موقع النيلين:
2025-03-10@12:21:50 GMT

في حضرة مسؤول محترم

تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT


الإدارة في مصر معضلة كبيرة، تحاصرها الكثير من الأمراض المزمنة الموروثة، ومشكلات نتيجة غياب ثقافة العمل، والروتين، والأداء الوظيفي، وغياب الرؤية، تحد من كفاءة الموظف والرضا عن أدائه، وأعباء الإدارة تقع على المدير وحده، يتحمل أخطاء الفريق ككل، ويتعرض للنقد والهجوم دائما، من المرؤسين في السر والعلن. رغم أن التعاون الفعَال والتفاعل السلس بين المديرين وفريق العمل أحد أساسيات النجاح.

وفي الوقت نفسه هناك ثمة من المديرين يظن أن من يحمل لقب المدير يتربع على منصة إغراء جديرة بالتهنئة والتبريكات ومشبعة بما يدهش ويبهج، منهم مهووس التحكم يحتفظ بكل ما يجري في راحة أيديه، يحب ألا يأخذ موظفوه أي قرارات، وهناك المستبد من المستحيل الانسجام معه وهو مقتنع بأنه الشخص الوحيد المختص الذي يعمل في الشركة، ومستبد بآرائه، لا يهتم بالعاملين معه ولا يري أي شيء يفعله الآخرون بما يكفي لإرضائه.

وهناك الباحث عن اللوم، يبحث عن أي مشكلة صغيرة ليبدأ بوضع اللوم على موظفيه، ويلوم فريقه عند أي خطأ.

وضعتني ظروف العمل في لقاء مع مدير مختلف تماماً عن هذه النماذج، وتمنيت أن يكون كل المديرين مثله، يتمتع بشخصية كاريزمية، أحد المديرين المسؤولين في وزارة المالية، عندما طلب مني المحاسب القانوني محروس إسحق مصاحبته لمقر مأمورية ضرائب الشركات، التابع لمصلحة الضرائب المصرية، القريب من مجلس الشعب لمناقشة أوضاعي المالية، وحقوق الدولة المادية تجاهي، ترددت كثيراً، في لقاء البعبع الضرائبي كما يصوره البعض. استقبلتنا ببَشَاشّةُ وطلاقة وَجْه ولُطْف ٌ وابتسامة تهلل أذابت قلق اللقاء، وكأنها التقت عزيزا لها، السيدة سماح محمود عطية مدير مكتب رئيس المأمورية، مرحبة بنا، جلسنا دقائق انتظار في مكتبها، أبهرني أسلوبها في التعامل مع الممولين، تؤمن لهم الحلول قدر الإمكان لمشاكلهم ومتطلباتهم دون إزعاج رئيسها، لم يطل الانتظار طويلاً، لتقودنا لمكتب رئيسها السيد عاطف حمدي حسن وكيل أول الوزارة، ومع إصرار مضيفنا وكرمه تناولنا القهوة، وهو منصت جيد لما يقال متعاطف مع من لجاء إليه، أبهرني أسلوبه والأداء المنسجم والمنظم بمشاركة مجموعة من أفراد مكتبه، يجيد التواصل مع الآخرين والاستماع إليهم. وج

دت فيه مديرا قادرا على التنبؤ وبُعد النظر، واتخاذ القرار والقدرة على قيادة الأفراد والتنسيق بينهم ، يوجّه وينسق ويراقب ويحافظ على الأداء المنسجم والمنظم بمشاركة مجموعة من الأفراد، حدّد أدوارهم وبالمقابل مجازاتهم، فهو الرئيس الأعلى في منصبه ودوره القيادة العامه لأفراد المؤسسة. لم يستغرق الأمر الكثير، استمع لي واستمعت له، حدد وعَّرفَ بالمشكلة، قيم وبمهارة شديدة وحنكة، خط سطوراً في ورقة صغيرة، موجهة لأحد أفراد فريق العمل فيها الحل بطريقة عادلة لجميع الأطراف، توجهت بها لمكتب مجاور، وبنفس الجو ودفء المشاعر المنبعث من إدارة حكيمة، تجاوب معي زملاؤه في الإدارة، وضعت النقاط على الحروف، وانقضى الأمر بسلاسة..

وودعني الرجل ومديرة مكتبه بنفس الاهتمام الذي استقبلاني به. تمنيت أن يكون الجهاز الإداري في مصر على هذا المستوى من الوعي فى تقديم الخدمات للمواطن. في بيئة عمل تتمتع بقدر كافٍ من المصداقية والشفافية وسهولة التواصل المزدوج بين الطرفين. لابد من إحداث نقلة نوعية كبيرة في الطريقة التي تعمل بها الإدارات الحكومية، باختيار القائد الجيد الذي يتحمل المسؤولية ويتصرف بحكمة في الأوقات الصعبة. ومن أجل تقييم المهارات القيادية للموظفين واختيار الموظف الأنسب لتحمل المسؤولية والارتقاء في السلم الوظيفي؛ ومؤمن بأنه لا يستطيع أن ينجز كل شيء بمفرده، وأن العمل الجماعي هو الطريق الأمثل لتحقيق النجاح. فلا يستطيع القائد الذي لا يهتم بأعضاء الفريق أن يحقق المطلوب مهما كانت كفاءته، ومن المهم جدًا أن يعمل على إعداد موظفيه ليتقلدوا بدورهم مناصب قيادية في المستقبل، وتقييم أداء الأفراد بالتحفيز والتشجيع اللازم بتقديم المكافآت المادية والمعنوية أو الترقيات أو خطابات الشكر.

