غزة.. محاولات بحث يائسة عن حبة دواء
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
أصبحت صيدليات مدينة رفح الواقعة قرب حدود قطاع غزة مع مصر، خاوية على عروشها، في وقت يبحث فيه الكثير من المرضى بيأس شديد عن دواء يخفف أوجاعهم، وذلك بعد أن ولجت الحرب بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس، شهرها الخامس.
وفي حديثه إلى صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، قال صاحب صيدلية "النجمة" بمدينة رفح، همام علي، إنه "لم يعد هناك أدوية للأمراض الشائعة" في القطاع الفلسطيني المحاصر، مثل الربو والسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.
وأضاف أيضا أنه "لم تعد المضادات الحيوية وأدوية للأطفال وعقاقير لعلاج الالتهابات الفيروسية والحمى الشديدة، متوفرة في الصيدليات".
"هتاف بالدمار وسخرية".. ماذا تكشف مقاطع فيديو لجنود إسرائيليين في غزة؟ خلصت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن الصور الواردة في فيديوهات نشرها جنود إسرائيليون للحظات يقومون فيها بتدمير ممتلكات مدنية وإظهار بعض السخرية، تشكل نافذة لجانب آخر من جوانب الحرب لا يتم الحديث عنه.وتابع:"في غضون شهر من بدء الحرب في 7 أكتوبر، أصبحت جميع الأدوية الأساسية وبدائلها المعروفة غير متوفرة في قطاع غزة".
وروى كيف جاء رجل إلى صيدليته باحثا عن دواء الصرع لأطفاله الأربعة، لكن علي لم يكن لديه ما يعطيه له.
وكان الأب مشتتًا للغاية لدرجة أنه "بدا وكأنه على وشك أن يفقد عقله"، حسب الصيدلي الذي قال إنه "يشعر بالعجز" كل يوم، بينما اليائسون يدخلون صيدليته، دون أن يجدوا شيئا من ضالتهم.
شهادات مؤلمةأما رائدة عوض (50 عاما)، التي نزحت مع عشرات من أقاربها من وسط قطاع غزة، وتعيش الآن في خيمة، فقالت إن أطفالها يعانون باستمرار من السعال ومشاكل في المعدة وأمراض أخرى، دون أن تتمكن من إحضار أدوية لهم.
تقرير يكشف أسماء أبرز السجناء الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم ضمن صفقة الرهائن كشف تقرير إسرائيلي عن بعض أبرز الأسماء التي تطالب حركة حماس الفلسطينية، بالإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية، كجزء من هدنة محتملة مع إسرائيل تقضي بإطلاق سراح المحتجزين لديها في قطاع غزة.وأضافت أنها تعاني من مرض السكري، وأنها لم تتمكن من الحصول على الأنسولين منذ مجيئها إلى رفح قبل شهر، موضحة: "قيل لي إن بإمكاني استخدام الأقراص حتى يتوفر الأنسولين.. بيد أنها نفدت أيضا، ويخرج ابني كل يوم للبحث عنها، لكن دون جدوى".
وفي شهادة أخرى، قال علاء محمود إنه نزح مع أسرته من خان يونس، المدينة الجنوبية التي تعتبرها إسرائيل معقلاً لحماس، والتي كانت مسرحاً لقتال عنيف منذ أسابيع.
وأوضح محمود أنه كان يكافح من أجل العثور على جهاز استنشاق لوالدته البالغة من العمر 70 عامًا، والتي تعاني من الربو.
وتابع: "لقد عانت والدتي بالفعل من عدة نوبات ربو، بما في ذلك نوبة قوية حيث نقلتها على عربة يجرها حمار تحت القصف إلى المستشفى في خان يونس".
وأضاف بأسى: "الموت يحيط بنا من كل جانب، سواء كان بسبب القصف أو المرض أو الجوع أو البرد".
محاولات يائسة للخروجوفي ظل غياب العلاج الطبي المناسب، يحاول البعض في رفح إخراج أقاربهم المرضى عبر المعبر الحدودي مع مصر، لكن هذه عملية بطيئة وتتطلب موافقة إسرائيل على خروج المرضى وأفراد أسرهم المرافقين لهم.
وفي هذا الصدد، أوضح صخر أنه لم يعد بإمكان ابنته الحصول على جلسات غسيل الكلى التي تحتاجها 3 مرات في الأسبوع، منذ الطفولة.
وزاد: "لم تتلق جلسة منذ 10 أيام، وأنا أموت رعبا من فكرة موتها.. إنها في حالة سيئة، وقد سعينا لإخراجها إلى مصر، لكن الأمر صعب".
