عام على الزلزال المدمر في تركيا وسوريا.. ماذا تحقق من وعود؟
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
لا تزال تبعات كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمالي سوريا في السادس من شباط /فبراير 2023، مستمرة على كافة الأصعدة في البلدين الذين تشاركا ما وصف بـ"كارثة القرن"، إلا أن نصيب كل بلد من تلك المأساة كان مختلفا عن الآخر.
ففي حين عمل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جاهدا على تجاوز الكارثة عبر مشاريع إعادة البناء ودفع المدن المنكوبة للوقف على قدميها مجددا خلال عام واحد، في سباق مع الاستحقاقات الانتخابية المتتالية، تعمقت المأساة الإنسانية في شمال سوريا الذي يعاني سكانه من تبعات الحرب والأوضاع الاقتصادية المتدهورة، فضلا عن قصف نظام بشار الأسد المتواصل على المناطق السكنية.
وفجر السادس من شباط /فبراير 2023، ضرب زلزال بلغت شدته 7.8 على مقياس ريختر المناطق الجنوبية، تلاه زلزال آخر بعد ساعات بقوة 7.7، مناطق جنوبي تركيا وشمال سوريا، في مأساة وصفت في الأوساط المحلية بأنها "كارثة العصر".
وأسفر الزلزالان المدمران اللذان تركز أولهما في ولاية قهرمان مرعش التركية في جنوب البلاد، عن مقتل ما يزيد على الـ50 ألف شخص في تركيا بينهم المئات من السوريين اللاجئين، فضلا عن الدمار المادي الضخم الذي خلف ملايين النازحين بين عشية وضحاها.
وفي سوريا، أزهقت الكارثة أرواح ما يزيد عن 13 ألف شخص، وتسببت في تشرد الآلاف من منازلهم، في حين فقدت آلاف العائلات مصادر دخلها، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الكارثة الإنسانية.
تركيا.. عام على الكارثة
أعلنت السلطات التركية 11 ولاية من ولايات الجنوب "منكوبة" جراء الزلزال المدمر، كما أنها رفعت حالة الإنذار إلى المستوى الرابع، الذي يشمل طلب المساعدة الدولية، لتستقبل البلاد بعدها مساعدات من 93 دولة، بحسب الأناضول.
ووفقا لدراسات تقييم الأضرار في تركيا، فقد تم تحديد أكثر من 850 ألف مسكن ومحل تجاري على أنها غير صالحة للاستخدام بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بها جراء الزلزال.
وتوزع هذا الدمار على 124 قضاء و6 آلاف و929 قرية ضمن 11 ولاية تركية، بينما بلغ عدد المتضررين منه 14 مليون شخص في تركيا وحدها، وفقا لوكالة الأناضول.
وعقب الزلزال، وعد أردوغان، الذي كان على موعد مع انتخابات رئاسية بعد أشهر قليلة، أهالي الولايات المنكوبة ببناء ما مجموعه 650 ألف منزل جديد، بينهم 319 ألف سيتم الانتهاء من بنائها في غضون عام واحد، وتسليمها إلى المواطنين المتضررين من الزلزال.
وفي أيلول /سبتمبر الماضي، رفع وزير البيئة والتحضر وتغير المناخ محمد أوزهاسكي، إجمالي عدد المنازل التي تسعى إدارة الإسكان الجماعي "TOKI" إلى بنائها في المناطق المنكوبة إلى 850 ألفا.
لكن بعدما طوت الكارثة عامها الأول، صرح الرئيس التركي في هاتاي، إحدى الولايات المنكوبة، أن "الحكومة ستقوم بتسليم 40 ألف منزل قيد الإنشاء حاليا في المنطقة إلى أصحابها الشرعيين مع اكتمال بنائها"، وهو ما يعادل 12،50 بالمئة من عدد المنازل التي وعد أردوغان بالانتهاء من بنائها خلال عام عقب الزلزال.
???? Bu ay 46 bin konut kurayla hak sahiplerine teslim edilecek
???? Önümüzdeki 2 ay içinde teslim edilen konut sayısı 75 bine ulaşacak
✂️ İlk kura çekim ve anahtar teslim töreni yarın Hatay'da yapılacak
???? Törene Cumhurbaşkanı Erdoğan da katılacak
???? Deprem konutlarının ilk etabı… pic.twitter.com/HIKqXoNV0w — Anadolu Ajansı (@anadoluajansi) February 2, 2024
وأضاف أردوغان أنه "يأمل في إكمال تسليم 75 ألف منزل في جميع أنحاء منطقة الزلزال في غضون شهرين، وسنكون قد سلمنا 200 ألف منزل بحلول نهاية العام".
وحسب إدارة الإسكان الجماعي "TOKI"، سيتم الانتهاء من السحوبات على إجمالي 45 ألفا و901 منزلًا وتسليمها لضحايا الزلزال خلال شهر شباط /فبراير الجاري، وهو رقم لا يعادل 13 بالمئة من الرقم الذي وعدت الحكومة بإتمامه خلال عام واحد.
وجاء توزيع المنازل المقرر تسليمها خلال الشهر الجاري وفقا للولايات على النحو التالي: "غازي عنتاب 10 آلاف 698، قهرمان مرعش 9 آلاف 289، هاتاي 7 آلاف 275، ملاطية 6 آلاف 181، أديامان 2 آلاف 798، عثمانية 1976، ديار بكر 1423، إيلازيغ 2 آلاف 255، كيليس 1003، أضنة 1589 وشانليورفا 1314"، وفقا لموقع "تي آر تي خبر" التركي.
إلى ذلك، قالت الصحفية التركية نيفشين مينغو، إن إدارة الإسكان الجماعي "TOKI" قامت ببناء ما يقرب من 700 ألف منزل في العشرين عاما الماضية"، مضيفة أنه "وفقا للخبراء، كان من المستحيل بالفعل بناء 300 ألف منزل في السنة".
TOKİ son 20 yılda 700 bin kadar konut inşa etti. Uzmanlara göre bir yılda 300 bin kadar konut inşa edebilmesi zaten imkansızdı. Depremin birinci yılında deprem bölgesinde konut inşaatında, vadedilen sayının epey altında kalındığı görünüyor. pic.twitter.com/wbIGTgF4Ah — nevsin mengu (@nevsinmengu) February 5, 2024
وتابعت في تدوينة عبر حسابها في منصة "إكس"، أنه "في السنة الأولى من وقوع الزلزال، يبدو أن بناء المساكن في منطقة الزلزال كان أقل بكثير من العدد الموعود".
الزلازل على أجندة الانتخابات
منذ لحظة وقوع الزلزال المدمر، توجهت الأنظار إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي كان مقرر إجراؤها بعد أشهر قليلة، في ظل مرور البلاد بأزمة اقتصادية خانقة، ما جعل المعارضة تشكك في وعود الرئيس التركي لأهالي المناطق المنكوبة.
واتهمت المعارضة أردوغان بصرف وعود للمنكوبين بإعادة البناء خلال عام واحد كدعاية انتخابية قبل الانتخابات، التي شهدت منافسة محتدمة واستقطاب حاد بين الأحزاب السياسية التركية.
وعلى عكس المتوقع، حظي أردوغان الذي فاز بولاية رئاسية جديدة مطيحا بتحالف "الطاولة السداسية" الذي جمع الأحزاب المعارضة على اختلاف توجهاتها لإنهاء وجوده في السلطة، بغالبية أصوات الناخبين في العديد من الولايات المنكوبة.
