لجريدة عمان:
2025-04-30@22:19:29 GMT

وشائج الأخوة أقوى من مشاريع الاقتصاد

تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT

وشائج الأخوة أقوى من مشاريع الاقتصاد

إذا كانت الصور تحمل مخزونا دلاليا يفوق في الكثير من الأحيان المخزون الدلالي الذي تحمله الكلمات، فإن مشاهد الاستقبال المهيب الذي أجري مساء اليوم لصاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة الذي يقوم بزيارة «دولة» لسلطنة عمان تقول الكثير والكثير عن العلاقات الراسخة بين سلطنة عمان ودولة الكويت على مستوى القيادتين وعلى مستوى الشعبين، وهي علاقة الدم والرحم كما أنها علاقة المبادئ والقيم، وبذلك لا يمكن ربطها ببراجماتية التجاذبات السياسية والاقتصادية التي قد تنشأ بين مختلف دول العالم في ظل التنافس على المكاسب الاستثمارية والمالية.

. وبهذا المعنى هي راسخة قبل الاقتصاد وبعده ولا يخشى عليها أن تتزعزع ما دام المبدأ باقيا، ووشائج الدم تسري في عروق الشعبين الشقيقين.

ولذلك كان الاستقبال العماني الأصيل يليق بالأمير الذي يحل ضيفا على عُمان قيادة وشعبا، ويليق ببلده الشقيق، ويليق قبل كل ذلك بعُمان، السلطنة العريقة في التاريخ والحضارة والتي عرف عنها العالم قدرتها على التفاعل البنّاء والمثمر مع مختلف دول العالم من أجل إثراء الحضارة الإنسانية، بنفس القدر الذي عرف عنها تمسكها بقيم الأخوة ومبادئ السياسة المستمدة من الدين الإسلامي والأخلاق العمانية الأصيلة.

لقد جاء ترتيب أحداث الزيارة كاشفا عن جوهرها الذي ينطلق من الأخوة الرصينة، تلك الأخوة التي أفضت إلى سياسات متناغمة ومواقف متشابهة في قراءة الأحداث العالمية وبذل الجهود من أجل إحلال السلام والوئام بين الأخوة والأشقاء وبين الإنسانية جمعاء.. ثم تفضي تلك العلاقات الأخوية والسياسة المتناغمة إلى شراكات اقتصادية متينة وواعدة بالكثير من النمو في المستقبل، فالأخوة القوية والثقة الراسخة هي التي قادت إلى الشراكات الاقتصادية وليس العكس.. ولذلك فإن تفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم وأخيه صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد أمير دولة الكويت، حفظهما الله، بافتتاح أحد أكبر المشاريع الاقتصادية بين البلدين وهو مشروع «مصفاة الدقم» يؤكد أن الشراكات الاقتصادية والاستثمارية هي نتائج لعلاقات أخوية راسخة ولسياسات حكيمة ومتزنة قائمة على مبادئ راسخة لا تراجع عنها.

ولا غرابة أن يكون مشروع مصفاة الدقم بهذا الحجم الاقتصادي فهو يعبر عن حجم الأخوة وحجم التناغم والتفاهم بين البلدين الشقيقين.

وبالنظر إلى مشروع المصفاة من جانب اقتصادي استراتيجي فهو يربط شمال الخليج بجنوبه ويجعل المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم أحد أهم المناطق الاقتصادية في العالم خاصة في مجال الطاقة والمشاريع المرتبطة بها.. سواء كانت تلك الطاقة طاقة النفط والغاز أو الطاقة الخضراء التي تعتبر الدقم أحد أهم مراكزها العالمية، بل إن هذه المنطقة مع الوقت قد تكون أحد أهم الحلول الاستراتيجية للاقتصاد في منطقة الخليج العربي ليبتعد عن كل التحديات التي تحيط بالإقليم.

وتملك «مصفاة الدقم» بعدا استراتيجيا على المديين القريب والمتوسط؛ فهي قادرة على ربط طاقة الخليج العربي بشرق آسيا وبشكل خاص بالصين أحد أهم مستوردي الطاقة في العالم.. وهذا المشهد يكشف عن تزايد أهمية الدقم باعتبارها منطقة اقتصادية تحتل مكانة استثنائية في ملتقى سلاسل التوريد بعيدا عن كل الصراعات الملاحية التي يشهدها العالم الآن أو يمكن أن تبرز خلال المستقبل.

ولذلك يستحق مشروع المصفاة والمشاريع البتروكيماوية المرتبطة به وبمنطقة الدقم أكملها هذا الاحتفاء الكبير سواء من سلطنة عمان أو من دولة الكويت الشريك الاستراتيجي في المصفاة، والشريك الأخوي الذي تجله وتقدره سلطنة عمان عاليا.