وبالمثل، يريد محمود البلبيسي، إخراج والدته من غزة لعلاجها من سرطان العظام، حيث إنها كانت قادرة قبل اندلاع الحرب على الذهاب إلى مستشفى في الضفة الغربية للحصول على جرعات العلاج الكيماوي، وهو أمر لم يعد ممكنا الآن.
إلا أن تلك السيدة أصبحت محاصرة في قطاع غزة دون إمكانية الحصول على الدواء. وفي هذا الصدد قال ابنها: "أخذتها قبل 5 أيام إلى مستشفى في رفح لأنها كانت تصرخ من الأوجاع القاتلة.. ولم يكن بإمكانهم سوى إعطائها مسكنات الألم".
وتابع: "أخبرونا أن السرطان انتشر إلى الكبد والجهاز الهضمي. لقد كانت على قائمة المغادرة منذ بداية الحرب، لكن لم يحدث شيء بهذا الخصوص حتى الآن”.
وحذرت وكالات الإغاثة من أن النظام الصحي في غزة انهار تقريبا منذ بدء الحرب، حيث لا يزال 14 مستشفى مفتوحا من أصل 36 منشأة طبية.
وقال مسؤولون بالأمم المتحدة إن ما يزيد قليلا عن 100 شاحنة تحمل إمدادات إنسانية تدخل غزة يوميا في المتوسط، مقارنة بـ 500 شاحنة قبل الحرب.
وأوضحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في غزة، أنه "ومثل الأنواع الأخرى من الإمدادات الإنسانية، لا تدخل الأدوية إلى غزة بكميات كافية لتلبية الاحتياجات".
وأردفت: "المستشفيات في حاجة دائمة إلى الإمدادات، مثل الأدوية المستخدمة أثناء العمليات الجراحية وأدوية الحروق، كما أن هناك نقصا في علاجات السرطان والمضادات الحيوية".
وأضافت اللجنة الدولية للصليب الأحمر: "للأسف، يجد الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة صعوبة في تأمين الدواء".
ولفتت إلى أن أطباء اللجنة الدولية العاملين في بعثات في القطاع، سمعوا من زملائهم الفلسطينيين أنهم اضطروا إلى إجراء عمليات جراحية دون تخدير.
وحذرت منظمة الصحة العالمية في ديسمبر، من أن "مزيجا قاتلا من الجوع والأمراض" سيؤدي إلى المزيد من الوفيات في غزة.
وأضافت أن "سوء التغذية يزيد من خطر وفاة الأطفال بسبب أمراض مثل الإسهال والالتهاب الرئوي والحصبة، خاصة في بيئة يفتقرون فيها إلى الخدمات الصحية المنقذة للحياة".
ويشهد قطاع غزة معدلات مرتفعة من الأمراض المعدية، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، تشمل "الإسهال والتهابات الجهاز التنفسي العلوي والعديد من حالات التهاب السحايا والطفح الجلدي والجرب والقمل وجدري الماء".
وكان هناك أيضًا انتشار لمرض التهاب الكبد الوبائي (A) واليرقان بسبب الظروف غير الصحية في القطاع.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
انتعاش صناعة الفخار في غزة لتعويض نقص الأواني جراء حرب إسرائيل
تنتعش صناعة الفخار التقليدية جزئيا في قطاع غزة بعد تراجعها لسنوات، مع اضطرار الفلسطينيين إلى إيجاد حلول بديلة لتعويض النقص الحاد في الأطباق وأواني الطعام، في القطاع الذي دمرته حرب إسرائيل المستمرة على القطاع منذ 14 شهرا.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن، جعفر عطا الله (28 عاما)، وهو صاحب ورشة لصناعة الفخار، في دير البلح (وسط قطاع غزة) أنه يواجه "طلبا غير مسبوق" على الأطباق والأواني الفخارية.
وبعدما تراجعت في العقد الأخير، يبدو أن صناعة الفخار على الطريقة الفلسطينية التقليدية عادت إلى الظهور بوصفها بديلا يسهّل حياة النازحين قليلا مع انعدام خيارات أخرى في المنطقة.
ويؤكد عطا الله، الذي يتحدر من عائلة اشتهرت بصناعة الأواني الفخارية، أنه يعمل بلا توقف لتلبية الطب المتزايد.
ويقول إنه قادر على صناعة نحو 100 قطعة يوميا، غالبيتها أوان للحساء والأوعية التي يوضع فيها الطعام أو يطهى فيها، مثل الزبدية والإبريق والأكواب.
ويضيف أنه كان قبل الحرب ينتج نحو 1500 قطعة فخارية في اليوم الواحد في مشغله في حي "الفواخير" في منطقة الدرج شمال وسط مدينة غزة.
وكان الحي يضم عشرات الورش ومصانع الفخار قبل الحرب الأخيرة، لكنها دمرت كلها تقريبا في القتال المتواصل منذ 14 شهرا.
