الإنتصار في المعركة والهزيمة في الحرب .. بقلم / أزال عمر الجاوي
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
بقلم / أزال عمر الجاوي
لا نشك للحظة أن صنعاء انتصرت عسكرياً في مواجهة التحالف العربي ولقنته دروساً قاسية في المعارك العسكرية ،إلا أنه من ناحية الأهداف السياسية والإستراتيجية فقد حقق التحالف كل أهدافه المتمثلة في السيطرة على معظم الأرض وكل السماء والبحار والجزر وكذلك في تفتيت البلاد وتقسيمها وتدمير البنية التحتية وتجويع الشعب .
تركيز صنعاء على الجانب الحربي كان على حساب الجوانب السياسية والإقتصادية والإجتماعية ،بل على حساب الوحدة الوطنية حتى مع حلفائها ،حتى أصبح وضع صنعاء ذاتها “المنتصرة” عسكرياً يوصف ب “المزري” من قبل قيادتها ذاتها ،ووصف المزري لم يأت بسبب عجز صنعاء الواضح عن تحرير الوطن كاملاً واستعادة وحدته وكرامته وسيادته وانكفائها على ذاتها في المرتفعات الجبلية الشمالية فقط وليس بسبب تمزق الوطن ،بل مادون ذلك بكثير ،أي بسبب سوء الإدارة والفساد والتجاوزات فيما تبقى من أرض تحت سلطتها ،بل أقل من ذلك .
وقبل أن تنتهي الحرب وقبل أن تبدأ في أية إصلاحات كانت قد وعدت بها ،قررت صنعاء خوض غمار حرب جديدة ذات طبيعة عالمية مدعومة بتأييد شعبي غير مسبوق ليس تعاطفاً مع فلسطين فحسب ،بل لأن الشعب توقع أيضاً أن ذلك سيؤدي بشكل أو بآخر إلى جبر الخلل في موضوع الحرب السابقة والإنقسام والسيادة والإصلاح ، أي أن الشعب توقع تلازم المسارات من أجل تحقيق الأهداف الإستراتيجية لا مجرد تكرار لانتصارات عسكرية محدودة يتبعها هزائم استراتيجية كبرى ومزيد من الفشل والفساد والتسلط .
ما العمل ؟
امتنعت الحكومة الإسرائيلية عن خوض الحرب البرية في غزة رغم تأييد كل المجتمع الإسرائيلي لها حتى تحقيق وحدة وطنية مع أشد خصومها وفي أشد مراحل الإنقسامات الحادة التي كانت تعيشها مؤجلة كل معاركها مع المعارضة ،والموضوع هنا ليس من أجل إضافة قوة أو مجندين للجيش الإسرائيلي ،بل من أجل تدعيم المجتمع وسد الفراغات لتحقيق أهداف استراتيجية لما بعد المعركة ذاتها .
الوحدة الوطنية لاتعني إلغاء الخلافات بشكل دائم ،وانما إعمال فقه الأولويات الذي يؤجل البث في الخلافات إلى مرحلة مابعد جني ثمار المعركة .
قررت صنعاء دخول الحرب وفي ذات الوقت قررت تصفية حساباتها مع معارضيها والتنكيل بهم واعتقالهم ووقف أية إصلاحات داخلية وتركت موضوع الوحدة والسيادة والراتب وأدارت ظهرها عن كل شيء تقريباً حتى بدت وكأنها تفر بحرب جديدة من الإستحقاقات الوطنية أمام الجماهير ومن أجل تصفية الحسابات مع معارضيها .
قد تنتصر صنعاء في هذه المعركة “العسكرية” بثمن أكبر من المفروض دفعه ،لكنها حتماً ستضيف تراكماً للفشل الإستراتيجي السابق وأعباء سياسية واقتصادية واجتماعية وستكرس وتثبّت نتائج حرب الأعوام السابقة والحالية إذا لم تلتفت للوحدة الوطنية مع المكونات الوطنية وللإصلاحات الشاملة الآن وبصورة عاجلة ومتوازية مع المعركة وقبل أن يتمادى الحدث .
وماشاء الله كان
المصدر: موقع حيروت الإخباري
إقرأ أيضاً:
هذه خطة إيران لإنقاذ عملتها الوطنية
طهران- زادت العودة القريبة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وتصاعد التوتر مع إسرائيل، الضغوط على العملة الإيرانية الريال لتفقد جزءًا آخر من قيمتها وتسجل مستوى متدنيا قياسيا جديدا.
