وشائج الأخوة أقوى من مشاريع الاقتصاد
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
إذا كانت الصور تحمل مخزونا دلاليا يفوق في الكثير من الأحيان المخزون الدلالي الذي تحمله الكلمات، فإن مشاهد الاستقبال المهيب الذي أجري مساء اليوم لصاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة الذي يقوم بزيارة «دولة» لسلطنة عمان تقول الكثير والكثير عن العلاقات الراسخة بين سلطنة عمان ودولة الكويت على مستوى القيادتين وعلى مستوى الشعبين، وهي علاقة الدم والرحم كما أنها علاقة المبادئ والقيم، وبذلك لا يمكن ربطها ببراجماتية التجاذبات السياسية والاقتصادية التي قد تنشأ بين مختلف دول العالم في ظل التنافس على المكاسب الاستثمارية والمالية.
ولذلك كان الاستقبال العماني الأصيل يليق بالأمير الذي يحل ضيفا على عُمان قيادة وشعبا، ويليق ببلده الشقيق، ويليق قبل كل ذلك بعُمان، السلطنة العريقة في التاريخ والحضارة والتي عرف عنها العالم قدرتها على التفاعل البنّاء والمثمر مع مختلف دول العالم من أجل إثراء الحضارة الإنسانية، بنفس القدر الذي عرف عنها تمسكها بقيم الأخوة ومبادئ السياسة المستمدة من الدين الإسلامي والأخلاق العمانية الأصيلة.
لقد جاء ترتيب أحداث الزيارة كاشفا عن جوهرها الذي ينطلق من الأخوة الرصينة، تلك الأخوة التي أفضت إلى سياسات متناغمة ومواقف متشابهة في قراءة الأحداث العالمية وبذل الجهود من أجل إحلال السلام والوئام بين الأخوة والأشقاء وبين الإنسانية جمعاء.. ثم تفضي تلك العلاقات الأخوية والسياسة المتناغمة إلى شراكات اقتصادية متينة وواعدة بالكثير من النمو في المستقبل، فالأخوة القوية والثقة الراسخة هي التي قادت إلى الشراكات الاقتصادية وليس العكس.. ولذلك فإن تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم وأخيه صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد أمير دولة الكويت، حفظهما الله، بافتتاح أحد أكبر المشاريع الاقتصادية بين البلدين وهو مشروع «مصفاة الدقم» يؤكد أن الشراكات الاقتصادية والاستثمارية هي نتائج لعلاقات أخوية راسخة ولسياسات حكيمة ومتزنة قائمة على مبادئ راسخة لا تراجع عنها.
ولا غرابة أن يكون مشروع مصفاة الدقم بهذا الحجم الاقتصادي فهو يعبر عن حجم الأخوة وحجم التناغم والتفاهم بين البلدين الشقيقين.
وبالنظر إلى مشروع المصفاة من جانب اقتصادي استراتيجي فهو يربط شمال الخليج بجنوبه ويجعل المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم أحد أهم المناطق الاقتصادية في العالم خاصة في مجال الطاقة والمشاريع المرتبطة بها.. سواء كانت تلك الطاقة طاقة النفط والغاز أو الطاقة الخضراء التي تعتبر الدقم أحد أهم مراكزها العالمية، بل إن هذه المنطقة مع الوقت قد تكون أحد أهم الحلول الاستراتيجية للاقتصاد في منطقة الخليج العربي ليبتعد عن كل التحديات التي تحيط بالإقليم.
وتملك «مصفاة الدقم» بعدا استراتيجيا على المديين القريب والمتوسط؛ فهي قادرة على ربط طاقة الخليج العربي بشرق آسيا وبشكل خاص بالصين أحد أهم مستوردي الطاقة في العالم.. وهذا المشهد يكشف عن تزايد أهمية الدقم باعتبارها منطقة اقتصادية تحتل مكانة استثنائية في ملتقى سلاسل التوريد بعيدا عن كل الصراعات الملاحية التي يشهدها العالم الآن أو يمكن أن تبرز خلال المستقبل.
ولذلك يستحق مشروع المصفاة والمشاريع البتروكيماوية المرتبطة به وبمنطقة الدقم أكملها هذا الاحتفاء الكبير سواء من سلطنة عمان أو من دولة الكويت الشريك الاستراتيجي في المصفاة، والشريك الأخوي الذي تجله وتقدره سلطنة عمان عاليا.
حفظ الله البلدين الشقيقين وكلل مساعيهما الخيرة لرفاه شعبيهما وتقدم أمتهما.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: دولة الکویت أحد أهم
إقرأ أيضاً:
كوريا الجنوبية..الأزمة السياسية تهدد الاقتصاد الأكثر دينامية في العالم
تهدد الأزمة السياسية المتصاعدة في كوريا الجنوبية بعد عزل الرئيس، وخليفته بالانابة بعد محاولة فاشلة لفرض الأحكام العرفية، العملة المحلية، والثقة في الاقتصاد.
