لماذا تدفع الإمارات نحو تفجير الوضع في محافظة حضرموت اليمنية؟
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
يمن مونيتور/تقرير خاص
باتت محافظة حضرموت، تحت تهديد نيران الإمارات التي تسعى بواسطة المجلس الانتقالي المطالب بالانفصال، إلى تفجير الصراع في المحافظة خاصة بعد دعم السعودية تشكيل مجلس حضرموت الوطني المنافس للمجلس الانتقالي، والدفع بقوات درع الوطن إلى عاصمة المحافظة “المكلا، لسحب السيطرة الأمنية من قوات النخبة الحضرمية الموالية للإمارات المتواجدة على طول ساحل حضرموت.
ففي ظل مساعي الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيا، لإرساء مشروعه الانفصالي، دعا رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، إلى تعميم ما أسماها تجربة النخبة الحضرمية، وتوسيعها لتشمل مدن وصحراء حضرموت، ومحافظة المهرة، وذلك خلال كلمة وجهها للمتظاهرين السبت.
وفي منتصف الشهر الماضي كانت قوة من درع الوطن، التابعة لرئيس مجلس القيادة الرئاسي في طريقها من وادي حضرموت إلى معسكر قريب من مدينة المكلا مركز المحافظة، إلا أن قوة النخبة الحضرمية، القريبة من المجلس الانتقالي، منعتها من الوصول.
من جهته، اقترح عضو المجلس الرئاسي، فرج البحسني، إحلال قوات” درع الوطن “، محل القوات الموجودة في وادي حضرموت، في إشارة إلى قوات المنطقة العسكرية الأولى، التي يطالب الانتقالي بإخراجها.
ولم يستطع الانتقالي التوغل بالقدر الكافي في حضرموت، رغم حملات الشيطنة التي مولها ودفع بها، ضد القوات الحكومية، معتبرا أنها لا زالت تحت سيطرة قوات تابعة للجيش اليمني، الذي يرى بأنه جزء من الدولة اليمنية التي يناهضها، ويرغب بالانفصال عنها، ويعود ذلك لوقوف السعودية كطرف رئيسي أمام كل محاولاته التمدد نحو حضرموت.
حضرموت ضد الصراع
ويقول رئيس الدائرة الإعلامية لمؤتمر حضرموت الجامع، صلاح بو عابس: “نحن، في مؤتمر حضرموت الجامع، سبق وأن أكدنا أننا مع أمن حضرموت واستقرارها، وبُعدها عن الصراع”.
وأضاف: “نحن أكدنا مراراً وتكراراً أن حضرموت بعيدة عن دوائر الصراع والتوترات، التي تحصل في اليمن، وظلت حضرموت آمنة مستقرة بأبنائها، وأكدنا على تمكين أبناء حضرموت لإدارة شؤونهم الأمنية والعسكرية، وعدم تدخل الأطراف المتنازعة في هذا الجانب، وأثبت أبناء حضرموت قدرتهم على حفظ أمنها واستقرارها”.
وتابع: “يبدو أن بعض الأطراف لا تحب هذا الجانب، ويزجون بأفراد من خارج حضرموت، ونحن نؤكد أن أبناء حضرموت كما هم جديرون بأمنهم واستقرارهم، فهم أحرص على أن تظل المحافظة آمنة مستقرة”.
وأردف: “نحن لا يعنينا أي تصريحات من آخرين في هذا الجانب، ويعنينا ما نقوله عبر مطروح حضرموت الجامع، الذي يلتف كل أبناء حضرموت على مخرجاته، ومتوافقين حولها، ونحن مع أن يكون أبناء حضرموت يبحثون عن أمنهم بأنفسهم، ومع تجنيد أعداد كبيرة من أبناء حضرموت؛ لتمكينهم من تعزيز أمنهم، واستقرارهم”.
السعودية توقف تمدد الانتقالي إلى حضرموت
بعد مواصلة الانتقالي والإمارات التمدد إلى حضرموت، دفعت الرياض إلى الوقوف في وجه مشروع الانتقالي واستقطاب المكونات الجنوبية في حضرموت، فهي تملك النفوذ الأكبر في حضرموت والمحافظات الأخرى، لأن حضرموت تعد العمق الأكبر لليمن لمساحتها الواسعة، حيث تشكل ثلث مساحة البلاد، وأيضا تملك حدودا واسعة مع المملكة العربية السعودية من جهة، وتطل على ساحل البحر العربي من جهة أخرى، فضلا عن كونها المحافظة النفطية الأهم في اليمن.
