التجار هذه الأيام ـ إلا من رحم ربى ـ يبادرون برفع سعر السلعة التى يمتلكونها، لمجرد علمهم بأن هذه السلعة سيرتفع سعرها، أو أنه قد ارتفع بالفعل، علما بأنهم قد اشتروها بسعر أقل، وحجتهم فى ذلك أنهم إذا باعوا ما لديهم، وذهبوا لشراء السلعة نفسها بالسعر الجديد، فسوف يخسرون قيمة الزيادة من رأس مالهم، بمعنى أن التاجر لو كان يمتلك عشر سيارات مثلا وارتفع سعرها ثم باعها بالسعر القديم، فإنه حين يشتري بالسعر الجديد فلن يتمكن من شراء عشر سيارات مكانها، فإذا اشترى تسعة مثلا، فيكون قد فقد سيارة من رأس ماله، وهذه الحسبة الشيطانية صارت مبدأ عاما وقاعدة يتعامل بها التجار ويعتقدون أن هذا هو الصحيح الواجب الاتباع، بل وصل الأمر إلى أن كثيرا من المستهلكين يقتنعون بهذه الحسبة الشيطانية، ويلتمسون الأعذار للتجار فى بيعهم السلع التى لديهم قبل الزيادة بالسعر الجديد.
والرد على هذه الحسبة الشيطانية ببساطة، أن التاجر حين يبيع السلعة بالسعر القديم، فهو قد حقق فيها ربحا، وحين يشترى بعد ذلك بالسعر الأعلى فسوف يبيعها ويحقق ربحا أيضا، ولن يتأثر رأس ماله، وكيف يرتضي لنفسه ألا يتأثر بالتضخم وزيادة الأسعار التى يعانى منها الجميع، ويستغل حاجة الناس ويرفع عليهم أسعار السلع قبل أن يشتريها بالزيادة؟. إنها مغالطة كبرى، وخيانة عظمى لا تجعل هذا التاجر من الصادقين الأمناء.
وعار علينا أن يتغنى الناس بأمانة التجار فى الغرب، الذين يعرضون السلعة الواحدة بسعرين، وحين تسأله عن ذلك يجيبك بأنه اشترى هذه بسعر أقل من تلك، ولك حرية الشراء بأى السعرين شئت.
ولا شك أن التلاعب بالأسعار واحتكار السلع من أهم التحديات التي تزيد من وطأة الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها الشعوب، وقديما قالوا: إن التاجر "الشاطر" ليس فقط الذي يمتلك خبرة وذكاء في البيع والشراء، لكنه التاجر الذي يتفهم جيدا متطلبات السوق ويدرك متى يحقق ربحا كبيرا دون التخلي عن إنسانيته فى إدراك ظروف الناس واحتياجاتهم.
إن التاجر الصدوق ـ وهي صيغة مبالغة من الصدق ـ أي الذي يتحرى الصدق والكسب الحلال، فلا يغش ولا يخون ولا يحتكر ولا يستغل وقت الأزمات، فما أعظمه حين يكون مع النبيين والصديقين والشهداء، فهو مع النبى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى الجنة، ومع الصديق أبي بكر والفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وحسن أولئك رفيقا.
وقد أكدت دار الإفتاء المصرية أن التاجر الذي يساهم بخفض أسعار سلعته في تلبية حاجات الناس وضبط إنفاق الأسر، له أجر عظيم عند الله تعالى، وقالت دار الإفتاء المصرية على صفحتها الرسمية على "الفيس بوك": قد مر رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ برجل بالسوق يبيع طعاما بسعرٍ هو أرخص من سعر السوق فقال: "تَبِيعُ فِي سُوقِنَا بِسِعْرٍ هُوَ أَرْخَصُ مِنْ سِعْرِنَا؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "صَبْرًا وَاحْتِسَابًا؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "أَبْشِرْ، فَإِنَّ الْجَالِبَ إِلَى سُوقِنَا كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالْمُحْتَكِرُ فِي سُوقِنَا كَالْمُلْحِدِ فِي كِتَابِ اللهِ".
وناشدت دار الإفتاء المصرية التجار والبائعين وأصحاب المحال التجارية ألا يقوموا باحتكار السلع لبيعها للمواطنين بأغلى من سعرها، مؤكدة أن احتكار السلع ورفع أسعارها على المشترين لا يجوز شرعا ويعد خيانة للأمانة.