مودي حكيم – بوابة روز اليوسف

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

ليس زعيما ولن يكون

تابعت أخبار القمة الطارئة، وعددت القنوات لأنجو من إعلام السيسي؛ حضرت أمامي صورتان، الأولى من درسي في علم الاجتماع السياسي وتتألف من صورتي المستشار الألماني بسمارك والإمبراطور الفرنسي نابليون اللذين ألف منهما عالم الاجتماع ماكس فيبر نموذجه التحليلي في الشخصية الكاريزمية ذات القدرة القيادية الفائقة، والتي يرتقي دورها إلى دور فاعل اجتماعي مطلق التأثير. والصورة الثانية لملتقطي فضلات الخُضر في سوق الجملة التي تتساقط من صناديق الفلاحين والتجار، فيجمعها قوم ضعاف الحال فيبيعونها على شتاتها لقوم أفقر منهم فيقبضون منها قوت يوم أو أقل من ذلك. لقد رأيت قمة السيسي، وقد كنت أود أن أرى صورة بسمارك يبحث عن حل لسلام دائم للفلسطيني، كنت سأرضى حتى بصورة أنور السادات، ولكن..

قمة للتخلص من وجع رأس

غزة تزعج السيسي وعسكره، إنها صوت نشاز في سيمفونية السلام الداخلي الذي أخرس من حوله كل صوت وظل يسمع صوته منتشيا. هذه حقيقة مكشوفة ولكننا نتجاهلها لخلق أمل في قوة مصر وثقلها في المنطقة. أعادت القمة تذكيرنا بأن مصر تعمل فقط على إغلاق الباب التي تأتي منها ريح غزة لتستريح.

مشروع التهجير نزل على السيسي نزول كورونا، حرب الطوفان لم تنته في غزة وسيخرج عليه منها ريح مزعجة لذلك سعى في الحل قبل أن يجلس على الكرسي مقابل المدفئة الحجرية في البيت الأبيض، فوصل إلى حل ساندويتش، جمع من يمكن أن يطاوعه في الإمضاء على بيان ينقذه من ذلك المجلس فيقول هذا حل عربي وليس مصريا فقط لمعالجة الإشكال الغزاوي.

كانت هناك قبل زمن قصير نصف قمة في الرياض وقريبا ستكون هناك قمة كاملة في العراق، والموضوع الغزاوي/ الفلسطيني كان في الأولى وسيكون في الثانية فوق الطاولة بالقوة، فلماذا كانت قمة القاهرة الاستعجالية؟ إنها قمة إنقاذ السيسي لنفسه من الجلسة قرب المدفأة، حيث لن يجد ربع شجاعة زيلنسكي ليقول لا. سيكون بيده أو بيد من ينوبه ورقة ممضاة من العرب (نظريا كل العرب) ولا تعطي الفلسطيني حقه ولكنها تحفظ أمن إسرائيل.

شمال أفريقيا ليس عربيا

كانت تصلنا من أحاديث العوام في الشرق العربي أن سكان شمال أفريقيا أمازيغ وليسوا عربا، ولكن الرسميين ظلوا يرسمون خريطة الوطن العربي وفيها جناح شمال أفريقي. في قمة السيسي رسمت خريطة عربية دون الجناح الغربي، لقد غابت الدول الخمس. كان حضورها سيربك الحل الساندويتش فلها رأي ولها وزن، وهناك مؤشرات على أن مهج شعوبها أقرب إلى غزة من كل المهج، وقد حال السيسي بينها وبين غزة.

شمال أفريقيا العربي ومهما تخفّى وراء المجاملة الدبلوماسية لا يسير على خطى السيسي. لقد حشر السيسي نفسه في الوضع الليبي فساند المنشق حفتر (سنكتشف في زمن لاحق مشاركته في سرقة نفط ليبيا). تقسيم ليبيا خلق وضعا غير آمن على حدود الجزائر وتونس فضلا عن إضعاف ليبيا وتدمير اقتصادها. توجد تفاصيل وراء موقف كل دولة، ولكن الجزائر الحالية تحاول القيام بدور الأخ الأكبر في المنطقة، ومن هذا الدور عدم الانجرار وراء تكتيكات السيسي لإنقاذ نظامه على حساب الفلسطيني خاصة.

هناك تراث تعاطف ومساندة في بلدان شمال أفريقيا للنضال الفلسطيني، فهذه البلدان لم تكن لها فصائل تأتمر بأمرها في منظمة التحرير الفلسطينية، ولم تستعمل الفلسطيني في معاركها الخاصة والداخلية أو البينية. لذلك نعتقد أن غياب هذه الدول عن قمة الحل الساندويتش يكشف اختلافا عميقا حول الحل الفعلي، ونظن يقينا أن هذا الخلاف مع نظام السيسي سيتسع عندما يشرع السيسي في الضغط على المقاومة لتفريغ غزة من سلاحها، وهو بند متستر في قرار القمة. إن مجرد وضع سلاح المقاومة في سياق التفكير (التخطيط) هو خطوة انتظرها العدو ليوسعها بالتفاوض والضغط. وهذه ترجمة جملة الانشغال بأمن إسرائيل.

النظام السعودي لا يقف وراء السيسي

غاب السعودي عن القمة واكتفى بوزير الخارجية، وهذا التمثيل الضعيف كاشف لموقف سيترجم بأن ما صدر عن القمة غير ملزم للنظام السعودي. وبالتالي فإن المساهمة السعودية في جهود إعادة الإعمار لن تمر بمصر، حتى وإن كانت الجغرافيا ستحكم عليها بالعبور من فوق أرض مصرية. الأمير السعودي يشعر بوزنه الخاص في المنطقة ولا يصطف إلا حيث يزيد وزنه السياسي، وإذا كانت هناك معاملة مع ترامب فلن يجني ثمرتها السيسي لحسابه (فيقدم نفسه على أنه الرجل الذي جر العرب من أعناقهم لحل نهائي).

حساب النظام السعودي اختلف مع حساب النظام المصري بما قلص أثر قرارات قمة القاهرة. لا نراهما ينشغلان فعليا بحال الفلسطيني وإنما يتاجر كلاهما بالفلسطيني في سوق المواقف والحسابات، ولكن كليهما يصطاد في سلته. وهذا اختلاف كاشف لهوان السيسي في المنطقة وفقدانه الوزن في الحلول المرجوة منه.

إنه بعيد جدا عن وزن مبارك الذي جر العرب من أعناقهم للوقوف مع الأمريكي ضد العراق، ولا نقارنه بالشهيد محمد مرسي الذي قالها عالية: لن نترك غزة وحدها. لقد نظم قمة عجولة ليثبت قدميه في المنطقة فكشف رخاوة الأرض تحت قدميه، ولا نظنه من الذكاء بحيث يعاود حساباته تجاه غزة وتجاه نتائج الطوفان، وقد كانت غزة اقترحت عليه أن يصير زعيما مثل بسمارك فرفض واكتفى بجامع فتات الخضر والغلال في السوق ليحصل قوت يوم أو بعض يوم.

دع المكارم لا ترحل لبغيتها

أين أنت من الكاريزما (نعتذر لبسمارك)؟ كانت جملة أحمد الشرع عن جناحي الأمة (الطائر الواحد) ستوفر لك مخرجا عظيما وشجاعا لو التقطها ووسعتها (حتى من قبيل ابتزاز العدو)، ولكن وهو يحدثك عن الجناحين أظهرت انشغالك بأمن إسرائيل!

رغم ذلك نشكرك على توضيح موقفك. أوشك إعلامك أن يخدعنا بصور استعدادات جيشك لرد العدوان (ونحن من قوم نحب أن نخدع أنفسنا بقوة الزعماء). نحن نستعد لرؤيتك أمام المدفأة لا لتشكر على الموقف الذي اتخذت بنزع سلاح المقاومة، لا بل لنرى وجهك عندما يطلب منك تسخير قوة عسكرية من عسكرك لحماية إسرائيل فعليا لا بالقول وبالبيانات.

لقد استبقت بتقديم تنازلات لقوم يعرفون تقنيات الابتزاز وسيبتزونك حتى تضع عسكرك صفا لحمايتهم من المقاتل الغزاوي. لا داعي هنا لتذكر قول المتنبي (عمن يهن فيسهل الهوان عليه)، بل اكتف بقول الحطيئة. محمد مرسي يهزمك من قبره، كان ذاهبا لمقعد بسمارك فسلطوك عليه فلم تملأ كرسيه أبدا.

مقالات مشابهة

  • الدقهلية..إحالة مدير الإدارة الهندسية بحي غرب المنصورة ومدير الشئون الإدارية و75 موظفا للتحقيق
  • اللبكي يكشف عن عدد العائلات التي نزحت من سوريا إلى عكار.. ولا خطر أمنيًا حتى الساعة
  • كيف يكون التعامل مع الأب الذي يسيء معاملة أبنائه ويفرق بينهم؟
  • موجز
  • الإدارة الحديثة.. المفاهيم والتحديات والاتجاهات المستقبلية
  • وزيرة التضامن: الطفل الذي يدخل الحضانة صغيرا يكون تحصيله ووعيه أكبر
  • الدستورية توضح حيثيات تمكين الموظف الذي تنتهي خدمته للانقطاع غير المتصل عن العمل بعذر
  • مدير الإدارة العامة للمرور (المكلف) يتفقد المنشآت الجديدة بمرور بربر
  • بالفيديو.. أيمن الحجار يحذر من خطورة النفاق: آفة تهدد الأفراد والمجتمعات
  • ليس زعيما ولن يكون