يصرح الأكاديمي مختار الشماخ ل “يمن مونيتور”، قائلا: إن السعودية تريد الحفاظ على مصالحها، فاقتراب ميليشيات تتبع دولة أخرى حتى إن كانت حليفتها يقلقها، فضل عن الخيانات التي ارتكبتها الإمارات بحق السعودية وتوريطها في العديد من الملفات، وعندما نتحدث عن الانتقالي فنحن نتحدث عن الإمارات، ولذلك أعتقد أن اللاعب الأقوى في حضرموت واليمن بشكل عام هو السعودية، لأسباب سياسية واقتصادية وعسكرية وجغرافية وغيرها، فالسعودية جارة اليمن، أما الإمارات فلديها مرتزقة فقط اشترتهم بالمال، لتحقيق أطماعها في اليمن”.
ويضيف: “أن الوجود السعودي عبر قوات درع الوطن في حضرموت يأتي في إطار الرد على خطوات الإمارات للاقتراب من الجدار الحدودي من السعودية، وما يحمله من أطماع على بحر العرب”.
وأردف: “تواجد أدوات الإمارات في حضرموت، يهدف إلى إزعاج السعودية لأن ليس هناك مبرر لوجود الإمارات بشكل مباشر أو عبر الوكلاء في هذه المناطق، لأن وجود ذراع لأبو ظبي في كل الأحوال يمس الأمن القومي السعودي”.
حضرموت بين قوات درع الوطن والنخبة
تريد الإمارات السير بالوضع الحالي في حضرموت إلى وضع الصراع مع القوات الحكومية، حتى تمكن أدواتها السيطرة على المحافظة الغنية بالنفط، ودخل الوضع الحالي في حضرموت مرحلة متفجرة، منذر بصراع مسلح، قد يخرج للعلن، ما لم تسارع الأطراف المعنية محليا وخارجيا في احتوائه.
بدأ هذا الصراع بمحاولة قوات درع الوطن، الوصول إلى مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت، ولكن قوات النخبة الحضرمية الموالية لدولة الإمارات، والمقربة من المجلس الانتقالي منعتها، وأعاقت وصولها.
وتشكلت النخبة الحضرمية بدعم إماراتي وسعودي عام 2016، وتنتشر في المنطقة العسكرية الثانية على ساحل حضرموت، وسيطرت على مدينة المكلا عام 2016 عقب انسحاب تنظيم“ القاعدة ”منها، ورغم إعلان ولائها للحكومة الشرعية عند تشكيلها، لكنها اليوم باتت تحت قيادة المجلس الانتقالي والإمارات.
أما قوات درع الوطن فتشكلت في التاسع والعشرين من يناير 2023م، بقرار من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي حمل الرقم (18) لسنة 2023م، وتتبعه بشكل مباشر، وهو من يحدد عددها، ومهامها، ومسرح عملياتها، بأوامر مباشرة منه، كجزء من القوات المسلحة اليمنية.
ويخشى الانتقالي من إنشاء قوات جنوبية حضرمية لا تدين له، ويتخوف الانتقالي من المساعي السعودية لتكريس فكرة اليمن الموحد الذي قد يلتهم مشروع الانفصال من جهة، ويضع حدا لمشاريع الإمارات التوسعية من جهة أخرى، فالسعودية ضمت في المجلس الوطني الحضرمي المكونات المناوئة للانتقالي وتعمل على دعمه، ودعمت قوات درع الوطن حسب حديث الباحث السياسي خالد السعدي.
وفي تصريح السعدي لموقع “يمن مونيتور”، يتساءل عن تخوف الانتقالي من قوات درع الوطن ويقول “لا أدري ماذا أراد الانتقالي من الدعوة إلى الاحتشاد، يوم السبت الماضي في المكلا، ماذا تستفيد النخبة الحضرمية من التظاهر بالزي المدني؟”.
وأضاف: “ما الذي يضير الانتقالي؟ وكأن هذه شر عليهم، النخبة الحضرمية هي للمهام الأمنية، ودرع الوطن للمهام العسكرية، في مجالات الحدود، وفي البحار، هذه قوة أكثر فاعلية، لماذا يخافون؟”.