وفي حين تحل الذكرى السنوية الأولى للكارثة، يعود الزلزال إلى الواجهة مجددا ليتربع على رأس قائمة الأجندة الإعلامية والسياسية في تركيا بعد مرور عام على وقوعها، لا سيما مع اقتراب الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في نهاية آذار/ مارس المقبل، حيث يطرح المرشحون في إسطنبول برامج لتطوير المدينة المهددة بالزلازل من أجل تجنب كارثة محتملة على غرار ما حصل في جنوب البلاد.
سوريا.. أزمة إنسانية متفاقمة
تعيش عشرات الآلاف من العائلات في مخيمات اللجوء شمال سوريا، تحت ظروف معيشية متردية وأوضاع مادية صعبة جراء سنين الحرب التي أدت إلى استعصاء سياسي وانهيار اقتصادي، فاقم آثاره الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق الشمالية قبل عام.
وكانت معدلات الفقر والجوع في مناطق شمال سوريا سجلت ارتفاعا ملحوظا بعد كارثة الزلازل المدمر، حيث وصلت نسبة العائلات الواقعة تحت حد الفقر إلى نحو 89 بالمئة، وفقا لـ"منسقو استجابة سوريا".
تتدافع إلينا الذكريات، في ذكرى الكارثة التي عشناها بكل تفاصيل الخوف والحزن والمعاناة، كارثة الزلزال المدمر عندما ضعفت الحياة في حضرة الكارثة.#زلزال_سوريا #لأجل_سوريا #الخوذ_البيضاء pic.twitter.com/jMpb2b8AuI — الدفاع المدني السوري (@SyriaCivilDefe) February 6, 2024
ويحتاج غالبية سكان تلك المناطق التي تكتظ بمخيمات النازحين من جميع أنحاء البلاد، إلى مساعدات ملحة بعد سنوات من النزاع والانهيار الاقتصادي وتفشي الأمراض والفقر.
وذكر فريق "منسقو استجابة سوريا"، في بيان، أن أكثر من 376 ألف مدني في مناطق شمال غرب سوريا لا يزالون متأثرين بالآثار التي خلفها الزلزال.
وأضاف أن حوالي 52 ألف نسمة من المتضررين لا يزالون يعيشون في المخيمات ومراكز الإيواء بعد مرور عام على الكارثة بسبب الأضرار في منازلهم وعدم قدرتهم على العودة إليها.
وأشار إلى أن أن أكثر من 21 ألف عائلة، فقدت مصادر دخلها الأساسي، ما زاد عدد العائلات التي تعتمد على المساعدات الإنسانية في المنطقة.
وعلى الصعيد الإنساني، أوضح فريق "منسقو استجابة سوريا" أن نسبة الاستجابة الإنسانية المخصصة لمتضرري الزلزال لم تصل إلى الحد الذي يتناسب مع الاحتياجات الهائلة التي خلفها الزلزال ولم تتجاوز عتبة 53.73 بالمئة.
وحول ترميم المنشآت والبنى التحتية التي تضررت من الزلزال، بلغت نسبة إصلاح الأضرار داخل تلك المنشآت 62 بالمئة، أي أن 38 بالمئة لا تزال تشكل تهديدا محتملا في حال تعرض المنطقة لكوارث جديدة، وفقا للبيان.
من جهتها، حذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في بيان بمناسبة مرور عام على كارثة الزلزال، من أن معاناة الملايين من اللاجئين والنازحين ومضيفيهم قد تدهورت.
وأشار البيان إلى أن نحو 90 بالمائة من السكان في سوريا يعيشون في حالة من الفقر، ويعاني 12.9 مليون شخص من مشكلة انعدام الأمن الغذائي، إضافة إلى وجود 7.2 مليون شخص من النازحين داخليا. وفي ظل مواجهة أزمات متعددة الأوجه، يحتاج 16.7 مليون شخص إلى المساعدة، وهو ما يمثل ارتفاعا من 15.3 مليونا في العام الماضي.
وأوضح البيان، أن تأثيرات الزلزال طالت 8.8 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد، ما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف، العديد منهم كانوا أصلا في عداد النازحين.
