليون عام، وتصطف التشكيلات على هيئة تماثيل من الحجر الرملي والحجر الجيري، تشكلت بفعل عوامل الرياح، والمياه، والجليد، والعناصر الطبيعية الأخرى على مدى ملايين السنين، ولن يكتمل اكتشاف كنوز الدقم السياحية، إلا بزيارة هذا المعلم الفريد .. مشيرا إلى أن الموقع تم اكتشافه في عام 2009 من خلال بعثة استكشافية أجرتها شركة أسرار الأرض بالتعاون مع الرابطة العالمية للبيئات، والحديقة مصنفة الآن عالميًا واحدة من الحدائق الصخرية الطبيعية النادرة في العالم، وأصبحت حديقة الصخور أحد معالم الجذب الرئيسية للزوار والسياح والباحثين والمتخصصين في هذا المجال، نظرًا لهذه التشكيلات الصخرية الفريدة والمميزة.
حصاة حمر
وتمثل الجزيرة الجبلية الصغيرة في البحر قبالة قرية نفون معلما جيولوجيا فريدا من نوعه، توجد على مقربة منه العديد من الصخور التي تحمل حفريات تعود لملايين السنين، وتعتبر من الأماكن المميزة للدقم وهي شعار الولاية ويمكن الوصول إليها عن طريق القوارب الصغيرة ويمكن الغطس بجانب الجزيرة التي يتم العمل على تطويرها لتصبح مكانا لهواة الغوص.
وأضاف: تعد قرية نفون من أجمل القرى الساحلية بولاية الدقم وتشتهر بجمال وروعة شواطئها ومشاهدة صخرة حمر بجانب العديد من المواقع الأثرية التي تم اكتشافها بالقرية.
شواطئ التخييم
وأكد أن الدقم تتمتع بشواطئ تمثل مزارات سياحية للتخييم والاستجمام بينها شاطئ رأس مركز الذي يقع أسفل تل مرتفع من التلال الصخرية بالدقم وهو شاطئ قريب من قرية ظهر، حيث المناظر الخلابة من أعلى قمة على هذا الشاطئ الجميل، إضافة إلى شاطئ الشوعير الذي يعد من أبرز شواطئ ولاية الدقم ويبعد حوالي 20 كيلومترا عن وسط الولاية، ويتميز بنظافة ونقاء مياهه التي تميل إلى البرودة ليلًا، كما تضم الولاية شاطئ رأس مدركة، إذ يقع على بعد حوالي 80 كيلومترا عن مركز الولاية وهو أحد الشواطئ التي يقصدها السياح لممارسة أنشطة التخييم، حيث إن المكان جميل وهادئ ومطل على ضفاف بحر العرب، ويمثل متنزه شاطئ الدقم الواجهة البحرية، حيث يمكن للزوار والسياح الإقامة في المرتفعات الجبلية الجميلة القريبة من الشاطئ أو استئجار «كرفانات» متنقلة في متنزه شاطئ الدقم.
اكتشف الدقم
وقال سالم قطن: لإبراز الدقم كوجهة سياحية واستثمارية قامت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة بإطلاق حملة «اكتشف الدقم»، سواء كان ذلك على مستوى النمط التجاري أو الخدمي أو الاجتماعي أو السياحي من فنادق وشواطئ ومواقع سياحية التي تشتهر بها محافظة الوسطى، وتهدف حملة «اكتشف الدقم» وفق مختلف أنشطتها ومبادراتها لتحقيق مجموعة من الأهداف، منها تعزيز نمط وأسلوب الحياة للسكان في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم ووضع الدقم بشكل خاص ومحافظة الوسطى بشكل عام كوجهة سياحية محلية وإقليمية، إضافة إلى جذب أكبر عدد من الزوار للمنطقة للتعرف على المعالم السياحية والمزايا الاستثمارية التي تتمتع بها المنطقة واستقطاب أكبر عدد من الفعاليات والأنشطة الرياضية والثقافية والترفيهية والسياحية والفنية لتكون في الدقم.
