قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية و"نادي الأسير" إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت أكثر من 6500 فلسطيني من الضفة وحدها، منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأوضحت المؤسستان -في بيان نُشر أول أمس الأحد- أن حصيلة الاعتقالات تشمل من اعتقلوا من المنازل وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن احتجزوا رهائن.

وأشار البيان إلى أن الاحتلال مارس عمليات تنكيل واسعة، واعتداءات بالضرب المبرح، وتهديدات بحق المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التخريب والتدمير الواسعة لمنازل المواطنين، والقتل العمد، والاستيلاء على المركبات وسرقة الأموال.

وقال خبراء في القانون الدولي ومختصون في شؤون الأسرى الفلسطينيين للجزيرة نت إن أعداد المعتقلين المعلنة لا تشمل الذين اعتُقلوا من غزة منذ بدء العدوان على القطاع؛ لأنه لا يوجد إحصاء دقيق لهذه الأعداد.

وأشاروا إلى أن سلطات السجون الإسرائيلية تمارس تصعيدا بحق المعتقلين؛ مثل: إلغاء المحاكمات، وتحويل كثير منهم إلى المحاكم العسكرية، ومنع التواصل مع الأهل والمحامين، والاعتداء على الأطفال والنساء.

وضع القانون الدولي

وقال أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأميركية رائد أبو بدوية إن القانون الدولي، من خلال اتفاقيتي جنيف الثالثة التي تتعلق بأسرى الحروب والنزاعات المسلحة، واتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بالمدنيين تحت الاحتلال؛ وفّر الحماية الكاملة للأسرى والجماعات الفلسطينية، بما في ذلك فصائل المقاومة.

وأضاف -في تصريحات للجزيرة نت- أن القانون الدولي الإنساني وضع شروطا واضحة تتعلق بالفلسطينيين، سواء بوصفهم أسرى حرب أو جماعات منظمة لها قيادة واحدة وتحمل شعارا موحدا، وهذه الشروط تنطبق على المقاومين الفلسطينيين، وتحديدا المجموعات المسلحة.

لكن إسرائيل -حسب أستاذ القانون الدولي- ترفض منذ 1967 إلى اليوم هذا التكييف القانوني الدولي، وتتعامل مع الفلسطينيين على أنهم مجرمون، وتحاكمهم أمام محاكم عسكرية وليس بوصفهم أسرى حرب؛ لأن الأسير لا يُحاكم وإنما يُفرج عنه متى توقفت الحرب، أو نتيجة اتفاق سياسي.

أدوات القانون الدولي

وعن الأدوات القانونية الدولية، قال رائد أبو بدوية إن كثيرا من الجمهور العربي يرفع سقف توقعاته عاليا في ما يتعلق بالأدوات القانونية، والحقيقة أنها لن تحرر البلاد، ولن توقف العدوان على قطاع غزة، ولن يحصل من خلالها الشعب الفلسطيني على حقوقه.

ومع ذلك -يضيف أبو بدوية- فإن هذا لا يقلل من أهمية هذه الأدوات في السياسة الدولية ومنظومة العلاقات الدولية؛ فالقرار نفسه مهم، ولكن ليس لأن إسرائيل ستنفذه -فهناك عشرات القرارات التي صدرت من مؤسسات دولية ولم تنفذها إسرائيل- بل لأنه قد يمثل ضغطا على السياسة الدولية لإسرائيل، ويشكل حاضنة مجتمعية تقف مع الحق الفلسطيني.

كما أكد أستاذ القانون الدولي أن أهمية القرارات الدولية تكمن في كيفية استثمارها من النواحي الاقتصادية والعسكرية والسياسية والدبلوماسية، وتشكيل أرضية وقناعة يمكن البناء عليها، من أجل توجيه الرأي العام العالمي لتشكيل ضغط يجبر إسرائيل على الرضوخ للأدوات الدولية، كما حصل في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية.