وفي منطقة شمال غرب سوريا وحدها، لا يزال هناك أكثر من 40,000 شخص نازح جراء الزلزال، ويقيمون في 70 مركز استقبال مؤقت، وفقا للمفوضية.
تاليا استعراض لأبرز الملفات المتعلقة بالكارثة والزلازل التي ضربت المنطقة
زلازل تسببت بخسائر هائلة خلال الـ20 عاما الماضية (إنفوغراف)
ضربت العالم زلازل مدمرة خلال الـ20 عاماً الماضية، أوقعت آلاف الضحايا، وخسائر بتريليونات الدولارات، كان أشدها عام 2010 من حيث عدد الوفيات، عندما ضرب زلزال بقوة 7 درجات هايتي، وأوقع نحو 222 ألف قتيل، وخسائر مادية قدرت بـ11 تريليون دولار.
لماذا تعد تركيا بؤرة للزلازل؟.. تعرف إلى خطوط الصدع بالبلاد
تقع تركيا على ثلاثة خطوط زلزالية فاعلة، وهي صدع غرب الأناضول، وشمال الأناضول، وشرق الأناضول، وتنحصر ما بين الصفائح الأوراسية والعربية والأفريقية.
ماذا لا يمكن التنبؤ بالزلازل؟.. هل تستطيع الحيوانات توقعها قبل حدوثها؟
بينما يستطيع العلماء التنبؤ بالطقس لفترات ممتدة، ولساعات طويلة قادمة، ويمكننا أن نتابع الحالة الجوية على هواتفنا الذكية ساعة بساعة بتوقعات ذات دقة عالية، لا يزال البشر غير قادرين على التنبؤ بالزلازل، لماذا؟
ما هو مقياس ريختر لتحديد شدة الزلازل.. وكيف يعمل؟
يُعَد مقياس ريختر أحد أدق مقاييس الزلازل في العالم وأكثرها كفاءة وانتشارًا، حيث تعتمده غالبية وكالات رصد الزلازل في دول العالم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الزلزال تركيا سوريا أردوغان سوريا تركيا أردوغان إدلب الزلزال المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الزلزال المدمر شمال سوریا ملیون شخص خلال عام ألف منزل عام واحد فی ترکیا أکثر من عام على
إقرأ أيضاً:
الأطفال بموريتانيا.. وعود رسمية ودعوات لحمايتهم من العنف والفقر والأمية
يواجه الأطفال في موريتانيا تحديات متعددة تتعلق بالتعليم والصحة والحماية الاجتماعية، رغم الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة، بما في ذلك انضمام البلاد إلى الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المعنية بحقوق الطفل.
وشكل اليوم العالمي لحقوق الطفل (20 نوفمبر)، مناسبة لاستحضار أوضاع الطفولة في موريتانيا، وفرصة لتقييم الجهود الحكومية المبذولة لحماية هذه الفئة.
في هذا السياق، قالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان (مؤسسة رسمية) إن المناسبة الدولية فرصة "للتفكير في التحديات المستمرة" و"المقلقة" التي تواجه الأطفال في البلاد، ما يتطلب "استجابة جماعية وعاجلة تشمل الدولة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية والمجتمعات المحلية".
وأوضحت اللجنة في بيان، الأربعاء، أن الأطفال في موريتانيا يعانون من محدودية الوصول إلى تعليم ذي جودة ومن استمرار تشغيلهم في بعض المناطق والقطاعات.
وإلى جانب ذلك، أضافت المؤسسة الرسمية أن من بين التحديات أيضا "هشاشة الأطفال أمام العنف الأسري والاجتماعي والمؤسسي والتفاوت في الوصول إلى خدمات الصحة، خاصة بالنسبة للأطفال من الفئات المحرومة وذوي الإعاقة".
وطالبت اللجنة الحقوقية السلطات في موريتانيا بـ"التنفيذ الكامل" لاتفاقية حقوق الطفل والقوانين الوطنية المعنية بالطفولة وبتعزيز السياسات العامة المعنية بحماية حقوق الطفل من جميع أشكال العنف.
