الإدارة في مصر معضلة كبيرة، تحاصرها الكثير من الأمراض المزمنة الموروثة، ومشكلات نتيجة غياب ثقافة العمل، والروتين، والأداء الوظيفي، وغياب الرؤية، تحد من كفاءة الموظف والرضا عن أدائه، وأعباء الإدارة تقع على المدير وحده، يتحمل أخطاء الفريق ككل، ويتعرض للنقد والهجوم دائما، من المرؤسين في السر والعلن. رغم أن التعاون الفعَال والتفاعل السلس بين المديرين وفريق العمل أحد أساسيات النجاح.
وفي الوقت نفسه هناك ثمة من المديرين يظن أن من يحمل لقب المدير يتربع على منصة إغراء جديرة بالتهنئة والتبريكات ومشبعة بما يدهش ويبهج، منهم مهووس التحكم يحتفظ بكل ما يجري في راحة أيديه، يحب ألا يأخذ موظفوه أي قرارات، وهناك المستبد من المستحيل الانسجام معه وهو مقتنع بأنه الشخص الوحيد المختص الذي يعمل في الشركة، ومستبد بآرائه، لا يهتم بالعاملين معه ولا يري أي شيء يفعله الآخرون بما يكفي لإرضائه.
وهناك الباحث عن اللوم، يبحث عن أي مشكلة صغيرة ليبدأ بوضع اللوم على موظفيه، ويلوم فريقه عند أي خطأ.
وضعتني ظروف العمل في لقاء مع مدير مختلف تماماً عن هذه النماذج، وتمنيت أن يكون كل المديرين مثله، يتمتع بشخصية كاريزمية، أحد المديرين المسؤولين في وزارة المالية، عندما طلب مني المحاسب القانوني محروس إسحق مصاحبته لمقر مأمورية ضرائب الشركات، التابع لمصلحة الضرائب المصرية، القريب من مجلس الشعب لمناقشة أوضاعي المالية، وحقوق الدولة المادية تجاهي، ترددت كثيراً، في لقاء البعبع الضرائبي كما يصوره البعض. استقبلتنا ببَشَاشّةُ وطلاقة وَجْه ولُطْف ٌ وابتسامة تهلل أذابت قلق اللقاء، وكأنها التقت عزيزا لها، السيدة سماح محمود عطية مدير مكتب رئيس المأمورية، مرحبة بنا، جلسنا دقائق انتظار في مكتبها، أبهرني أسلوبها في التعامل مع الممولين، تؤمن لهم الحلول قدر الإمكان لمشاكلهم ومتطلباتهم دون إزعاج رئيسها، لم يطل الانتظار طويلاً، لتقودنا لمكتب رئيسها السيد عاطف حمدي حسن وكيل أول الوزارة، ومع إصرار مضيفنا وكرمه تناولنا القهوة، وهو منصت جيد لما يقال متعاطف مع من لجاء إليه، أبهرني أسلوبه والأداء المنسجم والمنظم بمشاركة مجموعة من أفراد مكتبه، يجيد التواصل مع الآخرين والاستماع إليهم. وج
دت فيه مديرا قادرا على التنبؤ وبُعد النظر، واتخاذ القرار والقدرة على قيادة الأفراد والتنسيق بينهم ، يوجّه وينسق ويراقب ويحافظ على الأداء المنسجم والمنظم بمشاركة مجموعة من الأفراد، حدّد أدوارهم وبالمقابل مجازاتهم، فهو الرئيس الأعلى في منصبه ودوره القيادة العامه لأفراد المؤسسة. لم يستغرق الأمر الكثير، استمع لي واستمعت له، حدد وعَّرفَ بالمشكلة، قيم وبمهارة شديدة وحنكة، خط سطوراً في ورقة صغيرة، موجهة لأحد أفراد فريق العمل فيها الحل بطريقة عادلة لجميع الأطراف، توجهت بها لمكتب مجاور، وبنفس الجو ودفء المشاعر المنبعث من إدارة حكيمة، تجاوب معي زملاؤه في الإدارة، وضعت النقاط على الحروف، وانقضى الأمر بسلاسة..
