سواليف:
2024-09-19@19:06:29 GMT

أين اختفت إيران فجأة؟

تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT

أين #اختفت_إيران #فجأة؟ – د. #منذر_الحوارات

تعاني المنطقة العربية من مجموعة كبيرة من الأمراض المزمنة أولها رفض النظام الرسمي الاعتراف بمفهوم الرشد في الحكم والذي أدت أول محاولة لتحقيقه لمواجهة دموية كانت نتيجتها دمار الدولة في أكثر من قطر، وإلى تفاقم تأثير القوى الطامعة وأولها وهو ثاني مرض (إسرائيل) التي استطاعت رغم محدودية إمكاناتها أن تصبح قوة إقليمية كبرى وهذا مكنها من فرض أجندتها على الجميع، أما المرض الثالث فهو الولايات المتحدة الأميركية والتي لا ترى في المنطقة إلا ساحة جيوسياسية تابعة لها تتمسك بها وتتغاضى عن أخطائها عندما تقتضي حاجتها ذلك وتغادرها عندما تعتقد أن أهميتها تراجعت وتتركها أسيرة لقوى إقليمية تتصارع فيما بينها، وهنا ظهرت ايران كقوة اقليمية استطاعت أن تملأ جزءا مهماً من الفراغات التي تركتها الانسحابات الأميركية، لذلك صالت وجالت بعد غزو العراق وتمكنت من خلال حرسها الثوري وفيلق القدس منه أن تنشئ قواها الخاصة الموازية للدولة فشكلت عن جدارة المرض الرابع، وهي التي استطاعت أن تستغل الحالة الأيديولوجية والدوغمائية لدى الكثير من الجماعات التي ترى الأمور من زواياها الخاصة ولا تعترف أو تحترم الرأي الآخر فهو إما عميل أو خائن وهذا هو المرض الخامس وهكذا استطاعت إيران استثمار غض الطرف الأميركي لتوسع نفوذها ومكانتها وأصبح لها اليد العليا في كل ما يحدث في المنطقة فهي من بيده قرار السلم والحرب، وهي من يبقي ويغير الحكومات والرؤساء في العديد من الدول.

بقي الحال على هذا المنوال إلى أن جاءت لحظة الحقيقة التي فرضتها كورونا والتي أثبتت أن العولمة فرضت شكلاً من سلاسل الإنتاج هيمنت عليه الصين والتي رفضت الشراكة مع الغرب في وسائل تواصله الاجتماعية وغيرها من سلاسل التوريد، وهذا جعل الولايات المتحدة تتخلى عن فكرة العولمة الشاملة إلى العولمة المقيدة لذلك بدأت تفكر في طريقة بديلة لسلاسل التوريد وهذا يعني من جديد رفع مكانة العنصر الجيوسياسي وهو ما التقطته روسيا عندما غزت أوكرانيا، وإيران الأخرى أدركت بسرعة ضرورة التفاهم مع الأميركيين العائدون للمنطقة ليس لأن المنطقة مهمة بالنسبة لهم بل لأنها نقطة للسيطرة على الخصوم وأهمهم الصينيون والذين يعتمدون بشكل كبير على نفط المنطقة وطرقها وممراتها وأسواقها، لذلك شهدنا سعيا إيرانيا للضغط على الولايات المتحدة بالتهديد بأهم حليف لديها أعني إسرائيل والدول الحليفة للولايات المتحدة وفي نفس الوقت سعت للتفاوض معها وما يدلل على ذلك الخطوات المتقدمة التي وصل إليها الطرفان في المفاوضات ، فقد وصلا إلى حافة توقيع اتفاق تاريخي يرتب الأمور فيما بينهما .

أوقف السابع من أكتوبر كل ذلك والذي لا أدري إذا ما كان أوقف قطار التقارب السعودي الإسرائيلي أو عجلة الصفقة الأيرانية الأميركية، وما يثبت أن إيران تفاجأت بهذا الحدث أنها فقدت السيطرة لفترة وجيزة حول الكيفية التي تتعامل فيها مع الحدث، ولكنها عادت بعد قليل لتبني إستراتيجية تعتمد على مشاغلة الولايات المتحدة دون المساس إستراتيحيا بإسرائيل فكانت استجابتها للحدث في ذلك الإطار، فبدأ حزب الله يضرب في الحدود التي لا تثير إسرائيل وبالتالي الولايات المتحدة وفي نفس الوقت تحافظ على الإستراتيجية الإيرانية المتمثلة بفكرة الدفاع المتقدم والذي يعتمد على ما عرُف إيرانيا بالحرب غير المتكافئة والتي تستند على مشاغلة العدو بعيداً عن إيران وفي نفس الوقت تترك لنفسها الفرصة للانسحاب آمنة من مسرح الحدث، ونوعية الضربات كانت بمثابة رسالة موجهة للأميركيين بأن إيران تحترم ثوابتهم الإستراتيجية وأهمها إسرائيل، لكن المعارك حافلة بالأخطاء وكان الخطأ هنا عندما تم ضرب البرج 22 على الحدود الأردنية، في إطار رسالة موجهة رافضة لأي محاولة لإنشاء منطقة عازلة في الجنوب السوري وليس غزة طبعاً، مما أدى إلى مقتل 3 جنود وإصابة 25 عنصر أميركي، أدركت إيران بسرعة أن الولايات المتحدة لابد أن ترد بطريقة حاسمة وذلك حفاظا على ماء وجهها ولاعتبارات أميركية داخلية، لذلك تنصلت بسرعة من العملية كما فعلت سابقا مع طوفان الأقصى وفي نفس الوقت استغلت الفرصة التي منحتها لها الولايات المتحدة لسحب كل عناصرها من الدول المعنية وأبقت بالتالي المليشيات التي لا تتحرك إلا بقرارها في مواجهة الغضب الأميركي واختفت من كل الساحات التي وحدتها سابقا فمثلما تنصلت من الغزيين والحوثيين ها هي تتنصل من مليشياتها في العراق وسوريا، ومرة أخرى تجعل المنطقة العربية تواجه تبعات طموحها الإقليمي والدولي .