معاناة وفقروأظهرت إحصائيات صادرة عن منظمة اليونيسف العام الماضي أن طفلا من بين كل 4 أطفال في موريتانيا يعيش في فقر مدقع، كما يعاني 80 في المائة من الأطفال شكلاً واحدًا على الأقل من العنف.
وجاء في تقرير المنظمة الأممية أن 1.3 مليون فقير في البلاد هم من الأطفال، موضحا أن 61 في المائة منهم يعيشون حالة فقر متعدد الأبعاد.
معاناة تتضاعف في المناطق الريفية والبعيدة عن المركز، حيث ترتفع نسبة الأطفال غير المتمدرسين والمزاولين لمهن شاقة بهدف إعالة أسرهم.
وفيما يتعلق بالتعليم، قدرت اليونيسف في تقرير سابق أن نسبة التحاق الأطفال بالمدارس تصل إلى 80 في المائة، إلا أن هناك حوالي 455 ألفا من الأطفال ما يزالون خارج النظام التعليمي.
في السياق نفسه، دعا المرصد الموريتاني للعدالة والمساواة (منظمة حقوقية مدنية) السلطات الحكومية، الأربعاء، إلى اتخاذ "إجراءات حازمة" للتصدي لضعف تعليم الأطفال ولظاهرة تشغيلهم.
بيان من المرصد الموريتاني للعدالة والمساواة بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الطفل بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الطفل، الذي...
Posted by المرصد الموريتاني للعدالة والمساواة للدفاع عن حقوق الانسان on Wednesday, November 20, 2024وجاء في رسالة وجهها المرصد للحكومة أن حماية حقوق الطفل "ليست خيارا بل مسؤولية جماعية تتطلب تضامن الجميع".
رسالة مفتوحة إلى فخامة رئيس الجمهورية ومعالي وزير الصحة الموضوع: نداء لإنقاذ أرواح أطفال المستشفى الوطني في اليوم...
Posted by Mahmoud Sb Sb on Wednesday, November 20, 2024ويبلغ عدد الأطفال المعرضين للعنف ولمخاطر الاستغلال في موريتانيا نحو 300 ألف طفل، وفق تقرير سابق للمرصد نفسه.
ويطالب نشطاء حقوقيون في موريتانيا الحكومة بحماية الأطفال من كافة أشكال الاستغلال، وبتطبيق الاتفاقيات والقوانين التي صادقت عليها البلاد في هذا المجال.
سيدي بوي: لا بد من تحرك عاجل
تعليقا على واقع الطفولة في بلاده، قال رئيس المرصد الموريتاني للعدالة والمساواة، محمد محمود سيدي بوي، إن الأطفال يواجهون تحديات مستمرة رغم توفر البلاد على قوانين وتشريعات تضمن حماية حقوقهم.
وأوضح سيدي بوي، في تصريح لموقع "الحرة"، أن من بين تلك التحديات "عمالة الأطفال واستغلال الكثير منهم وضعف فرص تعليمهم"، لافتا إلى أن هذه المعاناة تزداد في صفوف أطفال الأرياف وأطفال الأرقاء السابقين.
وتابع "هناك إهمال حقيقي من الحكومة للأطفال في موريتانيا، المؤتمرات التي تتناول حقوق الطفل كثيرة ولكن الواقع مغاير حيث يمكن ملاحظة تسول الأطفال في شوارع نواكشوط ومزاولة بعضهم لمهن شاقة، أما في الداخل الموريتاني فحدث ولا حرج".
وأشار الناشط الحقوقي إلى ضعف حصول الأطفال على التطبيب، وضرب مثلا بإحدى قريباته التي توفيت مؤخرا نتيجة غياب علاج لها في البلاد.
