إيران تعرف ماذا تريد… هل في أميركا من يعرف؟
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
آخر تحديث: 7 فبراير 2024 - 9:32 صبقلم:خيرالله خيرالله جاء علي أكبر أحمديان الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني إلى بغداد والتقى رئيس الوزراء محمّد شيّاع السوداني وكأن شيئا لم يكن. كأن إيران لم تطلق صواريخ في اتجاه مطار أربيل قبل فترة قصيرة ولم تقتل مدنيين عراقيين آمنين كانوا في منازلهم بحجة أنّها تستهدف مواقع لجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد).
لم يجد رئيس الوزراء العراقي ما يبرّر به تراجعات العراق أمام إيران سوى كلام عام يقوله أمام المسؤول الإيراني. تصرّف السوداني كما لو أن العالم لا يعرف طبيعة العلاقات التي باتت تربط بين طهران وبغداد منذ تشكيل الحكومة الحاليّة في ضوء خروج مقتدى الصدر، صاحب أكبر كتلة برلمانية من المشهد السياسي ورضوخه لما تريده “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران. قال محمّد شيّاع السوداني أمام أحمديان، حسب بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، إنّه “أبدى حرص بلاده على مبدأ حسن الجوار وإقامة أفضل العلاقات مع دول المنطقة والعالم”، لكنه شدد على أن بلاده “لا تجامل على حساب سيادة العراق وأمنه”. في المقابل، أكد أحمديان “التزام إيران بأمن العراق واستقراره، وحرصها على مواصلة العمل طبقا للاتفاق الأمني المشترك بين البلدين”. قبل كلّ شيء، لا حاجة للعراق إلى قول أيّ كلام منمق من أيّ نوع مع إيران، خصوصا منذ وضعت الأخيرة يدها على البلد كلّه ومنذ صار “الحشد الشعبي” السلطة الحقيقيّة في العراق وصولا إلى اعتبار المسؤولين فيه أنّهم يمثلون “الدولة” العراقيّة. يؤكد ذلك عدم وجود أيّ شكوى لدى مجلس الأمن عندما اعتدت إيران على مطار أربيل وعلى مواقع مدنيّة. أمّا بالنسبة إلى إيران، فإنّ لدى “الجمهوريّة الإسلاميّة” تفسيرا خاصا بها للاتفاق المشترك العراقي – الإيراني. تأخذ منه ما تشاء وترفض ما تشاء وتبرّر ما تقوم به، خصوصا عندما تستهدف كردستان العراق. يستطيع كلّ من محمّد شيّاع السوداني وأحمديان الخروج بكلّ المجاملات الممكنة. وتبقى حقيقة واحدة يفرضها الواقع القائم وهي حقيقة أن المسؤول الإيراني موجود في بغداد في زيارة إلى عقر الدار ولا شيء آخر غير ذلك. فوق ذلك كلّه، تجد “الجمهوريّة الإسلاميّة” الأمر طبيعيا بشنّ مجموعات مسلّحة عراقيّة، منضوية تحت لافتة اسمها “الحشد الشعبي”، لهجمات على قواعد أميركية كما حصل أخيرا عند الحدود السوريّة – الأردنيّة… أو حشد قوات على الحدود العراقيّة – الأردنيّة بحجة حرب غزّة.ثمّة واقع لم يعد في الإمكان تجاهله. يتمثّل هذا الواقع في أن الحكومة العراقيّة تقول ما لا تريد الحكومة الإيرانيّة قوله. لم يعد العراق سوى غطاء للممارسات الإيرانيّة في المنطقة إن على صعيد التعاطي مع الأكراد أو الضغط على الأردن… أو العمل من أجل خروج أميركا من المنطقة عسكريا. بكلام أوضح، تُفهم إيران الولايات المتحدة، بشكل يومي أنّها تعمل عندها وأنّها المنتصر الوحيد في الحرب التي شنتها أميركا من أجل إسقاط نظام صدّام حسين قبل واحد وعشرين عاما. تكمن معضلة أميركا، بغض النظر عن الطريقة التي ستنتهي بها حرب غزّة، في التمدّد الإيراني في العراق وفي أماكن أخرى. وضعت “الجمهوريّة الإسلاميّة” يدها على بلد مهمّ اسمه العراق فيما فشل المشروع الأميركي في هذا البلد. لم تدرك أميركا منذ العام 1979 معنى الخلل في التوازن بين العراق وإيران. ولم تتنبه يوما إلى البعد الذي سيترتب على تسليم العراق إلى إيران على صحن من فضّة في العام 2003. لم تنتبه إلى اليوم لمعنى وجود خلل في التوازن الإقليمي لمصلحة المشروع التوسعي الإيراني القائم على تفتيت الدول العربيّة الواحدة تلو الأخرى بدءا بالعراق.