تشهد الحروب البحرية ثورة مستمرة تتسارع وتيرتها بشكل مفرط في عصر الطائرات المسيرة الفتاكة والصواريخ الموجهة، وكلها أسلحة زهيدة الثمن ومتاحة بكميات وفيرة، وفقا لمقال في مجلة "ناشونال إنترست" الأميركية.

وأوضح كاتب المقال جيمس هولمز، رئيس الإستراتيجية البحرية في كلية الحرب البحرية وزميل غير مقيم بكلية الشؤون العامة والدولية جامعة جورجيا، أن تكلفة التسلح عامل محوري في الحروب، ذلك أن تهديد الأساطيل والسفن البحرية العابرة للمحيطات صار غير مكلف في أيامنا هذه، إلا أن الدفاع عنها باهظ الثمن، ناهيك عمّا ينطوي عليه من خطورة.

وقال إن الحوثيين أطلقوا، الأسبوع الماضي، صاروخا مضادا للسفن صوب البحر الأحمر اقترب مسافة لا تبعد عن ميل واحد من المدمرة الأميركية "غرافلي" قبل أن يُسقطه نظام أسلحة محمول على السفن مصمم لاكتشاف وتدمير الصواريخ -يعرف اختصارا بـ"سي آي دبليو إس" (CIWS)- وهو سلاح قادر على إطلاق 4500 مقذوفة في الدقيقة من مدفع طراز "غاتلينغ" موجه بالرادار.

وأضاف الكاتب أن تسلسل الأحداث على متن المدمرة يظل لغزا، وقد لا نعرف بالضبط ماذا حدث. وأقر بأن قادة البحرية سيحيطون تفاصيل الأحداث بالسرية خشية لفت انتباه الأعداء الحاليين أو المحتملين إلى نقاط الضعف في البحرية الأميركية.

ولم تتمكن أجهزة الرادارات وأنظمة الدفاع الصاروخي على متن المدمرة من رصد الصاروخ الحوثي، إلا عند اقترابه من نظام "سي آي دبليو إس".

أمر مقلق

ونقلت شبكة "سي إن إن" على موقعها الإلكتروني عن توم كاراكو مدير مشروع الدفاع الصاروخي بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية القول إن "ما يدعو للقلق" أن صاروخ الحوثيين اقترب بشدة من المدمرة غرافلي.

وبدوره، قال المحلل كارل شوستر -وهو قائد سابق بالبحرية الأميركية- إن الصاروخ الحوثي، المندفع بسرعة حوالي 965 كيلومترا في الساعة، كان على الأرجح على بعد حوالي 4 ثوان من ضرب السفينة الحربية الأميركية قبل تدميره.

السلاح المفضل في البحر الأحمر حتى الآن هو الطراز الأحدث لصاروخ "إس إم-2" الذي يبلغ سعر الطلقة الواحدة منه نحو 2.4 مليون دولار، بينما تصل تكلفة النسخة الواحدة من صاروخ "إس إم-6" أرض أرض وأرض جو، 4.3 ملايين دولار. أما نظام الصواريخ الباليستية الاعتراضية "إس إم-3" فيكلف مبلغا ضخما قدره 36 مليون دولار.

وأشار الكاتب في مقاله إلى أنه -مع التطور الذي طرأ على الطيران العسكري- امتلك خفر السواحل من أسباب القوة ما يجعلهم قادرين على ضرب الأساطيل التي تتحرك على مسافة بعيدة من الشواطئ، وأضحت مساحات واسعة في البحار الآن في متناول أسلحتهم.

وزاد أن ذخائر الأسلحة النارية كانت في الماضي رخيصة، وباتت الآن باهظة الثمن. وتكافح الصناعة العسكرية لتصنيع ذخائر دقيقة التوجيه بكميات كبيرة وبمعدلات سريعة نظرا لما يكتنفها من تعقيدات وبسبب الطلب المتقطع عليها من القوات البحرية في أوقات السلم.

وجاء في مقال "ناشونال إنترست" أن السلاح المفضل في البحر الأحمر حتى الآن هو الطراز الأحدث لصاروخ "إس إم-2" الذي يبلغ سعر الطلقة الواحدة منه نحو 2.4 مليون دولار، بينما تصل تكلفة النسخة الواحدة من صاروخ "إس إم-6" أرض أرض وأرض جو، 4.3 ملايين دولار. أما نظام الصواريخ الباليستية الاعتراضية "إس إم-3" فيكلف مبلغا ضخما قدره 36 مليون دولار.

ويمضي المقال إلى أن البحرية الأميركية تستهلك صواريخ محدودة الكمية بوتيرة أسرع من ميزانيات الدفاع التي تمول النسخ الجديدة، ومن قدرة شركات تصنيع الأسلحة على إنتاج بدائل لها.

