تقول الكاتبة روبن أندرسن إن جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في أميركا استمرت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول في استخدام تهمة معاداة السامية لتشويه سمعة المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين وأولئك الذين يطالبون بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، خاصة ضد المنظمات الطلابية والنشطاء بالجامعات في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وأوضحت روبنسن -في تقرير لها على الموقع الإلكتروني للجزيرة الإنجليزية-  أن جماعات الضغط هذه ظلت تستخدم هذه التهمة لسنوات لإسكات أي شخص يجرؤ على انتقاد إسرائيل، ووصفت ذلك بأنها ذريعة واهية للرقابة التي تهدف إلى إسكات الأصوات المناهضة للإبادة الجماعية داخل الولايات المتحدة.

وأوردت الكاتبة، وهي مديرة "برنامج دراسات السلام والعدالة" وأستاذة دراسات الاتصالات والإعلام في جامعة فوردهام بمدينة نيويورك، الكثير من الوقائع التي تبين تشويه سمعة من يؤيدون الحق الفلسطيني ويعارضون الإبادة الجماعية في غزة.

تمويل الدعاية

وقالت إن مجموعة "أكيوراسي إن ميديا" في جامعة كولومبيا على سبيل المثال، مولت "شاحنات التشهير"، التي كانت تتجول في الحرم الجامعي وتعرض شاشات تحمل أسماء ووجوه الطلاب المؤيدين لفلسطين تحت عنوان "معاداة السامية".

وأكدت الكاتبة أن استخدام هذا المصطلح أصبح منتشرا في كل مكان، لدرجة أنه عند العمل على تقرير عن دعوى الإبادة الجماعية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، كان العنوان الرئيسي للصحفية الأسترالية كيتلين جونستون هو "إسرائيل تتهم محكمة العدل الدولية بمعاداة السامية".

وأوضحت أن حركة المطالبة بوقف إطلاق النار في أميركا أظهرت أن المطالبات بإنهاء الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة لا علاقة لها بكراهية الشعب اليهودي.

وقالت إن العديد من المظاهرات الأكثر فعالية في الولايات المتحدة، كانت هي تلك التي أعلنت "المقاطعة" و"قطع العلاقات" إلى أن تتم الدعوة إلى وقف إطلاق النار.

حتى اليهود

وأشارت أندرسن إلى أن الشباب اليهود أنفسهم لم يفلتوا من تهمة معاداة السامية. فقد زعمت جماعة الضغط الصهيونية الإسرائيلية القوية، التي تسمى بـ "رابطة مكافحة التشهير"، أن معاداة السامية زادت بنسبة 400% تقريبا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي في الولايات المتحدة.

وانتشرت العناوين الرئيسية التي تكرر هذا الرقم في جميع وسائل الإعلام الرسمية، من رويترز إلى شبكة "سي بي إس نيوز".

وعلى الرغم من أن "رابطة مكافحة التشهير" نفت أنها اعتبرت المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين معادية للسامية، إلا أن موقع إنترسبت الإخباري الأميركي أظهر أن المنظمة فعلت ذلك بالضبط.

وأكدت أندرسن أنه وعلى عكس الأجيال التي سبقتهم، لم يعد العديد من الشباب اليهود يربطون هويتهم بدولة إسرائيل.

وبالنسبة للبعض، كانت الرحلة طويلة من تلقين أسطورة الدولة الإسرائيلية باعتبارها دولة نقية وديمقراطية وآمنة، إلى البحث عن الحقيقة والعثور عليها على الجانب الآخر من الجدار، حيث يتعرض الفلسطينيون للضرب والرعب ويجبرون على العيش بلا أمان أو حرية.

وقالت إن مقطع فيديو حديث تم تداوله عبر الإنترنت، أظهر 50 جنديا مختلفا من جيش الاحتلال يتحدثون علنا عن الإرهاب الذي يستهدف الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.