وأضاف الاتحاد الأوروبي مزيدًا من الضغوط على الريال الإيراني، بعد إعلان عزمه تفعيل آلية "الزناد"، إثر إدانة طهران في مجلس محافظي الوكالة الذرية، الشهر الماضي، بسبب "عدم تعاونها بما يكفي" في برنامجها النووي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2سوريا.. الدولار بـ15 ألف ليرة والصرافات الآلية تعود للعملlist 2 of 2اندماج منتظر مع هوندا يقفز بسهم نيسان المتعثرةend of listوواصلت العملة الإيرانية الهبوط بوتيرة أسرع منذ تلقي طهران نبأ سقوط نظام حليفها السوري بشار الأسد.
وبعد أن اعتادت الصحافة الإيرانية نشر تقارير يومية عن تراجع قيمة العملة مقابل الدولار، أعلن الفريق الاقتصادي للحكومة الإيرانية خطته للحد من تدهور الريال وكبح جماح أسعار العملة الصعبة في الأسواق.
العرض والطلبفي خطوة تهدف إلى سد الفجوة بين سعري الصرف الحكومي والسوق الموازية، ألغى المصرف المركزي الإيراني التسعيرة الحكومية للعملة الصعبة المخصصة لاستيراد بعض السلع الأساسية، بدءا من السبت الماضي، ليتحدد سعر العملة الخضراء وفقا لآلية العرض والطلب بين المصدرين والموردين في سوق التوافقية المخصصة لتداول العملات الصعبة.
إعلانوإثر هذه الخطوة استقر السعر التوافقي للدولار في اليوم التالي عند نحو 600 ألف ريال إيراني، لكنه واصل صعوده الاثنين والثلاثاء في سوق "نيما" للمبادلات التجارية بالعملة الصعبة عند 613 ألف ريال و617 ألف ريال تواليا.
وفي السوق الموازية الحرة، قفز سعر الدولار الواحد إلى 768 ألف ريال يوم الاثنين الماضي، ثم لامس عتبة 778 ألف ريال أمس الثلاثاء، وذلك بعد تداوله عند نحو 733 ألف ريال، عشية إطلاق الآلية الجديدة.
الأهداف والمبرراتجاءت خطوة المصرف المركزي الإيراني بعد عزوف عدد من المصانع عن مواصلة نشاطها لتراكم الخسائر الناتجة عن التسعيرة الإجبارية، إذ كانت تُرغم على عرض عوائد صادراتها في السوق الحكومية، وبيع عملتها الصعبة بأسعار أقل من سعرها الحقيقي، وفي المقابل تشتري المواد الخام وفقا لأسعار السوق الموازية.
إيران تسعى إلى توحيد سعر الصرف لزيادة الصادرات (الجزيرة)ورأى وزير الاقتصاد الإيراني، عبد الناصر همتي أن تطبيق هذه الآلية خطوة أولية نحو التخلص من التسعيرة الإجبارية، لا سيما في سوق العملات الصعبة، مضيفا أن التسعيرة الإجبارية ستؤدي إلى الفساد المالي وتوزيعات ريعية وتفاقم الصعوبات في سوق العملة الصعبة.
وفي تغريدة على منصة إكس، كتب همتي أنه لا يمكن الدفاع عن الأسعار غير الحقيقية من دون احتواء التضخم، وبالرغم من الجدوى على المدى القريب لكنها لن تستمر طويلا، محذرًا من أن مواصلة العمل بالتسعيرة الإجبارية من شأنها القضاء على الاحتياطات الوطنية من العملة الصعبة والإخلال بالأمن الاقتصادي للدولة.
درع حصينة لحماية الاقتصادوترى شريحة من المختصين الإيرانيين أن المصرف المركزي يهدف بإجراءاته إلى تشجيع المصانع على الإنتاج والتصدير.
ورحب الكاتب الاقتصادي حامد سيد قرباني، بالآلية الجديدة، واعتبرها تصب في مصلحة التنمية الاقتصادية من خلال دعم الصادرات، كما أنها تتماشى والتضييق الذي ينبغي ممارسته على الواردات بغية التوصل إلى الاكتفاء الذاتي الشامل والحضور في الأسواق الأجنبية.
