غزّة بين النّزيف والحُرّيّة
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
محمد التوبي
إذا كانت غزّة تنزف دماءها، فلا شك أنه من أجل كرامة العرب المفقودة في ظل الصمت العربي... عندما تنزف غزّة فإنّ ذلك من أجل أن ترفع رأس الأحرار الشّرفاء الذين قُطعت عليهم السُّبُلْ من أن يشاركوا في هذا الجهاد المُبارك لأجل الحُرّيّة ومن أجل الشُّهداء الذين ارتقوا كي يكونوا مع الله.
الدّماء المُباركة التي سالت هي شهادة الأبرار على الأحياء الذين دسّوا رؤوسهم في التراب، وشهادة الحياة على (الأموات الأحياء) الذين لا يرتجون الدنيا وجعلوها وراء ظهورهم، هي شهادة الأرض المُباركة على الذين يشهدون أن "لا إله إلاّ الله وأنّ مُحمّدًا رسول الله" وهم عنها في سُبات، لا همّ لهم سوى الدُّنيا وملذّاتها وجعلوا الله وراءهم، وهي شهادة وفاة ختمت لهم بدماء الأطفال والأبرياء الذين ارتقوا إلى ربهم.
غزّة تعني النّصر القادم ووعد الله المتين للأوفياء لدينه ولِطُلاّب الحُرّيّة المُنْتَزَعَةَ من براثن الظلم والإستبداد الذي يمارسه الصّهاينة في أرض الله المباركة. انتصار غزة يعني انتصارًا لفلسطين في وجه أعداء الله الذين تحالفوا ضد فلسطين مُدّة طويلة من الزمن، ولا يوجد لدي شكّ في أن الله سيُبدّد شَمْلَهم وسيُفرِّق جَمعَهم؛ وإن بدا في واقع الأمر قوّتهم وجبروتهم وطغيانهم.
انتصار غزّة لا جِدال فيه، ويكفي أن غزّة انتصرت على الغوغائية الإعلامية التي تقودها أمريكا (رأس الصهيونية) فكان نصرًا مدويًا، كشف الله بها بصيرة الذين ينشدون الحُرّيّة في هذا العالم، وقد تعبت نفوسهم من الكذب الإعلامي والهالات الإعلامية التي بنت أُسُسُها الصهيونية العالمية منذ عقود طويلة وسخّرت لها كل الإمكانيات المالية من أجل بثّ التضليل وتوجيه الشعوب في كل أنحاء العام .
النصر لغزّة التي علّمتنا أن الحياة لا تطيب إلاّ بالحُريّة للوطن، ومهما فعلت المشاورات والمداولات فلن تأتي بالنصر ولن يتحرّرّ تُراب الوطن فما أُخِذَ بالقوة لا يمكن أن يُسْترّجع إلاّ بالقوّة؛ فكم من محادثات أُجْرِيَتْ واجتماعات عُقِدَتْ من أجل الإتفاقيات الموهومة التي يُرْتجى منها السّلام لجميع الأطراف ولكن في حقيقتها لم تكن إلاّ مساحةً من أجل تمدّد الكيان الغاصب.
غزّة انتصرت بقدرتها على لم شمل العالم لصالح قضيتها التي بقيت سنين طويله طيّ النسيان، فلم تتوحّد البشرية كما توحّدت بعد هذا الطوفان المبارك الذي على أثره نَزَفَتْ غزّه الكثير من الدّماء الطّاهرة لأبنائها وبناتها ؛ ولكن هذه الدماء أيقضت العالم على الكارثة البشرية التي تدير رحاها الولايات المتحدة الأمريكية في حرب إبادة جماعية وقتل وتشريد لم تعرف له البشرية مثالًا من قبل، يقاس عليه ما فعلته إسرائيل في المائة يومٍ التي مضت.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
انتصار غزة واليمن ثمارٌ لدماء القادة الشهداء
د. شعفل علي عمير
صحيحٌ أن التاريخَ يحملُ في طياته العديدَ من القصص عن الحروب والصراعات، وغالبًا ما يكونُ الشهداء هم من يسطّرون هذه القصص بدمائهم.
