بالأرقام.. أين وصلت إعادة إعمار مناطق الزلزال في تركيا؟
تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT
في مثل هذا اليوم (السادس من فبراير) قبل عام، شهدت تركيا واحدة من أكبر آلام القرن.. زلزالان بقوة 7 درجات ونصف وبفارق 8 ساعات بين الأول (فجرا) والثاني (ظهرا)، حيث كانا كفيلين بتسوية 11 مدينة بالأرض، وإيقاف نبض السكان فيها وتحويل جميع معالمها إلى أطلال.
وتسبب الزلزالان وما تبعهما من هزات ارتدادية كانت في معظمها بدرجات قوية، بمقتل 53 ألفا و537 شخصا، حسب الإحصائيات الرسمية، بينما أصيب أكثر من 100 ألف تحت آلاف المباني التي انهارت كالورق، في حين لا يزال هناك عشرات المفقودين.
ولم تقف حدود الكارثة عند الأرواح فحسب، بل كان لها وجه مأساوي آخر داخل الخيام والبيوت مسبقة الصنع، وذلك رغم الوعود والإعلانات والتصريحات المتعلقة بإعادة إعمار المباني وتسليم مفاتيحها للمتضريين.
بعد عام على زلزل تركيا المدمر.. عائلات حزينة بانتظار معرفة مصير أبنائها رغم مرور عام على فاجعة الزلزال المدمر الذي ضرب أجزاء شاسعة من تركيا، فما زالت الكثير من العائلات بانتظار العثور على جثث الأحباء الذين قضوا تحت الأنقاض، وذلك ليتنسى لهم دفنهم في قبور يمكن زيارتها وسكب عبرات الحزن عليها.وتعتبر عملية إعادة إعمار مناطق الزلزال من أكثر القضايا أهمية وإثارة عندما تتجه أنظار المواطنين وغيرهم إلى جنوبي البلاد، حيث كان الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ومسؤولين في المعارضة، قد أطلقوا الكثير من الوعود بعد أيام من حلول الكارثة.
ويتخذون الآن بعد عام كامل ذات الخطوة، حيث من المقرر أن يجري إردوغان جولة في كهرمان مرعش، مركز الكارثة، الثلاثاء، ويكشف عما أنجزته وزارة البيئة والتحضر العمراني، على صعيد المباني المشيدة حديثا، وما قد يتم إنجازه في المرحلة المقبلة و"في غضون عام"، كما كان الوعد سابقا.
"العملية بالأرقام"وتوضح الأرقام الحكومية الرسمية أن آثار زلازل 6 فبراير، شملت 124 قضاء و6 آلاف و929 قرية ضمن 11 ولاية تركية في الجنوب، بينما بلغ عدد المتضررين منه 14 مليون شخص في تركيا وحدها.
"لم نتمكن من العمل كما أردنا".. إردوغان يعتذر من منطقة ضربها الزلزال قدم الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الاثنين، اعتذاره إلى سكان ولاية أديامان، إحدى أكثر المناطق تضررا من زلزال 6فبراير، عن تأخر وصول الإغاثة، بحسب وكالة فرانس برس.وتشير الأرقام الصادرة عن "رئاسة إدارة الكوارث والطوارئ" (آفاد) إلى أن الزلازل ضربت مساحة قدرها 120 ألف متر مربع، وأنه خلال الأشهر الـ12 الماضية تم انتشال 91 بالمئة من أنقاض المباني المهدمة.
وبالنسبة للمنكوبين، نصبت الحكومة، وفق أرقامها، 645 ألف خيمة لهم، وبنت 215 ألفا و224 منزلا مسبق الصنع. وفي ذات الوقت، يستمر بناء 307 آلاف وحدة سكنية في مراكز المدن والقرى المتضررة.
وبالعودة إلى الوراء قبل عام، وعند مقارنة الوعود الرسمية آنذاك وما تم تنفيذه على الأرض في الوقت الحالي، فيبدو أن جهود إعادة الإعمار تسير ببطء شديد وأقل مما كان متوقعا ومعلنا.
وفي خطاب ألقاه الرئيس التركي في 31 مارس 2023، قال: "سنبني ما مجموعه 650 ألف منزل جديد، ومنها 319 ألف منها في غضون عام واحد".
واتجه وزير البيئة والتحضر، محمد أوز حسكي، إلى ما هو أبعد من ذلك، بعد 6 أشهر، حيث وعد في سبتمبر 2023 بـ"إجمالي 850 ألف وحدة سكنية".
