الجزيرة:
2025-03-08@23:48:53 GMT

كساء هرم منكاورع.. أسئلة علمية عن أكبر لعبة بازل

تاريخ النشر: 6th, February 2024 GMT

كساء هرم منكاورع.. أسئلة علمية عن أكبر لعبة بازل

أثار إعلان وزارة السياحة والآثار المصرية قبل أيام عن مشروعها لإعادة كساء الهرم الأصغر "هرم منكاورع" (منقرع) بالغرانيت المتساقط حوله، جدلا ذا طبيعة أثرية، بين من يراه "أكبر لعبة بازل في التاريخ" سيجري خلالها مطابقة الأحجار الغرانيتية المتساقطة مع أحجار الهرم بما يعيده لشكله القديم، واتجاه آخر يمثل الأغلبية يراه خلعا للعباءة الأثرية للهرم.

وبينما أشهر كل فريق أسلحته مستخدما نصوصا من المواثيق الدولية التي التزمت مصر بتطبيقها، غاب عن كليهما البعد العلمي الذي قد يحسم القضية لصالح رفض المشروع، حتى وإن كان تنفيذه جائزا من الناحية الأثرية.

فمن الناحية الأثرية، يرى رئيس المجلس الأعلى للآثار في مصر مصطفى وزيري، أن المشروع -الذي وصفه بأنه "هدية مصر للعالم"- سيقدم للزوار المعاصرين لمحة عن روعة الهيكل الأصلي للهرم، والذي كان مكونا من 16 طبقة من كتل الغرانيت لم يتبق منها اليوم سوى سبع طبقات.

وأيده قله من الأثريين والمهتمين بالتراث، منهم المؤرخ والكاتب بسام الشماع الذي وصف في حديث مع "الجزيرة نت" إعادة كساء الهرم بالغرانيت، بأنه "أكبر لعبه بازل في التاريخ"، وقال إن "قطاعا عريضا من الرافضين يقوم بتصفية حسابات شخصية بالاعتراض على المشروع، دون الاستناد إلى آراء منطقية".

وفي المقابل اعترض أغلب المجتمع الأثري على المشروع، وطالبت عالمة المصريات مونيكا حنا، بتبني نهج أكثر تحفظا يركز على الحفاظ على الهيكل كما هو اليوم، بدلا من محاولة إعادة إنشاء مظهره الأصلي.

ووصفت المشروع بأنه "عبث في إدارة التراث المصري"، مؤكدة أن "المبادئ الدولية للترميم الأثري تحظر بشكل عام مثل هذه التدخلات واسعة النطاق".

واللافت أن أحدا لم يهتم بالجانب العلمي للمشروع، وهل يؤثر إعادة الغرانيت إلى الهرم على سلامته الهيكلية أم لا؟ وهو السؤال الذي سعت "الجزيرة نت" للإجابة عليه عبر مجموعة من المتخصصين الذين وضعوا أسئلة علمية مشروعة، وأكدوا أهمية الإجابة عليها قبل اتخاذ قرار الموافقة أو الرفض.

رئيس المجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري (وسط) أثناء إعلانه عن مشروع إعادة كساء هرم منكاورع (فيسبوك) تقييم الوضع الراهن

وانطلقت الأسئلة التي وضعها الخبراء من تقييم الوضع الراهن للمنطقة، والذي جاء في العديد من الدراسات، ومنها دراسة للخبير المتخصص في الهندسة الجيوتقنية بكلية الآثار جامعة القاهرة سيد حميدة، والتي أعدها بالتعاون مع أحد خبراء وزارة السياحة والآثار.

ووفق الدراسة التي نشرت قبل نحو 3 أعوام في دورية "علوم التراث"، فإن منطقة الأهرامات الكبرى بالجيزة تعرضت للتهديد بسبب طبقة مياه جوفية تغطي مساحة أسفل هضبة الهرم وأبو الهول، حيث يتراوح عمق المياه الجوفية بين 4 و7 أمتار، وتُعاد تغذية تلك الطبقة بشكل رئيسي من خلال شبكة المياه والتوسع الحضري بشكل عام.