وأشار إلى أن المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم احتضنت العديد من الفعاليات السياحية والترفيهية والرياضية المحلية والدولية ضمن حملة «اكتشف الدقم»، كما قامت الهيئة -ضمن سعيها لتعريف الزوار بالحملة- باستخدام عدد من المنصات التسويقية المختلفة لجذب السياح إلى الدقم والتعريف بالحملة، منها إعداد الدليل السياحي التفاعلي، وتدشين حسابات خاصة بالتواصل الاجتماعي، إضافة إلى تطبيق إلكتروني لتكون جميعها تحت مسمى «اكتشف الدقم» للتعريف بالمواقع السياحية والخدمات وتقدم للسائح فرصة الاطلاع على المواقع السياحية في مكان واحد لتسهيل تجربته في الفنادق والمنتجعات والشقق الفندقية والمتنزهات والعديد من الخدمات والمرافق السياحية أثناء وجوده في الدقم بشكل خاص ومحافظة الوسطى بشكل عام، وتعد هذه المنصات -التي تديرها الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية- دليلا إرشاديّا يضم معلومات وصورا عن أهم الأماكن وتتيح إحداثيات الموقع سهولة وصول الزائر لولاية الدقم إلى أي مكان من أماكن الجذب وأبرز الأماكن التي يرغب في زيارتها، كما أنه يمكنه من خلال التطبيق عمل مسارات جبلية للمشي لبعض الأماكن الجميلة في الدقم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاقتصادیة الخاصة بحر العرب العدید من
إقرأ أيضاً:
250 عاماً من الإيمان.. كنيسة سيدة الغابة تتحوّل إلى وجهة سياحية عالمية
في خطوة لافتة وإنجاز جديد يُضاف إلى سجل لبنان السياحي، تم إدراج كنيسة "سيدة الغابة" في بلدة بيت شباب في قائمة المعالم السياحية الدينية المميزة. وجاء هذا الإعلان المهم خلال الاحتفال بيوبيل الكنيسة الـ250، الذي شكل مناسبة للتأكيد على الدور التاريخي والديني المهم لهذه الكنيسة التي تعتبر من أبرز الوجهات الروحية والثقافية في لبنان.في حديث للمونسنيور خليل الحايك لـ"لبنان24" حول تاريخ كنيسة "سيدة الغابة"، ذكر الحايك أن الأب جوزيف غودار هو أول من تناول تاريخ هذه الكنيسة في كتابه "La Sainte Vierge au Liban"، حيث أشار الأب غودار إلى أنه "في القرن السابع عشر، كان الرعاة الذين يأتون من أعالي الجبال يلجأون إلى منطقة وسطية في بيت شباب، حيث كانوا يختبئون مع قطعانهم. وكانت العذراء مريم ترافق هؤلاء الرعاة بشكل دائم، مما دفعهم لبناء مزار لها في هذا المكان. ومع مرور الوقت، أصبح هذا الموقع مقامًا خاصًا بالعذراء، حيث كانوا يكرمونها بشكل مستمر". تابع: "يوجد لدينا وثيقة قديمة تعود لعام 1726 تتحدث عن بناء الكنيسة الأولى لسيدة الغابة، والتي كان سقفها خشبًا، وذلك بجانب المزار الذي أسسه الرعاة. وفي نفس العام، قرر آل الحايك، الذين كانوا يقيمون في بيت شباب، ترميم الكنيسة، فقاموا بتحويل السقف الخشبي إلى عقد حجري. وظلت هذه الكنيسة قائمة حتى اليوم، حيث تقع في الجهة الشمالية للكنيسة الكبيرة التي بُنيت عام 1900. وتجدر الإشارة إلى أن الكنيسة التي تم تشييدها في عام 1900 قامت على أنقاض الكنيسة القديمة. وأوضح الحايك أن "أهمية كنيسة "سيدة الغابة"، تكمن في تاريخها العريق والمعاناة التي مرت بها جراء العدوان الذي تعرضت له عام 1840، في فترة الأمير حيدر أبي اللمع، الذي كان مسؤولًا عن منطقة بيت شباب. ووقع هذا الاعتداء نتيجة للخصومة السياسية بين الأمير إبراهيم باشا والأمير حيدر، حيث كان إبراهيم باشا يسعى للانتقام من الأخير. ورغم وجود 14 كنيسة في منطقة بيت شباب، فإن كنيسة "سيدة الغابة" كانت تعد الأهم بسبب موقعها الاستراتيجي على طريق المكارية، الذي كان يعد الطريق الرئيسية في تلك الحقبة". وأشار إلى أنّه "في ذلك الوقت، اقتحم إبراهيم باشا الكنيسة وقام بتدميرها بالكامل، حيث كانت تحتوي على لوحة شهيرة رسمها الفنان كنعان ديب عام 1839، أي قبل عام من الاعتداء. وقد تعرضت اللوحة للتدمير بواسطة الرماح