المستحيل الذى يواجه أى مصرى مسافر لدولة غربية لأى سبب من الأسباب العملية أو الإنسانية أو للدراسة، هو توافر ما يمكن أن يحتاج إليه من الدولار أو اليورو، ولو الحد الأدنى لأن العملات كما سبق أشرت فى مقالى السابق اختفت من الصرافة، أما البنوك فقد قيدت صرفها بشكل معقد لا حل فيه، السوق السوداء تمددت واستشرت بشكل «فاحش» ليتجاوز سعر الدولار 80 جنيهاً وهو ما يطلقون عليه لقب «دولار الدهب»، واليورو وصل إلى تسعين جنيهاً فى تلك الأسواق الغبراء.
وتم خفض ما يصرفه البنك للمواطن حال سفره وبموجب تذكرة السفر والفيزا إلى 250 دولاراً أو250 يورو، وهو مبلغ ضئيل جداً لا يكفى يومي إقامة فى أى بلد أوروبى أو فى أمريكا لهذا المسافر، والمثير للدهشة أن البنك لا يعترف بجواز السفر الأجنبى الذى يحمله المصرى مزدوج الجنسية، ويرفض بيع أى مبالغ من العملات الأجنبية لصاحب هذا «الباسبور» الأجنبى رغم كونه مصرياً، ويطالبه البنك بجواز سفر مصرى عليه الفيزا بجانب تذكرة السفر، بشرط ألا يتقدم لشراء الـ250 دولاراً العبقرية إلا قبل سفره بـ48 ساعة فقط.
يا عالم أنا لدى جواز سفر أوروبى أو أمريكى، كيف يمكننى الحصول على فيزا للبلد الذى سأقصده وأنا معى جواز سفره، فيرد عليك موظف البنك بكل جمود «التعليمات الصادرة عندنا كده، لا نصرف إلا 250 دولاراً أو يورو إلا لمن لديه جواز سفر مصرى وعليه فيزا السفر بجانب التذكرة»، وبالطبع الرد واحد فى كل البنوك، ويجد المواطن نفسه فى «حيص بيص» لا هو يستطيع الحصول على الفيزا المطلوبة، ولا يمكنه إقناع أصحاب القرار الغريب بأنه مصرى وله حساب بنكى فى هذا البنك، فقط كل مشكلته أنه معه جواز سفر أجنبى، وبهذا تم حرمانه من تلك الثروة «250 عملة أجنبية».
تمام، لا مش تمام، ولى الأمر الذى يتعلم ابنه فى الخارج، طبيعى أنه مضطر إلى أن يرسل له مصروفًا للمعيشة بجانب مصروفات الجامعة، وأيضاً هناك مصروفات علاجية أحياناً لو استوجب الأمر، وللأسف فيما يتعلق بمصروفات الجامعة، أصبح هناك تشدد يزداد يوماً بعد يوم، بضرورة إرسال الجامعة نفسها طلب الدفع بشكل رسمى، ويلف به ولى الأمر هنا فى بلدنا العامرة المحروسة على أكثر من جهة ليوثق هذا الطلب حتى يصبح معترفاً به أمام البنك، ويشمل الكعب الدائر الخارجى، المجلس الأعلى للجامعات، البنك المركزى، وعندما يحصل ولى الأمر على كل تلك الموافقات والأختام، يتوجه للبنك لتحويل المبلغ المطلوب مباشرة للحساب البنكى للجامعة مع دفع ولى الأمر بالطبع المقابل بالجنيه المصرى.
نعم مشكلة مصروفات الدراسة يجرى حلها بعد سلسلة من التعب والإجراءات، المهم أن تنحل، ولكن نأتى عند مصروفات المعيشة أو العلاج للطلاب، بالطبع لا يوجد أى مستند رسمى يمكن أن يعتمد عليه ولى الأمر هنا لشراء عملات وتحويلها للابن أو الابنة بالخارج، وبالتالى لن يتمكن الطالب من الحصول على سنت واحد من أهله فى مصر للمعيشة، وعليه أن يتصرف، أن «يتشقلب»، أن يترك دراسته وينزل للبحث عن أى عمل لينفق على نفسه، لأنه ببساطة البنوك ترفض تحويل أى مبالغ لهم للمعيشة والعلاج دون مستندات رسمية موثقة.
تمام، لا مش تمام، هناك الأسوأ حيث كان الآباء يتحايلون على هذا الأمر بعمل حساب بنكى بفيزا لأولادهم، ويعطون أولادهم هذه الفيزا ليتمكنوا من سحب العملات التى يحتاجون إليها فى الخارج بموجب إجراء متعارف عليه بإبلاغ البنك أنه مسافر للخارج، وبالتالى يتمكن من سحب ما يصل إلى ألف وحدة من العملة الأجنبية شهرياً بسعر أعلى لأنه يضاف إليها قيمة التحويل، وأدرك البنك المركزى ما يحدث، وقرر تعقيد الأمر وأصدر قراراً بإلغاء عمليات السحب بالعملات من الخارج بموجب البطاقات البنكية بصورة نهائية، وساعده طبعاً فى إغلاق «سرسوب مياه النجاة للطلاب» الأوضاع الاقتصادية المتردية، وأوضاع الجنيه الكارثية ونقص العملات الأجنبية، وللحديث بقية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العملات الأجنبية فكرية أحمد ولى الأمر جواز سفر
إقرأ أيضاً:
«الإمارات للإفتاء الشرعي»: جواز إخراج زكاة الفطر نقدًا
أصدر مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي البيان الآتي بمناسبة قرب حلول عيد الفطر السعيد، وانطلاقًا من دوره في بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادات والشعائر:
أولاً: يؤكد المجلس على الفتوى العامة الصادرة عنه لسنة 1446ه، الموافق 2025م بشأن زكاة الفطر، وأنها واجبة على الصغير والكبير والذكر والأنثى من المسلمين، وأنها تلزم من يجب عليه الإنفاق فيخرجها عن نفسه وزوجته وأولاده ومن يعول.
