الأحزاب الألمانية اليمينية تدعم روسيا علنا
تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT
تصعد الأحزاب اليمينية في ألمانيا بسرعة وتتجه بوضوح نحو احتضان الكرملين وتأييد سياساته، مما يضع الناخبين في ألمانيا في وضع حرج.
يتغيرالنظام الحزبي في ألمانيا قبل انتخابات البرلمان الأوروبي في ربيع هذا العام. وتتحدى الأحزاب الراديكالية علنا الإجماع الذي تم التوصل إليه بعد الحرب. والواقع أن حزب البديل من أجل ألمانيا، اليميني المتطرف، يروّج للخروج من الاتحاد الأوروبي، وإنهاء الدعم لأوكرانيا والعقوبات ضد روسيا، والتراجع عن سياسات إزالة الكربون في البلاد.
وبعد عامين من ولاية الحكومة الحالية، ارتفعت شعبية حزب البديل من أجل ألمانيا إلى 20% في استطلاعات الرأي الوطنية، ويحصل على ما يقرب من 30% في ولايات شرق ألمانيا الثلاث التي ستعقد انتخابات هذا الخريف. وتقوم سلطات الاستخبارات المحلية بالمراقبة وقد صنفت بالفعل ثلاثة فروع إقليمية لحزب البديل من أجل ألمانيا كمجموعات متطرفة.
في عام 2014 أكد حزب البديل من أجل ألمانيا على دعمه العلني لحلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة. لكن تلك الالتزامات تلاشت. في السنوات الأخيرة، وفقا للمنفذ الاستقصائي الألماني كوريكتيف، ردد ساسة حزب البديل من أجل ألمانيا الروايات الروسية، واصفين الولايات المتحدة بأنها "قوة أجنبية". وبعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، واصل سياسيو حزب البديل من أجل ألمانيا السفر إلى روسيا والأراضي الروسية في أوكرانيا.
ويواصل أعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا أيضًا تعزيز العلاقات مع الجماعة الاقتصادية الأوروبية الآسيوية بقيادة روسيا، ومنظمة شنغهاي للتعاون التي تهيمن عليها الصين وروسيا. ومؤخرا، أدرج حزب البديل من أجل ألمانيا فكرة "عالم متعدد الأقطاب" ــ صرخة المعركة التي أطلقها القوميون الروس والصينيون ــ في برنامج حزبه.
لم يسبق لأي حزب في الجمهورية الاتحادية أن تبنى سياسة احتضان الكرملين بهذه القوة. إن إعادة التوجه الاستراتيجي لحزب البديل من أجل ألمانيا نحو روسيا يميزه حتى عن العديد من الأحزاب اليمينية الأخرى في أوروبا، بما في ذلك تلك الموجودة في فنلندا والسويد. وفي إيطاليا، انحازت رئيسة الوزراء القومية اليمينية، جيورجيا ميلوني، علناً إلى أوكرانيا وانتقدت حزب البديل من أجل ألمانيا بسبب علاقاته مع روسيا.
ومن بين الأحزاب الراديكالية الأخرى التي قفزت إلى نسبة تأييد تتجاوز 10% في استطلاعات الرأي هو حزب بوندنيس ساهرا فاغنكنشت (BSW)، الذي أسسه في الشهر الماضي فاغنكنخت، وهو شخصية بارزة منذ فترة طويلة في حزب اليسار المتطرف في ألمانيا، دي لينكه. يريد فاغنكنيشت إجراء مفاوضات "سلام" فورية مع فلاديمير بوتين واستئناف واردات النفط والغاز الروسية الرخيصة.
لقد جاء الدعم لحزب BSW وحزب البديل من أجل ألمانيا على حساب أعضاء الائتلاف الحاكم: الديمقراطيون الاشتراكيون، وحزب الخضر، والديمقراطيون الأحرار المؤيدون لقطاع الأعمال. ويدرك المزيد من الناس أن المتطرفين اليمينيين يمكن أن يصبحوا جزءًا من الحكومة في المستقبل القريب. ولا يمكن أن نستبعد هشاشة الديمقراطية، واحتمال عودة ألمانيا ــ أو حتى أوروبا ــ إلى ظلام ماضيها.
