لجريدة عمان:
2024-11-08@08:29:11 GMT

يوميات عيش العدوان على غزة «5»

تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT

أريد أن أتخيّل أشياء كثيرة، من بينها، أن المترجمين اللذين عكفا على ترجمة أليخاندرا بيثارنيك عن الإسبانية وللعربية عندما كتبا «لا أحد يمكنه إنقاذي فأنا غير مرئية حتى بالنسبة لي أنا التي أناديني بصوتك. أين أنا؟/ أنا في حديقة./ هناك حديقة» توقفا وتعانقا دون أن يتحدثا عن شيء».

أريد أن أتخيّل وأحلم بالأحجار التي أرتديها في يدي اليمنى، الأحجار القادمة من شطآن مترامية في هذا العالم، كما لو أنها تميمة ستحرسني، تصدرُ طاقة المحيطات التي لم نكتشفها بعد.

أريد أن أتخيل أنني سأجرؤ مرة على القول بأنني لستُ كاتبة قصة، بل أنا شاعرة، وهذا هو شعري، إن لم تكن كل القصائد التي خبأتها بحرص في ملفات حاسوبي التي بلا أسماء واضحة فهي عيناي، والندبة التي تظلل وجهي، وتحكمُ خطواتي، إذا دقق أحدكم النظر، أو ربما تكون في أنني أمشي وعينيّ على الأرض، دوما بلا إرادة مني. أريد أن أتخيل أن كل مديرينا في العمل طيبون، وإن لم يكونوا كذلك فلا بأس، سنكتفي بأن يكونوا نزهاء، لا يعادوننا لأسباب لا نعرفها، ولا يتصرفون معنا كما لو أننا ممرات لاستعادة الأضواء التي فقدوها في نفق ما، أضواء يفترضون أننا أيضا سنسرقها من موظف سنكون يوما ما بدورنا مديرين عليه. يا الله، على كل هذه الحلقات النارية التي ندور فيها، يا الله على اكتمال الساعة كل يوم، وعودتها في اليوم التالي كما لو أننا لم نتحرك من مكاننا قط!

أريد أن أتخيّل أشياء مستحيلة، كأن يصبح الانتباه، فرضا مثل الصلوات الخمس، فتصير حواسنا يقظة للهواء، ولكن أكثر ما سنحسُ به هم الآخرون، العابرون إلى جانبنا في هذه الحياة، حتى لا تجرحهم أظفارنا، ولا تعيقهم أجسادنا عن السير في الطريق الطويل لهذا العالم. وأن نكون «العابرون» خاصة وديع سعادة الذين قال عنهم صفات عديدة من بينها: «العابرون سريعًا جميلون. لا يتركون ثقلَ ظلّ. ربما غبارًا قليلا، سرعان ما يختفي». أريد أن أتخيل عالما لا يفكر فيه الناس بالربح السريع، ولا يرثون فيه الأراضي المترامية، بينما صبي شقي في مكان ما لا يجدُ كسرة خبز أو ترابا بحجم طبعة قدميه. أريد أن أتخيل أرضا يطحنها الظلم، ويوقفها عن الدوران، ويتجمد فيها كل شيء عدا الرغبة في تحقيق العدالة لكل المقهورين. أود لو أتخيل عالما، عندما يقول فيه أحدنا «البحر» يعرف من استمعوا إليه، بأن البحر الذي يعنيه غير البحر الذي نعرف. وأن اللغة ليست الكلمات، فنحاول جاهدين أن نسأله ولو لمرة واحدة مترددة: قل لنا ما هو البحر بالنسبة إليك. فبحارنا كثيرة. أريد أن أتخيل هذا التعاطف اللانهائي، وهذه الدعة التي ستدحر الأنانية والظلم وإساءة الفهم. آه أريد عالما يحتفل بإساءة الفهم، لاحتمالاته العديدة التي يقول بها أن العالم ليس محدودا، وأننا لم نقف يوما على أي حافة، وأن هنالك المزيد المزيد والمزيد من الإجابات. أريد أن أتخيل بأن ما أكتبه له معنى ما، أو ربما أريد أن أتخيل أنني لن أكترث لذلك بعد الآن، متمسكة بمقطع شعري لبيسوا، لا يكف عن الإضاءة في قلبي: «أريد أن أكون ذلك الذي أتعاطفُ معه». وأريد ألا ينتهي الشتاء في مسقط، لكن ذلك لا يعني، ألا تأتي مواسم القيظ التي ينتظرها الفلاحون، وأولهم أبي، وألا يضيع عليهم حصاد الأصياف التي تعوض غلة العام كله، أريد أن أتخيل عالما لا يسير بمنطق المقايضة ولا أن الأضداد وجدت من أجل صالحنا العام. أريد الأشياء متجاورة بلا حد، متجاورة دون أن يقضي أحدها على الآخر. لكنني عبثا لا أستطيعُ أن أتخيل كل هذا، فأنا لا ألتفتُ لكي أرى ما يحدث في غزة الآن من وحشية وبشاعة، وحقيقة ناصعة لهذا العالم، أنا لا ألتفت؛ لأن ما يحدث يغمرني، يضربني بشكل مباشر، وتخيلوا ماذا؟ إنه يُنشفُ دمي.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