ويتابع: “إن قوات درع الوطن” انتقلت من سيئون، أو قرر لها موقع آخر في ساحل حضرموت، وهي جزء من هذه البلاد الكبيرة، ما الضرر من ذلك؟ ولماذا استعطاف الناس؟ “.
وأردف:” درع الوطن من أبناء حضرموت؛ أنشئت بقرار رسمي من الرئيس رشاد العليمي، كما أنشئت النخبة بقرار رسمي، من الرئيس عبد ربه منصور هادي، ماذا يضيرهم في هذا الأمر؟ “.
وزاد:” لذلك يخشى الانتقالي من إنشاء قوات جنوبية حضرمية أخرى منافسة للنخبة في صلاحياتها الأمنية تحت قيادة الحكومة الشرعية، فذلك بلا شك سيؤثر على أجندة الانتقالي الانفصالية، وسيؤدي إلى إنهاء سيطرته على ساحل حضرموت، فالخطوات السعودية في تشكيل مجلس حضرموت اعتبرها الانتقالي تماديا في خدمة أجندة القوى اليمنية الرافضة لتقسيم اليمن “.
وبدورها تسير الإمارات نحو تحقيق حلمها في توسيع دائرة نفوذها الإقليمي عبر إحكام السيطرة على المنافذ البحرية الواقعة على الخليج العربي وخليج عدن وما يوازيها على الجانب المقابل لدى دول القرن الإفريقي بخطوات متسارعة دون اعتبار لما يمكن أن يتمخض عن هذه التحركات من أزمات قد تهدد علاقاتها بجيرانها.
فالتحركات الإماراتية المشبوهة في محافظة حضرموت الحدودية لسعودية والمستقرة منذ اندلاع الأزمة اليمنية أثار حفيظة الرياض بصورة كبيرة ما دفعها للتفكير في اتخاذ بعض التدابير لكبح جماح أبو ظبي والحيلولة دون فتح نافذة لها تسهل طريقهم لتوسع شرق اليمن.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: اليمن المجلس الانتقالی النخبة الحضرمیة قوات درع الوطن محافظة حضرموت أبناء حضرموت الانتقالی من ساحل حضرموت فی حضرموت من جهة
إقرأ أيضاً:
لماذا تركيا حذرة من اتفاق الشرع مع قسَد؟
أتى الاتفاق المبرم بين أحمد الشرع الرئيس السوري في الفترة الانتقالية، ومظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية في توقيت إيجابي بالنسبة لأنقرة، لا سيما بعد نداء عبدالله أوجلان لحل حزب العمال الكردستاني، ولذلك فقد رحّبت به، وإن كان ترحيبها مشوبًا بالحذر والترقّب.
أولويات أنقرةلسنوات عديدة، كانت أولويات أنقرة في القضية السوريّة تتلخص في منع قيام كيان سياسيّ في الشمال السوري ترأسه منظمات على ارتباط عضويّ بحزب العمال الكردستاني، وعودة الجزء الأكبر من السوريين المقيمين على الأراضي التركية لسوريا.
ولئن أتاحت عملية ردع العدوان وسقوط النظام السوري المجال أمام بدء عودة السوريين، فإنها لم تقضِ تمامًا على فكرة الكيان السياسي "الكردي" في الشمال، وإن أضعفت حظوظها بشكل كبير.
سريعًا، أعلنت تركيا خطوطها الحمراء وأولوياتها في "سوريا الجديدة" التي دعمتها بشكل كامل، مؤكدة على وحدة الأراضي السورية، وأهمية الاستقرار، ورفض حلول التجزئة والتقسيم والفدرالية.
بخصوص قوات سوريا الديمقراطية (قسَد)، التي تراها أنقرة امتدادًا سوريًا للكردستاني، فقد بلورت التصريحات الرسميّة التركية للتعامل معها ثلاثة سيناريوهات مرتبة حسب الأولوية:
إعلانالخيار الأول يتمثل بإنهاء الدولة السورية حالةَ قسد شمال شرق الفرات بالقوة. وإلا فيمكن لحوار سوري – سوري وعبر الضغط السياسي أن يتم حل قسد ودمج قواتها بالجيش بما ينهي بنيتها العسكرية والسياسية المستقلة. وإلا، فإن الخيار الثالث الذي تلوّح به أنقرة منذ مدة، والذي ترى أنه سيكون حينها حتميًا، تدخلُها هي عسكريًا وبشكل مباشر ضد قسد.
ولا شك أن أنقرة تفضل الخيارات التي تتضمن حل قسد بالكامل وإنهاء سيطرتها العسكرية والأمنية في الجزيرة السورية، ولكن أي حل سوري – سوري قد يكون مقبولًا من طرفها، كحل نهائي أو حتى مرحلي، على ما ورد في تصريحات أكثر من مسؤول تركي.
بيدَ أن الحل العسكري المباشر وبقوات تركية بقي خيارًا ممكنًا دائمًا بالنسبة لأنقرة، فقد لوّحت به مرارًا خلال حكم نظام الأسد كمحطة إضافية ضمن سلسلة عملياتها في شمال سوريا.
كما أنّ قوات "الجيش الوطني السوري" المقربة منها كانت أخرجت قسَد من بعض المناطق خلال عملية ردع العدوان. فضلًا عن دخول قوات تركية للشمال السوري خلال أزمة الساحل الأسبوع الفائت في رسالة واضحة تؤكد جدية أنقرة بقطع الطريق أمام استغلال التطورات المتسارعة بأي اتجاه.
الموقفأتى الاتفاق في سياقات محلية وإقليمية ودولية مهمة بالنسبة لأنقرة، أهمها نداء الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان لحل الحزب، والذي أحال على مسار سياسي داخلي للمسألة الكردية في تركيا. ورغم أن مظلوم عبدي كان قد قال إن نداء أوجلان يخص حزب العمال في تركيا ولا علاقة له بقسد، فإنه لا يمكن فصل التطورَيْن المهمَّيْن عن بعضهما البعض بحال من الأحوال.
الموقف التركي الرسمي من الاتفاق عبر عنه بشكل تفصيلي وزير الخارجية هاكان فيدان في حوار تلفزيوني بعد عودته من زيارة أخيرة لدمشق ولقائه مع الشرع والقيادات السورية رفقة وزير الدفاع يشار غولار ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن. حيث قال فيدان إنه لا يرى أن القيادة السورية الجديدة ستتنازل بخصوص مسألة الحكم الذاتي أو الإدارة الذاتية، مؤكدًا أن بلاده قدمت رأيها لها، وشرحت خلال الزيارة الأخيرة "مصالحنا الحيوية وفي مقدمتها المسائل المرتبطة بالأمن"، وأن الجانبين "لديهما الموقف ذاته" من المسألة عمومًا.
إعلانورغم إشادته بالاتفاق الموقع بين الرئاسة وقيادة قسد، فإن وزير الخارجية التركي حذّر من إمكانية وجود "مشاكل أو ألغام مستقبلية" في طريق الحل، مؤكدًا على أن بلاده ستبقى دائمًا تتابع التطورات من كثب ولا سيما ما يتعلق بأمنها القومي. بل كان الوزير حريصًا على إبقاء الخيار العسكري على الطاولة، حين أشار إلى أن بقاء أي سلاح في نهاية المطاف خارج إطار الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية واستخدامه خارج إطار القانون ولتكريس الاحتلال، قد يجعل الصدام العسكري حتميًا.
تفاؤل حذركما كان متوقعًا، رحّبت أنقرة بالاتفاق الذي يحقق مكاسب كبيرة لسوريا ولها، فهو يثبت وحدة أراضي سوريا ومؤسساتها الأمنية والعسكرية، ويستبعد سيناريو التقسيم، ويتحدث عن دمج قسد في مؤسسات الدولة السورية، وعن الحقوق المتساوية لكل السوريين ومنهم الأكراد.
كما أن الاتفاق أتى بعد نداء أوجلان ويبدو متأثرًا جزئيًا به، ما يمكن أن يجعله عاملًا إضافيًا مساهمًا في الحل السياسي – السلمي الداخلي للمسألة الكردية.
كما أن الإشارات الأميركية المتكرّرة إلى رغبة ترامب بسحب قوات بلاده من سوريا، ستتعزز أكثر بعد الاتفاق بقدر ما كانت أحد أهم دوافعه، وفق أنقرة.
وأخيرًا، فإن توقيع الاتفاق مباشرة بعد انتهاء أزمة الاعتداء على قوات الأمن في الساحل السوري وما تلاها من تطورات يدفع أنقرة للتفاؤل من زاوية أنه نابع من قناعة بعدم صوابية ونفع الحلول الخشنة، وبالتالي ضرورة الانخراط في مؤسسات الدولة لا معاداتها.
لكن الترحيب التركي بالاتفاق يبدو مشوبًا بحذر شديد. فمن جهة لم يشمل الاتفاق تطبيقًا مباشرًا وتحديدًا لجهة دمج قوات قسد في مؤسسات الدولة، وإنما تحدث عن مدة زمنية تمتد حتى نهاية العام، وهي مدة طويلة نسبيًا يمكن أن تحصل فيها تطورات تؤدي لتغير المواقف كما حصل سابقًا في بعض المحطات.
إعلانولا شك أن تركيا تنظر بريبة لتوجهات قيادة قسد ولا تثق فيها، وخصوصًا ما يرتبط بالعلاقات مع "إسرائيل" والرغبة في التعاون وتلقي الدعم منها، كما جاء على لسان عبدي نفسه، فضلًا عن احتمال تغير التوجهات الأميركية تجاه سوريا.
ومن جهة ثانية، لم يحدد الاتفاق في بنده الرابع والأهم آلية هذا الدمج، هل سيكون للمقاتلين كأفراد أم ستحافظ قسد على كيانها ضمن مؤسسات الدولة، ولا تناولَ موضوع المركزية. وهذا أمر محوري وليس هامشيًا ولعله الأهم بالنسبة لأنقرة، والمقصود بـ "الألغام المستقبلية" في حديث فيدان. إذ ترى تركيا أن الاطمئنان الكامل لا يأتي إلا بحل قسد نهائيًا كمشروع سياسي وعسكري، وإبعاد الشخصيات غير السورية، واعتماد الحلول المحلية حصرًا، وبقاء قسد ككيان قائم – حتى بعد الدمج – يبقي الباب مواربًا على النكوص.
وهناك مصدر توجّس آخر بالنسبة لأنقرة، وهو احتمال أن يكون نداء أوجلان بالأساس مصممًا لحماية قسد والحفاظ عليها ككيان ومشروع، بسحب الذريعة من تركيا التي تأخذ على قسد علاقتها العضوية بحزب العمال، وبالتالي يكون حله مفتاحًا للضغط عليها لعدم استهداف قسد.
ومما يعزز هذه الهواجس بعض التسريبات التي تحدثت عن تمسك قسد بالسيطرة على "سجون تنظيم الدولة ومخيمات عوائله"، وقيادة العمليات الأمنية ضد الأخير، وهو منطلق المشروعية الرئيس بالنسبة لقسد من زاوية نظر أميركية.
ولذلك، تشدد أنقرة على أن الدولة السورية هي الوحيدة المنوط بها الإمساك بكل الملفات الأمنية الأساسية، وفي مقدمتها ما يتعلق بتنظيم الدولة، وسحب هذه الورقة من يد قسد.
كما أنها تسعى في مسار موازٍ لتشكيل إطار إقليمي لمكافحة التنظيم يعمل على سد الفراغ الذي سيتركه الانسحاب الأميركي (وربما يقنع ترامب بالانسحاب ابتداءً)، وهو الأمر الذي ناقشه اجتماع دول جوار سوريا في عمّان مؤخرًا.
إعلانفي الخلاصة، رحبت أنقرة بالاتفاق الذي يفترض أن يكون مفتاحًا لتوحيد سوريا ورفض سيناريوهات التقسيم، ويدشن مسارًا لحل قسد في نهاية المطاف، لكن تخوفاتها ما تزال قائمة وخصوصًا ما يتعلق بعملية دمجها في مؤسسات الدولة.
وعليه فهي تتابع من قرب كل التطورات، ومن جهة ثانية تدعم القيادة السورية الجديدة في مسعاها، ومن جهة ثالثة تعمل على مبادرات إقليمية تسحب البساط من تحت قدمَي قسد، فضلًا عن أنها تؤكد إبقاء يدها على الزناد إذا ما تطلب الأمر ذلك في نهاية المطاف، وفشلت كل الخيارات سالفة الذكر.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline