لجريدة عمان:
2025-01-05@12:39:42 GMT

ماكرون ينعطف نحو اليمين للحيلولة دون فوز لوبان

تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT

اقتحم إيمانويل ماكرون المشهد الأوروبي في عام 2017 بوصفه السياسي المبتكر الذي أوقف موجةً شعبوية كانت تكتسح بريطانيا وأمريكا وإيطاليا وبلدان وسط أوروبا.

في الشهر الماضي وفي إقرار ضمني بفشله كشف عن خطة لإنقاذ فترته الرئاسية الثانية وتجنُّب أسوأ كوابيسه. أي تسليم مفاتيح قصر الإليزيه في عام 2027 إلى مارين لوبان زعيمة اليمين المتطرف والتي هزمها مرتين.

وفيما يخرج الألمان إلى الشوارع للاحتجاج ضد مؤامرات حزبهم اليميني المتطرف (البديل لألمانيا)، يناقش المعلقون الفرنسيون في برامج الصباح الإذاعية سيناريو مستقبلي يتصورون فيه لوبان رئيسة للدولة وجوردان بارديلا (28 عاما) الذي عينته لقيادة حزبها «التجمع الوطني» رئيسا للوزراء.

هذا إنجاز لافت لحزب التجمع الوطني (الجبهة الوطنية سابقا- المترجم). فالحزب الذي جرت شيطنته قبل خمسة أعوام يزعم الآن أنه يمثل التيار الرئيسي السائد بفضل الإدارة الحصيفة لأعضائه الـ88 في الجمعية الوطنية الفرنسية. وهو أيضا يشكل تحديا لافتا للذين يرون في هذه المقبولية الجديدة التي حققها الحزب لنفسه خطرا كامنا على الديمقراطية. ويفاقم إحساسهم بالجزع الاحتمالُ القوي لعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بعد انتخابات نوفمبر.

يريد ماكرون اتخاذ اتجاه جديد مع إظهار الاستطلاعات تقدما بحوالي 10 نقاط للتجمع الوطني على حزبه (حزب النهضة وكان اسمه سابقا الجمهورية). إذ يقول حوالي 30% تقريبا من الناخبين إنهم ينوون التصويت للتجمع الوطني.

من الواضح أن هذا الاتجاه (الماكروني الجديد) انعطافٌ نحو اليمين كما أظهر ذلك مشروع قانون الهجرة الإشكالي الذي دفع به وأجيز أخيرا في ديسمبر بعدما أوشك على شق صفوف أنصاره.

لقد مضى عهد شعار الرئيس الفرنسي ماكرون «أون ميم تان» خلال فترة رئاسته الأولى والذي مكَّنه من اقتراض الأجندة من اليمين واليسار معا.. (عبارة أون ميم تان بالفرنسية والتي كان ماكرون يكثر من ترديدها تعني «في الوقت نفسه». وقصد بها اتخاذ موقف وسط من خلال تطبيق سياسات متنوعة من اليمين والمسار في آن معا - المترجم).

ماكرون الآن يعتقد أن المواطنين الفرنسيين يريدون بسط النظام وحضور السلطة. وهذا بالضبط ما جعل رئيس وزرائه الجديد يحظى بالشعبية خلال فترته القصيرة التي قضاها وزيرا للتربية. فقد بدأها جابرييل أتال (34 عاما) بحظر ارتداء العباءة في المدارس العامة.

إنه اليوم يذهب بالأمور إلى أبعد من ذلك. ففي مؤتمر استغرق ساعتين ونصف الساعة في وقت الذروة على قناة التلفزيون الوطني أوضح ماكرون «بصرامة العاهل» الكيفية التي يجب أن تستعيد بها فرنسا السيطرة على شبابها.

فإعادة التسلح بالقيم والسلوكيات المدنية، حسب وصفه، ستجعل المجتمع المتشظي قويا مرة أخرى. وستكون المدارس ثكنات جديدة لهذه الاستراتيجية. إنه ما يمكن أن تطلق عليه تسليح التعليم. فالنشيد الوطني الفرنسي «لا ماغسييز» سيُدَرَّس في المدارس الابتدائية. وستُضاعف دروس التعليم المدني. وسيعمَّم الزي المدرسي بعد تجربته ونجاحه على النظام التعليمي بأكمله في عام 2026. وستستأنف مراسم التخرج لاستعادة تقدير الجدارة والفخر بالنجاح. كما اقترح ماكرون تنظيم مقدار الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات قائلا من الممكن إعطاء دروس في الدراما بدلا عن ذلك.

إضافة إلى كل هذا وفي وقت يشهد تدهورا ديموغرافيا (تناقصا في أعداد السكان) لدى ماكرون أيضا خطة لملء هذه المدارس بجنود جدد. إذ سيتم تدشين حملة وطنية لمحاربة عدم الإنجاب وستحل محل نظام إجازة الأمومة والأبوة الحالية إجازة لرعاية المواليد الجدد مدفوعة الأجر لمدة 6 أشهر لكل من الأم والأب.

سرعان ما تعرَّف الخبراء على «أثر» سياسات الرئيس السابق نيكولاس ساركوزي الذي ظل ماكرون قريبا منه. ففي عام 2007 تمكن ساركوزي من «سرقة» حوالي مليون صوت من جان ماري لوبان بشعاره «مزيد من العمل من أجل مزيد من الدخل».

شعار ماكرون الذي يماثله بشكل واضح «كسب معيشة أفضل من خلال العمل» وأيضا تركيزه على الطبقة الوسطى أحدث محاولتين من جانبه لاجتذاب الناخبين الساخطين من اليمين المتطرف إلى يمين الوسط. وكذلك أيضا اختياره ثمانية وزراء من جملة 14 وزيرا من صفوف المحافظين للحكومة التي أعيد تشكيلها بمن فيهم رشيدة داتي وهي من بين المفضلين لساركوزي.