مقالات ذات صلة المفتتح الدلالي لمفردة من معجم غزة 2024/02/06

لقد تبخر القادة الإيرانيون من كل الساحات فجأة، وتنحت إيران من المواجهة وأعلنت براءتها من كل ما يحدث وتحولت إلى واعظ دولي بامتياز بطريقة تثير الدهشة من سرعة هذا التحول وبدأت دمشق وبغداد وصنعاء ولاحقاً بيروت بتلقي الضربات عنها وكأنها وجدت كدروع لحماية طموحاتها التي لا تنتهي، بينما هي تفكر ملياً بالثمن الذي يمكن أن تساوم عليه أميركا لقاء كل هذه الدماء العربية المهدورة .

الغد

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: فجأة الولایات المتحدة التی لا

إقرأ أيضاً:

الروسية التي أصبحت سلطانة مصر

لا تزال معركة حطين -السبت 25 ربيع الآخر 583 هـ - 4 يوليو 1187 م-التى انتصر فيها صلاح الدين الأيوبى على الصليبيين، واحدة من أهم المعارك الفاصلة والحاسمة عبر التاريخ، خاصة فى تأثيراتها العسكرية والاستراتيجية والسياسية، ومنها تحرير القدس ومعظم الأراضى التى احتلها من رفعوا الصليب كذبا وبهتانا ليستعمروا الآخرين، وهى عادة متأصلة فى الأوربيين، الذين ما زالوا يطورون فى طرق الاستعمار، حتى تعدوا فكرة الاستعمار بالوكالة، والاستعمار من الداخل.

وأظن أن تأثيرات معركة حطين، باقية حتى اليوم، خاصة فى درسها الأكبر وهو أن هذه المنطقة من العالم، التى تسمت حديثا بالشرق الأوسط، قادرة على لفظ أى جسم دخيل عليها، مهما طال بقاؤه الغريب بها ولو لعشرات أو مئات السنين، وعلى سبيل المثال، فقد طرد المماليك الصليبين نهائيا من الشام بعد بقاؤهم لأكثر من قرنين ما بين 1096 و1291م.

وهكذا فإن كانت الدولة الأيوبية، قد انتصرت فى "معركة" أو "معارك" ضد الصليبيين، فإن دولة المماليك قد انتصرت فى الحرب، حيث واصل الظاهر بيبرس ومن بعده قلاوون وأبناؤه المعارك ضدهم، حتى جاء الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون/ 1290- 1293م)، وقضى عليهم نهائيا بتحريره آخر معاقلهم فى عكا فى مايو 1291م.- وانظروا لدلالة شهر مايو-ثم انظروا إلى دلالة قبرص، فبعد هذا الطرد الذى تحقق على يد الأشرف خليل، زاد عليه الأشرف برسباى بغزو قبرص فى صيف 1426م، لتأمين المنطقة نهائيا من هجمات الصليبيين الذين تحولوا لقراصنة يهاجمون الموانئ الإسلامية و السفن التجارية الخارجة منها أو العائدة إليها.

هكذا بوضوح كامل يسجل التاريخ أن المماليك هم الذين انتصروا فى الحرب الصليبية، وهم الذين غزوا أوروبا، لتأمين هذه المنطقة، ومن أجل هذا نفهم لماذا يلصق المؤرخون الفرنجة واتباعهم من المؤرخين كل قبيح وكل شر بالمماليك، فى محاولة للثأر تاريخيا مممن قضوا على واحدة من أكبر المظاهر الاستعمارية الأوربيية، بل يصل الأمر بالبعض منهم، بالتقليل من انجاز تاريخى لا يقل أهمية، وهو أن المماليك قضوا أيضا على الخطر المغولى الذى كان سيمتد إلى أوربا ويدمرها تدميرا.