تصعيد ضد الأسرى

وقال أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة العربية الأميركية إن إسرائيل تمارس انتهاكات متعددة في ما يتعلق بحقوق الأسرى، سواء في ظروف الاحتجاز، أو المحاكمات غير العادلة، أو التعذيب، أو محاكمة الأطفال، أو معاملة النساء، لكن هذه الانتهاكات تصاعدت بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأصبح الأسرى يُستخدمون دروعا بشرية ويُعدمون ميدانيا، ويُحرمون من كل المقومات الإنسانية.

وأصبح ذلك -حسب أبو بدوية- سياسة عامة متبعة من سلطات الاحتلال، خدمة لأهداف عدة:

إسرائيل تستخدم ملف الأسرى ليس على أساس حقوقي فقط، إنما لغايات سياسية. إسرائيل زادت الاعتقالات في الضفة الغربية من أجل تحقيق الردع العام للمواطنين الفلسطينيين. إسرائيل مقبلة على صفقة، ومن ثم فعّلت سياسة "الباب الدوار"، من أجل ملء السجون بالمعتقلين الفلسطينيين. إسرائيل تريد إشباع نهمها، وتخفيف الضغوط التي تتعرض لها الحكومة من الشارع وعائلات الأسرى لدى حماس.

ولأجل كل هذا تحول التصعيد ضد الأسرى سواء في السجون الإسرائيلية، أو الاعتقالات الجديدة إلى ورقة عقاب جماعي وردع بحق الشعب الفلسطيني، على يد الحكومة الحالية التي يتزعمها مسؤولون من اليمين المتطرف، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.

هيئة شؤون الأسرى

وقال المختص في شؤون الأسرى حسن عبد ربه إن الهيئة مؤسسة رسمية أنشئت من خلال منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية، وهي مخوّلة بالمسؤولية السياسية والقانونية عن الأسرى، ومتابعة أوضاعهم الاجتماعية والإنسانية، وتوفير الرعاية المجتمعية لعائلات الأسرى، بالإضافة إلى تهيئة الأسرى المحررين مجتمعيا ومهنيا، وكذلك العمل على الإفراج عن المعتقلين في جميع السجون الإسرائيلية.

وأضاف -في تصريحات للجزيرة نت- أن هيئة شؤون الأسرى تعمل بالتكامل مع القوى السياسية الفلسطينية المختلفة، بهدف دعم وإسناد الحركة الأسيرة عندما تُقدم على اتخاذ خطوات نضالية داخل السجون، سواء كان ذلك بإضرابات مفتوحة عن الطعام أو حتى جزئية، أو عبر الخطوات النضالية الاحتجاجية في الشارع الفلسطيني، وكل هذا يصب في صالح تفعيل الأدوات القانونية، واستثمار الجانب الإعلامي، وممارسة الضغط الدولي على الاحتلال الإسرائيلي.

ما بعد طوفان الأقصى

وعن الوضع الحالي للأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال، قال المختص في شؤون الأسرى إن المعوقات التي تضعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي أصبحت مختلفة جدا بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فقد عمدت إلى إلغاء كل المحاكمات من أجل مضاعفة الأحكام التي تصدر في حق المعتقلين، وأصبح هامش المرافعات أمام المحامين محدودا جدا، بسبب الأوامر العسكرية، وليس وفق المعطيات القانونية.

وأشار حسن عبد ربه إلى أن أكثر من 30% من الأسرى هم معتقلون إداريون بلا حق، ودون تهم وُجّهت إليهم، وهذا يعدّ منتهى الظلم والعنصرية والإجرام من الاحتلال، ورغم ذلك يبقى وجود المحامين ضروريا من أجل مواصلة الحقوق القانونية للأسير، في ظل ممارسات الاحتلال ضد الأسرى، من منع الزيارات والعزل والمحاكمات العسكرية.

