الأسبوع:
2025-01-18@10:53:56 GMT

حسبة شيطانية

تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT

حسبة شيطانية

التجار هذه الأيام ـ إلا من رحم ربى ـ يبادرون برفع سعر السلعة التى يمتلكونها، لمجرد علمهم بأن هذه السلعة سيرتفع سعرها، أو أنه قد ارتفع بالفعل، علما بأنهم قد اشتروها بسعر أقل، وحجتهم فى ذلك أنهم إذا باعوا ما لديهم، وذهبوا لشراء السلعة نفسها بالسعر الجديد، فسوف يخسرون قيمة الزيادة من رأس مالهم، بمعنى أن التاجر لو كان يمتلك عشر سيارات مثلا وارتفع سعرها ثم باعها بالسعر القديم، فإنه حين يشتري بالسعر الجديد فلن يتمكن من شراء عشر سيارات مكانها، فإذا اشترى تسعة مثلا، فيكون قد فقد سيارة من رأس ماله، وهذه الحسبة الشيطانية صارت مبدأ عاما وقاعدة يتعامل بها التجار ويعتقدون أن هذا هو الصحيح الواجب الاتباع، بل وصل الأمر إلى أن كثيرا من المستهلكين يقتنعون بهذه الحسبة الشيطانية، ويلتمسون الأعذار للتجار فى بيعهم السلع التى لديهم قبل الزيادة بالسعر الجديد.

والرد على هذه الحسبة الشيطانية ببساطة، أن التاجر حين يبيع السلعة بالسعر القديم، فهو قد حقق فيها ربحا، وحين يشترى بعد ذلك بالسعر الأعلى فسوف يبيعها ويحقق ربحا أيضا، ولن يتأثر رأس ماله، وكيف يرتضي لنفسه ألا يتأثر بالتضخم وزيادة الأسعار التى يعانى منها الجميع، ويستغل حاجة الناس ويرفع عليهم أسعار السلع قبل أن يشتريها بالزيادة؟. إنها مغالطة كبرى، وخيانة عظمى لا تجعل هذا التاجر من الصادقين الأمناء.

وعار علينا أن يتغنى الناس بأمانة التجار فى الغرب، الذين يعرضون السلعة الواحدة بسعرين، وحين تسأله عن ذلك يجيبك بأنه اشترى هذه بسعر أقل من تلك، ولك حرية الشراء بأى السعرين شئت.

ولا شك أن التلاعب بالأسعار واحتكار السلع من أهم التحديات التي تزيد من وطأة الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها الشعوب، وقديما قالوا: إن التاجر "الشاطر" ليس فقط الذي يمتلك خبرة وذكاء في البيع والشراء، لكنه التاجر الذي يتفهم جيدا متطلبات السوق ويدرك متى يحقق ربحا كبيرا دون التخلي عن إنسانيته فى إدراك ظروف الناس واحتياجاتهم.

إن التاجر الصدوق ـ وهي صيغة مبالغة من الصدق ـ أي الذي يتحرى الصدق والكسب الحلال، فلا يغش ولا يخون ولا يحتكر ولا يستغل وقت الأزمات، فما أعظمه حين يكون مع النبيين والصديقين والشهداء، فهو مع النبى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى الجنة، ومع الصديق أبي بكر والفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وحسن أولئك رفيقا.

وقد أكدت دار الإفتاء المصرية أن التاجر الذي يساهم بخفض أسعار سلعته في تلبية حاجات الناس وضبط إنفاق الأسر، له أجر عظيم عند الله تعالى، وقالت دار الإفتاء المصرية على صفحتها الرسمية على "الفيس بوك": قد مر رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ برجل بالسوق يبيع طعاما بسعرٍ هو أرخص من سعر السوق فقال: "تَبِيعُ فِي سُوقِنَا بِسِعْرٍ هُوَ أَرْخَصُ مِنْ سِعْرِنَا؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "صَبْرًا وَاحْتِسَابًا؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "أَبْشِرْ، فَإِنَّ الْجَالِبَ إِلَى سُوقِنَا كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالْمُحْتَكِرُ فِي سُوقِنَا كَالْمُلْحِدِ فِي كِتَابِ اللهِ".