عندما يزور مسؤول إيراني في مستوى علي أكبر أحمديان بغداد في هذه الأيام بالذات، يتأكّد نجاح المشروع الإيراني في العراق وفشل المشروع الأميركي. في أساس هذا الفشل الجهل الأميركي بشؤون المنطقة من جهة وغياب الدور القيادي للولايات المتحدة من جهة أخرى. ليس العراق وحده الذي يعاني من هذا الجهل الأميركي الذي ظهر بوضوح منذ قيام الثورة الشعبيّة في سوريا في آذار – مارس من العام 2011 ومنذ وَضَعَ الحوثيون، الذين ليسوا سوى أداة إيرانيّة، أيديهم على صنعاء في أيلول – سبتمبر 2014. لا وجود، إلى يومنا لإدراك أميركي لمعنى وجود كيان سياسي إيراني في شبه الجزيرة العربيّة. استطاعت إيران تحويل هذا الكيان إلى قاعدة عسكريّة فيها صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة. لا تهدّد هذه القاعدة ذات الحدود الطويلة مع المملكة العربية السعوديّة كلّ دولة من دول الخليج العربي فحسب، بل صارت تشكل أيضا تهديدا لحرية الملاحة في البحر الأحمر، وهو البحر المؤدي إلى قناة السويس. من العراق، إلى سوريا، وصولا إلى لبنان، يتقدّم المشروع التوسعي الإيراني بخطى ثابتة من دون إدراك أميركي لخطورة الوضع اليمني. ستضع حرب غزّة أوزارها في المستقبل القريب. سيحصل من دون شكّ تغيير كبير في إسرائيل نفسها، لكن ماذا عن أنحاء أخرى في المنطقة، وفي مقدّمها العراق؟ يبدو مشروعا التساؤل هل قدر العراق أن يصبح مستعمرة إيرانيّة في ضوء التجاهل الأميركي لخطورة ما حذّر منه مطلع ثمانينات القرن الماضي الرئيس الفرنسي الراحل فرنسوا ميتران. كان ذلك في أثناء الحرب التي خاضها العراق مع إيران، وهي حرب استمرت ثماني سنوات. وقتذاك برّر ميتران “تأجير” طائرات فرنسية من طراز “سوبر إيتندار” للعراق وتزويده صواريخ “إكزوسيت” المضادة للسفن بخشيته من انتصار إيراني يؤدي إلى سقوط الحدود بين العراق وإيران. كان ميتران يعرف معنى سقوط هذه الحدود “التي ليست حدودا بين دولتين، بل بين حضارتين كبيرتين هما الحضارة الفارسيّة والحضارة العربيّة” وانعكاس ذلك على المنطقة كلّها.سقطت هذه الحدود. يوجد حاليا خلل على صعيد المنطقة كلّها. إيران تعرف ما الذي تريده. هل في واشنطن من يمتلك مشروعا واضحا للمنطقة، مع استمرار حرب غزّة… أو بعد توقّفها؟
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: أمیرکا من إیرانی فی إیرانی ة
إقرأ أيضاً:
الغرف التجارية: منتدى الأعمال المصري العراقي رسالة دعم للشراكة مع القطاع الخاص
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد محمد سعده، السكرتير العام للاتحاد العام للغرف التجارية المصرية ورئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية ببورسعيد، خلال فعاليات منتدى الأعمال المصري العراقي، بالعاصمة العراقية بغداد، أن المنتدى يمثل رسالة واضحة على الدعم الحكومي الجلي للشراكة مع القطاع الخاص باعتباره قاطرة التنمية، وذلك بعد أشهر قليلة من اللقاء المثمر بقيادات المال والأعمال المصريين، مع دولة رئيس مجلس وزراء العراق بمدينة العلمين الجديدة.
