كثيرةٌ هي زلّات اللسان للرئيس الأميركيّ جو بايدن، زعيم "الدّولة الأقوى" نفوذًا في العالم.. الشريك، والداعم الأكبر لإسرائيل في حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها على قطاع غزة الأبيّ الصامد.
هذه " الزلات"، تعكس ارتباكًا سياسيًا، وتخبطًا نفسيًا، وفضحًا للعقل الباطن، وربما، تشي بنوع من الخبل، والعَتَه (سوء الأداء العقلي)؛ نتاجًا لتقدم بايدن في العمر (81 عامًا).
ذلك أنّ الرئيس الأميركي، بتأييده الأعمى- معنويًا وماديًا وعسكريًا- لإسرائيل، قد فتح أبوابَ الجحيم على القواعد العسكرية، والمصالح الأميركية في المِنطقة العربية، وخلق موجة عارمة من العداء لـ "أميركا" في المحيط الشعبي- وليس الرسمي- العربي والإسلامي.
عدم توسعة الحرب أم استفراد بالفلسطينيين؟ها هو بايدن ينزلق ببلاده مع بريطانيا – التابع المُطيع لأميركا- إلى حرب عدوانيّة على اليمن؛ دفاعًا عن مصالح إسرائيليَّة تجارية، بما يُنذر بتعقيد الملاحة في البحر الأحمر، وإشعال المِنطقة كلها، تناقضًا مع "الهدف الأميركي" المُعلن بعدم توسعة نطاق الحرب، بينما الهدف الحقيقيّ، هو تمكين الكيان الصهيوني، من الاستفراد بـ "الشعب الفلسطيني" في القطاع، لإبادته، وتهجير الناجين من المجازر، ومنع أي أطراف أخرى من دعمه. إنَّها الحماقة الأميركية، التي تتجلَّى وتتجسّد في رئيس لسانه منفلت، وكثير الزلل.
بايدن وموديعودة لزلات وهفوات "لسان بايدن".. كان أحدثها يوم (الأحد) الماضي، أمام جمهور كبير في مدينة شيكاغو الأميركية، عندما كان يتحدث مستذكرًا حوارًا في لقاء له، عام 2021، في بريطانيا، مع الرئيس الفرنسي "فرانسوا ميتران".. قاصدًا الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون، وليس الرئيس ميتران المتوفَّى عام 1996.
"بايدن"، سبق له السقوط في هفوات وزلات يصعب حصرها، فقد أنهى إحدى خُطبه قبل عدة أشهر، بقوله: "حفظ الله الملكة"، التي تُختتم بها خطابات المسؤولين في المملكة المتحدة، (بريطانيا+ أيرلندا الشمالية).
الصين، تشغل حيزًا من هفوات بايدن، ففي إحدى زياراته إلى كندا (العام الماضي)، توجّه بالتحية إلى الصين بدلًا من كندا، وذلك في خطابه أمام البرلمان الكندي. مثلما جرى في كلمة له أثناء حملة لجمع الأموال لحملته الانتخابية في يونيو/ حزيران الماضي.. إذ أتى على سيرة صديقه ناريندرا مودي (رئيس الوزراء الهندي)، بأنه رئيس وزراء دولة كانت صغيرة.. هي الآن أكبر دولة في العالم.. "الصين".. قبل أن يستدرك بعدها بقليل، بأنّها الهند.
شيطنة بوتين وحماسروسيا ورئيسها بوتين، يمثلان هاجسًا أيضًا لدى "بايدن".. بعد ساعات من هفوته بحقّ رئيس الوزراء الهندي مودي، وردًا منه على سؤال صحفي عن تمرّد مجموعة فاغنر الروسية العسكرية غير النظامية بقيادة يفغيني بريغوجين، قال: "من الواضح أن بوتين يخسر الحرب في العراق".. بينما هو يقصد أوكرانيا.
وفي أكتوبر/ تشرين الأوّل الماضي (بعد طوفان الأقصى)، تحدّث بايدن عمّا أسماه (الاستثمار الذكي في أوكرانيا وإسرائيل)، واصفًا بوتين بأنه طاغية ويشبه حماس (على اعتبار أن حماس شيطان).. الأمر الذي أثار انتقادات روسية لاذعة، كونه يعتبر تمويل الحروب بأنه استثمار ذكي.