حفظ الله البلدين الشقيقين وكلل مساعيهما الخيرة لرفاه شعبيهما وتقدم أمتهما.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: دولة الکویت أحد أهم

إقرأ أيضاً:

هذه هي عصا الاقتصاد السحرية التي أخضعوا بها الشعوب

​تستقبلُ العاصمة الأميركية واشنطن هذا الأسبوع اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدوليّ والبنك الدوليّ لعام 2025، حيث يشارك وزراء المالية، ومحافظو البنوك المركزية من جميع أنحاء العالم؛ لمناقشة القضايا الاقتصادية العالمية.

وبينما تُعدّ هذه الاجتماعات فرصة جيدة لمناقشة التّحديات الاقتصادية الراهنة، والتي تشمل المتاعب المتصاعدة مؤخرًا في العديد من الاقتصادات الكُبرى، على خلفيّة فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب حربًا تجارية على العديد من حلفائه وخصومه، لا نتوقع أن نسمع كثيرًا عن المشكلة الأكثر إلحاحًا، والمتعلّقة بإلغاء ديون الدول النامية، أو إعادة هيكلة بعضها.

وعلى مدار سنوات شهدت العديد من الاجتماعات الأخيرة، تكرار مشهد خروج الوزراء ورجال المال والأعمال من السيارات الفارهة أمام بوابات مباني مجموعة البنك الدولي وسط العاصمة الأميركية، يرتدون بزاتهم الداكنة، وتفوح منهم الروائح العطرة، بينما يترقّبهم بعض المشردين والمتسولين من حديقة صغيرة، يفصلها عن مباني البنك الدولي أمتار معدودة، وقد اعتاد هؤلاء نصب خيامهم أمام المؤسسة المالية العريقة في توقيت الاجتماعات، لتذكيرهم غالبًا بالظروف القاسية التي يعيشونها وملايين غيرهم في الدول النامية، التي تزعم المؤسسة المالية سعيها لتقديم العون لها، لمساعدتها في تحسين أوضاع مواطنيها.

إعلان

ويقدّم الاقتصادي الأميركي ديفيد غرايبر، الذي كان أستاذًا في جامعة ييل الأميركية وكلية لندن للاقتصاد، نقدًا جذريًا للطريقة التي تعمل بها المؤسسات المالية العالمية، وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، في تعاملها مع الدول النامية، حيث يرى أن القروض المقدمة منها لم تكن في تاريخها الطويل أداة اقتصادية فحسب، بل كانت في كثير من الأحيان عصا سياسية للهيمنة وإخضاع الشعوب، وهو ما اعتبره مجسدًا بوضوح في سياسات صندوق النقد الدولي في العقود الأخيرة، خصوصًا من خلال ما يسمى ببرامج التكيّف الهيكلي.

وفي كتابه عن الدَّين "Debt: The First 5000 Years"، بيّن غرايبر كيف تؤدي شروط صندوق النقد، التي تُفرض على الدول المقترضة، إلى تدمير النسيج الاجتماعي لتلك الدول، لا سيما حين يتعلق الأمر بخفض الإنفاق العام على القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم.

ورغم أنّ هذه السياسات يتمّ الترويج لها باعتبارها خطوات ضرورية للإصلاح المالي، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، فقد أثبت الواقع أنها كانت، في كثير من الأحيان، السبب المباشر في كوارث إنسانية لا تُمحى.

ومن بين الأمثلة التي أوردها في كتابه، أشار غرايبر إلى زامبيا التي اضطرت في أواخر التسعينيات إلى خفض ميزانيتها المخصصة للرعاية الصحية بنسبة بلغت 50% تنفيذًا لشروط صندوق النقد.

وأدى ذلك إلى نقص حادّ في الأدوية والأطباء، وتراجع أعداد حملات التلقيح، وهو ما تسبَّب في وفاة ما يقرب من 30 ألف طفل سنويًا لأسباب كان يمكن الوقاية منها.

وفي تلك الفترة، كانت زامبيا تنفق أكثر من 40% من دخلها القومي على خدمة الدين الخارجي، بينما كانت المستشفيات تفتقر لأبسط أدوات التشخيص، وكان المرضى يُطلب منهم شراء الشاش والمضادات الحيوية من السوق السوداء إن أرادوا تلقي العلاج.

أما في تنزانيا، فقد أدّت سياسات خفض الإنفاق التي فُرضت ضمن برنامج التكيّف الهيكلي إلى تخفيض ميزانية التعليم بنسبة 40% خلال عقد واحد فقط، وهو ما تسبّب في إغلاق مئات المدارس، وتراجع نسبة الالتحاق بالتعليم الأساسي إلى أقل من 50% بحلول منتصف التسعينيات.