وتراجع الوون الجمعة إلى أدنى مستوى مقابل الدولار منذ 2009، ويسجل انخفاضاً شبه متواصل منذ محاولة الرئيس يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في مطلع ديسمبر (كانون الأول). وباءت هذه المحاولة بالفشل، لكنها أثارت صدمة وأدخلت كوريا الجنوبية في أزمة سياسية حادة تعدّ الأسوأ منذ عقود. وتعرضت ثقة الأعمال والمستهلكين في رابع أكبر اقتصاد في آسيا، لأكبر ضربة منذ كورونا، وفقاً لبيانات المصرف المركزي.وصوّت البرلمان في 14 ديسمبر (كانون الأول) على عزل الرئيس المحافظ يون سوك-يول الذي فرض الأحكام العرفية وأرسل قوات عسكرية الى مجلس النواب، قبل أن يتراجع عن قراره بعد ساعات قليلة.
ويوم الجمعة، عزل البرلمان الرئيس بالوكالة هان داك-سو، بدعوى أنه رفض المطالب بإكمال إقالة يون من منصبه وتقديمه للعدالة. وهي المرة الأولى التي يُقال فيها رئيس بالإنابة بعد عزل الرئيس في كوريا الجنوبية. وبات وزير المالية شوي سانغ-موك يتولى الرئاسة بالوكالة.
وتعهد الأخير بذل قصارى جهده لوضع حدّ للأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد.
برلمان كوريا الجنوبية يصوّت لصالح عزل الرئيس المؤقت - موقع 24صوت البرلمان، الذي تسيطر عليه المعارضة في كوريا الجنوبية، اليوم الجمعة، لصالح عزل الرئيس المؤقت هان دوك سو. مسألة دستوريةومصير يون رهين قرار منتظر من المحكمة الدستورية التي عليها المصادقة على عزله من عدمه في مهلة أقصاها 6 أشهر.
وكانت المعارضة تأخذ على هان رفضه تعيين 3 قضاة من أصل 9 في المحكمة التي يجب أن تنظر في عزل يون بغالبية الثلثين.
وإذا لم يعين قضاة في المقاعد الثلاثة الشاغرة قبل نهاية الإجراءات، على القضاة الستة في المحكمة أن يتخذوا القرار بالإجماع لعزل يون نهائياً من الرئاسة. وإذا صوّت قاض واحد من الستة ضده سيتولى يون مهامه الرئاسية مجدداً.
وبعد يوم متشنج تخلله احتجاج نواب من حزب يون في قاعة البرلمان، سعى الرئيس المؤقت الجديد إلى التهدئة، وقال في خطاب ألقاه بعد تعيينه: "إنهاء الأزمة الحكومية بات الآن الأولوية المطلقة"، مشدّداً على أن "الحكومة ستبذل كلّ ما في وسعها لتخطي فترة الاضطرابات هذه".
وأضاف "رغم أننا نواجه تحديات غير متوقعة مرة أخرى، فإننا على ثقة أن نظامنا الاقتصادي القوي والمرن سيضمن الاستقرار السريع".
وورث شوي سانغ-موك، ميزانية 2025 التي أقرتها المعارضة وحدها، وتقلّ بـ 4.1 تريليونات وون (2.8مليار دولار) عما كانت الحكومة تريده.
South Korea has voted to impeach a second head of state in less than two weeks. Politicians voted to oust acting president Han Duck-soo, prolonging the political crisis which has gripped the country since President Yoon Suk Yeol briefly imposed martial law. pic.twitter.com/K6fH8JyvMB
— Channel 4 News (@Channel4News) December 27, 2024وكتب غاريث ليذر من كابيتال إيكونوميكس في مذكرة للعملاء "هناك بالفعل علامات على أن للأزمة تأثيرا على الاقتصاد"، مشيراً الى تراجع ثقة المستهلكين والشركات. وأضاف "تتصاعد الأزمة في ظل اقتصاد متعثر"، حيث من المتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 2% فقط هذا العام، مثقلا بتباطؤ عالمي في الطلب على أشباه الموصلات".
وأشار ليدر الى أنه "على المدى الأبعد، قد يؤدي الاستقطاب السياسي والشك الناتج عنه إلى عرقلة الاستثمار في كوريا"، مستشهدا بما حدث في تايلاند التي يعاني اقتصادها من الركود منذ الانقلاب في 2014. لكن خبراء آخرين أشاروا إلى أن الاقتصاد الكوري الجنوبي نجح حتى الآن في الصمود في وجه الفوضى.
ومنذ إعلان يون الأحكام العرفية عقب خلاف مع المعارضة على الميزانية، وعد البنك المركزي بضخ سيولة كافية لاستقرار الأسواق، وخسر مؤشر الأسهم أقل من 4% منذ بداية الأزمة.
After South Korea's president and his replacement were both deposed over a failed bid to impose martial law, deepening political turmoil is threatening the country's currency and shaking confidence in its economy.https://t.co/RKdl0uzXCt
— AFP News Agency (@AFP) December 28, 2024وقال بارك سانغ إن، أستاذ الاقتصاد في جامعة سيول الوطنية: "مثل أي شخص آخر، فوجئت عندما اتخذ يون تلك الإجراءات المجنونة. لكن الديموقراطية كانت تتمتع بالقدرة على الصمود". وأضاف "لقد انتقلنا في غضون سنوات معدودة من دولة غير متطورة إلى أحد أكثر الاقتصادات دينامية في العالم، ويون سوك يول هو أحد الآثار الثانوية على هامش هذا النمو. كان رجلاً تقليدياً يعيش في عالمه، في السبعينات. لكن المجتمع الكوري الجنوبي كان ناضجاً بما فيه الكفاية لمواجهة أفعاله المجنونة". وأكد أن على المستثمرين ألا يقلقوا " على الاستقرار على المدى البعيد".