وأضاف سعده، الذي يمثل الاتحاد العام للغرف التجارية في الوفد المصري رفيع المستوى الذي يزور العراق الشقيق، ان التكامل العربي باعتباره رغبة شعبية قبل أن يكون إرادة سياسية، وهذا الحلم العربي يجب أن تقيم قواعده الدولتان على المستوي الثنائي ثم الإقليمي.
وتابع: "وانطلاقاً من هذه الغاية، عقد اجتماع اللجنة العليا المشتركة لتهيئة المناخ للقطاع الخاص ليؤدي دوره في التنمية، ونفعل سوياً هذه التوصيات كمجتمع أعمال حيث سنتحاور حول مختلف فرص التعاون الاقتصادي المشترك في التجارة والصناعة والخدمات وإعادة الإعمار، بهدف تحقيق الطموحات المشروعة لشعبينا من خلال الاستغلال الأمثل للفرص المتاحة للتنمية، بما يحقق الغرض و يلبي الحاجة الملحة لخلق فرص عمل لأبنائنا في أوطانهم".
وقال يسعي اتحاد الغرف التجارية المصرية جاهداً بالتعاون مع رئيس اتحاد الغرف العراقية لترجمة تلك الرؤى إلى واقع ملموس، من خلال إنشاء غرف عمليات تتولي الربط بين منتسبيها لخلق تحالفات للتصنيع المشترك وتنفيذ مشروعات إعادة الإعمار، ولتنمية تجارتنا البينية وتجاوزها إلى التعاون الثلاثي لأسواق دول الجوار ودول اتفاقيات التجارة الحرة".
وشدد "سعدة" على أن هذه الزيارة تأتي استكمالًا للجهود المصرية العراقية السابقة، والتي أثمرت عن توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية لتعزيز التعاون في مختلف المجالات، وخاصة في مجالات البنية التحتية، والطاقة، والصناعات التحويلية، والزراعة، مشيرًا إلى أن القطاع الخاص يجب أن يكون المحرك الأساسي في تنفيذ هذه الاتفاقيات وتحويلها إلى مشروعات حقيقية تخدم المصالح المشتركة.
وأوضح "سعدة" أن رجال الأعمال المصريين والعراقيين أمام فرصة تاريخية للاستفادة من الإمكانات الكبيرة والأسواق الواعدة في البلدين، حيث يمكن لمصر أن تكون مركزًا إقليميًا للصناعات العراقية، بينما يمثل العراق سوقًا استراتيجيًا للصادرات المصرية، خاصة في قطاعات مواد البناء، والصناعات الغذائية، والهندسية، والدوائية.
واختتم تصريحه بالتأكيد على أن الغرف التجارية المصرية والعراقية ستواصل العمل المشترك لتذليل العقبات، وتسهيل التبادل التجاري والاستثماري، بما يعود بالنفع على اقتصاد البلدين، ويحقق التكامل العربي المنشود.
الجدير بالذكر أنه تم توقيع 12 اتفاقية بين البلدين، وذلك عقب انعقاد جلسة المباحثات الموسعة للجنة العليا المصرية العراقية المشتركة، مؤكدًا أن التعاقدات مع الشركات المصرية وصلت إلى أكثر من 460 مليون دولار.
وأكدت البيانات الحكومية أن قيمة التجارة بين مصر والعراق شهدت ارتفاعًا بنسبة 36.9% خلال أول 10 أشهر من عام 2024، لتسجل نحو 944.016 مليون دولار مقارنة بـ 689.724 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2023. كما أفاد بأن الميزان التجاري بين مصر والعراق يصب في صالح مصر بقيمة 377.58 مليون دولار.
بالإضافة إلى ذلك، بلغت الاستثمارات العراقية في مصر نحو 542 مليون دولار حتى أبريل 2023، في 3653 شركة استثمارية عاملة، وبلغ رأس مالها المصدر نحو 750 مليون دولار.
بينما بلغت الاستثمارات المصرية في العراق نحو 211 مليون دولار، وفقًا لإحصاءات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة حتى نهاية أبريل 2023.