مخاطر وتداعيات التحريض الإسرائيلي على الأونروا بالقدس
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
تصاعدت مؤخرا حدة التحريض الإسرائيلي على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وعلى مقراتها في القدس المحتلة.
فبعد أيام من الكتاب الذي وجهه أرييه كينغ نائب رئيس بلدية الاحتلال إلى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وطالبه بإخلاء الوكالة الدولية من مقراتها في حي الشيخ جراح بالقدس طالب كينغ بإخلاء كلية تدريب قلنديا شمالي المدينة أو ما عُرف تاريخيا بـ"مركز التدريب المهني" التابع للأونروا، بادعاء أنها استولت على العقارات في القدس دون تصريح.
ويطالب كينغ بإخلاء المركز الذي يقول إنه أقيم على أرض مساحتها 85 دونما (الدونم ألف متر مربع) وإن هذه الأرض اشتراها يهود في بداية القرن الـ20 وتبرعوا بها لصندوق مخصص لتطوير الاستيطان اليهودي في القدس، حسب ادعائه.
عشرات المستوطنين تظاهروا مساء أمس الاثنين للمطالبة بإغلاق مقر الأونروا بالقدس (الجزيرة) عنوان اللاجئينوفي 14 يناير/كانون الثاني الماضي طولبت وكالة الغوث بدفع دين بأثر رجعي قيمته 17 مليون شيكل بادعاء إنشاء مبانٍ واستخدامها دون تصريح أو موافقة مما تسمى "سلطة أراضي إسرائيل".
ومساء الاثنين شارك عشرات المستوطنين في مظاهرة دعا لها كينغ أمام مقر الوكالة للمطالبة بإغلاقها، وهتفوا ضدها ورفعوا شعارات تتهمها بـ"الإرهاب" والعلاقة مع حركة حماس.
وقال مصدر مطلع في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) للجزيرة نت إن كلية تدريب قلنديا هي أول كلية أنشأتها الوكالة في فلسطين، وكان ذلك عام 1953 على مساحة 88 دونما.
وتقع الكلية شمالي القدس المحتلة ومقابل مخيم قلنديا للاجئين الذي عزله الجدار عن المدينة، ويقدّر عدد طلبتها حاليا بـ270 طالبا يمتد تعليمهم من عام إلى عامين.
والسؤال المطروح الآن في ظل الملاحقة الإسرائيلية هو: كيف سيكون الحال مع بدء التسجيل للعام الدراسي الجديد في صيف عام 2024؟
كلية تدريب قلنديا أول كلية أنشأتها أونروا في فلسطين وذلك عام 1953 على مساحة 88 دونما (الجزيرة) هدم في الكليةتقدم الكلية برنامج تدريب مهني منوعا يشمل 14 تخصصا، بالإضافة إلى خدمات عدة للملتحقين بالكلية، مثل السكن الداخلي للطلبة من خارج رام الله (المدينة الأقرب للكلية شمال القدس) وممرض ومرشد مقيم لتوعية وإرشاد الطلبة.
وتضم الكلية قسم توجيه وإرشاد مهني لمساعدة الطلبة في مجالي التدريب والانخراط في سوق العمل، ويتراوح عدد خريجيها السنوي بين 250 و300 خريج في كافة التخصصات.
ويعد المركز واحدا من 8 مراكز للتدريب التقني والمهني تتبع للأونروا، وتعمل على تسليح لاجئي فلسطين الشباب بالمهارات والخبرات المناسبة لأسواق العمل في الشرق الأوسط، وفقا لتوضيح الوكالة.
وادّعت بلدية الاحتلال في القدس قبل نحو عام أن هناك وثائق رسمية تثبت أن الأونروا استأجرت الأرض، وقالت إنها بحاجة لهدم جزء من المبنى لتوسعة الطريق بسبب كثافة البناء في المنطقة.
تجاهلت الوكالة هذا الادعاء ورفضته، ودعت الفلسطينيين إلى تسجيل أبنائهم في الكلية بشكل اعتيادي، وفقا لما قاله المصدر المطلع في الأونروا للجزيرة نت.
محاولات إسرائيلية للاستيلاء على أراضي كلية تدريب قلنديا التابعة للأونروا (الجزيرة) حملة مختلفةلكن الرياح لا تزال تجري بما لا تشتهيه سفن الوكالة الدولية التي تواجه محاولات لتصفيتها وإنهاء وجودها.
وفي تعقيبه على ذلك، قال مدير مركز "بديل لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين" نضال العزة للجزيرة نت إن الحملات الإسرائيلية التي تستهدف الأونروا ليست جديدة، لكنها مرتبطة هذه المرة بمشروع سياسي أصبح أكثر وضوحا.
وأوضح العزة أن "الحملات السابقة كانت تستهدف الأونروا على اعتبار أنه إذا أنهي عملها فسيتم إنهاء ملف اللاجئين، لذلك كان الحديث يدور حينها عن عدم كفاءتها أو فسادها أو محاولة نقل المسؤوليات إلى الدول المضيفة أو مؤسسات دولية أخرى أكثر شفافية".
أما الآن -يقول العزة- "فتلصق إسرائيل بالوكالة وببعض موظفيها تهمة الإرهاب لتسويق السلطة المراد إنشاؤها في غزة في اليوم التالي للحرب".
وأشار مدير مركز "بديل" إلى أنه في الحروب السابقة كان يتم اللجوء دائما إلى المؤسسات الدولية وبشكل أساسي للأونروا للإشراف على مشاريع إعادة إعمار قطاع غزة بعد الحرب، وكانت الوكالة جزءا من التخطيط لإعادة الإعمار واستقبال الأموال وتوزيعها والإشراف على ذلك.
أما الآن فبات واضحا -وفقا للعزة- أن المقصود هو إقصاء الأونروا، ودفع الناس للتعامل مع السلطة المراد إنشاؤها في غزة ولو كانت سلطة حكم عسكري، لأنهم سيحتاجون في نهاية المطاف إلى المأوى والصحة والتعليم وسيجبرون على التعامل مع السلطة الجديدة.
أثر إستراتيجي
لا يمكن الحديث عن محاولات تصفية وكالة غوث اللاجئين دون العودة إلى أواخر عام 2017 عندما اعترف الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل وقراره نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى العاصمة المحتلة، حسب نضال العزة.
وقال إنه كان لا بد من التخلص من المسؤولية الدولية في ما يتعلق بشرقي القدس حينها، وكان الإعلام الإسرائيلي شريكا أساسيا مع السياسيين الإسرائيليين وإدارة ترامب في التسويق لفكرة الاعتراف بالقدس بشطريها "عاصمة موحدة لإسرائيل".
وترافق ذلك مع حملة على الأونروا طالب خلالها أعضاء كنيست ووزراء بإغلاق مقراتها في القدس بادعاء أنه لا يجوز أن تكون فيها مؤسسات دولية تتعامل مع المدينة باعتبارها جزءا من أراض فلسطينية محتلة.
وعند سؤاله: ماذا يعني أن يستفيق المقدسيون يوما دون وجود الأونروا ومؤسساتها التعليمية والصحية؟ أجاب العزة أنه بالإضافة إلى الأثر الإنساني المباشر على الناس من خلال إغلاق المؤسسات التي تقدم الخدمات بشكل مباشر لهم فإن هناك أثرا سياسيا إستراتيجيا يتمثل في نزع المسؤولية الدولية عن السكان الفلسطينيين داخل القدس وتركهم للسيادة الإسرائيلية بشكل كامل.
وتقدم الوكالة خدماتها لـ110 آلاف لاجئ فلسطيني في القدس، سواء أولئك الذين يعيشون في مخيمي شعفاط وقلنديا الواقعين داخل حدود البلدية أو الذين يعيشون في أحياء المدينة المختلفة ويعتمدون على الخدمات الصحية والتعليمية التي تقدمها الوكالة منذ عام 1950 ضمن الولاية الممنوحة لها من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی القدس
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تتعمد سلب الفلسطينيين أساسيات الحياة وتستهدف مؤسسات الإغاثة الدولية
◄ تعمد تعطيل أعمال المؤسسات الأممية ضمن سياسة الحصار والتجويع
◄ استهداف المئات من موظفي "الأونروا"
◄ اتهام أمين عام الأمم المتحدة بـ"معاداة السامية"
◄ تهديد مقررة الأمم المتحدة بسبب وصف ما يحدث بـ"الإبادة الجماعية"
◄ مسؤولون أوروبيون يدعون لوقف إطلاق النَّار وتكثيف إدخال المساعدات
الرؤية- غرفة الأخبار
تتعمد إسرائيل استهداف المنظمات والمؤسسات الدولية والأممية في قطاع غزة، ضمن سياستها في إحكام الحصار على القطاع وزيادة حدة الكارثة الإنسانية وتجويع السكان وخاصة في مناطق الشمال لإجبارهم على النزوح إلى الجنوب.