والرصاص، وكان أهل البلدة يقولون بأن باللوحة "نزفت"، نتيجة لذلك، أطلق عليها اسم "العدرا المجرحة". وكشف أنّه "لاحقًا، قام حبيب سرور برسم نسخة كبيرة من اللوحة، ووُضعت خلف مذبح الكنيسة، اما اللوحة المُجرحة كانت محفوظة في صندوق. وعند التأمل فيها، كان يمكن ملاحظة اختلاف كبير بين الألوان الظاهرة فوق اللوحة وتلك التي كانت مخفية تحتها، مما أثار العديد من التساؤلات". اضاف حايك: "في عام 1994، وتحديدًا في شهر آب، نشرت كتيب حول الكنيسة ذكرت فيه سؤالًا: "هل تخفي هذه اللوحة تحتها لوحة أخرى، على غرار مسار أيقونة سيدة ايليج؟". وفي أيلول من نفس العام، تعرفنا على راهبة كرملية أسست دار أنطاكية للايقونات، وهي التي اشرفت على دراسة لوحة ايليج. عند زيارتها للكنيسة، استخدمت عدسة مكبرة لفحص اللوحة، وأخبرتني قائلة: "لا أستطيع التأكد إن كانت هذه اللوحة تخفي لوحة أخرى تحتها باستخدام العدسة المكبرة، لأن الأمر يبدو وكأن هناك لغزًا تحتها. ولكن ربما يجب علينا إجراء عملية معينة لأن اللوحة قديمة". وبموافقة لجنة الوقف، تم أخذ اللوحة في بداية شهر أيلول لبدء العملية. وكشف أنّه "في كانون الثاني من العام التالي، أرسلت لي رسالة تقول: "نحن أمام شيء جميل جدًا، ستفرح عندما تراه". وأرسلت اللوحة إلى مستشفى أوتيل ديو لإجراء فحص بالأشعة السينية(radiography) ، حيث أظهرت الأشعة وجود طبقتين مختلفتين تمامًا تحت اللوحة. الأولى كانت تحتوي على عناصر نباتية، بينما كانت الطبقة الثانية تملك وجهًا مختلفًا للعذراء"، موضحاً أنّه "بعد جمع كافة الملفات المتعلقة باللوحة، تم عرض التفاصيل على المطران يوسف بشارة، راعي الأبرشية آنذاك. وبعد الاطلاع على نتائج الفحص، طلب المطران أن يتم التركيز على إبراز اللوحة الأساسية". موضحاً أن "اللوحة كانت تتطلب جهدًا لاستكشاف وتوضيح ما تخفيه من رسومات أساسية تحت طبقاتها". وأعلن الحايك أنّه "خلال العملية، تم تحديد تاريخ صنع اللوحة في القرن السابع عشر، ولا يزال غير معروف من هو رسامها، ولكن من المحتمل أن يكون شخصًا من المنطقة أو من قبرص، حيث كان هناك تفاعل كبير بين لبنان وقبرص نظرًا لانتمائهما لنفس الأبرشية. وعندما رأى المطران يوسف سويف، مطران قبرص آنذاك، اللوحة، قال لي: "اللوحة تشبه كثيرًا اللوحات الموجودة في قبرص، خصوصًا وجه العدرا". أردف: "بعدها بدء العمل على إزالة الطبقة العلوية للوحة، حيث كانت هناك امرأة فرنسية، صديقة للراهبة، تعمل في مجال ترميم اللوحات، وبدأت بإزالة الطبقة العليا ببطء حتى بدأ الألوان الأصلية تظهر تدريجيًا. وعندما وصلنا إلى الوجه، كان هناك الكثير من القلق بشأن النتيجة، لأن الأشعة السينية لم تُظهر الوجه بوضوح. ومع مرور الوقت، كانت الراهبة تتصل بي كل 15 يومًا لتتابع سير العمل وتطلعني على التقدم". تابع: "وفي النهاية، وبعد اتخاذ قرار بالكشف الكامل عن الوجه، ظهر الوجه الأصلي بشكل رائع وجميل. كان هناك اختلاف ملحوظ بين الطبقة الأولى، التي رسمها كنعان ديب، حيث كانت عيون العذراء تنظر مباشرة إلى الناظر، بينما في الطبقة الأصلية كانت عيونها تنظر إلى الأسفل، وكأنها تتأمل في ذاتها. وبعد ترميم اللوحة بشكل كامل، تم إدخالها إلى كنيسة بيت شباب في آب من عام 1997، وفي عام 2000 تم تخصيص مزار خاص لها داخل الكنيسة. وأصبحت اللوحة الآن مقصدًا مهما لجميع المؤمنين، وأصبحت تشكل جزءًا من التاريخ الديني والثقافي للمنطقة". ختم الحايك بالقول: " لهذا السبب تتمتع "سيدة الغابة" برمزية وأهمية كبيرة، حيث تعتبر اللوحة التي تمثلها تحفة فنية بكل معنى الكلمة. اليوم، نحتفل بانطلاقة جديدة، ليس فقط لبيت شباب، بل للمنطقة ككل، إذ إن هذا هو أول مقام في منطقة المتن يتم إدراجه ضمن السياحة الدينية، مما يسهم في إنعاش المنطقة ويجعلها وجهة سياحية مهمة". المصدر: خاص "لبنان 24"