الأسرى الفلسطينيون.. تصعيد إسرائيلي ومحاكم عسكرية وقانون دولي حائر
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية و"نادي الأسير" إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت أكثر من 6500 فلسطيني من الضفة وحدها، منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأوضحت المؤسستان -في بيان نُشر أول أمس الأحد- أن حصيلة الاعتقالات تشمل من اعتقلوا من المنازل وعبر الحواجز العسكرية، ومن اضطروا لتسليم أنفسهم تحت الضغط، ومن احتجزوا رهائن.
وأشار البيان إلى أن الاحتلال مارس عمليات تنكيل واسعة، واعتداءات بالضرب المبرح، وتهديدات بحق المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التخريب والتدمير الواسعة لمنازل المواطنين، والقتل العمد، والاستيلاء على المركبات وسرقة الأموال.
وقال خبراء في القانون الدولي ومختصون في شؤون الأسرى الفلسطينيين للجزيرة نت إن أعداد المعتقلين المعلنة لا تشمل الذين اعتُقلوا من غزة منذ بدء العدوان على القطاع؛ لأنه لا يوجد إحصاء دقيق لهذه الأعداد.
وأشاروا إلى أن سلطات السجون الإسرائيلية تمارس تصعيدا بحق المعتقلين؛ مثل: إلغاء المحاكمات، وتحويل كثير منهم إلى المحاكم العسكرية، ومنع التواصل مع الأهل والمحامين، والاعتداء على الأطفال والنساء.
وضع القانون الدولي
وقال أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة العربية الأميركية رائد أبو بدوية إن القانون الدولي، من خلال اتفاقيتي جنيف الثالثة التي تتعلق بأسرى الحروب والنزاعات المسلحة، واتفاقية جنيف الرابعة المتعلقة بالمدنيين تحت الاحتلال؛ وفّر الحماية الكاملة للأسرى والجماعات الفلسطينية، بما في ذلك فصائل المقاومة.
وأضاف -في تصريحات للجزيرة نت- أن القانون الدولي الإنساني وضع شروطا واضحة تتعلق بالفلسطينيين، سواء بوصفهم أسرى حرب أو جماعات منظمة لها قيادة واحدة وتحمل شعارا موحدا، وهذه الشروط تنطبق على المقاومين الفلسطينيين، وتحديدا المجموعات المسلحة.
لكن إسرائيل -حسب أستاذ القانون الدولي- ترفض منذ 1967 إلى اليوم هذا التكييف القانوني الدولي، وتتعامل مع الفلسطينيين على أنهم مجرمون، وتحاكمهم أمام محاكم عسكرية وليس بوصفهم أسرى حرب؛ لأن الأسير لا يُحاكم وإنما يُفرج عنه متى توقفت الحرب، أو نتيجة اتفاق سياسي.
أدوات القانون الدوليوعن الأدوات القانونية الدولية، قال رائد أبو بدوية إن كثيرا من الجمهور العربي يرفع سقف توقعاته عاليا في ما يتعلق بالأدوات القانونية، والحقيقة أنها لن تحرر البلاد، ولن توقف العدوان على قطاع غزة، ولن يحصل من خلالها الشعب الفلسطيني على حقوقه.
ومع ذلك -يضيف أبو بدوية- فإن هذا لا يقلل من أهمية هذه الأدوات في السياسة الدولية ومنظومة العلاقات الدولية؛ فالقرار نفسه مهم، ولكن ليس لأن إسرائيل ستنفذه -فهناك عشرات القرارات التي صدرت من مؤسسات دولية ولم تنفذها إسرائيل- بل لأنه قد يمثل ضغطا على السياسة الدولية لإسرائيل، ويشكل حاضنة مجتمعية تقف مع الحق الفلسطيني.
كما أكد أستاذ القانون الدولي أن أهمية القرارات الدولية تكمن في كيفية استثمارها من النواحي الاقتصادية والعسكرية والسياسية والدبلوماسية، وتشكيل أرضية وقناعة يمكن البناء عليها، من أجل توجيه الرأي العام العالمي لتشكيل ضغط يجبر إسرائيل على الرضوخ للأدوات الدولية، كما حصل في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية.
تصعيد ضد الأسرى
وقال أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة العربية الأميركية إن إسرائيل تمارس انتهاكات متعددة في ما يتعلق بحقوق الأسرى، سواء في ظروف الاحتجاز، أو المحاكمات غير العادلة، أو التعذيب، أو محاكمة الأطفال، أو معاملة النساء، لكن هذه الانتهاكات تصاعدت بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأصبح الأسرى يُستخدمون دروعا بشرية ويُعدمون ميدانيا، ويُحرمون من كل المقومات الإنسانية.
وأصبح ذلك -حسب أبو بدوية- سياسة عامة متبعة من سلطات الاحتلال، خدمة لأهداف عدة:
إسرائيل تستخدم ملف الأسرى ليس على أساس حقوقي فقط، إنما لغايات سياسية. إسرائيل زادت الاعتقالات في الضفة الغربية من أجل تحقيق الردع العام للمواطنين الفلسطينيين. إسرائيل مقبلة على صفقة، ومن ثم فعّلت سياسة "الباب الدوار"، من أجل ملء السجون بالمعتقلين الفلسطينيين. إسرائيل تريد إشباع نهمها، وتخفيف الضغوط التي تتعرض لها الحكومة من الشارع وعائلات الأسرى لدى حماس.ولأجل كل هذا تحول التصعيد ضد الأسرى سواء في السجون الإسرائيلية، أو الاعتقالات الجديدة إلى ورقة عقاب جماعي وردع بحق الشعب الفلسطيني، على يد الحكومة الحالية التي يتزعمها مسؤولون من اليمين المتطرف، وعلى رأسهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
هيئة شؤون الأسرى
وقال المختص في شؤون الأسرى حسن عبد ربه إن الهيئة مؤسسة رسمية أنشئت من خلال منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية، وهي مخوّلة بالمسؤولية السياسية والقانونية عن الأسرى، ومتابعة أوضاعهم الاجتماعية والإنسانية، وتوفير الرعاية المجتمعية لعائلات الأسرى، بالإضافة إلى تهيئة الأسرى المحررين مجتمعيا ومهنيا، وكذلك العمل على الإفراج عن المعتقلين في جميع السجون الإسرائيلية.
وأضاف -في تصريحات للجزيرة نت- أن هيئة شؤون الأسرى تعمل بالتكامل مع القوى السياسية الفلسطينية المختلفة، بهدف دعم وإسناد الحركة الأسيرة عندما تُقدم على اتخاذ خطوات نضالية داخل السجون، سواء كان ذلك بإضرابات مفتوحة عن الطعام أو حتى جزئية، أو عبر الخطوات النضالية الاحتجاجية في الشارع الفلسطيني، وكل هذا يصب في صالح تفعيل الأدوات القانونية، واستثمار الجانب الإعلامي، وممارسة الضغط الدولي على الاحتلال الإسرائيلي.
ما بعد طوفان الأقصى
وعن الوضع الحالي للأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال، قال المختص في شؤون الأسرى إن المعوقات التي تضعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي أصبحت مختلفة جدا بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فقد عمدت إلى إلغاء كل المحاكمات من أجل مضاعفة الأحكام التي تصدر في حق المعتقلين، وأصبح هامش المرافعات أمام المحامين محدودا جدا، بسبب الأوامر العسكرية، وليس وفق المعطيات القانونية.
وأشار حسن عبد ربه إلى أن أكثر من 30% من الأسرى هم معتقلون إداريون بلا حق، ودون تهم وُجّهت إليهم، وهذا يعدّ منتهى الظلم والعنصرية والإجرام من الاحتلال، ورغم ذلك يبقى وجود المحامين ضروريا من أجل مواصلة الحقوق القانونية للأسير، في ظل ممارسات الاحتلال ضد الأسرى، من منع الزيارات والعزل والمحاكمات العسكرية.
وختم بأن قضية الأسرى هي أكثر القضايا محورية في القضية الوطنية الفلسطينية؛ لأنها تتعلق بآلاف الأسرى والمعتقلين، والإفراج عنهم لا يأتي إلا من خلال وسيلتين: إما حل سياسي شامل، وهذا غير متوفر الآن. وإما عبر عمليات تبادل الأسرى التي شهدنا أمثلة لها خلال سنوات الصراع الممتدة مع الاحتلال الإسرائيلي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی القانون الدولی شؤون الأسرى من خلال من أجل
إقرأ أيضاً:
تصاعد عمليات القمع بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو
قال نادي الأسير الفلسطيني، إنّ إدارة سجون العدو الإسرائيلي تواصل جرائمها الممنهجة والمنظمة بحق الأسرى والمعتقلين، وما تزال جرائم التّعذيب، والتجويع، والجرائم الطبيّة وعمليات القمع، تخيم على واقع الأسرى.
وأشار النادي في بيان اليوم الاثنين، إلى استمرار انتشار الأمراض بين صفوف الأسرى، وتحديدًا، مرض (الجرب – السكايبوس).
واستنادًا لـ(36) أسيراً تمت زيارتهم مؤخراً، في سجني “النقب”، و”عوفر”، فإن الإفادات تمركزت حول عمليات القمع التي شهدها الأسرى مؤخراً، وما رافقها من عمليات تنكيل، وضرب، واعتداءات بمختلف أشكالها، وكذلك استمرار انتشار المرض بنسبة كبيرة بين صفوفهم، إضافة إلى الجوع الذي تحوّل إلى أداة تعذيب مع مرور المزيد من الوقت وإصابة العديد منهم بنقصان حاد في الوزن وهزال وتعب.
ولفت إلى جملة من التفاصيل الكثيفة، واليومية التي تتعلق بانعدام توفر أدنى مقومات الحياة، ومنها شح الملابس، والأدوات التي يمكن أن تسهم في حفاظ الأسرى على نظافتهم.
واستعرض نادي الأسير مجموعة من الإفادات التي تتعلق بأوضاع سجني” النقب”، و”عوفر”، وتحديداً فيما يتعلق بعمليات القمع من قبل وحدات خاصة استخدمت في السجن النقب الرصاص المطاطي مستهدفة أقدام الأسرى.
وأفاد الأسير (ر. ة) بأن سياسة القمع ما تزال مستمرة وبوتيرة متصاعدة مؤخراً، والتي يرافقها اعتداءات على الأسرى بالضرب المبرح، ورش الغاز، وكذلك استخدام الرصاص المطاطي.
وأوضح أنه جرى مؤخراً اقتحام لقسم (27)، ونتيجة لعملية القمع أصيب عدد من الأسرى.
ولفت الأسير إلى أن الأسرى كافة يعانون من كميات الطعام القليلة، ونوعيتها سيئة، وهذا الأمر ينسحب على الملابس، فهناك شح في الملابس.
وأضاف أن كل أسير يوجد لديه فقط غيار واحد، بالإضافة إلى لباس السجن، ويصعب على الأسرى غسل الملابس، بسبب انعدام وجود غيارات أخرى.