هذا فضلًا عن توظيف "بايدن"- ربما لحالته الذهنية المهتزة- ترويجَ الأكاذيب، عن قطع حماس رؤوس الأطفال، واغتصاب نساء إسرائيليات، وتكرار هذه الأكاذيب على لسانه، رغم نفيها من قِبل البيت الأبيض.
مكنونات العقل الباطنماذا وراء هفوات وزلات اللسان.. وعلامَ تؤشر هذه الهفوات؟. شغلت قضية فلتات اللسان وهفوات القلم؛ مؤسس مدرسة التحليل النفسي العالم اليهودي النمساوي سيغموند فرويد (1856- 1939م).. وفقًا لدراساته، فإن هناك جانبًا مُظلمًا في النفس، أطلق عليه "اللاشعور" أو العقل الباطن، وأن هذا الجانب، له تأثيره القوي في سلوك الإنسان، وقد يكون السبب في بعض الاضطرابات النفسيّة التي تصيب شخصًا ما.
وتُعد هفوات اللسان وزلات القلم، ونسيان المواعيد، ميدانًا أو مسرحًا للعقل الباطن للتعبير عن مكنوناته ومكبوتاته. حسب فرويد، فإن هذه الهفوات للقلم أو اللسان، يتورط فيها الإنسان دون إرادة منه أو قصد، لينقلب المعنى المُراد من الكلام، بما يتسبب في الكثير من الحرج على شاكلة هفوات بايدن.
إذ يجد المرء نفسه، يتمنى لو لم يقع في هذه الهفوة.. مثال ذلك أن يكتب شخص لصديقه قائلًا؛ أشكر الله على ما أنت فيه من نقمة (بدلًا من نعمة).. أيضًا، نسيان شخص ما موعدًا مع آخر، غالبًا يكون رغبة دفينة لدى الأول في الفرار أو الهروب من هذا اللقاء.
كراهية دفينةيُرجع فرويد هذه الزلات في غالبها؛ إلى دوافع لا شعورية أو شبه شعورية سلبية أو إيجابية، لا يدركها الشخص صاحب الهفوة، ولا يفطن إلى وجودها.. لكنها على صلة بالهفوة فقد تكون حُبًا مكبوتًا أو غيرة أو كراهية لا شعورية، أو ما شابه.
آية ذلك في حالة بايدن، تكرار زلات لسان" بايدن" عن الصين وروسيا، منها زلة لسان له في فبراير/شباط من العام الماضي- أثناء وجوده بالعاصمة البولندية وارسو- بأن "بوتين لا يمكنه البقاء في السلطة"، وهو ما حدا بـ "ماكرون" إلى التحذير من أن مثل هذه التصريحات خطيرة، ومُربكة، وتؤدّي إلى تصعيد النزاع.
إلى جانب تفسير فرويد، لـ "زلات اللسان"- وإكمالًا له- فمن وجهة طبية حديثة، فإن "الهفوات"، على شاكلة ما يفلت من لسان بايدن، تؤشر إلى تدهور عقلي أو زهايمر- وإن كان محدودًا-، حيث يغيب الشخص شاردًا إلى زمن، أو مكان آخر، أو كليهما للحظات، فتقع زلات اللسان، قبل أن يعود إلى وعيه.
هذا يعني أن الكون في خطر عظيم.. حين يكون شخص مثل بايدن، على رأس القوة العُظمى في عصرنا.
نسأل الله السلامة.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلاميةالمصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
قصص نزوح من شرق الجزيرة في السودان: هروب من القتل والتشريد
يستعرض هذا التقرير قصصًا حية لمواطنين من قرى شرق الجزيرة فروا من الموت والتشريد على يد “قوات الدعم السريع”. هؤلاء النازحون يعانون من آثار القتل والتهجير، بعد انضمام قائد قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة، أبوعاقلة كيكل، إلى الجيش السوداني. هذا التحول جعلهم ضحايا لعنف لا يرحم، فاضطروا للهرب واللجوء إلى مناطق أكثر أمانًا وسط ظروف إنسانية قاسية.