وختم بالقول "لست متشائما، ولكن هذه هي الحقيقة ولا بد من تحرك عاجل لحماية الأطفال من كافة أشكال العنف".
بلال رمظان: أطفال ضائعون
بدوره، يرى الناشط الحقوقي الموريتاني ورئيس هيئة الساحل، إبراهيم بلال رمظان، إن الأطفال في موريتانيا "يعانون ضياعا" وتحديات على أكثر من صعيد.
وأشار رمظان، في حديث مع موقع "الحرة"، إلى أن وضعية حقوق الطفل في موريتانيا "وضعية تراوح مكانها، باستثناء التقدم الحاصل في المجال الصحي، حيث يمكن أن نقول إن موريتانيا سجلت تقدما فيه مؤخرا".
مقابل ذلك، يوضح الناشط الحقوقي أن بلاده ما تزال تسجل مستويات مرتفعة في العنف الممارس على الأطفال، متحسرا لضعف تطبيق القوانين التي صادقت عليها البلاد.
وأضاف "مشكلة موريتانيا هي ضعف تطبيق القوانين، حيث نتوفر على تشريعات مهمة، ولكنها لا تطبق، بل نكتفي بالحديث عنها في المناسبات والأعياد".
وعلى صعيد آخر، سجل رمظان "تعاظم" معاناة الأطفال في الأرياف وفي المداشر البعيدة عن المدن، "حيث الأسر فقيرة وتدفعها ظروفها إلى تشغيل أطفالها في مهن شاقة، كما يعاني بعضهم من نقص في التغذية وفي التطبيب وفي فرص التمرس، خاصة أطفال الأرقاء السابقين".
جهود حكومية ورسميةرسميا، انتخبت موريتانيا في مايو/أيار الماضي لعضوية لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة للفترة بين عامي 2025 و2029، في حدث وصفته نواكشوط بأنه "إنجاز" ينضاف لـ"النجاحات الدبلوماسية التي حققتها موريتانيا مؤخراً".
\وفي أكتوبر الماضي، قالت السيدة الأولى مريم فاضل الداه، إن "الأطفال غير المتمدرسين أو المتسربين من المدارس يمثلون أكثر شرائح المجتمع هشاشة، وهم بحاجة ماسة لتضافر الجهود لإعادة دمجهم في النظام التعليمي وفي المجتمع، وفق أهداف وغايات المدرسة الجمهورية".
السيدة الأولى تشرف على إطلاق برنامج الدمج المدرسي للأطفال ذوي الوضعيات الصعبة غير المتمدرسين أشرفت السيدة الأولى...
Posted by وزارة العمل الاجتماعي و الطفولة و الأسرة on Tuesday, October 22, 2024وتعمل الحكومة الموريتانية منذ العام الدراسي 2022-2023 على تحسين منظومتها التعليمية وفق برنامج "المدرسة الجمهورية" الذي يسعى إلى تغييرات عدة من بينها فرض "المساواة بين جميع الطلبة ومحو الفروق الاجتماعية".
وأفادت الداه أن الجهود المبذولة مكنت من إعادة دمج أكثر من 1400 طفل خلال العام الدراسي الحالي في المدارس، معربة عن أملها في أن تستمر هذه الجهود "حتى لا يبقى طفل موريتاني بدون تعليم وحتى يتواجد الأطفال حصرا في فضاءاتهم الآمنة التي هي فضاء العائلة وفضاء المدرسة وفضاء اللعب".
وإلى جانب التعليم، سنت موريتانيا تشريعات في السنوات الأخيرة لحماية الأطفال من جميع أشكال العنف، وأقرت استراتيجية وطنية خاصة بالطفولة هدفها أن "يعيش جميع الأطفال الموجودين على الأراضي الموريتانية، بغض النظر عن أصلهم، أو جنسهم، أو إعاقتهم، أو حالتهم الاجتماعية، وينشئون في بيئة تحميهم وتسمح لهم بالازدهار".
المصدر: الحرة