ووصف مسؤولون أوروبيون بارزون الوضع في قطاع غزة بـ"الكارثي"، ودعوا إلى وقف إطلاق نار فوري في القطاع وتكثيف إدخال المساعدات الإنسانية، وسط خلاف بشأن مقترح لتعليق الحوار السياسي مع إسرائيل.
وذكرت لجنة الأمم المتحدة الخاصة للتحقيق في الممارسات الإسرائيلية، أن "حرب إسرائيل في غزة تتوافق مع خصائص الإبادة الجماعية مع سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى، والظروف المهددة للحياة المفروضة عمدا على الفلسطينيين هناك".
وفي تقرير لها قالت اللجنة: "منذ بداية الحرب، دعم مسؤولون إسرائيليون علناً سياسات تسلب الفلسطينيين الضروريات الأساسية لاستمرار الحياة من الغذاء والماء والوقود".
وأضافت اللجنة: "عبر حصارها لغزة وعرقلتها للمساعدات الإنسانية مع هجمات مستهدفة وقتل للمدنيين وعمال الإغاثة، وعلى الرغم من مناشدات الأمم المتحدة المتكررة والأوامر المُلزمة من مـحكمة العدل الدولية وقرارات مجلس الأمن، تتسبب إسرائيل عمدا في القتل والتجويع والإصابات الشديدة وتستخدم التجويع كأداة للحرب وتُوقع عقابا جماعيا على السكان الفلسطينيين".
وتتضمن السياسة الإسرائيلية الإجرامية في هذا الإطار تعطيل عمل المنظمات الأممية والنيل من مسؤوليها، حيث شن سياسيون إسرائيليون هجمات لفظية على موظفي الأمم المتحدة العاملين في المنطقة، فضلا عن الاعتداءات التي أدت لمقتل العديد من الموظفين الأمميين.
ونتيجة لهذا الاستهداف، فقد المئات من موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) أرواحهم في الهجمات الإسرائيلية على غزة، كما قصفت إسرائيل مباني الوكالة ومراكز التعليم والمخيمات التابعة لها بالقطاع.
ومنعت السلطات الإسرائيلية العديد من بعثات الأونروا في المنطقة، زاعمة أن الأونروا "باتت امتدادا لحماس" و"منظمة تعمل ضد إسرائيل".
وذهب التطرف بالمسؤولين الإسرائيليين إلى درجة اتهام الأمم المتحدة بـ"معاداة السامية"، حينما استهدفوا شخص الأمين العام أنطونيو غوتيريش قائلين إن المنظمة الأممية "تحولت إلى هيكل معاد لإسرائيل ومعاد للسامية" تحت قيادته، على حد زعمهم.
كما لم يسلم مقررو الأمم المتحدة من الاستهداف الإسرائيلي، إذ أعلنت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، أنها تلقت تهديدات بعدما نشرت تقريرا حمل اسم "تشريح الإبادة الجماعية" ذكرت فيه أن ثمة أسبابا مبررة للاعتقاد بأن إسرائيل تجاوزت عتبة ارتكاب "إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين في غزة.
ومنعت حكومة تل أبيب، ألبانيز من دخول إسرائيل، وألغت تأشيرة دخول منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في فلسطين لين هاستينغز، فيما صدق الكنيست الإسرائيلي (البرلمان) على مشروع قانون يدعو إلى إنهاء أنشطة الأونروا.
بدوره، أعلن المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، السويسري فيليب لازاريني، الإثنين، أنه لا يوجد بديل لوجود "الأونروا" في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في حين قررت إسرائيل حظر أنشطتها.
وقال لازاريني، خلال مؤتمر صحافي في جنيف، إنه "لا توجد خطة بديلة داخل الأمم المتحدة؛ لأنه لا توجد وكالة أخرى قادرة على تقديم الأنشطة نفسها"، وفق "وكالة الصحافة الفرنسية".
وفي وقت سابق، دعا لازاريني العالم إلى إنقاذ الوكالة من حظر إسرائيلي قد يكون له "عواقب كارثية" على ملايين الأشخاص العالقين في الحرب في غزة.