وودعني الرجل ومديرة مكتبه بنفس الاهتمام الذي استقبلاني به. تمنيت أن يكون الجهاز الإداري في مصر على هذا المستوى من الوعي فى تقديم الخدمات للمواطن. في بيئة عمل تتمتع بقدر كافٍ من المصداقية والشفافية وسهولة التواصل المزدوج بين الطرفين. لابد من إحداث نقلة نوعية كبيرة في الطريقة التي تعمل بها الإدارات الحكومية، باختيار القائد الجيد الذي يتحمل المسؤولية ويتصرف بحكمة في الأوقات الصعبة. ومن أجل تقييم المهارات القيادية للموظفين واختيار الموظف الأنسب لتحمل المسؤولية والارتقاء في السلم الوظيفي؛ ومؤمن بأنه لا يستطيع أن ينجز كل شيء بمفرده، وأن العمل الجماعي هو الطريق الأمثل لتحقيق النجاح. فلا يستطيع القائد الذي لا يهتم بأعضاء الفريق أن يحقق المطلوب مهما كانت كفاءته، ومن المهم جدًا أن يعمل على إعداد موظفيه ليتقلدوا بدورهم مناصب قيادية في المستقبل، وتقييم أداء الأفراد بالتحفيز والتشجيع اللازم بتقديم المكافآت المادية والمعنوية أو الترقيات أو خطابات الشكر.
مودي حكيم – بوابة روز اليوسف
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الجارديان: أوكرانيا تواجه أزمة النقص الحاد في القوات على الخطوط الأمامية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن القوات الأوكرانية تواجه معضلة في حربها مع روسيا، التي تقترب من ثلاث سنوات، وهي النقص الحاد في الأفراد على الخطوط الأمامية لجبهة القتال، "إذ يتكون الجيش المنهك والمستنزف بشكل متزايد من رجال أكبر سنا".
وأضافت الصحيفة - في سياق مقال تحليلي نشرته اليوم /السبت/ - أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قاوم الدعوات العامة من الإدارة الأمريكية لخفض سن تعبئة الجنود من 25 عاما إلى 18 عاما.. مشيرا إلى حساسية إرسال رجال أصغر سنا للقتال في مجتمع يواجه بالفعل أزمة ديموجرافية، ولكن مع استمرار روسيا في العثور على مجندين جدد، يكافح الجيش الأوكراني للعثور على عدد كاف من الأشخاص لملء الفجوات في الجبهة.
وأشارت الصحيفة إلى سلسلة من المقابلات مع ضباط أوكرانيين - رفضوا الكشف عن هويتهم - أظهرت صورة مقلقة لوضع القوات الأوكرانية في حربها مع روسيا.. حيث قال جندي يخدم حاليا في لواء الدفاع الإقليمي 114 في أوكرانيا والذي كان متمركزا في نقاط ساخنة مختلفة على مدى العامين الماضيين "الأشخاص الذين ينضمون إلينا الآن ليسوا مثل الأشخاص الذين كانوا متواجدين في بداية الحرب، مؤخرا استقبلنا 90 شخصا، لكن 24 منهم فقط كانوا مستعدين للانتقال إلى المواقع، أما الباقون كانوا من كبار السن أو المرضى أو مدمنين على الكحول، يجلسون في خندق ولا يستطيعون حمل سلاح.
وقال مصدران في وحدات الدفاع الجوي الأوكرانية لصحيفة (الجارديان)، إن العجز في الجبهة أصبح حادا لدرجة أن هيئة الأركان العامة أمرت وحدات الدفاع الجوي المستنفدة بالفعل بإرسال المزيد من الرجال إلى الجبهة كقوات مشاة.
وقال أحد المصادر "لقد وصل الأمر إلى مستوى حرج حيث لا يمكننا ضمان أن يعمل الدفاع الجوي بشكل صحيح"، معربا عن خوفه من أن الوضع يشكل خطرا على أمن أوكرانيا.