وأوضحت الدراسة أن هناك تدهورا في أجزاء كثيرة من الأهرامات الثلاثة يرتبط بتقادم المواد وتأثير العوامل الجوية والمائية، وأثر ذلك على كتل الحجر الجيري الداعمة للأهرامات والتي تعرضت العديد منها للفصل.

كما اهتمت الدراسة بطبقات الغرانيت التي لا تزال تغلف الهرم الأصغر (سبع طبقات)، ولفتت إلى أن التدهور الواضح على  كتل الغرانيت التي تغلف الهرم، هو عملية معقدة ناتجة عن تفاعل العديد من العوامل المرتبطة مثل ظروف المنطقة المناخية، وارتفاع منسوب المياه الجوفية الناتج عن تسرب المياه من قنوات الري في الضواحي، والتوسع الحضري الشامل المحيط بأهرامات الجيزة.

وإلى جانب ذلك، هناك بعض أشكال التجوية (عملية تفتت وتحلل الصخور والمعادن بواسطة العوامل الجوية السائدة) التي تؤثر على كتل الغرانيت، وعوامل التحلل الأخرى لمعادن السيليكات الموجودة بكتل الغرانيت ذات الصلة كيميائيا أو بيولوجيا بمعدلات التجوية، حيث تتكون كتل الغرانيت أساسا من أنواع معقدة من تلك المعادن المصبوغة بأوكسيد الحديد.

5 أسئلة مشروعة

وانطلاقا من هذا الوصف الحالي للمنطقة ومشاكلها، يرى الخبير المتخصص في الترميم بكلية الآثار جامعة ألمنيا (جنوب مصر) محمد الشاذلي في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت"، أن أحد الأسئلة التي يجب الإجابة عليها قبل تنفيذ هذا المشروع هو: "هل تمت دراسة الحالة الحالية لكتل الغرانيت التي لا تزال موجودة من حيث عوامل التجوية التي تعرضت لها وتأثيرات التدهور الواضحة عليها والمشكلات الهيكلية الموجودة بها، وهل من الأجدى ترميم الموجود حاليا بشكل جيد أم إعادة الكتل المتساقطة؟".

ويتعلق السؤال الثاني باستدامة هذا المشروع، وهو: "هل تمت دراسة الظروف البيئية للمنطقة، بما في ذلك المناخ ومستويات المياه الجوفية والعوامل الخارجية الأخرى، ومدى تأثيرها في استدامة هذا التدخل المقترح؟".

أما السؤال الثالث فيتعلق بالمعادن الموجودة في الغرانيت، فهل قُيمت نسبة المعادن في الغرانيت المتساقط، ومدى وجود اختلافات بينها وبين الغرانيت الذي لا يزال يكسو الهرم، وهل توجد احتمالية لحدوث تفاعل بين المعادن الموجودة بالغرانيت وجسم الهرم؟

ويشير خبير متخصص في ترميم الآثار بوزارة الآثار المصرية طلب عدم نشر اسمه، إلى سؤالين آخرين يتعلقان بحالة الهرم الحالية، حيث يوجد تدهور في أجزاء منه يرتبط بتقادم المواد وتأثير العوامل الجوية والمائية، فهل ستمثل طبقة الغرانيب عبئا إضافيا على الأثر؟

ويقول: "لم تكن تلك المشكلة قائمة بطبيعة الحال وقت بناء الهرم، ولكن مع التقدم في الزمن لا بد من طرح هذا السؤال، حيث يمكن أن يكون للغرانيت معدلات مختلفة للتمدد والانكماش استجابة لتغيرات درجة الحرارة والرطوبة، ويمكن أن يؤدي هذا الاختلاف إلى الضغط على جسم الهرم، مما قد يؤدي إلى حدوث تشققات أو أشكال أخرى من الضرر بمرور الوقت".