إلغاء عرض

وأوردت أن الفيلم الوثائقي "الإسرائيلية" يروي قصة سيمون زيمرمان، التي ذهبت إلى إسرائيل وهي تحلم أنها ستجد أرض الميعاد، لتكتشف الوحشية الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، التي جعلتها تتراجع.

وعادت سيمون إلى الولايات المتحدة وشاركت في تأسيس مجموعة "إف نوت ناو"، التي كانت قوة رئيسية أخرى للحركة المناهضة للإبادة الجماعية التي تناضل من أجل حرية الفلسطينيين.

وقد انتشر هذا الفيلم القوي كالنار في الهشيم، وأجرت وسائل الإعلام المستقلة مقابلات مع المنتجين والمخرجين والأبطال، لكن عندما خططت تامي غولد، إحدى مخرجي الفيلم، لعرض فيلم عن إسرائيل في كلية هانتر في مدينة نيويورك حيث تقوم بتدريس صناعة الأفلام، ألغت الجامعة الفعالية التي كانت مقاعدها محجوزة بالكامل.

وحتى ذلك الوقت، لم تخضع غولد أبدا للرقابة خلال خبرتها التي امتدت لثلاثين عاما داخل كلية هانتر في إنتاج أفلام مليئة بالتحديات حول مواضيع صعبة.

وأثارت تصرفات رئيس كلية هانتر استجابة أوسع من قبل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس. فقد اتحدت مجموعات وأقسام الحرم الجامعي الأخرى لإدانة الإجراء أحادي الجانب، ونظم الطلاب اعتصامات واحتجاجات في هانتر، واجتماعا حاشدا لمجلس الجامعة -المكون من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين- الذي أصدر قرارا يدين الإلغاء ويطالب بعرض الفيلم.

وقد أثبت هذا الأمر أن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس، والحركة الأوسع المناهضة للإبادة الجماعية، لن يستسلموا للقمع أو الرقابة، وأن تهمة معاداة السامية فقدت قدرتها على إسكات الناس.

إجراءات ضد الطلاب

واتخذ مديرو الكليات إجراءات مماثلة ضد مجموعات الطلاب الفلسطينيين في الجامعات في جميع أنحاء البلاد. وفي الوقت الذي تحظى فيه معارضة الإبادة الجماعية باهتمام عالمي تاريخي، فإن الجهود المؤسسية للقضاء عليها ليست فقط غير أخلاقية، بل انتهاك للحريات المدنية للطلاب وحرية التعبير.

وأكدت أندرسن أن الطلاب الذين يوصفون بمعاداة السامية يواجهون عواقب وخيمة، خاصة الطلاب الفلسطينيين.

ففي جامعة هارفارد، عندما تم نشر هوية طالبة أميركية من أصل فلسطيني على شاحنة أخرى، أدى ذلك إلى قيام صاحب عمل عرض عليها وظيفة في السابق بإلغاء العرض.

وفي بيان لها، ألمحت الشركة إلى أن الطالبة كانت من مؤيدي حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وخلصت إلى أن تلك القيم لا تتماشى مع قيم شركتهم.

وبحسب كاتبة المقال فإن العديد من الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والحركة الأوسع المؤيدة للفلسطينيين يدركون أن محاولات إسكات الانتقادات الموجهة لإسرائيل من خلال اتهام دعاة وقف إطلاق النار بمعاداة السامية ستؤدي في الواقع إلى تأجيج معاداة السامية، وهي مبنية على خيال مفاده أن جميع اليهود يهتفون للقصف المستمر، ومحاصرة ودفن وتجويع شعب غزة في إبادة جماعية أدانتها الجماهير العالمية على نطاق واسع، مما يترك جميع اليهود عرضة للاستياء والرفض.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة الولایات المتحدة بمعاداة السامیة معاداة السامیة إسرائیل فی إلى أن

إقرأ أيضاً:

حائزات على جائزة نوبل للسلام يدعون إلى وقف فوري للإبادة الجماعية في غزة

أطلقت 8 حائزات على جائزة نوبل للسلام نداء عاجلا لوضع حدٍّ فوري للإبادة الجماعية في غزة وإنهاء الاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينية.