شرق الجزيرة : كمبالا: التغيير
تفاجأ عبد الرحيم عبد الله، الموظف بإدارة الإحصاء بمستشفى تمبول، بملابسه ملطخة بدماء جاره إلياس، ولم يدرك في البداية أن الطلقة التي أطلقها أحد أفراد “الدعم السريع” هشمت رأسه بعد اتهامه بالانتماء إلى الجيش السوداني.
يتذكر عبد الله الحادثة بوضوح، حيث قال: “أحضرت مجموعة من أفراد الدعم السريع إلياس، وهو سائق لأحد تجار تمبول وينحدر من منطقة الدلنج بولاية جنوب كردفان. طلبوا منه أن يبقى معنا بعد أن كان جالسًا بمفرده في منزله. لكن بعد أقل من خمس دقائق، جاءت مجموعة أخرى واتهمته بأنه ينتمي إلى الجيش. حاول الدفاع عن نفسه، لكن أحدهم أطلق النار على رأسه، فأرداه قتيلًا”.
بعد الحادثة، قرر عبد الله نقل أسرته إلى مسجد المنطقة، حيث انضموا إلى أعداد كبيرة من السكان الذين لجأوا إليه طلبًا للأمان، بعدما فقد جميع ممتلكاته الثمينة من نقود وذهب وهواتف.
وأثناء مروره من منزله إلى المسجد، لاحظ عبد الله أن جميع المنازل كانت مفتوحة ومنهوبة بعد أن هجرها أصحابها. وعندما وصل إلى المسجد، وجد فيه عريسًا وزوجته، ثم حضر أفراد من “الدعم السريع” وطلبوا من الزوجة تسليم الذهب. بعد استدعاء الزوج، أكد لهم أن الذهب قد سُرق في اليوم السابق من الحي القريب من المستشفى، وفقًا لما قاله عبد الرحيم.
مغادرة تمبولبعد هجمات “الدعم السريع” على المسجد، قرر عبد الرحيم مغادرة تمبول متجهًا إلى منطقة الطندب التي تبعد 26 كيلو مترًا شرقًا، وقطع هذه المسافة سيرًا على الأقدام برفقة النساء والأطفال وكبار السن.
ويعد عبد الرحيم محظوظًا لأنه نجا من بطش “قوات الدعم السريع” بعد وصوله إلى حلفا الجديدة عبر مناطق الحفائر، حيث مكث برفقة النساء والأطفال حتى الصباح. ومن هناك، توجه إلى منطقة القرية ستة عرب التي استقبل أهلها جميع النازحين وقدّموا لهم الطعام، ليتم بعدها ترحيلهم إلى حلفا الجديدة، حيث تم تخصيص مدرسة التكامل المصرية لإيواء نازحي تمبول.
التكايا تعاني من نقص كبير في الطعام والملابس والدواء
متطوع
حاول سكان قرى حلفا بولاية كسلا وبعض المنظمات الطوعية والأممية تقديم ما تيسر من احتياجات أساسية، إلا أن ذلك كان أقل من الحاجة.
ويقول المتطوع مهند محمد لـ”التغيير”: “التكايا تعاني من نقص كبير في الطعام والملابس والدواء، وقد استنفذت القرية كل ممتلكاتها بسبب العدد الكبير الذي وصل إليها، وهو ما يفوق طاقة المنطقة.”
وقد فرّ آلاف المواطنين من قرى شرق ولاية الجزيرة جراء الهجمات الأخيرة لـ”الدعم السريع”.
رحلة الـعشرة أيامتروي نادية مصطفى من قرية العكة الجنيد قصتها قائلةً إنها نزحت مع زوجها وأطفالها بعد رحلة استمرت عشرة أيام سيرًا على الأقدام، حيث اضطرت في النهاية إلى إدخال أطفالها إلى المستشفى.