لكن مع حلول فبراير الحالي، لم يعلن الرئيس التركي سوى عن تسليم 46 ألف وحدة سكنية في منطقة الزلزال، وهو رقم يخالف وعد 319 ألف في غضون عام واحد.
وفي حين قال إن الحكومة ستقوم تدريجيا بتسليم 40 ألف منزل قيد الإنشاء حاليا في المنطقة إلى أصحاب الحقوق، أضاف: "بمشيئة الله سننتهي من تسليم 75 ألف منزل في جميع أنحاء منطقة الزلزال في غضون شهرين".
"مساران للإعمار"وقبل زلزال فبراير، كانت الولايات التركية الـ11 والتي يقيم فيها حوالي 14 مليون نسمة، تشكّل 9.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقا لبيانات معهد الإحصاء التركي (TUIK).
ووفقا لتقرير تقييم ما بعد الزلزال الذي أعدته "مديرية الاستراتيجية والميزانية" التابعة لرئاسة الجمهورية (SBB)، تصل الأضرار المالية الناجمة عن الكارثة إلى 2 تريليون ليرة تركية.
وتشكل الأضرار التي لحقت بالمساكن وحدها 54.9 في المئة من إجمالي التكاليف الناجمة عن الكارثة.
وتمثل هذه التكلفة 5 بالمئة من الدخل القومي لتركيا في عام 2023، ومن أجل التعويض يجب توفير تمويل بقيمة 40 مليار دولار أميركي بحلول العام 2026، وفق ذات الجهة الرسمية.
ورغم أن كهرمان مرعش كانت مركز الزلزال، فقد تم تسجيل أكبر الأضرار التي خلفتها الكارثة على مستوى الأرواح والمباني المدمرة في مدينة أنطاكيا بولاية هاتاي.
وقبل عام وبعد حلول الكارثة، كان من الصعب التنقل بين أحيائها وشوارعها نظرا لنسبة الدمار الكبير الذي جعل أبنية بكاملها مطبقة على بعضها البعض.
والآن بعد إزالة الأنقاض وفي الذكرى الأولى للكارثة، تبدو المدينة وكأنها أرض سهلية وعليها أبنية متفرقة هنا وهناك، وفق صحفيين تحدثوا لموقع "الحرة".
وقال هشام جوناي، المقيم في أنطاكيا، إن عملية إعادة الإعمار في المدينة "تتم بمسارين، الأول عن طريق الحكومة ببناء وحدات سكنية، والثاني عبر أصحابها الأصليين بأنفسهم".
ومع ذلك تحدث لموقع "الحرة" عن "إشكالية كبيرة تتعلق بالشروط التي فرضتها الحكومة على من يريد أن يبني منزلا بنفسه".
وتخصص الحكومة قرضا للأشخاص الذين يرغبون بإعادة البناء، لكن الأموال لا تذهب إليهم مباشرة بل للمتعهد والمقاول، حسبما يوضح جوناي.
"الصدمة كبيرة"وما زال الكثير من السكان الذين بقوا على قيد الحياة، يعيشون في المناطق التي ضربها الزلزال، وهناك قسم آخر منهم يذهب إلى المدن الكبرى، كما يقول مصطفى أوزبك، عضو مجلس إدارة "هيئة الإغاثة الإنسانية" التركية (ıhh).
وأوضح أوزبك أن "هناك عملا جادا على الإسكان في مناطق الزلازل"، مضيفا: "حتى هذا الأسبوع تم تسليم حوالي 45 ألف منزل ومن المتوقع أن يرتفع العددإلى 75 ألفا خلال أشهر قليلة".
وبحسب دراسات تقييم الأضرار التي أجريت في 11 ولاية تعرض إجمالي 850 ألف قسم مستقل، بما في ذلك 680 ألف مسكن و170 ألف مكان عمل لأضرار بالغة وأصبحت غير صالحة للاستخدام، وفق أوزبك.
وأضاف عضو هيئة الإغاثة الإنسانية ومسؤولها الإعلامي لموقع "الحرة"، أنه تم تحديد متوسط تكلفة "كارثة القرن" بـ104 مليار دولار.. وليس من السهل التغلب على مثل هذه الصدمة الكبيرة".
ونبه إلى أن "الأمر سيستغرق بعض الوقت للتغلب على هذه الصدمة"، وأنه "مع بناء المنازل وتأسيس حياة جديدة، ستصل العملية إلى نقطة أفضل".