وقالت دار الإفتاء: إنه يحرم الاحتكار لكل ما يحتاج إليه الناس دون تحديد للطعام أو لغيره، لأن العلة هي الإضرار بالناس، فحيثما وجدت العلة مع أي سلعة وجد الحكم.
وأخيرا: لابد لوسائل الإعلام المختلفة أن تركز على توضيح كل تلك المعانى، ترغيبا وترهيبا، لعل هذا يكون زاجرا ورادعا لهؤلاء التجار، ومرغبا لهم فى الوقت نفسه فى أن يكونوا مع الصادقين فى جنات النعيم.
[email protected]
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: دار الإفتاء
إقرأ أيضاً:
روجينا: أكتفي بدور «المُشاهد» للسينما
محمد قناوي (القاهرة)
أخبار ذات صلةتغيب الفنانة روجينا عن السينما منذ أكثر من أربعة أعوام، وتحديداً منذ مشاركتها في فيلم «مربع برمودة» الذي عُرض خلال عام 2021، مكتفية بدور «المُشاهد» للسينما. حسبما وصفت.
غياب سينمائي
أوضحت روجينا أن ما يُعرض عليها من أعمال سينمائية جديدة غير مناسبة لها، ما يجعلها تكتفي بدور«المُشاهد»، مؤكدة أن غيابها عن السينما ليس مقصوداً، وأنها تنتظر العمل الجيد الذي تعود به للشاشة الكبيرة.
وقالت «ليس صحيحاً أن ابتعادي عن السينما بسبب انشغالي بالدراما، إذ إنني أستمتع كثيراً بالتمثيل سينمائياً، وقد عُرضت عليَّ العديد من الأفلام خلال الفترة الماضية، لكنني اعتذرت عنها، لأنها لم تكن تناسبني، وشعرت بأنها لن تضيف إلى مشواري الفني».
وتابعت: «أتمنى مواصلة تقديم أدوار مختلفة ومتنوعة، وألا أقف عند نوع معين من الشخصيات، حيث إنني أحب التجديد دائماً».
حسبة عمري
وأعربت روجينا عن سعادتها بردود الفعل الإيجابية تجاه مسلسلها «حسبة عمري» الذي عُرض خلال الموسم الرمضاني الأخير، موضحة أن المسلسل لمس قلوب المشاهدين بسبب مناقشته لقضية تهم كل بيت مصري وعربي، وهي قضية «حق الكد والسعاية»، والظلم الذي قد تتعرض له المرأة.
وقالت «وجدت سيناريو مختلفاً تماماً عن أي عمل قدمته من قبل، وقصة تمس قضايا اجتماعية وإنسانية حساسة، وتخص المرأة التي تواجه تحديات صعبة وتحاول إعادة حساباتها في الحياة، وهو أمر يمكن أن يحدث لأي فتاة أو سيدة في أي بيت مصري أو عربي».
قضايا المرأة
وشددت على اهتمامها بتقديم أعمال تهتم بقضايا المرأة، لأنها تشعر بما تمر به النساء في حياتهن، وما يؤثر على نفسيتهن، مؤكدة أن الفن مطالب بتسليط الضوء على القضايا والمشكلات التي تحتاج إلى نقاش ومعالجة.
الرسالة أولاً
وأوضحت روجينا أنه لا يوجد ما يجبرها على قبول عمل فني لا ترضى عن الرسالة التي يقدمها، مؤكدة أن أعمالها التلفزيونية الأخيرة تحمل رسائل وقيماً فنية، مثل «انحراف، وستهم، وسهر إلهي».
وعن مشاريعها الفنية المقبلة، قالت روجينا: «هناك أكثر من مشروع فني قيد الدراسة، لكنني لم أحسم أمري بعد، فقد بذلت مجهوداً كبيراً في «حسبة عمري»، وأحتاج لبعض الوقت لاختيار العمل المناسب».
إثارة وتشويق
وأشادت روجينا بالأعمال ذات الـ15 حلقة، ووصفتها بتجربة مثمرة، حيث تتميز بالإيقاع السريع والأحداث المتلاحقة، وهو ما يجذب المشاهد، ويدفعه لمتابعة الحلقات بشغف، لا سيما أن الجمهور يبحث دائماً عن الأحداث المشوقة والتطورات السريعة من دون ملل، بخلاف الأعمال التي تحتوي على مشاهد مطولة لا تضيف قيمة إلى القصة.