ويبدو أن حكام المماليك، كحكام غرباء على بلاد غريبون عنها فى أصولهم، فطنوا لذلك، فازدهرت فى عهدهم فكرة التأريخ لحكمهم، فظهر فى عهدهم مؤرخون عظام مثل المقريزى وابن تغرى بردى وابن العميد وابن إياس وغيرهم من الذين اعتنى بهم المماليك وشجعوا كتاباتهم، لعلمهم انها ستحفظ لهم تاريخهم بعد رحيلهم.

لكن المماليك لم يكتفوا بالتأريخ، فأقاموا الشواهد العظمى مثل الخانقات والمستشفيات والمدارس وبالطبع المساجد، وكلها تشهد على نهضة ما، معرفية وعلمية وثقافية شاعت فى عصرهم، كما تشهد على الحكام بأسمائهم، لدرجة أن المساجد العامرة حتى اللحظة، خلدت من لا ذكر أو أهمية لهم فى التاريخ، فمسجد السلطان حسن هو أعظم أثر إسلامى على الأرض، حتى يقال إنه الهرم الرابع، ومع ذلك لا أهمية تاريخية تذكر للسلطان نفسه.

قلت ما سبق، مع ملاحظة أنه رغم ذلك فإن عصر المماليك بمآسيه ومساخره خاصة فى الصراع على الحكم، أورث شعوب المنطقة فقرا بعد فقر، كما كان مقدمة لأبشع احتلال عرفته المنطقة وهو الاحتلال العثمانى.

وقلت ما سبق، كمقدمة لأذكر بملحوظة قد تبدو مفاجأة رغم أنها أمام أعيننا طيلة القراءة فى التاريخ، وهى أن معظم قادة المماليك كانوا من منطقة القوقاز، فكما كان منهم أتراك، كان منهم شركس وأبخاز وكرج ومغول وتتر وصقالبة، والصقالبة هم أكثر من نشروا الإسلام فى آسيا، وقد ذكرت فى الحلقة السابقة، أن ألمش بن يلطوار، كان أول الحكام الصقالبة المسلمون لمملكة الصقالبة التي تعرف بالمراجع الحديثة باسم دولة فولغا بلغاريا ومؤسس مدينة الأبوغا في تتارستان في روسيا الآن.

وقلت كل ما سبق، لأتحدث عن مسجد المرأة البيضاء، أو مسجد فاطمة الشقراء، وهو المسجد البديع القائم حتى الآن فى شارع تحت الربع.وقد شُيد عام 873 هـ/ 1468م فى فترة حكم السلطان المملوكي (قايتباي)، حيث أسسه شخص يُدعى (رشيد الدين البهائي)، وتم تجديده على يد (فاطمة شقراء) التي سُمي المسجد باسمها.

أما عن فاطمة الشقراء نفسها فهناك دراسة تاريخية تؤكد، أنها كانت إحدى الجاريات الروسيات المُعتقات، وهي شركسية أو تترية الأصل، تم أسرها فى إحدى الحروب، واتخذها السلطان قايتباى زوجة له، فأنجبت له ولى العهد السلطان محمد فأصبحت الزوجة الرسمية ووالدة ولى العهد.

وربما كانت فاطمة الشقراء أول امرأة حذت حذو الرجال في تخليد اسمها، أنشأت ورعت العديد من المساجد والمدارس والأسبلة العامة، حيث كانتتخشى أن يضيع أثرها واسمها بعد وفاتها.

وكان حدسها صحيحا، فهي حتى الآن ما تزال تذكر في التاريخ، ولا يزال المصريون يرددون اسمها، لسبب واحد، وهو مسجدها مسجد فاطمة الشقراء، مع ملاحظة أنها ربما كانت أول سيدة من خارج البيت النبوى، يطلق اسمها على مسجد، تلك السيدة التى كانت من مسلمى روسيا.

[email protected]

وأهل مكة كانوا يحتفلون

ركن الغباء في التاريخ

مقالات مشابهة

  • بلينكن: فرنسا والولايات المتحدة متحدتان في الدعوة إلى ضبط النفس عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط ولبنان خاصة
  • بايدن يبعث برسالة لرئيس الجمهورية وهذا ما جاء فيها
  • الولايات المتحدة تهنئ اليمن على الريادة في الشرق الأوسط
  • أستاذ علوم سياسية: تفجير أجهزة "البيجر" لحزب الله لن يكون المشهد الأخير
  • البيت الأبيض: الولايات المتحدة لم تشارك في الهجمات التي شهدها لبنان أمس واليوم
  • الروسية التي أصبحت سلطانة مصر
  • خلال جلسة الحكومة.. ميقاتي تبلغ بالحوادث الامنية التي تحصل وهذا ما فعله
  • هل العنف السياسي غريب على الولايات المتحدة؟
  • رئيس إيران: لا نعادي الولايات المتحدة
  • اسوشيتد برس: حدثان يوضحان التحديات التي تواجه الولايات المتحدة والعالم مع الحوثيين