وأوضح الصحفي جوناي الموجود في أنطاكيا، أنه وبعد عام من الكارثة "لا يزال مئات الآلاف من السكان المنكوبين بحاجة الحصول على مأوى".
ورغم وجود حاويات مسبقة الصنع، فإنها تتركز وتم تخصيصها فقط لسكان المدن.
في المقابل، لفت الصحفي التركي إلى أن "سكان القرى - وبينهم أقاربي - يعيشون تحت الخيام ولم يستلموا أية حاويات سكنية".
"الكثير من الأشياء الناقصة"وكانت وزارة الداخلية التركية قد أعلنت بعد شهرين من حلول الكارثة، في أبريل 2023، عن إنشاء مدن الخيام في 345 نقطة ومدن الحاويات في 305 نقاط.
وذكرت في بيان، حينها، أن عدد الأشخاص الذين لجأوا إلى هذه الخيام بلغ "2626212" شخصا، بينما أشارت إلى أن عدد الأشخاص الذين تم إيواؤهم في الحاويات بلغ "87718 "شخصا.
وقال إردوغان مطلع فبراير الجاري، إنه "تم إرسال مليون خيمة إلى منطقة الزلزال، وإنشاء أكثر من 215 ألف حاوية، وتقديم المساعدة في الإيجار إلى 349 ألف أسرة، وتم دفع مدفوعات النقل والدعم".
وقال عضو هيئة الإغاثة التركية أوزبك، إنه رغم الوعود بتسليم 200 ألف منزل للمتضررين في نهاية العام، "لا يزال الناس يعيشون في مخيمات الحاويات".
وأردف: "من الصعب بعض الشيء وضع خطط كاملة وبشكل منظم على الميدان، لأن المساحة المتضررة كبيرة جدا".
ومع ذلك، أضاف أن "الدولة مستمرة في بناء المنازل بكل قوتها، حيث سيتم تسليم 45 ألف منزل هذا الأسبوع، وبعد شهرين سيتم تسليم 75 ألف منزل".
ونوه أوزبك إلى أنه وضمن نطاق أعمال التطوير والبناء التي تنفذها حاليا في المنطقة وزارة البيئة والتحضر والتغير المناخي، يعمل 110 آلاف و450 موظفا في 930 موقع بناء في 11 مدينة.
لكن من جانبه، تحدث الصحفي جوناي عن "الكثير من الأشياء الناقصة"، في أنطاكيا بالتحديد، المتضررة على نحو كبير.
وفي هذا الصدد، قال إن الحاويات مسبقة الصنع والمنتشرة على ضفاف نهر العاصي وطريق أنطاكيا، "تخترقها المياه عند كل ظرف جوي سيء يحل على المنطقة".
وأضاف أن المدارس لا تزال مدمرة، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالبنى التحتية والمستشفيات التي لا تزال تعاني من الضغط الكبير الذي خلفته الكارثة قبل عام.
وتوقع جوناي أن "تستمر المعاناة في السنوات المقبلة"، معتبرا أن ثمة "توظيف للوضع الإنساني" بدا واضحا في ملف انتخابات البلديات المقبلة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الرئیس الترکی الکثیر من ألف منزل فی غضون إلى أن
إقرأ أيضاً:
العملات المشفرة تعود من جديد – كيف نتجنب الكارثة؟
#سواليف
هل تصبح الولايات المتحدة عاصمة #العملات_المشفرة في العالم في عهد دونالد #ترامب؟
يبدو أن حفل العملات المشفرة بدأ ينطلق من جديد. حيث تشهد عملة #البيتكوين ارتفاعا كبيرا، وحتى لا تفشل هذه التجربة، يتعين على الجهات التنظيمية أن تبقي بعض الحواجز في مكانها.
تتمتع العملات المشفرة في أفضل الأحوال بإمكانات غير مباشرة لإفادة المجتمع. فمعظم مؤسساتها ــ مثل شركة وورلد ليبرتي فاينانشال التي يروج لها ترامب ــ ليس لها علاقة تذكر بقدرة التكنولوجيا على تحسين المدفوعات عبر الحدود أو تسوية الأوراق المالية. وتميل الرموز الرقمية الأكثر شعبية إلى أن تكون أدوات مضاربة بحتة، ولا علاقة لها بالتدفقات النقدية في العالم الحقيقي التي تستمد منها الأصول المالية قيمتها.
مقالات ذات صلة ماذا ينتظر الذهب في 2025؟ 2024/11/18ويتم تداول هذه العملات على منصات تعج بالمحتالين والتلاعب والصراعات على المصالح، مما يؤدي في المقام الأول إلى إثراء النوع من الوسطاء الذين كان من المفترض أن تقضي عليهم العملات المشفرة.
وسعت لجنة الأوراق المالية والبورصات في عهد بايدن إلى إغلاق العملات المشفرة بدلا من إدخال قواعد لاستيعابها، كما هو الحال في أوروبا. فقد رفع رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات جاري جينسلر دعوى قضائية ضد اثنتين من أكبر منصات التداول في العالم، Binance Holdings Ltd. و Coinbase Global Inc، بسبب انتهاكات مختلفة لقوانين الأوراق المالية. ولو نجحت هذه الجهود لتمّ إجبار هذه المنصات على مغادرة البلاد أو حتى الخروج من العمل.
لكن ترامب تعهد بطرد جينسلر وحتى إنشاء “مخزون استراتيجي وطني من البيتكوين”، مما أسعد أنصار العملات المشفرة الذين ضخوا أكثر من 200 مليون دولار في حملته وحملات عشرات المرشحين الناجحين للكونغرس. ومن شأن التشريع الذي ترعاه الصناعة أن يعمل على تحييد لجنة الأوراق المالية والبورصات إلى حد كبير، مما يسهل انتشار الإصدار والتداول مع الحد الأدنى من الإشراف – خاصة في ضوء التعيينات المحتملة للرئيس المنتخب للجهات التنظيمية ذات الصلة.
وفي الأيام العشرة التي أعقبت انتخاب ترامب، قفزت عملة البيتكوين بأكثر من 30٪. ومن دون إثارة الهلع أو التدخل بشكل غير ملائم، فإن من المفيد أن نتأمل بعض الطرق التي يمكن أن تسوء بها الأمور. وما الذي قد يحدث لفكرة ترامب بشأن احتياطي البيتكوين؟
ربما تقتصر على الرموز التي صادرتها الحكومة بالفعل في قضايا جنائية، وبالتالي لا داعي للقلق. وعلى نحو مماثل، إذا ظلت العملات المشفرة عالما من عمليات الاحتيال والمضاربة الذاتية والمضاربة الصفرية، فإن الضحايا سيكونون في الأساس أشخاصا تم تحذيرهم بشكل كافٍ وكان ينبغي لهم أن يكونوا أكثر وعيا، كما حدث مع انهيار FTX في عام 2022.
ولكن للأسف، هذا ليس كل شيء. فإذا سُمح للمؤسسات المالية التقليدية بالإقراض مقابل ضمانات الرموز التي تم استحضارها من الهواء، فقد تنتشر المشاكل في عالم العملات المشفرة. وإذا تمكن مصدرو ما يسمى بالعملات المستقرة من جمع ما يكفي من الأصول التقليدية، فقد يؤدي الذعر في عالم العملات المشفرة إلى زعزعة استقرار الأسواق المالية. وإذا استمرت العملات المستقرة في العمل كقنوات غير خاضعة للرقابة لنقل الأموال، فقد تضعف قدرة الولايات المتحدة على مكافحة الإرهاب وفرض العقوبات بشكل كبير. فمئات المليارات من الدولارات تتحرك شهريا داخل وخارج عملة تيثر، العملة المستقرة الأكثر شعبية.
لذلك يتعين على السلطات أن تظل متيقظة. وقامت الهيئات التنظيمية المالية حتى الآن بعمل جيد في الحد من الإقراض مقابل العملات المشفرة، وخاصة من قبل البنوك. وينبغي لها أن تستمر في ذلك. كما تتمتع وزارة الخزانة بسلطة واسعة للتأثير على الجهات المصدرة للعملات المستقرة، والتي لا يمكنها العمل بشكل صحيح دون الوصول إلى الدولارات.
وينبغي لوزارة الخزانة أن تطالب هذه الجهات المصدرة بمراقبة المعاملات بجدية، والإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة وتجميد الحيازات عند الضرورة. وينبغي أن تقتصر استثماراتها على الأوراق المالية الأكثر أمانا وسيولة.
إن العملات المشفرة على وشك العودة إلى الواجهة. ويمكن لجدران الحماية الأساسية على الأقل أن تمنعها من أن تشكل تهديدا لملايين الأشخاص الذين لا يريدون التعامل معها على الإطلاق. ولكن بعد ذلك، يجب على المشترين توخي الحذر.