لا أرى مبررًا لتلك الضجة الكبرى التى صاحبت الإعلان عن مشروع رأس الحكمة التى تنفذه دولة الإمارات الرسمية متمثلة فى وزارة ماليتها ومعها شركات اماراتى كبرى.
الحديث عن بيع رأس الحكمة والضغط على الحكومة المصرية من هذه الزاوية لا ينطلى على عاقل.
وفى الوقت الذى يتحدث فيه الجميع عن ضرورة جذب استثمارات عربية وأجنبية سريعة لتوفير العملة الصعبة وإنقاذ الاقتصاد والجنيه، يتحدثون عن خطأ بيع أراض فى رأس الحكمة للامارات، وهو منطق معكوس يندرج تحت المثل أو الحكمة التى تقول تقطير هنا، وإسراف هناك.
جذب الاستثمار له مفهوم واحد هو أن توفر الدولة الراغبة فى الاستثمار الأراضى اللازمة للمستثمر وتمنحه مميزات تجعله يضع أمواله بشكل مطمئن، وهو ما حدث بالفعل فى رأس الحكمة وطبقا الاتفاق سوف تضخ الإمارات مبلغ 22 مليار دولار ثمن الأرض مباشرة فى الاقتصاد المصرى، بالإضافة إلى تشغيل عمالة وخلق فرص عمل، وبطبيعة الحال مواد البناء كلها من مصر.
مشروع رأس الحكمة والإعلان عنه هو واحد من أسباب استرداد الجنيه لبعض عافيته فى مقابل دولار السوق السوداء وأدى لما نراه حاليًا من انخفاض كبير فى سعر الدولار.. فلماذا إذا إظهار الأمر وكأن مصر تبيع أراضيها.
لقد انتقد الكثيرون التأخر فى مشروعات المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.. والسؤال: أليست المنطقة الاقتصادية بالكامل تقوم على منح الأراضى للمستثمرين الإمارات نفسها والسعودية بكل ثقلهما المالى تسعى الحكومات هناك إلى جذب الاستثمار الأجنبى وتمكينه من الأراضى والعقارات وبشكل سريع.. حدث ذلك فى دبى، ويحدث الآن فى نيوم السعودية
فتح الآفاق للاستثمار العربى والأجنبى فى مصر هو من سيعطيها الانطلاقة الكبرى خاصة لو كانت تلك المشروعات من المشروعات الصناعية وتوطين التكنولوجيا هنا على الأراضى المصرية
لقد تأخرت مصر كثيرًا نتيجة البيروقراطية وعدم توحيد القوانين فى أخذ حصة معتبرة من كعكة الاستثمار الأجنبى، وفقدنا أكبر ميزة وهى أن مصر الدول الوحيدة المؤهلة بحكم موقعها وسوقها الكبير للتحول إلى سنغافورة الجديدة بالشرق الأوسط.
طريق جذب الاستثمارات الجديدة هو الطريق الوحيد فى ضخ الدماء فى شرايين الاقتصاد المصرى، وتحويله من اقتصاد ريعى محدود الإمكانيات إلى اقتصاد حديث قادر على التقاط كل دولار وتحويله إلى موارد جديدة بأموال تأتى من الخارج.
ناهيك عن فرص العمل الكبيرة التى تنتظر الشباب المصرى إذا نجحت الدولة فى جذب الاستثمارات الأجنبية.
فى رأيى أن رأس الحكمة بداية صحيحة، ولكنها حتى الآن خطوة جاءت بسبب العلاقات المصرية الإماراتية وليس بسبب توفير المناخ الكامل لجذب الاستثمار
لدينا وثيقة مهمة تحمل اسم وثيقة سياسة ملكية الدولة تتحدث عن حوكمة الشركات الحكومية ومشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد بشكل كبير وهو الطريق الصحيح الذى فقدناه على مدار أكثر من 10 سنين عندما اعتمدنا على مؤسسة مصرية واحدة فى كل مشروعات الدولة هى القوات المسلحة المصرية وإن كان هذا مطلوبًا فى فترة معينة إلا أنه لا يمكن أن يستمر، لذلك تم الاتفاق مع البنك الدولى على تمكين القطاع الخاص بشكل كبير، ومع توفير البيئة الصحيحة سوف تتحول مصر فى غضون سنوات قليلة، ومن هنا تكون البداية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رأس الحكمة مشروع رأس الحكمة الاستثمار الأراضى الاقتصاد المصري جذب الاستثمار رأس الحکمة
إقرأ أيضاً:
عودة عيد البترول... والنصر للسيارات
فى تكريس لكل المبادئ التى تحافظ بها الدولة على مقوماتها الاقتصادية، والتى تكرس فيها كل جهود التنمية التى تسهم فى تقدم مسيرة الإصلاح الاقتصادى والاجتماعى، وهذه الرؤية قد وضحت معالم طريقها فى قرارين هامين، وأول هذه القرارات الوطنية قرار من الحكومة بإعادة تشغيل شركة النصر للسيارات بعد توقف دام ١٥ عاما، ثم نأتى إلى القرار الآخر وهو النظرة العبقرية للسيد وزير البترول والثروة المعدنية، المهندس النشيط كريم بدوى بعودة الاحتفال بعيد البترول المصرى التاسع والأربعين، بعد تجاهله عدة سنوات من قبل المسئولين السابقين، ومن الجدير بالذكر أن هذا الاحتفاء يحظى بالاهتمام العظيم من قبل العاملين فى هذا القطاع، لأنه متعلق بذكرى مناسبة وطنية من كل عام، وتحديدا بتاريخ 17 نوفمبر وهى الذكرى التى استردت مصر فيها، حقول بترولها فى شبه جزيرة سيناء عام 1975، وفى يوم الأحد الماضى بتاريخ ١٧/١١ على أرض شركة الإسكندرية للبترول شارك السيد وزير البترول المهندس كريم بدوى العاملين بالاحتفاء بهذه المناسبة الوطنية السعيدة، واختار سيادته أكبر قلعة فى تكرير وتصنيع البترول فى مصر لكى تكون منصة انطلاق لهذه الاحتفالية الجميلة، وقد كَرَمَ معاليه رموز قطاع البترول من الوزراء ورؤساء الشركة السابقين، والذين يعتبرون أكبر ثروة بشرية فى تنمية الاقتصاد الوطنى، وعلى رأسهم الدكتور مهندس سيد أحمد الخراشى أبو البترول المصرى وهرمه الأكبر، وسوف يظل أبناء الشركة ثروة بشرية حقيقية ويتولون مناصب قيادية فيها الآن، وللحديث بقية عن هؤلاء القادة الأفذاذ.