فالقادة الذين يتبنّون قضايا أوطانهم ويضحون؛ مِن أجلِها يتركون بصمة لا تُنسى في ذاكرة شعوبهم، ويصبحون رموزًا للنضال والمقاومة، وتاريخ النضال الفلسطيني واليمني مليء بالرموز والقادة الذين جسّدوا قيمَ التضحية والثبات، حَيثُ كانت غزة دائمًا في مقدمة صفوف المقاومة.
لقد قدم الشهداء أعظم التضحيات في سبيل حرية وطنهم، وتركوا إرثًا من البطولة والفداء الذي يجسّد الروح الجهادية للشعب الفلسطيني واليمني، وتضحيات هؤلاء الأبطال تشير إلى أهميّة الجهاد والمقاومة في مواجهة التحديات، وتعلم الأجيال أن الكفاح؛ مِن أجلِ تحقيق العدالة والحرية هو واجب مُقدس.
كما تجسد روح النضال المتواصل في غزة إرادَة الشعب الفلسطيني ومعاناته، مما يعزز من قيم الصمود والمقاومة التي تتناقلها الأجيال، إذ تُعتبر غزة محورًا مركزيًّا في الصراع مع الكيان الصهيوني؛ فقد أظهرت مقاومة وصمودًا قل نظيره في وجه أعتى قوى الاستعمار والهيمنة.
إن تضحيات القادة والشهداء من أبناء غزة واليمن تعكس الإصرار على الدفاع عن الهُوية والحقوق الوطنية.
أبطالٌ يستمرون في إلهام الأجيال معاني النصر وموجبات الكرامة للحفاظ على قضية فلسطين واليمن حية في الضمير العربي والإسلامي والإنساني أَيْـضًا ومنحهم الأمل في تحقيق الحرية والاستقلال أن شهداء اليمن وغزة كانوا كالنور الذي أضاء لليمن وغزة دروب النصر، وهنا وفي ذكرى استشهاد الرئيس صالح الصماد “رضوان الله عليه” نستلهمُ من شهادتهم جميعًا معاني العزة والكرامة معاهدين كُـلّ الشهداء بأننا على دربهم حتى النصر متوكلين على الله ومستعينين به.
إن النضال الفلسطيني واليمني ليس مُجَـرّد صراع عسكري، بل هو معركة؛ لأجلِ الوجود والحقوق، وتحقيق العدالة. وكما يعلّمنا التاريخ، فَــإنَّ التضحيات غالبًا ما تقود إلى إنجازات عظيمة، وتجعل الشعوب أكثر تصميمًا على تحقيق أهدافها. وهنا، تبقى ذكرى هؤلاء الشهداء حية تُنير دروب الأجيال الشابة، مشدّدة على أهميّة توحيد جبهات المجاهدين في مواجهة التحديات، مجسدين لقيم البطولة والإرادَة الصُّلبة.
تعتبر غزة، رمزًا حيًّا للصمود والتصميم. منذ عقود طويلة، تواجه تحديات وصعوبات جسيمة، لكن الإيمان العميق بالحقوق والأرض والكرامة الإنسانية دفع الكثير من أبنائها للانخراط في معركة البقاء والنضال وهو ذلك الإيمان الذي دفع اليمنيين إلى مواجهة تحالف دولي والانتصار عليه، لذلك، ينبغي على الأجيال القادمة أن تقتديَ بتلك الشخصيات الفذة التي وضعت مصلحة الوطن فوق كُـلّ اعتبار، وأن تستمر في حمل الشعلة التي أوقدها الشهداءُ بدمائهم. فلولا شجاعة القادة وتفانيهم وإيمانهم بعدالة قضيتهم، لما كان لغزة واليمن أن ترفع راية النصر عالية في سماء الحرية.
نقف بكل الإجلال والتقدير لمن سبقونا إلى الحرية، أُولئك الذين زرعوا بأجسادهم الأمل، وأهدوا لأبناء شعبهم درب النور ليواصلوا المسير نحو مستقبل أفضل.