وناشدت دار الإفتاء المصرية التجار والبائعين وأصحاب المحال التجارية ألا يقوموا باحتكار السلع لبيعها للمواطنين بأغلى من سعرها، مؤكدة أن احتكار السلع ورفع أسعارها على المشترين لا يجوز شرعا ويعد خيانة للأمانة.

وقالت دار الإفتاء: إنه يحرم الاحتكار لكل ما يحتاج إليه الناس دون تحديد للطعام أو لغيره، لأن العلة هي الإضرار بالناس، فحيثما وجدت العلة مع أي سلعة وجد الحكم.

وأخيرا: لابد لوسائل الإعلام المختلفة أن تركز على توضيح كل تلك المعانى، ترغيبا وترهيبا، لعل هذا يكون زاجرا ورادعا لهؤلاء التجار، ومرغبا لهم فى الوقت نفسه فى أن يكونوا مع الصادقين فى جنات النعيم.

[email protected]

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: دار الإفتاء

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية من مسجد مصر الكبير: الفكر التكفيري يستبيح الأموال والأعراض

قال الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، إن الفكر التكفيري يعمل على استباحة المال والعرض تحت مزاعم واهية وأقوال فاسدة وليس أدل على ذلك أن هذه الأقوال لا يراد من ورائها إلا التطاول على النفس والمال والعرض.

بعد ضمه رسميا لوزارة الأوقاف.. أول صلاة جمعة من مسجد مصر الكبير بالعاصمة الإداريةوزارة الأوقاف تتسلم إدارة مسجد مصر الكبير وتتعهد بتحويله إلى صرح عالمي

وأضاف مفتي الجمهورية، في خطبة الجمعة الأولى من مسجد مصر الكبير بالعاصمة الإدارية الجديدة، بعد ضم المسجد بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلى وزارة الأوقاف، أن القرآن الكريم نوه إلى ضرورة العناية بها والمحافظة عليها وعدم العمل على وأدها، وقال تعالى (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا).

وذكر أن المتأمل لهذه الآية يقف على عقوبة تلو الآخرى تتأتى من وراء الاستباحة للمال والنفس والعرض وفي هذا ما يدفع الإنسان منا إلى ضرورة التريث في إصدار الأحكام وعدم التسرع في نظرته إلى الناس، خاصة وأن النبي حذر من هذا الفكر فيقول النبي (والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا) وفي حديث آخر (من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة لقي الله وبين عينيه آيس من رحمة الله).

وأضاف أن التعجل في تكفير الناس يلزم عنه العمل على ازدراء الناس واحتقارهم وهذه قضية خطيرة لأنها تتنافي مع طبيعة هذا الدين الذي ينظر إلى الناس بإجلال وإكرام، فأقر مبدأ الحرية الدينية 

وأكد على أن التنوع والاختلاف سنة كونية، ودعا إلى مراعاة الكرامة الإنسانية وأشار إلى الوحدة في أصل الخلقة ثم جعل التفاوت بين الناس مرده إلى التقوى والعمل الصالح.

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: حين يغيب قلبك عن ذكر الله يغيب نور الله عن قلبك
  • آيات التحصين من السحر والعين والحسد
  • هل الدروب شيبنج حلال أم حرام؟ دار الإفتاء تحسم الجدل
  • الجشع وسلع رمضان
  • هل يأكل الشيطان من طعام الشخص الذي لم يذكر التسمية؟ صحح معلوماتك
  • خطيب المسجد الحرام: التحصن والتحصين أهم ما يحتاجه الناس بهذا الزمان
  • مفتي الجمهورية من مسجد مصر الكبير: الفكر التكفيري يستبيح الأموال والأعراض
  • معلمو الناس الخير
  • يشارك في مسلسل «حسبة عمري».. كيف عشق محمد رضوان التمثيل عن طريق والده؟
  • أمين الفتوى: لا يوجد سقف ثابت للربح في الإسلام