ننام على الأرض بلا أغطية للأطفال في ظل انخفاض درجات الحرارة
نازحة
وتصف نادية، في حديثها لـ”التغيير”، كيف هربت مع عائلتها ليلًا برفقة عدد من نساء القرية خوفًا من بطش “قوات الدعم السريع” التي مارست القتل والنهب ضد مواطني قريتها والقرى المجاورة.
وتضيف: “وصل جنود من الدعم السريع وأخبرونا أنهم لن يدخلوا المنازل، فقررنا البقاء في بيوتنا، لكن بعد فترة قصيرة اقتحم الجنود المنازل. كنا مجموعة من نساء القرية مع خمس فتيات، حيث تعرضنا للضرب بشكل مهين، وتخريب أثاث المنزل بحجة أننا نخفي الذهب داخله.”
وتستمر نادية في سرد مأساتها مع النزوح، قائلةً: “ننام على الأرض بلا أغطية للأطفال في ظل انخفاض درجات الحرارة. نناشد المنظمات المحلية والدولية التدخل لإنقاذ الأطفال والنساء وكبار السن، وتقديم الدعم العاجل لهم.”
نازحون جراء حرب السودان- الأمم المتحدة مأساة مستمرةتروي فاطمة محمد من قرية بشرق الجزيرة أنها وضعت مولودها قبل شهرين، وتقول لـ”التغيير”: “بينما كنا نطهو عصيدة، دخل علينا أربعة جنود ذوو شعر كثيف يرتدون الحلق، ولم نرهم من قبل في حياتنا. دلقوا الدقيق على الأرض، واعتدوا بالضرب على زوجة خالي على رأسها، فسقطت مغشيًا عليها”.
وتضيف: “لم يكتف هؤلاء الجنود بذلك، بل طلبوا منا إخراج الذهب. وعندما أجابتهم والدتي بأنه ليس لدينا ذهب، أشهر أحدهم سلاحه في وجهها وهددها بألا تتحدث حتى لا يطلق عليها النار. ثم قاموا بتخريب جميع أثاث المنزل.”
وتتابع: “بعد أن غادر الجنود، فررنا إلى الغابة شرق القرية. ولكن عندما علموا بتجمع المواطنين هناك، قاموا بحرقها.”
نفي الانتهاكاتورغم جميع الانتهاكات التي تعرض لها سكان شرق الجزيرة على يد “قوات الدعم السريع”، والتي لاقت إدانات من جهات محلية ودولية، إلا أن عضو المكتب الاستشاري لقائد قوات الدعم السريع، إبراهيم مخير، اتهم كوادر الحركة الإسلامية بالوقوف وراء تلك الانتهاكات.
ويقول مخير: “الحركة الإسلامية الإرهابية واستخبارات الجيش هما من سلحوا مواطني الجزيرة بهدف جرهم إلى مواجهات مع قوات الدعم السريع.”
ويضيف مخير في حديثه لـ”التغيير”: “عناصر الحركة الإسلامية تسعى لجر البلاد إلى حرب أهلية شاملة لتنفيذ مخططاتها الرامية للعودة إلى السلطة.”
وتابع: “استعانة قيادة الجيش بالمدنيين والخضوع لشروط الإرهابيين والحركات المسلحة للقتال بجانبها كان له نتائج عكسية.”
كما دعا مخير مواطني الجزيرة إلى عدم الاستجابة لدعوات التسليح، وطالبهم بمساعدة الإدارة المدنية في الحفاظ على الأمن والاستقرار.
مليون ونصف نازحخرج هؤلاء النازحون من دائرة خطر كانت تهدد حياتهم قبل وصولهم إلى مخيمات النزوح، ليواجهوا واقعًا إنسانيًا مليئًا بالتحديات والتعقيدات.
ويقول الأمين العام لمؤتمر الجزيرة المُبر محمود: “قوات الدعم السريع تحاصر القرى والمدن في ست محليات بولاية الجزيرة، بعد أن نهبت وهجَّرت معظم سكانها وعطَّلت كافة الخدمات فيها، إضافة إلى أنها عملت على تسكين سكان جدد من خارج الولاية في العديد من المناطق.”
