الأسبوع:
2024-09-29@07:36:10 GMT

حسبة شيطانية

تاريخ النشر: 7th, February 2024 GMT

حسبة شيطانية

التجار هذه الأيام ـ إلا من رحم ربى ـ يبادرون برفع سعر السلعة التى يمتلكونها، لمجرد علمهم بأن هذه السلعة سيرتفع سعرها، أو أنه قد ارتفع بالفعل، علما بأنهم قد اشتروها بسعر أقل، وحجتهم فى ذلك أنهم إذا باعوا ما لديهم، وذهبوا لشراء السلعة نفسها بالسعر الجديد، فسوف يخسرون قيمة الزيادة من رأس مالهم، بمعنى أن التاجر لو كان يمتلك عشر سيارات مثلا وارتفع سعرها ثم باعها بالسعر القديم، فإنه حين يشتري بالسعر الجديد فلن يتمكن من شراء عشر سيارات مكانها، فإذا اشترى تسعة مثلا، فيكون قد فقد سيارة من رأس ماله، وهذه الحسبة الشيطانية صارت مبدأ عاما وقاعدة يتعامل بها التجار ويعتقدون أن هذا هو الصحيح الواجب الاتباع، بل وصل الأمر إلى أن كثيرا من المستهلكين يقتنعون بهذه الحسبة الشيطانية، ويلتمسون الأعذار للتجار فى بيعهم السلع التى لديهم قبل الزيادة بالسعر الجديد.

والرد على هذه الحسبة الشيطانية ببساطة، أن التاجر حين يبيع السلعة بالسعر القديم، فهو قد حقق فيها ربحا، وحين يشترى بعد ذلك بالسعر الأعلى فسوف يبيعها ويحقق ربحا أيضا، ولن يتأثر رأس ماله، وكيف يرتضي لنفسه ألا يتأثر بالتضخم وزيادة الأسعار التى يعانى منها الجميع، ويستغل حاجة الناس ويرفع عليهم أسعار السلع قبل أن يشتريها بالزيادة؟. إنها مغالطة كبرى، وخيانة عظمى لا تجعل هذا التاجر من الصادقين الأمناء.

وعار علينا أن يتغنى الناس بأمانة التجار فى الغرب، الذين يعرضون السلعة الواحدة بسعرين، وحين تسأله عن ذلك يجيبك بأنه اشترى هذه بسعر أقل من تلك، ولك حرية الشراء بأى السعرين شئت.

ولا شك أن التلاعب بالأسعار واحتكار السلع من أهم التحديات التي تزيد من وطأة الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها الشعوب، وقديما قالوا: إن التاجر "الشاطر" ليس فقط الذي يمتلك خبرة وذكاء في البيع والشراء، لكنه التاجر الذي يتفهم جيدا متطلبات السوق ويدرك متى يحقق ربحا كبيرا دون التخلي عن إنسانيته فى إدراك ظروف الناس واحتياجاتهم.

إن التاجر الصدوق ـ وهي صيغة مبالغة من الصدق ـ أي الذي يتحرى الصدق والكسب الحلال، فلا يغش ولا يخون ولا يحتكر ولا يستغل وقت الأزمات، فما أعظمه حين يكون مع النبيين والصديقين والشهداء، فهو مع النبى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى الجنة، ومع الصديق أبي بكر والفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وحسن أولئك رفيقا.

وقد أكدت دار الإفتاء المصرية أن التاجر الذي يساهم بخفض أسعار سلعته في تلبية حاجات الناس وضبط إنفاق الأسر، له أجر عظيم عند الله تعالى، وقالت دار الإفتاء المصرية على صفحتها الرسمية على "الفيس بوك": قد مر رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ برجل بالسوق يبيع طعاما بسعرٍ هو أرخص من سعر السوق فقال: "تَبِيعُ فِي سُوقِنَا بِسِعْرٍ هُوَ أَرْخَصُ مِنْ سِعْرِنَا؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "صَبْرًا وَاحْتِسَابًا؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: "أَبْشِرْ، فَإِنَّ الْجَالِبَ إِلَى سُوقِنَا كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَالْمُحْتَكِرُ فِي سُوقِنَا كَالْمُلْحِدِ فِي كِتَابِ اللهِ".