ومع احتمال فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية هذا العام، أوضح المستشار الألماني أولاف شولتز أن الآخرين يجب أن يتقدموا. تحتاج ألمانيا إلى استثمار المليارات في التحول الرقمي، والتحول الأخضر، وجيشها المتعثر، والبنية التحتية للنقل، والتعليم؛ ولكنها لا تملك ترف إضعاف التزامها الأوروبي.
وهذا يعني أن الانتخابات الأوروبية المقبلة ستقدم للناخبين أخيرا خيارا حقيقيا له عواقب بعيدة المدى. وسوف يحتاج المعتدلون إلى توضيح أن تصويت الراديكاليين ينطوي على مخاطر حقيقية. وقد حذر شولتز مؤخرا: "إن القوميين يتصرفون ضد المصلحة الوطنية". وفي وقت حيث يتعين على ألمانيا وأوروبا أن تتكيف مع بيئة جيوسياسية جديدة، فإن الخطر أصبح حادا.
المصدر: بوليتيكو
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أولاف شولتس الاتحاد الأوروبي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الغاز الطبيعي المسال النفط والغاز اليمين المتطرف فلاديمير بوتين حزب البدیل من أجل ألمانیا فی ألمانیا
إقرأ أيضاً:
عيد الميلاد الحزين في ألمانيا!
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لا بد في البداية من تقديم العزاء للشعب الألماني فى الحادث الأليم الذي أودى بحياة عدد من الأشخاص بينهم طفل، وخلف 200 جريح بعضهم في حالة خطيرة، وقد أخذ هذا الحادث معه فرحة عيد الميلاد حيث انفتح الحزن على مصراعيه في ألمانيا وانتشر الخوف جراء الاعتداء على الآمنين وترويعهم بينما كانوا يحتفلون بطريقتهم في سوق عيد الميلاد، فهذا الاعتداء جريمة نكراء على هؤلاء الآمنين مهما كان دينهم أو معتقدهم. لكني شعرت وغيري من المراقبين بأن الحادثة المروعة تدفع دفعاً أجندة معادية للإسلام والهجرة والمهاجرين حيث بمجرد حدوثها استغلت شخصيات اليمين المتطرف في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وهولندا وإيطاليا وبلجيكا ورومانيا هذه الحادثة لإعلان عاصفة من الغضب اليميني المتطرف تسكب الزيت على النار في أرجاء القارة وتكتسب في المقابل مزيداً من الشعبية لصالحها، خاصة مع قرب الانتخابات التي ستجرى فبراير المقبل في ألمانيا.
ولست هنا بصدد التقليل من هول الحادث أو عدم الاكتراث لحزن وألم أهالي الضحايا والجرحى لكنه من غير الأخلاقي أيضاً هذا السباق المحموم بين أحزاب اليمين المتطرف لجني المكاسب بشكل عاجل وفوري من الحادث بينما لم تجف دماء الضحايا من أرض سوق عيد الميلاد. ومن الملاحظ أنه ليس مهماً لدى المتطرفين الشعبويين أن يكون المتهم مسلماً أو مرتداً عن الإسلام؛ فالإسلام تهمة جاهزة في هذه الحوادث الإرهابية، وهم يعلمون ذلك الخلط ويتمادون فيه عن قصد.
وامتلأت في لمح البصر الصحف والمواقع الإخبارية الألمانية والأوروبية بالحديث عن خلفيات مرتكب الحادث كونه من أصل سعودي. وعندما بحثت في أرشيف العمليات الإرهابية في ألمانيا وأوروبا طيلة أكثر من عقد وجدت أن أغلبها ارتكبه أوروبيون متطرفون وكذلك مهاجرون من أصول مختلفة، لكن لا يتم الاستدعاء من الذاكرة إلا ذوي الخلفية العربية والإسلامية وتكتب أسماؤهم بالبنط العريض في الصفحات الأولى لمزيد من تشويه الإسلام والافتراء عليه.