إقبال كبير على أواني الفخار بغزة بسبب انقطاع الأواني المعدنية والبلاستيكية (رويترز) ارتفاع الأسعاروأدت الحاجة المتزايدة للأواني الفخارية إلى ارتفاع كبير في الأسعار.
ويقول عطا الله -الذي نزح مع عائلته من مدينة غزة إلى دير البلح- إنه يبيع كل قطعة في مقابل 10 شيكلات (2.7 دولار)، أي أكثر بنحو 5 مرات تقريبا عن سعرها قبل الحرب.
وكانت غزة تخضع لحصار بري وجوي وبحري فرضته إسرائيل منذ 2007، غير أن الوضع تدهور بشكل كبير جدا منذ اندلاع حرب إسرائيل على القطاع.
وتشير منظمات الإغاثة الدولية بانتظام إلى صعوبات كبيرة في إدخال السلع الشحيحة وتوزيعها في قطاع غزة بسبب القيود الإسرائيلية.
وتوقفت مصانع قطاع غزة عن الإنتاج بسبب الدمار الذي لحق ببعضها أو بسبب الحرب، بينما أغلقت أخرى بسبب عدم توافر المواد الخام وانقطاع الكهرباء.
وتسببت الحرب في شلل القطاع الصناعي بغزة، بينما تكافح المستشفيات أيضًا للحصول على الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء لتوفير الحد الأدنى من الرعاية الصحية.
وفتح عطا الله بعد نزوحه ورشة عمل صغيرة في ظل خيمة بلاستيكية زرقاء اللون، وهو يجبل الطين الأحمر بيديه لصناعة الأواني الفخارية، ثم يتركها لتجف في الشمس وتتحول إلى لون الطين المألوف.
أما في السابق، فكان يصنعها بآلات ويجففها في فرن مخصص لذلك.
أهالي قطاع غزة لجؤوا إلى الأواني الفخارية مع تكرار النزوح (رويترز) ابتكارات للصمودورغم توافر الأواني المعدنية والمصنوعة من الألمنيوم والزجاج والخزف قبل اندلاع الحرب، فإن كثيرا كانوا يحرصون على اقتناء الأواني الفخارية إذ تفضل بعض العائلات إعداد الأطعمة التقليدية فيها، لأنها تحافظ على مذاق مميز.
تقول لارا الترك: "بعد 13 شهرا على بدء الحرب، ذهبت إلى السوق لشراء الأطباق وأدوات المائدة، وكل ما تمكنت من العثور عليه هو هذا الإناء الفخاري".
وتضيف الترك (40 عاما) وهي ربة عائلة وتقيم في مركز إيواء مؤقت في مخيم النصيرات، المجاور لمخيم ومدينة دير البلح، "اضطررت إلى شرائه لإطعام أطفالي"، وتقول إن سعر الإناء الفخاري أصبح الآن "أكثر من ضعف" ما كان عليه قبل الحرب.
وفي الأسواق المقامة على جوانب الطريق، الخيار الآخر الوحيد المتاح هو الصحون المخصصة للاستخدام لمرة واحدة في حال توافرها.
وفي قطاع غزة، حيث توقفت شبكة توزيع المياه عن العمل بسبب الضرر الكبير اللاحق بها، أصبحت أواني الشرب الفخارية شائعة في الصيف، لأنها تحافظ على المياه باردة وصالحة للشرب لفترة أطول. ويحصل النازحون على هذه المياه من نقاط قليلة توفرها منظمات إنسانية أو جمعيات خيرية محلية.
ودفعت الحرب كل سكان القطاع تقريبا، والبالغ عددهم نحو 2.4 مليون شخص، للنزوح مرة واحدة على الأقل خلال العام الماضي، وفقا للأمم المتحدة. ويشار إلى أن نحو ثلثي سكان القطاع بالأصل من لاجئي عام 1948.
وبات أكثر من 1.5 مليون منهم يعيشون في خيام أو مراكز إيواء في مدارس تابعة لوكالة الأونروا وآلاف منهم على الأرصفة.
وبعد كل أمر يصدره الجيش الإسرائيلي بالإخلاء، ينطلق مئات الأشخاص على الطرقات، سيرا على الأقدام بغالبيتهم، وهم يحملون بعضا من مقتنياتهم وبينها في غالب الأحيان أوان من الألمنيوم أو البلاستيك.
مع استمرار الحرب والنزوح المتكرر، تبدو الأمتعة التي يحملها الناس أقل.
ونتيجة لحروب عدة، اعتاد سكان قطاع غزة ابتكار طرق ووسائل جديدة للتعويض عن الصعوبات من أجل الاستمرار، مثل اعتمادهم على الحمير في النقل، وسط ندرة الوقود.