وناشدت دار الإفتاء المصرية التجار والبائعين وأصحاب المحال التجارية ألا يقوموا باحتكار السلع لبيعها للمواطنين بأغلى من سعرها، مؤكدة أن احتكار السلع ورفع أسعارها على المشترين لا يجوز شرعا ويعد خيانة للأمانة.

وقالت دار الإفتاء: إنه يحرم الاحتكار لكل ما يحتاج إليه الناس دون تحديد للطعام أو لغيره، لأن العلة هي الإضرار بالناس، فحيثما وجدت العلة مع أي سلعة وجد الحكم.

وأخيرا: لابد لوسائل الإعلام المختلفة أن تركز على توضيح كل تلك المعانى، ترغيبا وترهيبا، لعل هذا يكون زاجرا ورادعا لهؤلاء التجار، ومرغبا لهم فى الوقت نفسه فى أن يكونوا مع الصادقين فى جنات النعيم.

[email protected]

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: دار الإفتاء

إقرأ أيضاً:

تجّار الأزمات.. من المنازل إلى جهات تجمع الذهب!

في الوقت الذي أمطرت فيه إسرائيل البقاع والجنوب بصواريخ حصدت حياة أكثر من 1000 شخص، كانت حرب من نوع آخر تحدث على أرض الميدان، بعيدًا عن القصف والتدمير.. هذه الحرب لم يقم بها جنود وضباط، بل أدارها أشخاص باتوا يعرفون بـ"تجار الأزمات" اعتاد عليهم اللبنانيون منذ القدم، إذ يلمع بريقهم بشكل دائم خلال الأزمات.. فمن منّا لا يتذكر تجّار البنزين والغاز والمازوت والخبز والدواء خلال الأزمة الأخيرة التي ضربت البلاد، ومن منّا لا يتذكر تجّار الطوابع والدولار.. أما اليوم، ها نحن قد وصلنا لنحارب تجّار المنازل والذهب في لبنان.

هذه الفئة من التجار غالبًا ما تنصب عيناها نحو الارباح، وهدفها الاول والاخير الأموال وفقط الأموال، إذ لا تهتم لا للوضع الصعب ولا للمشاعر الإنسانية المفقودة في قاموسها.. فمن يرى بورصة الذهب والمنازل في لبنان اليوم، يدرك أن الإنسانية باتت تقبع في الدرك الاسفل، ويظن لوهلة أن الحرب العالمية الثالثة قد بدأت.

المأوى فرصة للتجار الجشعين

منذ اليوم الأول لاندلاع العدوان الإسرائيلي على لبنان، ضربت الاسعار ضربتها، خاصةً على صعيد تأجير البيوت، حيث باتت الشقق المعروضة للإيجار بمثابة سلعة نادرة من الصعب الحصول عليها.
فبدءًا من عملية التأجير، شهدت أسعار المنازل المعروضة للإيجار قفزة كبيرة جدًا وصلت في بعض الأماكن إلى 380%، حيث أن الشقة الذي كان يبلغ بدل ايجارها 250 دولارا وصل اليوم إلى 1200. هذا الرقم لا يعني أنّك حصلت على منزل بمواصفات خيالية، لا بل هذا الامر يشمل منزلا عاديًا مفروشًا لا يتسع في بعض الاحيان إلى أكثر من 10 أشخاص.

وخلال رصد "لبنان24" لمواقع التأجير الحالية المعتمدة في لبنان، فإن البورصة ترتفع رويدًا رويدًا، خاصة مع اشتداد العمليات في الجنوب، علمًا أن العدد الأكبر من المنازل لا يصلح في الوقت الحاضر للعيش فيها، لسبب إما أنّها تعرّضت للدمار، أم أنّها آيلة للسقوط، مع انتشار تقارير تؤكّد أن العدو يستعمل قنابل مصمّمة لتدمير الانفاق تحت الأرض، وهذا ما سيسبب في طبيعة الحال بارتجاجات ستؤثر على هيكلية المباني.