قوات الدعم السريع تحاصر القرى والمدن في ست محليات بولاية الجزيرة، بعد أن نهبت وهجَّرت معظم سكانها
الأمين العام لمؤتمر الجزيرة
ويضيف: “لا توجد منطقة في الجزيرة لم تتضرر من مليشيا الدعم السريع، فقد شمل نهب الممتلكات والتهجير القسري جميع المناطق.”
وتابع: “فيما يتعلق بجرائم القتل الجماعي، فإن منطقتي شرق وشمال الجزيرة هما الأكثر تضررًا، حيث بلغ عدد الضحايا من المدنيين في هاتين المنطقتين خلال شهر واحد فقط أكثر من ألفي شهيد.”
وأوضح: “منذ أكتوبر حتى الآن، نزح أكثر من مليون ونصف المليون مواطن من ولاية الجزيرة، وتمركز النازحون في ولايات نهر النيل وكسلا والقضارف.”
وأشار إلى أن تفاعل المنظمات الإنسانية مع حجم الكارثة كان ضعيفًا جدًا، بل معدومًا في بعض المناطق. ويعاني معظم النازحين من نقص حاد في الخدمات الأساسية مثل الإيواء، الغذاء، الكسوة، والرعاية الصحية، مما أدى إلى ارتفاع كبير في أعداد الوفيات داخل مراكز النزوح بسبب تفشي الوبائيات والأمراض وانعدام الرعاية الصحية.
حوجه كبيرةتحاول ولاية كسلا تقديم الدعم لمواطني شرق الجزيرة الذين تعرضوا للتهجير الممنهج، في ظل الأوضاع الإنسانية الصعبة.
ويقول المدير التنفيذي لمحلية نهر عطبرة، عبد الخالق العمدة، إن موجة النزوح ضخمة جدًا، حيث يقدر عدد النازحين بأكثر من 100 ألف شخص، وهو ما يفوق قدرة المحلية والولاية على استيعابه.
ويضيف: “نشكر المجتمع المحلي على الدعم الكبير الذي قدمه لإخوانهم من النازحين من مناطق شرق الجزيرة.”
ولفت العمدة إلى وجود 9 مطابخ داخل المعسكر، حيث يتم تقديم الطعام، الكساء، والدواء، ثم يتم توجيه النازحين إلى ذويهم داخل ولاية كسلا.
ووصف العمدة الحاجة إلى الدعم بأنها كبيرة، وطالب المنظمات الإنسانية بتقديم يد العون لأهلنا النازحين من قرى شرق الجزيرة. وقال: “من حق النازحين أن توفر لهم الاحتياجات الأساسية التي يحتاجونها.” وتعهد ببذل أقصى الجهد لتوفير الخدمات اللازمة للنازحين، لضمان أن يعيشوا حياة كريمة.
علاج جماعييعاني معظم الفارين من قرى شرق الجزيرة من اضطراب ما بعد الصدمة بسبب ما شهدوه من قتل وتهجير على يد قوات الدعم السريع، مما يستدعي علاجات نفسية لمساعدتهم على تجاوز هذه المأساة الإنسانية.
وتقول أخصائية الصحة النفسية، د. مروة محمد إبراهيم، إن أفضل طريقة لمعالجة النازحين من قرى شرق الجزيرة هي تشكيل مجموعات للدعم النفسي، لأن العلاج الفردي لا يكون فعالًا بعد تعرضهم للعنف الجماعي، ومعايشتهم لألم التنكيل والتهجير.
وأضافت في حديثها لـ”التغيير”: “العلاج الجماعي من مجموعات تتراوح أعدادها بين 50 إلى 100 شخص في نفس المكان هو الأنسب للناجين.”
وفي سياق مشابه، فارق عبد الرحيم مدينة تمبول، تاركًا خلفه عمله وذكرياته، واتجه إلى مكان غير معروف. يحمل معه مشاهد وأوجاع عميقة ترافقه أينما حل، ورغم ذلك لا يعرف متى وكيف سيعود إلى دياره.
الوسومأوضاع النازحين انتهاكات الدعم السريع بالجزيرة حرب السودان ولاية الجزيرة