البحث بين حطام السيادة
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
آخر تحديث: 7 فبراير 2024 - 9:27 صبقلم:سمير داود حنوش في شباط- فبراير من عام 1986 قامت السلطات البلغارية في مطار صوفيا باحتجاز طائرة عراقية والقيام بتفتيشها دون سابق إنذار مما تسبب في تأخير الطائرة عن موعد إقلاعها لمدة أربع ساعات، تم إخلاء سبيل الطائرة مع طاقمها، وبعد الرجوع إلى بغداد تم تقديم شكوى إلى رئاسة الجمهورية في ذلك الوقت ليصدر القرار بالمعاملة بالمثل بنسبة 300 في المئة.
قامت السلطات العراقية باحتجاز الطاقم مع الطائرة البلغارية التي حطّت في مطار بغداد بعد يومين من الحادث لأكثر من عشر ساعات متواصلة مع تفتيش كامل للطائرة دون سابق إنذار، وتأخير تقديم الخدمات وحجز أمتعة الطاقم في مطار بغداد مع ضرورة تقديم تعهد من سلطة الطيران البلغاري إلى نظيرتها العراقية بعدم تكرار الحادث، مما دفع الحكومة البلغارية إلى تقديم اعتذار رسمي إلى العراق عن طريق وزارة الخارجية العراقية وعدم تكرار الخطأ مع الطائرات العراقية. يُفترض بالسيادة أن تكون هي الإطار الفعلي لمفهوم الدولة، لكن موضوع السيادة ومفهوم الأمن القومي للعراق تغير بعد عام 2003 حيث باتت تُنتهك شرقاً وغرباً، وبتنا لا نرى ونسمع من السيادة سوى خطابات الشجب والاستنكار بأشد العبارات بألسنة متلونة كواقع المجتمع العراقي الذي أصبح كانتونات وطوائف بعد دخول الدبابات الأميركية إلى شوارعه.ألوان الطيف العراقي نسمعها تتباكى على السيادة الضائعة في أروقة السياسة، تصدح بها أصواتهم عند قصف الدول القريبة أو البعيدة، دون أن نفهم ما تعنيه تلك السيادة التي تتوزع إلى سيادة سنية، وسيادة شيعية وأخرى كردية، وربما نزولاً إلى سيادة الحزب والعشيرة. تخيل الطعم المر للسيادة في بلد يستجدي ماء الشرب والسقي لأرضه من جارته تركيا، فيما تتحكم الجارة الشرقية إيران بأنبوب الغاز الذي يغذي محطات الكهرباء الوطنية في العراق لتنير ظلاماً دامساً وحلكة هي أشد وطأة من زمنهم، وأميركا التي تحتفظ بصندوق “مدخراته النفطية” ولا تعطيه سوى مصروف الجيب ليدبر أموره، فهل رأيتم سيادة أكثر من هذه السيادة؟يختلط علينا المعنى حين يتعذر الفهم في ظل قبول الاختراق والعدوان من هذا الطرف ورفضه من طرف آخر.وحين تتمعن في الصورة السوداء تجد أن المواقف حسب المصالح، كل شيء في العراق أصبح وفق الأهواء والتوافقات، هي المواقف التي جعلتنا شعوباً وقبائل. تحولت السيادة العراقية إلى سيادات متنوعة تتوزع بين أقبية السفارات، غابت حين رحل سلطان الدولة عن المشهد بعد أن أصبحت للزعامات وتيجان الرؤوس حظوظ أعلى من إرادة الدولة بكل ما تعنيه، بل أصبحت إرادة الشخوص هي من تقرر وترسم لنا سياسات الدولة.الأمر الغريب أن الحديث عن مفهوم السيادة لم يعد يؤرّق الكثير من رموز السلطة وإن سمعناها قد ارتدت قناع الهيبة الكاذب، ونعترف أن الذين جاء بهم الغزو الأميركي وصفقات دول الجوار بمن يمثل مصالحهم وشؤونهم في دائرة السلطة ممن اعتادوا العيش في الشوارع الخلفية والأزقة المظلمة لدول الغرب والجوار الذين تسلّموا مفاتيح بغداد وصعدوا على جثث أبنائها وجماجمهم إلى كراسي السلطة، وصنع منهم المحتل طبقة سياسية لإدارة شؤون البلاد والعباد. فائض الكلام أصبح الحديث عن السيادة في بلد مستباح تتصارع على أرضه جميع منتخبات العالم المخابراتية والتجسسية، فأيّ سيادة بعد ذلك نتحدث عنها؟الإرادة الإقليمية والدولية هي التي تتحكم بالمزاج العراقي حيث لا تسمح لقراره السيادي أن يأخذ طريقه للتطبيق إلّا بعد أن يمر عبر بوابات تلك القنوات الدولية وقد انتُزعت منه صفة الشرعية الوطنية.ضاعت السيادة حين مزقوا العراق ودنّست شوارعَهُ وترابَهُ آثارُ الاحتلال، ضاعت السيادة حين انكسر حرف العين في اسم العراق بعد أن كان مضموماً كما كان ينادي به شاعر العراق محمد مهدي الجواهري، حقاً إنه زمن بُكائية السيادة.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
العراق بين عقلية الحكم وحكم العقل
28 أبريل، 2025
بغداد/المسلة:
محمد حسن الساعدي
الملتقى الذي عقد في السليمانية مؤخراً، تحدث السيد عمار الحكيم وهو سياسي ورجل دين عن ملف السلاح في العراق،حيث اكد على أن السلاح ينبغي أن يتم حصره بيد الدولة،وهو أمر مختلف عليه في الاوساط السياسية والحزبية،إذ أن هناك عدد من القوى التي تمتلك السلاح في العراق وهي تقوده خارج أطار الدولة،وهنا لا نتحدث عن قوى الحشد الشعبي التي قارعت وساندت ووقفت في سبيل تحرير أرضها من داعش،وحسب قوله فان مسألة حصر السلاح بيد الدولة ليست بالأمر الهين،وهي مسألة تحتاج تكاتف القوى السياسية جميعها وبدون استثناء سواءً من كان داخل أطار الدولة والحكومة أو من كان خارج أطر الحكومة،على أن يتفق الجميع بأن يكونوا مواطنين يخضعون لسلطة الدولة والقانون لا سلطة السلاح.