وإلى حدّ الآن، ومع امتلاء مراكز الإيواء بالنازحين، لا يزال عدد كبير من النازحين يبحث عن منازل للإستئجار، على الرغم من اعتبارها مهمة شاقة نسبيًا، خاصة وانّ العدد الأكبر من المنازل في مناطق الجبل أو البعيدة نسبيا عن بيروت كانت قد أُجّرت خلال المرحلة الأولى من الحرب، ومعظم هذه المساكن تمّ دفع بدل استئجارها سلفًا لاشهر عديدة مقبلة.

ولإلقاء نظرة سريعة على حجم عملية استئجار البيوت، استقبل قضاء عاليه إلى حدّ اليوم ما يفوق 13 ألف نازح، وتضم المدينة لوحدها قرابة 1000 نازح داخل المراكز والمدارس. ومن اصل 13 ألفا، ما يقارب 2000 نازح استأجروا منازل في المنطقة.

وحسب عدد كبير من السماسرة الذي تواصل معهم "لبنان24" فقد أشاروا إلى أن هذه الأزمة لا يمكن تحميلها فقط لصاحب المنزل، إذ إن حتّى المستأجرين هم من يتسببون بأزمة، فعلى سبيل المثال في حال توفر منزل مؤجّر بـ500 دولار، يعمد نازح آخر الى رفع السعر وعرض مبلغ أكبر.
ويؤكّد أحد المساسرة لـ"لبنان24" أن منزلا في قضاء عاليه شهد معركة مزاد بين مستأجرَين انتهى بعرض واحد منهما مبلغا فاق 1000 دولار. وحسب السمسار فإن هذا المبلغ فتح شهية سماسرة ومكاتب واصحاب منازل لرفع الأسعار.

الذهب.. ليس أفضل حالا
على صعيد آخر شهد الذهب معركة من نوع آخر، إذ تهافت أصحاب رؤوس الأموال على شراء ما أمكن من الذهب من النازحين، حيث اضطر عدد كبير منهم إلى بيع الذهب لأجل تأمين بدل إيجار المنزل، أو لتامين الطعام والثياب والدواء.

وحسب مصادر عدّة، فإن تجّار الذهب الكبار في لبنان يراقبون عن كثب اتجاه المعركة، التي من شأنها أن تساهم في رفع أسعار الذهب بشكل أكبر، بعد أن وصل إلى مستويات تاريخية تخطت 2626 دولارا للأونصة.

ويؤكد خبير اقتصادي لـ"لبنان24" أن فتح جبهة جديدة رفع اسعار النفط والذهب، وحضّ التجار على شراء ما أمكن من الذهب كملاذ آمن.

ويرى الخبير أن التجار يحاولون استغلال النازحين، وذلك بناء على تحليلات تؤكّد أن اسعار الذهب سترتفع أكثر خلال الاشهر المقبلة، مشيرًا إلى أن ليرة الذهب التي تسجل اليوم قرابة 600 دولار، يعرض التجار على النارحين بيعها بقرابة 420 أو 440 دولارا. وحسب الخبير تحاول العديد من الجهات تجميع اكبر قدر ممكن من الليرات واونصات الذهب في الوقت الحالي. المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • كاتب صحفي: مبادرة «حياة كريمة» تساهم في القضاء على جشع التجار
  • الجديد: لا يمكن للمصرف المركزي إرضاء الشعب وإعطائه الدولار بالسعر الذي يريده
  • حالات لا يتم فيها استبدال السلع الغذائية بقانون حماية المستهلك (اعرفها)
  • السوبر الإفريقي.. جمهور الأهلي يلجأ إلى حيلة شيطانية قبل مواجهة الزمالك
  • جعفر الصدر يعلن تضامنه مع حزب الله: معكم يا أشرف الناس
  • الإفتاء تُحذر من المشاركة في ترويج الشائعات: تبث الفزع بين الناس
  • دار الإفتاء: ترويج الشائعات وبث الفزع بين الناس محرم شرعا
  • حمية خلال اجتماعه مع مديري المرافىء البحرية: لتسهيل اخراج البضائع
  • تجّار الأزمات.. من المنازل إلى جهات تجمع الذهب!
  • نقابات التجارة: نناشد التجار عدم رفع الأسعار واستغلال الناس في هذه الظروف الصعبة