إن قطاع البترول والصناعة هما عماد نهضة الأمة فى كل مراحلها، بل هم قاطرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتقدم وتحضر الشعوب، والسمة الغالبة ذات التأثير القوى على الواقع السياسى فى استقلالية الدولة بقراراتها فيما تعنيه بشئونها لخدمة الصالح العام، وهذا هو السلوك الخلاق الذى تسايره «الجمهورية الجديدة» فى بناء نهضة مصر الحديثة، والتى تحرص غاية الحرص على الاهتمام فى التوسع بالنشاط الصناعى والإنتاجى للمشروعات الاقتصادية والتجارية وأن تكرسه الحكومة عملا، وهذا ما أظهرت عليه من اهتماما كبيراً بعودة شركة النصر للسيارات إلى التشغيل والإنتاج مرة أخرى والذى تعتبر أكبر قلعة لصناعة السيارات فى مصر، وهذا هو دور الحكومة الملحوظ المتزايد فى إعادة تشغيل المصانع والشركات المتوقفة مع جذب الكثير من رؤوس الأموال الأجنبية والوطنية،لأنها هى الأسس التى تقام عليها مشاريع التنمية فى البلاد، من أجل ضمان حماية اقتصادية قوية، تجعل الحكومة لا تتخلى عن مسئوليتها ودورها الوطنى اتجاه الشعب، فى تحقيق رفاهيته وإشباع رغباته، ودون أن نغوص فى تاريخ نشأت الشركة ومراحل الإذعان للتطبيقات القانونية التى جرت عليها، سواءً كانت فى إعادة هيكلتها أو تصفيتها المهم بأن الحكومة قد تعاملت مع هذا الكيان القومى فى ضوء الحفاظ على الملكية العامة للدولة، وفى تطوير الأداء والإنتاج وتكفل لهم كل الضمانات فى تحقيق تلك الأهداف التى تخلق الكثير من فرص العمل وتعمل على زيادة الإنتاج، والشركة ذات شهرة عالمية وقيمة تاريخية فى تصنيع كل ما هو حديث ومبتكر فى صناعة السيارات ووسائل النقل الخفيف، خصوصا بعد أن بثت الحكومة فيها روح الحركة وعودة النشاط، بعد دراسة وافية مجدية من الوجهة المادية، ولما تحققه من زيادة فى الأرباح والإنتاج وحماية الصناعة الوطنية، تحت قيادة إدارية ناجحة قائمة على المشروع تلألأت الشركة فى ظلها بإنتاجها العظيم من الأتوبيسات السياحية الجديدة المعروفة باسم «نصر سكاى»، تتسلمها شركات وزارة النقل ثم تصنيع المركبات الكهربائية، إلى جانب التوسع فى المشروع بتوقيع عقد قانونى صحيح فى وضع اللبنة الأولى فى تأسيس شركة لتصنيع بطاريات ومينى باصات والتوك توك الكهربائية، وأن رؤية الحكومة للشركة، بأنه كيان معنوى قائم مستمر ويظهر هذا فى مستقبل الشركة وأهميتها لزيادة الدخل القومى، حيث أنه سوف يتم استغلال جميع المصانع التابعة لها وإدخالها فى مشروع الإنتاج، لأن الشركة الأم النصر للسيارات، هى بمثابة الروح لهذه المصانع ما يعزز فتح باب المنافسة وزيادة فى المعاملات التجارية والمالية،وتفعيل القوى الشرائية لاقتصاديات السوق، ما يجعل مركز الشركة التجارى والمالى فى استقرار واطمئنان، وكل هذا تحقق بفضل ما تشهده «الجمهورية الجديدة» من استقرار أمنى وسياسى واقتصادى، ما شجع المؤسسات المالية الدولية ورأس المال الوطنى والأجنبى زيادة الاستثمار فى مصر والمساهمة فى تنمية القطاع الخاص، مع دخولهم شركاء مع الدولة فى تنمية الشركات التى تساهم الدولة فيها بنسبة من المال العام.