وزير الأوقاف يطالب قادة الأديان للضغط لوقف العدوان على فلسطين ولبنان

ألقى الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف كلمة في الجلسة الافتتاحية للقمة العالمية لقادة ورموز الأديان من أجل المناخ، والتي تنعقد في باكو عاصمة أذربيجان برعاية فخامة الرئيس إلهام علييف تحت شعار: "الأديان العالمية من أجل كوكب أخضر".


وفي بداية كلمته توجه الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف لجميع الحضور بالتحية والإجلال، مؤكدًا على الأهمية الكبيرة للمؤتمر، وأن جمهورية أذربيجان قد وفقت في اختيار عنوانه " الأديان العالمية من أجل كوكب أخضر"، ضمن القمة العالمية لقادة الأديان، والتي تنعقد على هامش مؤتمر 29 COP والذي يأتي على إثر نسختين سابقتين، الأولى كانت cop27 في مصر، والثانية كانت cop28 في الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.

وأضاف وزير الأوقاف أنه تتوالى هذه القمم والفعاليات التي تحتشد فيها حكومات ومؤسسات العالم من أجل التأكيد على قضية بالغة الأهمية والخطورة، تتناول مصير كل إنسان على وجه الأرض، ألا وهي قضية التغير المناخي، والإجراءات والتدابير التي ينبغي أن نحتشد من أجل القيام بها لضمان مستقبل آمنٍ للإنسان على ظهر هذا الكوكب.


وأضاف:" نظرنا كمسلمين لقضية البيئة ينطلق من أن الإضرار بها لا يهدد الإنسان حاليا فقط، بل يهدد الأجيال القادمة، وهنا ينبغي أن نواجه معا كل صور الإسراف والعدوان على موارد الكوكب، وأن نواجه معا أسباب تغير المناخ، وصور التلوث وأن نحمي الموارد الطبيعية.


وأشار إلى حديث القرآن الكريم المستفيض عن الحدائق ذات البهجة وعن الزرع والثمار والجبال وعن البحار والسحب والأمطار وعن الرياح، وإلى تأكيد الشرع الشريف على أن كل هذه المكونات أمانة في يد الإنسان، وذكر فضيلته حديثا نبويا شريفا للرسول _ صلى الله عليه وسلم _ وهو يتحدث عن أحد الجبال في المدينة المنورة، فيقول: "إن هذا الجبل يحبنا، ونحبه" ليبين أن رؤية الإسلام لتعامل الإنسان مع البيئة يأتي من منطلق الحب، وليس من باب التعامل المعتاد.