إعلان

وتراجعت قدرة الأسر الفقيرة على إرسال أبنائها إلى المدارس بعد فرض رسوم دراسية ظاهرها فيه الرحمة، وباطنها العذاب، خاصة للفتيات. وقدّر البنك الدولي نفسه تسبب هذه السياسات في فقدان أكثر من 10 ملايين طفل أفريقي فرصة التعليم بين عامي 1985 و2000.

وفي بيرو، وهي من الدول التي خضعت لإصلاحات قاسية تحت إشراف صندوق النقد، أُجبرت الحكومة في بداية التسعينيات على تقليص ميزانية الصحة بنسبة 25%، ممّا تسبب في كارثة صحية، خاصة في المناطق الريفية، إذ تم إغلاق أكثر من 1.000 وحدة رعاية صحية أولية في أنحاء البلاد، وانخفضت نسبة التلقيح ضد الحصبة من 80% إلى أقل من 50%، الأمر الذي أدّى لتفشي المرض مجددًا وموت الآلاف من الأطفال.

يربط غرايبر في كتابه، كما في العديد من مقالاته ومحاضراته، بين هذه الكوارث وبين طبيعة النظام المالي العالمي، الذي لا يعامل الدول النامية كشركاء، بل كمذنبين يجب تأديبهم.

ويشير غرايبر إلى أن هذه السياسات صُمّمت بالأساس لحماية مصالح البنوك والدائنين في دول الشمال، على حد تعبيره، خصوصًا الولايات المتحدة، وبريطانيا، حيث تم توجيه الأموال التي أُقرضت لدول الجنوب في أغلب الأحيان إلى إعادة جدولة ديون سابقة، وسداد الفوائد المتراكمة، دون أن يستفيد المواطن العادي من دولاراتها.

ولا يكتفي غرايبر بالتحليل الاقتصادي، بل يربط هذه الظواهر بتاريخ طويل من استخدام الدَّين كوسيلة للسيطرة، ففي العصور القديمة، كما يذكر، كانت فترات تراكم الديون الكبيرة تنتهي غالبًا بإعلان ملوك تلك العصور "عفوًا عن الديون" لحماية المجتمع من الانهيار. أما في النظام النيوليبرالي الحديث، فإن العكس هو ما يحدث، إذ يتم التضحية بالشعوب من أجل إنقاذ الدين.

المفارقة التي يشير إليها غرايبر هي أن الدول الغنية التي تفرض هذه السياسات على الدول الفقيرة، مثل الولايات المتحدة، لم تكن لتنشأ أساسًا لولا إلغاء ديونها الخاصة في مراحل مبكرة من تاريخها، أو من خلال إعادة جدولة ميسّرة تم تقديمها لها في فترات لاحقة.

إعلان

وفي المقابل، تُفرض على الدول النامية شروط قاسية، تجبرها على بيع أصولها العامة، وتفكيك شبكات الحماية الاجتماعية، وفتح أسواقها بشكل غير متكافئ.

فقدت القروض المقدمة من المؤسسات الدولية وبعض الدول المانحة، في صيغتها المعاصرة، أيَّ معنى أخلاقي، وتحوّلت إلى وسيلة لإعادة إنتاج الفقر والتبعية، الأمر الذي يفرض إعادة التفكير في الأسس التي يقوم عليها النظام المالي العالمي، حيث أثبتت الخبرات العالمية الأخيرة أن تحرير الشعوب لا يمكن أن يتم دون التحرر من قبضة الدائنين، ومن منطق السوق الذي يقيس كل شيء بالربح والخسارة، حتى الأرواح.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الإمارات تؤكد التزامها بدعم تطوير التشريعات الخليجية لتعزيز التنافسية الاقتصادية
  • إطلاق الجولة الثالثة من المزايدات العلنية على أراضي مشاريع الهيدروجين الأخضر في الدقم
  • هل يتحول واتساب إلى أقوى منصة ذكاء اصطناعي في العالم؟ ومن سيقف خلفها ؟
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • جاهزون لكل السيناريوهات.. الحكومة: الإصلاحات الاقتصادية بدأت تؤتي ثمارها
  • الاقتصاد الإسباني يواصل قوته رغم تعطل الكهرباء الذي يهدد التوقعات
  • هذه هي عصا الاقتصاد السحرية التي أخضعوا بها الشعوب
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • هالة صدقي تشيد بجمال الأقصر: أقوى مصدر للطاقة الإيجابية
  • وزير الخارجية ونظيره الإيراني يستعرضان مستجدات المحادثات التي ترعاها سلطنة عمان