حصر السلاح ليد الدولة يحتاج الى وقفة جادة من الجميع،فهو يواجه تحديات سياسية وأمنية وقانونية معقدة وقد يستغرق هذا الامر وقتاً طويلاً من أجل تنفيذه والانتهاء منه، فمظاهر السلام المنتشرة لا تعكس سوى ضعف بسط القانون وسيطرة الحكومة،وبالرغم من كل الجهود الامنية التي تبذلها السلطات والقوى الامنية في هذا المجال، الا انه من الممكن أن يحترق الاخضر واليابس من خلال مشاجرة بين عشيرتين أو شخصين في أحد النواحي الشرقية لمدينة بغداد،وقد يسقط فيها قتلى وجرحى وعلى أتفه الاسباب، ما يعني ان العقلية العراقية ما زالت تحكمها عقلية العشيرة أو الجهل الذي غير مجرى العلاقة بين المواطنين،وتقلل فرص التعايش السلمي فيما بينهم.
التأخر في عملية حصر السلاح بيد الدولة كلما تأخرت،كلما سيطرت العقلية الجاهلة بالسيطرة على الحياة في العراق،وأخذت مدياتها تتسع لتحكم وتسيطر على مجريات الحياة في مدن متعددة منه ما قد يؤثر على الوضع الامني برمته ويهدد السلم الاهلي،خصوصاً مع الاحداث السريعة والغير مستقرة التي تفرضها المنطقة على العراق وتجعله تحت التهديد لأكثر من صورة ومرة، والتهديدات المستمرة التي يطلقها الكيان الاسرائيلي بين الحينة والاخرى هي الاخرى تلقي بظلالها على المشهد وتجعله أكثر سخونة ومهدد بالتصعيد.
حكومة السوداني اتخذت التدابير اللازمة وموقفاً حازماً بهذا الاتجاه،وعقدت الكثير من الجلسات الحوارية مع القوى السياسية من أجل دعم الحكومة بهذا الاتجاه،وبحسب الاخبار فأن الحكيم وبعض قوى الاطار التنسيقي كان لهم دور فاعل ومهم في تقوية الدولة وتهدئة التوترات ومنع الضربات الامريكية والاسرائيلية على العراق، وهو بحد ذاته نصراً في حكم العقل ومنع سيطرة عقلية الحكم والتي أستطاعت أن تكون حلقة وصل بين الدول المتصارعة وأقامت حوارات مهمة بين هذه الدول من أجل أدارة الازمة وقيادة الازمة نحو إبعاد المنطقة من أي خطر وتهديد .
الخطاب المتشدد والطائفي الذي تعالى ضد العراقيين عموماً كان عاملاً مساعداً في تهدئة الموقف وإبعاد العراق من المواجهة وذلك من خلال استشعار القوى السياسية بأن هذا الخطاب قد يعيد أحداث عصابات داعش الى الواجهة،خصوصاً مع التصريحات النارية التي يطلقها البعض والتي تحرض ضد النظام السياسي في البلاد لذلك العقلية السياسية العراقية استخدمت حكم العقل بدل عقلية الحكم في إدارة الازمة،وأن هذه الجهود ستساهم في فرض القانون وتحييد أي تهديد يمكن أن يسبب عدم استقرار في البلاد،خصوصاً مع الاستقرار السياسي الذي حظي بدعماً أقليمياً ودولياً وبرز ذلك من خلال المؤتمرات التي تقام في العراق وآخرها القمة العربية المزمع أقامتها في بغداد قريباً، وهو بهد ذاته نصراً لحكم العقل لاعقلية الحكم.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts