كابل- أصدرت وزارة الخارجية الأميركية الإستراتيجية الجديدة بشأن التعامل مع الحكومة الأفغانية التي شكلتها حركة طالبان عام 2021 بعد انسحاب القوات الأميركية من البلاد. ورسمت فيها خطوطا عريضة بشأن موقف واشنطن إزاء التطورات الأخيرة التي شهدتها المنطقة وأفغانستان.

وتُحدد الإستراتيجية 4 مجالات مهمة وهي:

مكافحة "الإرهاب".

والمساعدة الاقتصادية. والخدمات القنصلية للمواطنين الأميركيين داخل أفغانستان. ومساعدة الأفغان الذين يرغبون في الهجرة إلى الولايات المتحدة. وتؤكد الإستراتيجية أيضا أن واشنطن "ستواصل الدفاع عن الحقوق الأساسية للشعب الأفغاني، وخاصة النساء والفتيات".

وتعليقا عليها، يقول الكاتب والباحث السياسي حكمت جليل، للجزيرة نت "من وجهة نظر لوجستية، سيكون من الأسهل على الولايات المتحدة مساعدة الأفغان الذين يبحثون عن لجوء فيها".

ويوضح أن "هناك 80 ألف أفغاني يرغبون في اللجوء إلى الولايات المتحدة لأنهم عملوا خلال عقدين ماضيين مع القوات الأميركية، ويعانون من الإجراءات البطيئة بشأن طلباتهم، وستؤثر عودة القنصلية الأميركية إلى كابل على وضعهم، إضافة إلى مراقبة الوضع الأمني والسياسي في أفغانستان عن كثب".

السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء وسط العاصمة الأفغانية كابل (الجزيرة) تأثير

مع سقوط النظام الجمهوري أو الحكومة الأفغانية السابقة في أغسطس/آب 2021، أغلقت الولايات المتحدة سفارتها في كابل، مما مثّل نهاية رمزية لعقدين من المشاركة العسكرية والسياسية مع أفغانستان.

في السياق، يقول الباحث في العلاقات الدولية عبد الكبير نوري، للجزيرة نت، إن هناك تيارا في واشنطن يعتقد أن الخارجية والمخابرات الأميركيتين تستطيعان الدفاع عن المصالح الأميركية في أفغانستان دون أن يكون هناك وجود عسكري على الأرض، "لذا تفكر واشنطن في عودة القنصلية إلى كابل".

ويرى خبراء الشأن الأفغاني أن الإستراتيجية الجديدة تتمحور حول المصالح الأميركية في أفغانستان، وأن هناك نقاطا تصب في مصلحة الحكومة الأفغانية الحالية، وهي أن الولايات المتحدة لا تريد تغيير النظام عبر استخدام القوة، وإنما تشدد على الحل السلمي وتطبيق اتفاق الدوحة بين واشنطن وحركة طالبان كاملا حتى يتمكن الأفغان من لم الشمل.

يرى مصدر في مكتب نائب رئيس الوزراء الأفغاني للشؤون السياسية أن النقطة المهمة والإيجابية في الإستراتيجية الأميركية الجديدة أن الولايات المتحدة لا تدعم أية معارضة مسلحة في أفغانستان.

ويقول المصدر للجزيرة نت إنها فرصة كبيرة للحكومة الحالية وعليها استغلالها لتتمكن من بناء الثقة مع المجتمع الدولي، وما دامت واشنطن تنظر إلى الملف الأفغاني بهذه النظرة، "لن تتجرأ أطراف أخرى على تمويل ودعم الجبهات التي شُكلت خارج البلاد لنشر الفوضى في أفغانستان".

أهداف

تنظر هذه الإستراتيجية إلى تنظيم الدولة فرع خراسان على أنه تهديد لقدرة حركة طالبان على توفير الأمن والاستقرار في أفغانستان والمنطقة بأسرها، وتتهم كلا من الصين وروسيا وإيران بمحاولة تحقيق مكاسب إستراتيجية واقتصادية من الانسحاب الأميركي من أفغانستان، أو -على الأقل- وضع واشنطن في وضع غير مؤاتٍ فيها.

ويرى مراقبون أن واشنطن كانت تنتظر من حركة طالبان تغيير سلوكها وتعاملها مع الشعب الأفغاني وقبول التيارات السياسية السابقة، ثم تتعامل مع نظام اعترف به المجتمع الدولي.

يقول مدير معهد الدراسات الإستراتيجية والسياسية عزيز بارز للجزيرة نت "للإعلان عن الإستراتيجية الجديدة علاقة مباشرة مع استقبال الرئيس الصيني شي جين السفير الأفغاني الجديد والاعتراف بالحكومة التي تتزعمها طالبان، والهدف من العودة إلى كابل هو متابعة الأهداف الأمنية والوقوف أمام نفوذ دول الجوار والضغط على طالبان".

وتشير الخطوة الأميركية إلى تحول كبير في سياسة الولايات المتحدة تجاه أفغانستان والمنطقة، وتبحث عن آلية للتعامل مع حركة طالبان دون الاعتراف بالحكومة الأفغانية بزعامة الحركة. وتسعى واشنطن إلى تحقيق أهداف أمنية وسياسية واقتصادية متعددة.

في السياق، يقول المستشار السابق للقوات الأميركية في أفغانستان واحد فقيري، للجزيرة نت، إن الوثيقة الجديدة كشفت أن واشنطن تدرس فتح قنصليتها في كابل دون الاعتراف بالحكومة الأفغانية.

واستبعد تنفيذ الإستراتيجية الجديدة قبيل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لأن الرئيس جو بايدن لن يجرؤ على فتح القنصلية في هذا التوقيت الحرج، لأن الكونغرس يحقق في مسألة الانسحاب الأميركي من أفغانستان وتأثيره على مكانة بلاده في المنطقة، حسب رأيه.

صفحة جديدة

اشترطت واشنطن، أثناء المفاوضات مع حركة طالبان في الدوحة، إبقاء السفارة الأميركية في كابل شريطة موافقة حركة طالبان على إبقاء ما بين 1200 و1800 جندي أميركي لتأمين البعثة الدبلوماسية الأميركية في أفغانستان، ولكن الحركة رفضت هذا الطلب.

يُعلق المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد ويقول للجزيرة نت "نريد التعامل مع المجتمع الدولي، وفي حال عودة الولايات المتحدة إلى أفغانستان سنوفر الأمن والحماية اللازمة لبعثتها ونريد أن نفتح معها صفحة جديدة، ويعمل عدد كبير من السفارات والقنصليات في أجواء آمنة ولا يوجد ما يقلق السلك الدبلوماسي الأجنبي في البلاد".

ووفق "مؤشر الإرهاب العالمي" لسنة 2023 الصادر عن "معهد الاقتصاد والسلام"، تراجعت نسبة العنف المرتبط بـ"الإرهاب" في أفغانستان بنسبة 75% خلال العامين الماضيين، إلا أن الخبراء الأمنيين يقولون إن الولايات المتحدة لن تغامر بالعودة إلى أفغانستان.

ويرى وكيل وزارة المصالحة السابق عبد الله خنجاني، في حديثه للجزيرة نت، أنه سيكون من الصعب على واشنطن إرسال سفيرها أو بعثتها الدبلوماسية إلى كابل، لأنها لا تريد تكرار مأساة مقتل سفيرها في بنغازي على يد حركات مسلحة، وأن المشكلة تكمن في كيفية تحديد العلاقة مع حركة طالبان وتنفيذ اتفاق الدوحة "السبيل الوحيد لحل الأزمة في أفغانستان".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الإستراتیجیة الجدیدة الحکومة الأفغانیة الولایات المتحدة حرکة طالبان للجزیرة نت إلى کابل

إقرأ أيضاً:

السفيرة الأميركية في العراق: هل تسعى واشنطن حقًا لخفض التصعيد؟

نوفمبر 26, 2024آخر تحديث: نوفمبر 26, 2024

المستقلة/- في تصريحات أثارت تساؤلات عدة، أكدت السفيرة الأميركية في العراق، ألينا رومانوسكي، دعمها لتوجهات الحكومة العراقية بقيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في الابتعاد عن الحرب والصراع الدائر في المنطقة، مشيرة إلى أن الإدارة الأميركية اتخذت “مواقف بناءة” في خفض التصعيد. ومع إعلانها أن واشنطن ملتزمة بتنفيذ الاتفاقيات الثنائية مع بغداد، وتحديدًا فيما يتعلق بإنهاء المهام القتالية للتحالف الدولي ضد “داعش” في العراق، تظل هذه التصريحات مفتوحة على العديد من التساؤلات حول الدور الأميركي في المنطقة وأهدافها المستقبلية.

هل فعلاً الولايات المتحدة ملتزمة بعدم إشعال الصراعات؟

السفيرة رومانوسكي شددت على أن واشنطن ملتزمة بعدم انجرار العراق إلى دائرة الصراع الإقليمي، لكن هل يتوافق هذا مع واقع السياسة الأميركية في الشرق الأوسط؟ فبينما تدعو واشنطن لخفض التصعيد، تواصل بعض أذرعها العسكرية والاقتصادية التفاعل مع الأزمات القائمة في المنطقة. فالتواجد الأميركي العسكري في العراق، على الرغم من الحديث عن “الانتقال إلى المهام الأمنية”، يظل حجر الزاوية في سياسة واشنطن تجاه العراق والمنطقة، ويثير تساؤلات حول نية الولايات المتحدة في الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية.

الاتفاقات بين بغداد وواشنطن: بين التهدئة والمصالح؟

إحدى النقاط المثيرة في تصريحات رومانوسكي كانت حول الاتفاقية الخاصة بإنهاء المهام القتالية بحلول عام 2025، وتحول العلاقة بين العراق ودول التحالف إلى علاقة “ثنائية”. هذا التحول يطرح سؤالاً مهماً: هل يعني ذلك أن العراق سيظل يعتمد على الدعم العسكري الأميركي لحين القضاء التام على “داعش”، أم أن الاتفاق يعكس محاولة أميركية للتمسك بأقدامها في العراق؟ يظل السؤال مفتوحًا حول إذا ما كانت هذه التحولات تهدف فعلاً إلى استقلال العراق الأمني أم مجرد إعادة ترتيب للوجود الأميركي في المنطقة.

هل تلتزم واشنطن بتقليل التصعيد؟

ورغم الحديث عن “خفض التصعيد”، تظل الولايات المتحدة جزءًا من معادلة الصراع في المنطقة. بينما تسعى بغداد للتهدئة، تُظهر التحركات الأميركية في المنطقة استمرار دعمها لأطراف عدة في النزاعات المختلفة. تصدير الأسلحة، وتحركات القوات الأميركية، والتدخلات في شؤون الدول المجاورة تثير الكثير من الجدل حول التزام واشنطن الحقيقي بتحقيق السلام في المنطقة.

هل يحقق العراق توازنًا في هذه العلاقة؟

على الرغم من المواقف الأميركية المعلنة، يبدو أن العراق يواجه تحديات صعبة في إدارة علاقاته مع الولايات المتحدة وسط تصاعد التوترات الإقليمية. بينما يسعى العراق للحفاظ على استقرار المنطقة، تظهر الضغوط الخارجية والداخلية التي قد تقود إلى صدامات استراتيجية قد تؤثر على مستقبله الأمني والسياسي.

مقالات مشابهة

  • حجيرة يطلق المشاورات الجهوية لإعداد الإستراتيجية الجديدة للتجارة الخارجية
  • مسؤول روسي كبير يزور كابل وموسكو مستعدة للمساعدة بإحلال السلام
  • السفيرة الأميركية في العراق: هل تسعى واشنطن حقًا لخفض التصعيد؟
  • روسيا: نريد المساعدة في إحلال سلام دائم بأفغانستان
  • موسكو تريد المساعدة في إحلال سلام دائم بأفغانستان
  • شويغو يعلن رفع حركة طالبان من القائمة السوداء في روسيا قريبا
  • واشنطن: الولايات المتحدة تضغط بكل ما بوسعها للتوصل لحل في لبنان
  • مؤتمر المناخ يذيب جليد العزلة عن طالبان
  • أزمة الأقليات في أفغانستان: 10 قتلى إثر هجوم دموي استهدف تجمعًا صوفيًّا
  • “آسيا تايمز”: الولايات المتحدة و”إسرائيل” تفشلان في إيقاف هجمات أنصار الله اليمنية