عربي21:
2024-09-19@23:09:34 GMT

بن غفير ينطق بلسان نتنياهو

تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT

لم يقم بنيامين نتنياهو بوصفه رئيس الحكومة الإسرائيلية، لا بتوبيخ ولا بزجر ولا حتى بمعاقبة الوزير المتطرف في حكومته إيتمار بن غفير، بعد أن هاجم الأخير الرئيس الأميركي جو بايدن، في أول لقاء له مع صحيفة أجنبية، وكانت من سوء حظه أميركية، بل وهو يقول كلاما يعتبر تدخلا في الشأن الداخلي الأميركي، ويؤثر حتى على انتخابات الرئاسة التي تستعد للإقلاع قريبا، وحيث يبدو أن المنافسة النهائية فيها ستكون «كلاكيت ثاني مرة» لتلك التي جرت في المرة السابقة، أي في العام 2020، وخسرها الرئيس الذي كان حينذاك يجلس في البيت الأبيض، دونالد ترامب، هذا الذي يفضله بن غفير على خصمه الرئيس الحالي جو بايدن.



وقد جاءت تصريحات بن غفير، في ظل احتدام الجدل الإسرائيلي الداخلي، إن كان في «الكابينت» أو المجلس الوزاري المصغر حول مقترح صفقة تبادل للأسرى الفلسطينيين مع وقف إطلاق للنار في غزة، مقابل المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس»، حيث معروف تماما وللجميع، بأن بن غفير هو أحد أكثر المعارضين لأي صفقة يتخللها أي وقف لإطلاق النار، في حين ترغب واشنطن بتلك الصفقة، حيث يريدها جو بايدن كورقة تعزز حظوظه الانتخابية، لذا يمكن اعتبار ما قاله الوزير المتطرف الإسرائيلي من مفاضلة لترامب على بايدن، بأنه تدخل واضح في الانتخابات الأميركية ومحاولة للتأثير على الناخبين اليهود الأميركيين.

أما نتنياهو، فهو لا يبتلع لسانه إزاء ما يثيره كل من بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، عبر تصريحاتهما المثيرة دائما للجدل، ليس الداخلي وليس مع الجانب الفلسطيني وحسب، بل ومع أطراف عديدة منها الأردن ومصر حتى الإمارات وصولا إلى الأوروبيين والأميركيين، ولا يعود ذلك لحسابات تتعلق بالتوازن داخل ائتلافه الحكومي، وليس تجنبا لانفراط عقد ذلك الائتلاف وسقوط الحكومة، كما يعتقد أو كما يقول الكثير من المراقبين، بل يعود أساسا إلى أن نتنياهو مقتنع تماما بما يقوله الوزيران المتطرفان، اللذان هما ـــ بالمناسبة ـــ لأول مرة يشاركان في التشكيل الحكومي، ومن يتابع تصريحات ومواقف نتنياهو ليس فقط منذ السابع من أكتوبر الماضي، أي على خلفية الحرب التي شنها على قطاع غزة، بل منذ أكثر من عام على تشكيل هذه الحكومة، يدرك تماما بأن نتنياهو لا يقل تطرفا عن الوزيرين المذكورين، لكن انشغال إسرائيل قبل 7 أكتوبر بالصراع الداخلي على «إصلاحات القضاء» كان يخفي موقفه الحقيقي من أي حقوق للشعب الفلسطيني، بدءا من رفض حقه في الدولة المستقلة، وانتهاء برفض حقه في الحياة على قدم المساواة مع غيرهم من اليهود الإسرائيليين، على وجه التحديد، ومرورا بالطبع برفض الانسحاب من الأرض الفلسطينية التي يحتلها منذ 57 سنة.

وعمليا فإن نتنياهو يعتبر قائد اليمين الإسرائيلي بعد مؤسسه مناحيم بيغن، وعراب اليمين المتطرف، الذي أخرج من عباءته أكثر من حزب وجماعة وشخصية يمينية متطرفة، والأمثلة على ذلك كثيرة، من أفيغدور ليبرمان، إلى نفتالي بينيت، إلى العديد من قادة «الليكود»، كما أنه ليس بن غفير وسموتريتش وحدهما المتطرفين فقط في حكومة نتنياهو الحالية، بل يمكن القول، إن أغلبية واضحة وكبيرة من نخبة السياسة الإسرائيلية متنكرة تماما للحقوق الوطنية الفلسطينية، ليس فقط كل أعضاء الائتلاف الحالي، بل جزء كبير من المعارضة أيضا، ويمكننا أن نشير باختصار إلى ما قاله قبل أيام فقط جدعون ساعر الليكودي السابق، الذي سبق له أن نافس نتنياهو على زعامة «الليكود»، وهو، اليوم، ضمن حزب معسكر الدولة بزعامة بيني غانتس، من أن الدولة الفلسطينية خطر على إسرائيل.

أما الحديث عن استخدام القنبلة النووية ضد غزة، الذي قال به وزير التراث عميحاي إلياهو، العضو في حزب بن غفير «القوة اليهودية» فقد سبقته إليه النائبة عن «الليكود» تالي غوتليف بالدعوة لاستخدام سلاح يوم القيامة، وذلك بعد أيام قليلة من طوفان الأقصى، أما وزير الخارجية إسرائيل كاتس، فقد اقترح رسميا على الدول الأوروبية صناعة جزيرة صناعية لإسكان أهل غزة فيها في عرض البحر، فيما سارع وزير الحرب يوآف غالانت منذ اليوم الأول للحرب إلى ارتكاب جريمة الحرب بقطع الماء والدواء والطعام عن كل سكان قطاع غزة.

أما فيما يخص العلاقة مع الولايات المتحدة، ورغم أن الإسرائيليين يعرفون جيدا، أن بايدن ليس بيل كلينتون، ولا باراك أوباما، وهو يمثل يمين الحزب الديمقراطي، الذي عجز عن فرض العودة للاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني المعقود العام 2015، وذلك لأن إسرائيل وبنيامين نتنياهو بالتحديد، قد رفضا ذلك الاتفاق، وحقيقة الأمر أنه منذ وقت طويل، لا يظهر هناك فارق كبير بين اليمين والوسط، أي اليمين الذي يقوده نتنياهو والوسط الذي يقوده يائير لابيد، إلا في تفاصيل صغيرة، بالكاد استطاعت العام 2021، وبعد ضم ليبرمان وجدعون ساعر، وتنصيب نفتالي بينيت أن تقصي نتنياهو عن مقعد رئيس الحكومة، لعام ونصف العام فقط، وذلك بعد «دعم» بايدن، والآن وبعد كل ما قدمه بايدن منذ 7 أكتوبر، فإن اليمين الإسرائيلي، «يبخل» عليه بورقة صفقة تبادل الأسرى، وهو يعرف بأنها أقل كثيرا مما تطلبه «حماس»، ورغم الفشل العسكري الإسرائيلي وعدم وجود أهداف سياسية قابلة للتحقق، لكن لأن الفاشية الإسرائيلية  وجدت تغطية أميركية، رغم أنها بدت في البداية مشروطة، بالحرب على «حماس» فقط، أي تجنب استهداف المدنيين، وألا تؤدي لا إلى تهجير ولا لإعادة احتلال، وأنها محدودة بأسابيع، وها قد مرت الشهور، أربعة شهور، وهي تدفع للمضي بعيدا في الحرب، وتحقيق طرد كل الفلسطينيين من وطنهم المحتل.

أي أن إسرائيل هي التي خذلت وأخلت بعقد الشراكة مع بايدن، ونتنياهو نفسه يقول بالسيطرة العسكرية على غزة، وبرفض عودة السلطة الفلسطينية إليها، ويرفض حل الدولتين، ويرفض وحدة الضفة وغزة، ويشد على يد سموتريتش وهو يواصل قرصنته على الأموال الفلسطينية، ليعاقب جماعيا كل الشعب الفلسطيني، سواء كان في غزة أو القدس أو الضفة الفلسطينية، أما بايدن، فهو غير قادر حتى اللحظة على أن يضع حدا لاحتمال اندلاع حرب إقليمية ستجر إليها أميركا، وهذا هدف إسرائيلي واضح منذ سنوات، حيث تريد إسرائيل أن تدفع أميركا للحرب مع إيران، وذلك بتأييد وقف إطلاق النار فورا، وإنهاء حرب الإبادة، التي كانت سببا في التنديد بإسرائيل وأميركا في كل عواصم ومدن العالم، بما في ذلك واشنطن وبرلين ولندن وباريس.

أي أن أميركا تدفع ثمنا باهظا، من رصيد زعامتها للنظام العالمي الذي تتحداها عليه الصين وروسيا، وليس فقط بايدن هو من يدفع الثمن من رصيده الانتخابي، وبذلك فإن الحديث الأميركي عن حل الدولتين دون وقف الحرب، ما هو إلا كلام بلا رصيد، خاصة إذا ما سقط بايدن، وجاء ترامب، الذي ليس بالضرورة أن يكون صديقا لنتنياهو، الذي طعنه شخصيا حين هنأ بايدن لحظة إعلان النتائج العام 2020، لكنه كجمهوري يبقى أكثر يمينية ومحافظا أكثر من بايدن، وربما أنه يولي الكراهية الشخصية لنتنياهو اهتمامه، لو فاز وعاد للبيت الأبيض مطلع العام القادم، لكنه لن يحيد بالطبع عن تشجيع الطريق الفاشي لليمين الإسرائيلي الذي سيظل يحكم إسرائيل، وبه ستظل إسرائيل غير قابلة للتعايش مع كل شعوب الشرق الأوسط، ولن تنسى شعوب العالم بسرعة ما ارتكبته في قطاع غزة من حرب إبادة جماعية ولا من جرائم حرب، وسيظل ينظر إليها باعتبارها دولة منبوذة وشاذة في عالم يسعى لطي ملف الحروب والصراعات الساخنة بأسرع وقت، ذلك بعد أن ظن العالم بأن عصر الحروب الطاحنة قد ولى مع شروق شمس الألفية الثالثة.
(الأيام الفلسطينية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو بن غفير الفلسطينيين فلسطين نتنياهو بن غفير طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بن غفیر

إقرأ أيضاً:

ما هو جهاز البيجر الذي فجّرته إسرائيل... وكيف يعمل؟

ذكرت "العربية" أنّ "البيجر" هو جهاز اتصال لاسلكي يستخدم لإرسال إشارات أو رسائل نصية قصيرة إلى مستلم محدد. وظهرت فكرتها في السبعينيات، وكانت تستخدم بشكل أساسي في المجال الطبي والعسكري.

إلا ان هذه الأجهزة تطورت مع مرور الوقت لتشمل استخدامه في مجالات متعددة مثل الأعمال والاتصالات الشخصية.

ويعمل جهاز النداء اللاسلكي عن طريق استقبال إشارة من جهاز إرسال. عندما يرسل شخص ما رسالة إلى جهاز البيجر، يتم تحويل هذه الرسالة إلى إشارة راديو يمكن استقبالها عن طريق جهاز البيجر.

فيما يصدر البيجر صوت تنبيه أو اهتزاز لتنبيه صاحبه بوجود رسالة. وبعد استقبال الرسالة، يمكن للمستخدم الاتصال بالرقم الموجود على شاشة البيجر للرد على الرسالة أو التواصل مع المرسل.

وتعتبر تقنية جهاز البيجر الآن قديمة نوعاً ما مقارنة بوسائل الاتصال الحديثة، لكنها استخدمت بشكل واسع في الماضي.

ويقول خبراء أمنيون إن بعض الإجراءات المضادة التي تستخدم فيها تقنيات قديمة يمكن أن تكون فعالة للغاية ضد قدرات التجسس عالي التقنية. (العربية)

مقالات مشابهة

  • وول ستريت جورنال: أميركا لا تتوقع اتفاقا بين إسرائيل وحماس قبل انتهاء ولاية بايدن
  • بايدن: الحل الدبلوماسي للتصعيد بين إسرائيل وحزب الله "ممكن"
  • فصائل المقاومة الفلسطينية تشيد بخطاب نصر الله وتصفه بصفعة لحكومة نتنياهو
  • ما الذي يريده نتنياهو من التصعيد على جبهة لبنان؟
  • ما هو جهاز البيجر الذي فجّرته إسرائيل... وكيف يعمل؟
  • مستشار نتنياهو يحذف تغريدة حول مسؤولية إسرائيل عن هجمات بيروت
  • صحف عالمية: شرطة إسرائيل تخوف مواطنيها وبن غفير يسيسها
  • التهديدات الإسرائيلية تتصاعد: دخول بري من 3 محاور.. هذا السيناريو الذي يُخطط له نتنياهو في لبنان
  • رأسه يحمل ألوان الكوفية الفلسطينية.. الحوثيون ينشرون فيديو للصاروخ الذي أُطلق نحو إسرائيل
  • مكتب نتنياهو: هدفنا إعادة سكان شمال إسرائيل إلى منازلهم بأمان