وأتوقف عند تلك الصدمة التي أظهرها المسئولون الألمان وحيرتهم وارتباكهم أمام عدم وجود دوافع "مقنعة" لدى المتهم لارتكاب جريمته، "فهو طالما أعلن أنه معاد للإسلام وعبر عن دعمه لحزب البديل من أجل ألمانيا المتطرف وانزعاجه من تسامح ألمانيا وميركل وحزبها تجاه الإسلام والمسلمين والمهاجرين"، كما تقول صحيفة بيلد. لذلك اعتقد المسئولون أنه لا يوجد شيء يمكن أن يفاجئهم! لكن هذا الطبيب النفسي الذي يقيم بينهم منذ عقدين ومنحوه اللجوء السياسي بعد عشر سنوات من طلبه فاجأهم وأية مفاجأة؛ ويبدو أنه بذل جهدًا كبيرًا لسنوات طويلة لتقديم نفسه للسلطات الألمانية والإعلام وجمهور السوشيال ميديا على أنه منتقد متحمس للإسلام ومدافع عن حقوق الإنسان، خاصة المرأة.
وقد تكون هذه هي الطريقة المتبعة الآن من التنظيمات الإرهابية إلى دخول دول الاتحاد الأوروبي، من خلال طلب اللجوء السياسي. وغير خاف أن طلب اللجوء السياسي في الدول الغربية قد يضمن ردا سريعا مقارنة بطلب أنواع أخرى من الإقامة. ويعتمد طلب اللجوء على وجود اضطهاد سياسي أو ديني أو جنسي -خاصة الأخيرين يسهلان الأمر- أو ادعاء أحدهما، بقطع النظر عن مدى حقيقة هذه الادعاءات، فقد تكون مزيفة لكنها مضمونة. ويأتي الرد في وقت أسرع خوفا على حياة طالب اللجوء بمنح الإقامة له ثم الجنسية!
ويفتح هذا الحادث بشكل عام باباً للحديث عن تداعيات الإبادة الإسرائيلية لأهالي غزة والاعتداءات على لبنان وسوريا وعدم تحريك الحكومات الغربية ساكنا لأكثر من عام أمام قتل الأطفال والأمهات والحوامل داخل ملاجئهم وفي المدارس والكنائس والمستشفيات، فذلك أمر من شأنه أن يتحول إلى عداء لتلك الحكومات ومحاولات للانتقام. وللأسف دائما ما يدفع الأبرياء ثمنا للتطرف!
وقد حذر مفكرون وسياسيون طويلا، منذ تسعينيات القرن الماضي، من ضرورة الانتباه لسياسة الكيل بمكيالين والسكوت عن المظالم التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي المحتل وكذلك الاحتلال المتمدد في الشرق الأوسط والدول العربية من طرف الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية والتي تستخدم التنظيمات المتطرفة تارة لمصلحتها وتنفيذ أهدافها في التقسيم وزرع الفتن والصراعات وتارة تنتقم منها وتبيعها كسقط المتاع - بعبارة أبي العلاء المعري- عندما تنفض يديها منها. ولكنها تكون قد أصبحت قنابل موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت، حتى لو كان ضد من صنعها. كما حذر الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل مما يسمى بظاهرة الانتحاريين، وقال في عدة حوارات إن استمرار الكيان الإسرائيلي في اعتداءاته بدعم غربي سيشجع المزيد من الشباب للانضمام للتنظيمات الإرهابية حيث يؤمنون بأنهم سيذهبون للجنة عند تنفيذهم تلك العمليات!
لم يأخذ أحد بالتحذيرات، رغم الدرس القاسى في أحداث الحادي عشر من سبتمبر. لكن لم يقلع أحد عن هواية "تربية العقارب". وقد رأينا نتائجها في أفغانستان، ثم في سوريا مؤخراً ولكنه مجرد مشهد في مسلسل لم تكتمل حلقاته بعد. وربما أصبحت هذه الهواية إدمانا خطيرا أيضا لدى بعض الحكومات الأوروبية والتي تدعم الاحتلال. وقد لا تنجو من لسعات "العقارب" أيضا. ولا يمكن أن يكون اتخاذ الاحتياطات الأمنية هو فقط ما يبعث على الاطمئنان في هذه المجتمعات، لأنه مجرد طمأنة بلهاء مؤقتة، لكن الأهم هنا اتخاذ السياسات العادلة والكف عن الكيل بمكيالين لأنه قد يأكل الأخضر واليابس إذا استمر الظلم والحيف. فهل تفهم الحكومات الغربية ذلك؟!.
*كاتبة صحفية مصرية تونسية متخصصة فى الشأن الدولى