ثانيًا: زكاة الفطر فريضة، وقد دل على ذلك حديث ابن عمر -رضي الله عنه- قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعًا من شعير، أو صاعًا من تمر على الصغير والكبير».
ثالثًا: مقدار زكاة الفطر هي: (2.5) اثنان كيلو ونصف من الأرز عن كل شخص، ويجوز إخراجها عينًا (من الأرز) أو نقدًا، وقيمتها نقدًا للسنة الهجرية 1446هـ: خمسة وعشرون درهمًا إماراتيًا عن الشخص الواحد.
رابعًا: يجيز المجلس إخراج قيمة الطعام في زكاة الفطر عملاً بالمقاصد التي يشير إليها ما ورد في بعض الروايات من الأمر بإغناء الفقراء بزكاة الفطر، فإعطاء قيمتها في هذا العصر أبلغ في إغناء الفقير. بخاصة أن زكاة الفطر ليست من التعبديات المحضة لأنها معقولة المعنى من حيث إنها لسد خلة الفقراء وهذا أمر لا يشك فيه، وهذا ما أشار إليه الشارع في الحديث الآنف علماً أن الزكوات مما دار بين المعقول والتعبدي فهي معقولة المعنى من حيث إغناء الفقير وتعبدية من حيث تقدير المقدار وهذا ما ذكره جل الأصوليين، والنص إذا كان معللاً فإن اعتبار العلة منهج لاحب لأهل العلم لا سيما إذا عرفت المصلحة وروعي اختلاف الزمن الذي أشار إليه أبو جعفر الطحاوي بقوله: (أداء القيمة أفضل، لأنَّه أقرب إلى منفعة الفقير فإنَّه يشتري به للحال ما يحتاج إليه، والتنصيص على الحنطة والشعير كان، لأنَّ البياعات في ذلك الوقت بالمدينة يكون بها، فأمَّا في ديارنا البياعات تجرى بالنقود، وهي أعز الأموال فالأداء منها أفضل). ومن حيث المعنى فإن الفقير في الغالب هذه الأقوات ليشتري بها طعاماً آخر أو ثوباً وهذا العمل من الفقير جائز إجماعاً فيقاس عليه ما لو أعطاه المتصدق قيمتها كاملة حتى لا يبيعها بخسارة.
وقد استصحب اختيار المجلس مراعاة لاختلاف العلماء في هذه المسألة بين قائل إنَّ إخراج القيمة لا يجزئ مطلقًا، بل لا بد من إخراج الطعام وعلى هذا جمهور أهل العلم، وقائل بأن إخراج القيمة يجزئ مطلقًا وهذا القول مروي عن بعض الصحابة والتابعين والأئمة. فالأمر في ذلك واسعٌ، فمن أخرج المقدار المنصوص عليه فقد أصاب، ومن أخرج القيمة فقد أدَّى ما عليه وأجزأه، وقد يكون الأولى في عصرنا إخراج القيمة إذا اقتضتها مصلحة الفقراء والمحتاجين. ومن الأدلة على الجواز قول أبي إسحاق السبيعي- وهو أحد أئمة التابعين-: «أدركتهم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام»، وما روى وكيع عن قرة بن خالد السدوسي أنه قال: «جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته نصف درهم»، وهو قول أبي حنيفة وجماعة من أهل العلم، وقد تم تفصيل ذلك في فتوى المجلس العامة الصادرة عنه بداية شهر رمضان لعام 1446هـ، 2025م.
خامسًا: يدعو المجلس من يرغبون بإخراج زكاة الفطر عبر الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة وصندوق الزكاة والمؤسسات الخيرية إلى تعجيل تسليم الزكاة إليها، لتتمكن من إيصالها إلى المستحقين قبل يوم العيد، حيث إن من مقاصد الدين الحنيف في إخراج زكاة الفطر: إغناء الفقير عن السؤال في يوم العيد.
وعليه، يوصي المجلس بتعجيل تسليم الجمعيات الخيرية لمنع تكدس الزكاة لديها، ولإيصالها إلى مستحقيها في وقتها المناسب.
سادسًا: يؤكد المجلس على الحرص على إيصال زكاة الفطر إلى مستحقيها من الفقراء والمساكين مباشرة أو بتوكيل.
سابعًا: يتوجه مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي إلى الله سبحانه وتعالى في هذه الليالي المباركة أن يتقبل من الجميع صيامهم، وقيامهم، وزكواتهم، وسائر أعمالهم الصالحة، وأن يحفظ دولتنا وقيادتنا الحكيمة، وأن يديم علينا نعمة الاستقرار والازدهار والنماء، وأن ينشر الخير والرخاء في العالم أجمع، إنه قريب مجيب الدعاء.