وأكد بيان صادر عن "مبادرة نوبل للمرأة"، أن العنف المستمر والانتهاكات الإسرائيلية ليست حوادث معزولة بل هي جزءٌ من حملة منهجية لمحو الهوية والوجود الفلسطيني، وجدّد الإصرار على حقّ الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وعودة لاجئيه​​.

وجاء في البيان "نحن النساء الحاصلات على جائزة نوبل للسلام، نشهد على الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والاحتلال غير القانوني الجاري في فلسطين. نقف متضامنات مع الشعب الفلسطيني وندعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فورية وحاسمة لإنهاء هذه الفظائع".

وأضاف "إن العنف المستمر وانتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين ليست حوادث معزولة، بل هي جزء من حملة منهجية لمحو الهوية والوجود الفلسطيني. ندين الهجمات العشوائية على المدنيين، وتدمير المنازل والبنية التحتية، والتجاهل الصارخ للقانون الدولي".

نظّمت "مبادرة نوبل للمرأة" جولةً ميدانية لوفدٍ نسويّ من حاملات جائزة نوبل للسلام، قادته كلٌّ من الأميركية جودي ويليامز واليمنيّة توكل كرمان والإيرانيّة شيرين عبادي.

الوفد استهلّ زيارته في القدس الشرقية والضفة الغربية (المصدر: فليكر)

استهلّ الوفد زيارته في القدس الشرقية والضفة الغربية حيث وثّق توسّع المستوطنات وهجمات المستوطنين المدعومة رسميا، ثم انتقل إلى عمّان للاستماع إلى شهادات عشرات النساء الفلسطينيات -من طبيبات ومعلّمات وصحفيات وناشطات ومعتقلات سابقات- اللّواتي عرضن أشكال العنف والتهميش التي يواجهنها في حياتهن اليومية.

إعلان

خلال اللقاءات الميدانية استمع الوفد إلى شهاداتٍ عن توقيف تعسفي وعنف جنسي وتعذيب في السجون الإسرائيلية، وإلى روايات أطباء حول قصف عيادات الولادة ومنع سيارات الإسعاف، كما وثّق مزارعون تجريف بساتين الزيتون ومصادرة الأراضي الزراعية في القرى المحاذية للمستوطنات​​.

وقالت توكل كرمان إنّ "نضال الفلسطينيات من أجل البقاء والكرامة هو نضالنا المشترك"، وطالبت المجتمع الدولي بفرض حظرٍ على تصدير السلاح لإسرائيل بوصفه "خطوةً لا يمكن تأجيلها"​​.

بدورها، وصفت ويليامز المشهد في الضفة وغزة بأنه تطهيرٌ عرقيّ موثَّق، وحمّلت حكومتها في واشنطن جزءًا من المسؤولية لدعمها العسكري المتواصل لإسرائيل​​.

تضمّن البيان 8 مطالب رئيسية وهي كالتالي:

إنهاء جرائم الحرب والإبادة الجماعية في غزة: وقف فوري للجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، ودعم حقوقه وكرامته وحريته.

إنهاء الاحتلال غير القانوني ووقف التوسع الاستيطاني: وضع حد للاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي ووقف بناء المستوطنات وتوسعتها.

فرض حظر على الأسلحة: وقف توريد الأسلحة إلى إسرائيل.

وقف فوري لإطلاق النار وضمان المساعدات الإنسانية: التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار وتأمين الوصول الكامل للمساعدات الإنسانية إلى غزة بما في ذلك الإجلاء الطبي العاجل للحالات الحرجة.

ضمان العدالة والمساءلة: ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب والعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي وتفعيل الآليات الدولية لحقوق الإنسان ودعم استمرار عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) مع السماح بوصول كامل لهيئات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.