وختم بأن قضية الأسرى هي أكثر القضايا محورية في القضية الوطنية الفلسطينية؛ لأنها تتعلق بآلاف الأسرى والمعتقلين، والإفراج عنهم لا يأتي إلا من خلال وسيلتين: إما حل سياسي شامل، وهذا غير متوفر الآن. وإما عبر عمليات تبادل الأسرى التي شهدنا أمثلة لها خلال سنوات الصراع الممتدة مع الاحتلال الإسرائيلي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی القانون الدولی شؤون الأسرى من خلال من أجل

إقرأ أيضاً:

مندوب مصر بالأمم المتحدة: نؤمن بأهمية دفع إسرائيل للانصياع بالتزاماتها القانونية الدولية

قال السفير أسامة عبدالرازق، مندوب مصر لدى الأمم المتحدة، إنه يأمل أن يسهم الرأي الاستشاري الجديد في تأكيد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإنشاء دولته المستقلة، وذلك وفق نبأ عاجل أفادت به قناة القاهرة الإخبارية.

ولفت إلى أن مصر تتطلع لأن يأتي الرأي الاستشاري الجديد مكملا للآراء الاستشارية السابقة للمحكمة.

الأمم المتحدة تعتمد قرارًا حول الممارسات الإسرائيلية في فلسطين  رئيس إيران يقدم اقتراحا من خمس بنود لدعم فلسطين وملاحقة إسرائيل

وأكد أن مصر تؤمن بأهمية إعلاء كلمة الحق والقانون ودفع إسرائيل للانصياع لالتزاماتها القانونية الدولية والسماح بنفاذ المساعدات.
 

ونوه إلى أن طرح القرار الذي اعتمدته الجمعية العامة جاء بمبادرة من النرويج وبمشاركة نشطة وفعالة من مصر.

وفي استمرار لجرائم الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة في قطاع غزة، استشهد 17 مواطناً مساء اليوم الخميس جراء قصف طائرات الاحتلال على عدة مناطق وسط القطاع، وفقاً لما أفادت به وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".

وأشارت الوكالة إلى أن 15 مواطناً استشهدوا وأصيب آخرون نتيجة قصف طائرات الاحتلال لمدرستي الكرامة وشعبان الريس، اللتين تأويان نازحين في حي التفاح شرق مدينة غزة.

كما استشهد مواطن وأصيب آخرون جراء قصف الاحتلال لمجموعة من المواطنين بالقرب من النادي الأهلي في النصيرات وسط القطاع.

وفي حادث آخر، استشهد مواطن في قصف استهدف مجموعة من المواطنين في شارع البركة جنوب دير البلح.

من جهة أخرى، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي مساء اليوم الخميس مواطناً بعد اقتحامها البلدة القديمة في كفر عقب، شمال القدس المحتلة.

وأفادت مصادر محلية بأن قوات خاصة من جيش الاحتلال اعتقلت المواطن حاتم الخطيب بعد اقتحام البلدة القديمة.

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تهاجم البابا فرنسيس وتتهمه بازدواجية المعايير لاستنكاره قتل الفلسطينيين
  • تصعيد إسرائيلي متواصل بالضفة الغربية ومستوطنون يغلقون مدخل قرية
  • الصحة الفلسطينية: إسرائيل تنتهك أبسط قواعد القانون الدولي والإنساني
  • برلماني: اعتماد قرار دولي يؤكد حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم يُزيد عزلة إسرائيل
  • استشهاد وفقدان وإصابة عشرات الفلسطينيين بقصف إسرائيلي مكثف على مدرستين بـ”غزة”
  • إعلام إسرائيلي: إسرائيل وحماس أقرب من أي وقت مضى إلى التوصل لاتفاق
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تسرّع ضم الضفة الغربية وانتهاك القانون الدولي
  • وفاة شيخ الأسرى الفلسطينيين ومهندس سفينة كارين إيه.. سجن 17 عاما
  • مندوب مصر بالأمم المتحدة: نؤمن بأهمية دفع إسرائيل للانصياع بالتزاماتها القانونية الدولية
  • الأمم المتحدة تطلب رأي «العدل الدولية» بشأن التزامات إسرائيل بإدخال المساعدات للفلسطينيين