ويعتقد الكاتب أن العمليات العسكرية الأميركية ضد الحوثيين، رغم أنها ضرورية لتأمين حرية الملاحة لأنها مصلحة عامة لا تقدر بثمن، فإنها تستنفد مخزونات محدودة من الأسلحة التي قد تكون هناك حاجة لها في مسارح عمليات أهم، مثل غربي المحيط الهادي حيث توجد الصين التي تمثل "التحدي الأكبر" لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أو حول المحيط المائي لأوروبا، حيث الصين التي تشكل تحديا  "أقل شأنا" لكنها ما تزال مصدر قلق لواشنطن.

البحرية الأميركية تستهلك صواريخ محدودة الكمية بوتيرة أسرع من ميزانيات الدفاع التي تمول النسخ الجديدة، ومن قدرة شركات تصنيع الأسلحة على إنتاج بدائل لها.

بعبارة أخرى، كلما زاد استنفاد العتاد الحربي في الشرق الأوسط، الذي يرى هولمز في مقاله أنه ذو أهمية ثانوية للمصالح الأميركية الوطنية، قل توفره لمنطقة شرق وغرب أوروآسيا ذات الأهمية القصوى للولايات المتحدة.

فكيف يتسنى للبنتاغون والبحرية الأميركيين تجنب التكاليف الباهظة لذخائر الأسلحة النارية، والقدرة الصناعية المقيدة، والتبعات المترتبة على تراجع مخزونات الأسلحة البحرية؟

4 أفكار أساسية

يجيب الكاتب وهو خبير في مجال الدفاعات البحرية قائلا إن هناك 4 أفكار أساسية تساعد في حل هذه المعضلة، الأولى والثانية ذواتا طابع إنساني وقابلتان للتطبيق في وقت قصير على الأقل من الناحية النظرية.

الفكرة الأولى: تكمن في إيلاء الفكر الإستراتيجي الأولوية داخل أجهزة الأمن القومي الأميركي، فليس بمقدور أي دولة في نظر الكاتب- أن تضفي أولوية قصوى لكل مكان على خريطة العالم، إذ إن ذلك يقتضي منها استهلاك أكبر قدر ممكن من مواردها لفترة غير محددة. الفكرة الثانية: أن تدفع الولايات المتحدة حلفاءها وشركاءها على تولي جانب من المسؤولية، ذلك لأن ضمان حرية الملاحة أمانة مشتركة على عاتق جميع الدول المستفيدة من الملاحة البحرية، والوصية عليها. الفكرة الثالثة: إعادة بناء قاعدة الصناعات الدفاعية الأميركية، وتكرار تجربة تصنيع العتاد الحربي اللازم بكميات كبيرة مثلما حدث في الحربين العالميتين والحرب الباردة. الفكرة الرابعة: تصحيح نسبة تكلفة الصرف غير المتكافئ بين التهديدات غير المكلفة، والمنظومات الدفاعية باهظة الثمن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: البحریة الأمیرکیة ملیون دولار الواحدة من

إقرأ أيضاً:

البحرية البريطانية ترصد سفينة تجسس روسية بالقرب من المياه البريطانية

يناير 22, 2025آخر تحديث: يناير 22, 2025

المستقلة/- صرح وزير الدفاع البريطاني للنواب أن البحرية الملكية البريطانية تراقب سفينة تجسس روسية بعد رصدها بالقرب من المياه البريطانية في وقت سابق من هذا الأسبوع.

وقال جون هالي إن السفينة “يانتار” استخدمت لجمع المعلومات الاستخباراتية ورسم خرائط للبنية التحتية الحيوية تحت الماء في المملكة المتحدة.

وقال إن الحادث كان “مثالا آخر على العدوان الروسي المتزايد”.

وأضاف هالي: “أردت أيضًا أن يسمع الرئيس [فلاديمير] بوتين هذه الرسالة: نحن نراكم، ونعرف ما تفعلونه ولن نتردد في اتخاذ إجراءات قوية لحماية هذا البلد”.

وتصف روسيا سفينة “يانتار” بأنها سفينة أبحاث محيطية وتديرها وزارة الدفاع في البلاد.

وتتبعت الدول الغربية السفينة العاملة في المياه الأوروبية في كثير من الأحيان وتشتبه في أن جزءًا من مهمتها كان رسم خرائط للكابلات البحرية.

كما يعتقدون أن روسيا كانت تكثف هذا النشاط منذ أن شنت غزوها الكامل لأوكرانيا.

بالإضافة إلى معدات المراقبة، يمكن للسفينة تشغيل طائرات بدون طيار غواصة قادرة على الوصول إلى قاع المحيط.

وقال هيلي إن البنية التحتية تحت الماء ضرورية لإمدادات الطاقة من خلال كابلات الطاقة وخطوط الأنابيب، في حين يتم تأمين أكثر من 95٪ من حركة الإنترنت أيضًا عبر كابلات تحت الماء.

وقال هيلي إن يانتار كانت حاليًا في بحر الشمال، بعد مرورها بالقرب من المياه البريطانية واكتشافها على بعد 45 ميلاً من الساحل البريطاني في القناة الإنجليزية يوم الاثنين.

وقال: “خلال اليومين الماضيين، نشرت البحرية الملكية سفينة إتش إم إس سومرست و إتش إم إس تاين لمراقبة السفينة كل دقيقة عبر مياهنا”.

“لقد غيرت قواعد الاشتباك للبحرية الملكية حتى تتمكن سفننا الحربية من الاقتراب وتتبع يانتار بشكل أفضل. حتى الآن، امتثلت السفينة لقواعد الملاحة الدولية”.

وقال وزير الدفاع إن هذه هي المرة الثانية التي تدخل فيها السفينة المياه البريطانية في الأشهر الأخيرة، حيث تم اكتشاف يانتار أيضًا “تسكعًا فوق البنية التحتية الحيوية تحت الماء في المملكة المتحدة” في نوفمبر.

وقال إن غواصة تابعة للبحرية الملكية تم تفويضها بالصعود إلى السطح بالقرب من يانتار – وهي خطوة غير عادية للغاية.

ووصف هالي هذا الأمر بأنه “إجراء رادع صارم” و”لتوضيح أننا كنا نراقب كل تحركاتها سراً”.

وقالت مصادر دفاعية لهيئة الإذاعة البريطانية إن السفينة تلقت تحذيراً شفهياً أيضاً.

وأضاف هالي “غادرت السفينة بعد ذلك المياه البريطانية دون مزيد من التسكع وأبحرت إلى البحر الأبيض المتوسط”.

وقال هالي إن الحكومة عززت استجابتها للنشاط البحري الروسي مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي.

وقال إن القوات الجوية الملكية ستوفر طائرات مراقبة للانضمام إلى نشر حلف شمال الأطلسي لحماية البنية الأساسية الحيوية في بحر البلطيق.

ويأتي ذلك بعد تضرر كابل بحري بين إستونيا وفنلندا في ديسمبر/كانون الأول، حيث تحقق الشرطة الفنلندية فيما إذا كانت سفينة روسية متورطة.

وقال وزير الدفاع في حكومة الظل جيمس كارتليدج إن حزب المحافظين يقف “جنباً إلى جنب” مع نهج الحكومة و”شفافيتها” بشأن التهديد البحري الروسي.

كما رحب بالتغيير في قواعد الاشتباك للبحرية الملكية، مضيفًا: “هذا يرسل إشارة قوية إلى بوتين بأننا لن نخاف وأننا سنرد إذا كان هدفه هو الاستمرار في دفع حدود النشاط الخبيث في مياهنا، وتلك القريبة منا”.

وقال كارتليدج إن القضية أظهرت لماذا يجب زيادة الإنفاق الدفاعي في أقرب وقت ممكن.

وقال وزير الدفاع السابق المحافظ السير جافين ويليامسون إن التهديد من النشاط البحري الروسي “نما بشكل كبير”.

وقال لبي بي سي: “إذا كان للبحرية الملكية وسلاح الجو الملكي أي فرصة للحفاظ على سلامة هذه البنية التحتية الوطنية الحيوية، فسوف يحتاجون إلى طوفان من الموارد”.

“نحن بحاجة إلى التوسع بشكل كبير والقيام بذلك بسرعة كبيرة”.

مقالات مشابهة

  • وزير الأوقاف ينعى الكاتب الصحفي أحمد عطية صالح
  • هذه العمليات الإرهابية التي يقوم بها الجنجويد تعكس حالة الإحباط التي وصلوا إليها
  • البحرية البريطانية ترصد سفينة تجسس روسية بالقرب من المياه البريطانية
  • شنقريحة: تعزيز علاقات التعاون في مجالي الأمن والدفاع مع أمريكا
  • وزير الدفاع السوري: لا يستقيم بناء القوات المسلحة بعقلية الثورة والفصائل
  • سكان كاليفورنيا الأميركية يتفقدون منازلهم التي طالتها النيران
  • كيف اختفت جثامين 2800 شهيد في غزة؟ تقرير يكشف عن أسلحة محرمة دولياً
  • الترسانة النووية للرئيس الـ47.. ما الأسلحة التي يستطيع ترامب أن يهدد بها العالم؟
  • كبار مديري شركة بترومسيلة.. نرفض استهداف الشركة وإدارتها وكوادرها ونحمّل الجهات التي تحاول تعطيل وتدمير هذا الصرح الوطني كامل المسئولية القانونية
  • لكل من فاته خطاب ترامب.. هذه أبرز القرارات التي أعلن عنها فور تنصيبه