إعلانوفي مقال تحت عنوان "العملة التوافقية؛ خطوة أولى نحو التنمية الوطنية" نشره في موقع (اقتصاد أونلاين)، رأى سيد قرباني أن الآلية الجديدة ستقلص حجم الطلب غير الضروري على الواردات، وتسهم في شطب الطلب الكاذب على العملة الصعبة وصولًا إلى خفض أسعارها في الأسواق، ونقل الأرباح من سلة الموردين إلى المصدرين ودعم الإنتاج الوطني.
ونظرا إلى الخشية الوطنية من تقلص الصادرات النفطية مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض من خلال فرضه مزيدًا من العقوبات، ما قد يؤدي إلى ارتفاع سعر العملة في الأسواق، يشبه الكاتب الآلية الجديدة بدرع حصينة ستحمي الاقتصاد الوطني من الصدمات الخارجية لسعر الصرف.
التطورات السياسيةفي المقابل، يذكّر خبير الاقتصاد الإيراني، آلبرت بغزيان، بهاجس الحكومات الإيرانية المتعاقبة حول توحيد سعر الصرف وسد الفجوة بين الأسعار الرسمية والسوق الحرة، مؤكدًا أن آلية الأسعار التوافقية ستنجح في حال كانت مرضية للموردين والمصدرين، وتغنيهم عن مراجعة السوق السوداء من أجل العرض والطلب، مستدركا أنه لا يتوقع نجاح الآلية الجديدة.
وفي مقابلة مع صحيفة (ستاره صبح)، اعتبر بغزيان رفع العقوبات الأجنبية شرطًا لتخلص الاقتصاد الإيراني من أزمات ارتفاع أسعار العملة الصعبة وتراجع قيمة العملة الوطنية، موضحًا أن سعر الصرف في إيران يتأثر بالتطورات السياسية أكثر من المؤشرات الاقتصادية والعرض والطلب في الأسواق.
وقال: "نظرا إلى واقع العقوبات والتوتر في سوريا وعودة ترامب إلى سدة الحكم بالولايات المتحدة سيبقى القلق مسيطرا على سوق العملة الصعبة في إيران، لأن توفير العملة الصعبة بالمقدار الكافي يعتبر شرطا للحديث عن توحيد سعر الصرف بما يشجع على تعزيز العملة الوطنية وتراجع قيمة العملات الأجنبية.
وذكر الأكاديمي الإيراني، أن بلاده تعاني مشكلة في توفير العملة الصعبة جراء العقوبات، حتى أن عوائد بيع النفط تعود على هيئة بضائع إلی داخل البلد، مؤكدا أن فرض العقوبات على الاقتصاد يساوي قطع أطراف الإنسان وشل حياته، إذ دأبت القوى الكبرى على فرض الحظر بدلا من الحروب والهجمات العسكرية.
إعلان سقوط الأسدمن ناحية أخری، تلمس شريحة ثالثة في طهران علاقة مباشرة بين سقوط نظام بشار الأسد في سوريا وتسريع وتيرة تراجع العملة الإيرانية وتسجيلها مستوى متدنيا قياسيا جديدا مقابل الدولار لما للتطور السياسي الإقليمي من تداعيات كبيرة على الاقتصاد الإيراني.
وبالرغم من أن قيمة التبادل التجاري بين إيران وسوريا لم تتجاوز 170 مليون دولار خلال العام الماضي، يرسم سقوط الأسد أفقا ضبابيا أمام مستحقات طهران علی دمشق والتي تقدر بعشرات مليارات الدولارات.
في السياق، نشر موقع (بازار نيوز) التحليلي مقالا تحت عنوان "الأزمة السورية وأثرها على الاقتصاد الإيراني"، يرى فيه كاتبه أن المشهد الجديد في بلاد الشام سوف يعرّض جزءا من الاستثمارات الإيرانية في البنى التحية السورية وقطاعاتها العسكرية والأمنية للدمار.
ويرى المقال، أن انعدام الأمن في سوريا قد يؤثر على استثمارات طهران لدى الدول المجاورة، فضلا عن تقويض الممر الإيراني الرابط بين الشرق والغرب وتراجع مكانته أمام الممر المقرر أن يربط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط (IMEC).