وأضاف، أن النبي صلى الله عليه وسلم تحدث في عدد من الأحاديث عن أمور عجيبة يذكر فيها أن: " سبعة يجري للعبد أجرهن من بعد موته وهو في قبره: "من علم علما، أو كرى نهرا، أو حفر بئرا، أو غرس نخلا، أو بنى مسجدا، أو ورث مصحفا، أو ترك ولدا يستغفر له بعد موته "، وفي هذا الحديث يجعل النبي صلى الله عليه وسلم من يغرس شجرة واحدة، ينزل في نظر الإنسان المسلم من الإجلال والتقدير والاحترام المنزلة التي ينزلها بناء المسجد الذي هو بيت الله وموطن العبادة
ويحدثنا نبينا -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا إلاَّ كانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنْه لَه صدقَةً، وَلاَ يرْزؤه أَحَدٌ إلاَّ كَانَ لَهُ صَدَقَةً"

ودعا كل قادة الأديان في العالم أن تتضافر جهودهم على حماية البيئة وعلى احترام الأكوان وعلى إكرام الإنسان وعلى إطفاء نيران الحروب، وإذا تواصينا معًا بهذه الوصايا وانطلقنا إلى تفعيل برامج العمل التي تحتشد عليها كل مؤسساتنا على اختلاف أدياننا ومعتقداتنا وعلى اختلاف دولنا وبهذا الكم التي تشهده القاعة اليوم، إذا انطلقنا إلى تفعيل مؤسساتنا جميعًا من أجل إطلاق برامج عمل طويلة الأمد تنمّي وعي الإنسان وتنيره وتثقفه بمثل هذه المعطيات فإن هذا يبشر بخير كبير فيما يتعلق بقضية المناخ، مؤكدًا أن إطفاء نيران الحروب واجب شديد الأهمية والتزام ينبغي أن نسعى جميعًا لتحقيقه وهو إطفاء نيران الحروب في العالم أجمع ويأتي في القلب من ذلك مطالبة القمة الموقرة.

وطالب الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري قادة الأديان في العالم جميعًا للعمل الضاغط والمكثف من أجل وقف العدوان على أشقائنا في فلسطين ولبنان، وأن أرض الكنانة مصر بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي ترى أنه لا حل لقضية أشقائنا في فلسطين ولمواجهة كل صور القهر الذي يعانونه إلا بإعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1976م وعاصمتها القدس الشرقية.

وفي ختام كلمته توجه وزير الأوقاف للقمة الموقرة ولكافة الجهود المبذولة في العالم من أج لحماية موارد الكوكب  والتنمية المستدامة ومن أجل حفظ الأجيال القادمة في أن ينشأوا في كوكب آمن، متمنيًا لجميع الحاضرين كل السداد والتوفيق.

مقالات مشابهة

  • حماس تدعو لاستمرار الحراك العالمي حتى وقف العدوان على غزة
  • شيخ الأزهر: لن يعم السلام في العالم وأهل غزة ولبنان يعانون يوما بعد يوم
  • ديشامب: مبابي خارج تشكيلة منتخب فرنسا.. لا أريد قول المزيد
  • مرشد سياحي: خيبر تعد أولى مناطق العالم التي اكتشف فيها قرية من العصر البرونزي
  • وجه الكورتيزول ومعجون الفحم للأسنان.. هذه صيحات الصحة التي شهدها العالم في 2024
  • من هي هاريس التي باتت قاب قوسين من أن تصبح أول امرأة تتولى منصب الرئاسة في أقوى دولة في العالم؟
  • عاجل - انتخابات أمريكا 2024.. ترامب: لا أريد العنف
  • الضويني: الأزهر يجدد الدعوة لقادة العالم للاتفاق على مبادئ عظمى تضمن التصدي للتحديات التي تفرضها الأزمات
  • وزير الأوقاف يطالب قادة الأديان للضغط لوقف العدوان على فلسطين ولبنان
  • وزير الأوقاف يدعو قادة الأديان في العالم للضغط من أجل وقف العدوان على فلسطين ولبنان