إنها مهمة صعبة. أوروبا قلقة ولا يمكن لفرنسا أن تهدأ بالا. فبعد أقل من أسبوعين من توليه منصبه كأصغر رئيس وزراء لفرنسا مع أصغر رئيس فرنسي يواجه جابرييل أتال أول اختبار قاس له. إنه التعامل مع مزارعين غاضبين.

ظهور حركة «سترات خضر» آخر شيء يحتاجه ماكرون. ومارين لوبان تعلم ذلك. فسرعان ما اشترى جوردان بارديلا الشاب حذاء مطاطيا واعتلى قطارا متجها إلى ميدوك لحشد المزارعين المحتجين ضد الصفقة الخضراء التي أبرمتها بروكسل.

هذه أول معركة كبيرة في حملة الانتخابات الأوروبية. وماكرون لا يملك أن يخسرها إذا أراد تجنب المصير الذي لحق بباراك أوباما (أن يخلفه في الحكم مثيل لترامب) وإنقاذ أجندته الأوروبية الطموحة.

ماكرون يخشى من أن يتحول إلى بطة عرجاء (رئيس بلا حول ولا قوة- المترجم) لذلك ينشط في الساحة السياسية. هذا يربك مؤيديه في يسار الوسط والذين ليس لهم بديل آخر. كما يحاول تجاهل تناقض جذري بين اعتباره اليمين المتطرف العدوّ وفي الوقت ذاته إضفاء الشرعية على بعض أحلامه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی عام

إقرأ أيضاً:

المستشار النمساوي يعتزم التنحي بعد فشل محادثات تشكيل حكومة ائتلافية

أعلن المستشار النمساوي كارل نيهامر عزمه التنحي عن منصبه بعد انهيار محادثات تشكيل حكومة ائتلافية مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي ووصولها إلى طريق مسدود.

وقال نيهامر في منشور على منصة إكس: "بعد إنهاء محادثات الائتلاف سأقوم بما يلي، سأتنحى عن منصبي كمستشار ورئيس حزب الشعب في الأيام المقبلة لإتاحة انتقال منظم".

جاء ذلك بعد انسحاب حزب النمسا الجديدة والمنتدى الليبرالي من المفاوضات، كما اتهم نيهامر أحزابا أخرى بالتقاعس عن اتخاذ إجراء جريء وحاسم بشأن تشكيل الحكومة.

Wir haben lange und redlich verhandelt. In wesentlichen Punkten ist mit der SPÖ keine Einigung möglich. Die Volkspartei steht zu ihren Versprechen: Wir werden leistungs- und wirtschaftsfeindlichen Maßnahmen oder neuen Steuern nicht zustimmen. Daher beenden wir die Verhandlungen… pic.twitter.com/evKgQbtTwq

— Karl Nehammer (@karlnehammer) January 4, 2025

وانهارت المحادثات بين أكبر حزبين ينتميان لتيار الوسط في البلاد بشأن تشكيل حكومة ائتلافية من دون حزب الحرية، المنتمي لليمين المتطرف.

وفاز حزب الحرية اليميني المؤيد لروسيا في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في سبتمبر/أيلول الماضي بعد أن حصل على 29% من الأصوات، بينما حل حزب الشعب المحافظ ثانيا بنسبة 26.3% من الأصوات، وحصد الاشتراكيون الديمقراطيون 21.1%.

إعلان

ويحتاج حزب الحرية إلى شريك ائتلافي لتشكيل الحكومة، لكن لا توجد بوادر حتى الآن على التوصل لشريك محتمل مع استبعاد نيهامر العمل مع زعيم حزب الحرية هربرت كيكل.

وبعد انهيار المحادثات يتوقع أن يصدر الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلين تكليفا لزعيم حزب الحرية بتشكيل حكومة أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة.

وقال زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي أندرياس بابلر خلال مؤتمر صحفي: "نحن على علم بالتهديدات الآن، ستتعرض ديمقراطيتنا للخطر في حالة تشكيل حكومة من حزبي الحرية والشعب برئاسة مستشار ينتمي لليمين المتطرف"، في إشارة إلى كيكل زعيم حزب الحرية.

وكان حزب الحرية اليميني بزعامة هربرت كيكل حقق فوزا تاريخيا بالانتخابات التشريعية في النمسا في سبتمبر/أيلول الماضي بعد 5 سنوات من هزيمته، بقفزة قدرها 13 نقطة مقارنة بالانتخابات السابقة عام 2019، لكن من دون أن يضمن أغلبية كافية تمكنه من الحكم.

مقالات مشابهة

  • مستشار النمسا يعتزم التنحي بعد فشل مباحثات تشكيل ائتلاف وقوة اليمين المتطرف في ازدياد
  • المستشار النمساوي يعتزم التنحي بعد فشل محادثات تشكيل حكومة ائتلافية
  • اليمين المتطرف والضفضع | إيلون ماسك يثير الجدل
  • يحيى الشنار يؤدي اليمين القانونية أمام الرئيس محافظا لسلطة النقد
  • لست آمناً في أي مكان..برلماني يكشف رسالة تهديد من اليمين المتطرف
  • ماكرون يدعو إلى الجرأة والاستقرار في أول اجتماع لحكومة بايرو الجديدة
  • متغطرس ويتعالى على الرؤساء.. لماذا تعادي أفريقيا ماكرون وفرنسا؟
  • لماذا خيب ماكرون الآمال؟
  • محلل سياسي: الحرب تخدم اليمين المتطرف ونتنياهو يهرب من محاكماته
  • لماذا لا يقبل اليمين المتطرف الأوروبي اندماج المسلمين؟