حماية الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية: وضع حد لعنف الجيش والمستوطنين ضد المدنيين.

إشراك المرأة الفلسطينية في عمليات السلام والسياسة والإعمار: ضمان مشاركة فاعلة لأصوات النساء الفلسطينيات ووجهات نظرهن في جميع المفاوضات والجهود المتعلقة بالسلام وإعادة الإعمار.

إعلان

حماية المرأة الفلسطينية ودعم المنظمات النسوية: ضمان سلامة المدافعات عن حقوق الإنسان وإطلاق سراح السجينات السياسيات وتوفير دعم أساسي ومرن ومستدام للمنظمات النسوية الفلسطينية العاملة في الصفوف الأمامية لتعزيز العدالة والصمود.

 مبادرة نوبل للمرأة أعلنت عن تضامنها غير المشروط مع النساء الفلسطينيات (المصدر: فليكر)

شمل الوفد شخصيات ومنظمات مساندة، في مقدّمها جويس عجلوني، الأمينة العامة للجنة الأصدقاءِ الأميركيين للخدمات (AFSC)، والرابطة الدولية للنساء من أجل الحرية والسلام (WILPF) بقيادة الدكتورة أمريتا كابور، الأمينة العامة لرابطة النساء الدولية للحرية والسلام "ويلبف".

و"ويلبف" منظمة نسوية قائمة على العضوية تمتد شبكتها في مختلف أنحاء العالم، وقد نالت اثنتان من مؤسساتها جائزة نوبل للسلام عامي 1931 و1946، ما يبرز تاريخ الرابطة الطويل في الدفاع عن السلام والعدالة.

كما حظي البيان بدعم من الأمير الحسن بن طلال والأميرة غيداء طلال في الأردن، إضافة إلى السفيرة الأيرلندية ماريان بولغر.

وانضمت المحامية الكندية من أصل فلسطيني ديانا بوتو إلى الوفد، وحثت أعضاء المحكمة الجنائية الدولية على الوفاء بالتزاماتهم القانونية عبر تنفيذ أوامر التوقيف الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الأسبق يوآف غالانت، مؤكدة أن تطبيق هذه الأوامر يجسد التزام المجتمع الدولي بحقوق الإنسان وسيادة القانون.

وأعلنت مبادرة نوبل للمرأة أنّها ستُصدر في مايو/أيار المقبل تقريرًا تفصيليًّا يتضمن خلاصات الجولة وتوصيات قانونية وميدانية لتحرّك دولي فعال، مؤكدة أن السلام العادل يبدأ بالاعتراف بالحقوق وبصوت الضحايا أولا.

مقالات مشابهة

  • كيف يستخدم الاحتلال الإسرائيلي المحرقة لارتكاب الإبادة الجماعية في غزة؟
  • حقائق مثيرة تتكشف في مقتل مسلم بفرنسا واحتجاجات بالبلاد على معاداة المسلمين
  • مديناً استهداف الضاحية.. الرئيس عون: على الولايات المتحدة وفرنسا ان يجبرا إسرائيل على التوقف عن اعتداءاتها
  • الإبادة الجماعية مستمرة.. 53 ألف شهيد و118 ألف جريح في غزة
  • ارتفاع عدد ضحايا الإبادة الجماعية في غزة
  • الحوثيون يقصفون إسرائيل ويعلنون ضرب حاملة طائرات أميركية
  • وقفة بألمانيا للمطالبة بوقف الإبادة الجماعية في غزة
  • فضحية تهز اسبانيا .. قرارات منع تزويد إسرائيل بالسلاح كانت دعاية
  • ما هي الإمتيازات التي كانت تدافع عنها د. هنادي شهيدة معسكر زمزم
  • حائزات على جائزة نوبل للسلام يدعون إلى وقف فوري للإبادة الجماعية في غزة