وأوضح المصدر أن "هؤلاء الأفراد يعرفون كيف يعمل الدفاع الجوي، وقد تدرب بعضهم في الغرب ولديهم مهارات حقيقية، ولكن الآن يتم إرسالهم إلى الجبهة للقتال وهو ما لم يتلقوا تدريبا عليه".
كما لفت المصدر إلى أن قادة القوات الأوكرانية يمكنهم إصدار الأوامر لإرسال جنود لا يحبونهم إلى الجبهة كعقاب، ولكن هناك مخاوف من أن هؤلاء الجنود - الذين لديهم معلومات حساسة حول مواقع وتكتيكات الدفاع الجوي الأوكرانية - معرضون لخطر التخلي عن معلومات مهمة إذا وقعوا في قبضة الروس على الجبهة.
في الشهر الماضي، قالت البرلمانية الأوكرانية ماريانا بيزوهلا، في منشور على تيليجرام، "إن قوات الدفاع الجوي يتم نقلها إلى وحدات المشاة، مما يؤدي إلى انخفاض معدلات نجاح أوكرانيا في إسقاط الطائرات بدون طيار الروسية"، ورد عليها يوري إهنات المتحدث باسم قوات الدفاع الجوي بأن "عمليات النقل جارية بالفعل لكنها لا تؤثر على معدلات إسقاط الطائرات بدون طيار".
إلا أن الأفراد الذين أدلوا بتصريحاتهم للـ"الجارديان" قالوا إن المطالب المتزايدة بالتحويلات تجعل من الصعب إدارة وحدات الدفاع الجوي بشكل صحيح.
وأفاد ضابط آخر يعمل في الدفاع الجوي بأن "عملية الانتقالات هذه استمرت لمدة عام ولكن الوضع يزداد سوءا فقد انخفضت القوة بالفعل إلى أقل من النصف".
وعلى الرغم من أن الأشهر الأولى من العملية العسكرية الروسية التي بدأت في فبراير 2022 كانت قد شهدت طوابير من الأوكرانيين المستعدين للتطوع، وذهب مئات الآلاف من الأفراد طواعية إلى الجبهة، إلا أن التعبئة أصبحت تمثل تحديا كبيرا لكييف على مدار العام الماضي، حيث تجولت فرق من ضباط التجنيد في الشوارع لتوزيع أوراق الاستدعاء، ومُنع الرجال في سن التجنيد من مغادرة البلاد، بحسب "الجارديان".
وفي إشارة واضحة إلى تغير المواقف في البلاد، وجد استطلاع للرأي أجراه مركز (رازومكوف) ومقره كييف أن 46 بالمائة من المستجيبين وافقوا على أنه "لا عيب في التهرب من الخدمة العسكرية"، بينما عارض ذلك 29 بالمائة فقط.
ورأت الصحيفة أن نقص الأفراد أدى إلى توتر العلاقات بين كييف وواشنطن خلال الأشهر الأخيرة، إذ شعر المسؤولون في الإدارة الأمريكية بالانزعاج من أن زيلينسكي وحكومته يطالبون بشكل متكرر بزيادة الأسلحة، لكنهم لم يتمكنوا من حشد المزيد من القوات.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض شون سافيت، في بيان الشهر الماضي، "إن القوة البشرية هي الحاجة الأكثر حيوية لدى أوكرانيا في الوقت الحالي، ونحن مستعدون لزيادة قدرتنا التدريبية إذا اتخذوا الخطوات المناسبة لملء صفوفهم".
ويشعر المسؤولون الأوكرانيون أن الدعوات العامة من جانب الولايات المتحدة لخفض سن التعبئة إلى 18 عاما غير مناسبة، إذ وسعت أوكرانيا حملتها للتعبئة في أبريل وخفضت سن الاستدعاء من 27 عاما إلى 25 عاما، لكن غالبية الأوكرانيين يحذرون من خفضها أكثر، مشيرين إلى الحاجة إلى حماية الجيل الأصغر سنا.. في حين يقول العديد من الجنود إن الطريقة لتعزيز معدلات التعبئة ليست بخفض سن الاستدعاء ولكن من خلال تقديم حوافز أفضل والمزيد من التدريب.