والسؤال الأخير الذي يثيره خبير وزارة الآثار يتعلق باحتمالية امتصاص الغرانيت للرطوبة والاحتفاظ بها، "فهل روجع هذا العنصر في الأجزاء التي تغلف الهرم حاليا؟ فالمعروف أن الغرانيت يمكنه امتصاص الرطوبة والاحتفاظ بها، مما قد يخلق بيئة دقيقة رطبة حول القطعة الأثرية تؤدي إلى نمو العفن أو أشكال أخرى من التدهور".

لجنة لحسم مصير المشروع

ويطالب الخبراء بمراعاة هذه الأسئلة العلمية من قبل اللجنة التي قرر وزير السياحة والآثار المصري أحمد عيسى تشكيلها برئاسة وزير الآثار الأسبق زاهي حواس، لحسم مصير هذا المشروع، وذلك بعد الجدل الأثري الذي أثاره.

ويقول الشاذلي: "في تقديري فإن الإجابة على الأسئلة العلمية المطروحة يجب أن تكون من أولويات اللجنة، لأنها قد تحسم الاتجاه نحو إلغاء هذا المشروع، حتى وإن كان مقبولا من الناحية الأثرية".

ورفض حواس إبداء الرأي إزاء المشروع، قائلا في تصريحات صحفية: " لا أستطيع قول أي شيء على الإطلاق إلا بعد أن تنتهي اللجنة من عملها".

ومن المقرر أن تقوم اللجنة، التي تضم مهندسين وأثريين من العرب والأجانب، بإعداد تقرير علمي مفصل عن نتائج أعمالها، وما انتهت إليه المراجعة العلمية، واتخاذ قرار بشأن المضي قدما في المشروع من عدمه، على أن يتضمن التقرير جميع الإجراءات والخطوات الواجب اتباعها للتنسيق المطلوب مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو" في هذا الشأن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: هذا المشروع

إقرأ أيضاً:

جرائم تكشفها الصدفة.. لعبة إلكترونية تكشف قاتلًا متسلسلًا

في عالم الجرائم، هناك قضايا تُحَلُّ عبر الأدلة والبراهين، وأخرى تبقى لغزًا محيرًا لسنوات طويلة، لكن هناك نوعًا مختلفًا تمامًا… جرائم لم يكن ليُكشف عنها الستار لولا الصدفة البحتة!

في شهر رمضان المبارك، حيث تتغير إيقاعات الحياة وتمتلئ الأجواء بالتأمل والروحانية، نقدم لكم يوميًا على مدار 30 يومًا سلسلة "جرائم تكشفها الصدفة"، حيث نستعرض أغرب القضايا الحقيقية التي كُشفت بطرق غير متوقعة – من أخطاء الجناة، إلى اكتشافات عرضية قلبت مسار التحقيقات رأسًا على عقب.

انتظرونا كل ليلة مع قصة جديدة، وتفاصيل مثيرة عن جرائم لم يكن ليعرفها أحد لولا لمسة من الحظ أو موقف عابر كشف الحقيقة!

الحلقة السادسة - لعبة إلكترونية تكشف قاتلًا متسلسلًا

في عام 2019، بدأ عدد من اللاعبين في مدينة أمستردام يلاحظون شيئًا غريبًا أثناء لعبهم لإحدى ألعاب الأونلاين الشهيرة.

كان هناك لاعب يستخدم اسمًا مستعارًا، لكنه كان يكتب في الدردشة تفاصيل دقيقة عن جرائم قتل حدثت مؤخرًا في المدينة، حتى أنه ذكر أماكن لم تُكشف في التحقيقات الرسمية.

أبلغ أحد اللاعبين الشرطة، التي بدأت في تتبع صاحب الحساب، لتكتشف أنه يعود إلى “مارك دي يونغ”، وهو رجل يعمل في مستودع محلي.

عندما داهمت الشرطة منزله، عثرت على أدلة تربطه بثلاث جرائم قتل غير محلولة.

اعترف مارك بأنه كان يستمتع بمشاركة تفاصيل جرائمه مع الغرباء في اللعبة، لكنه لم يكن يتوقع أن يقوده ذلك إلى الاعتقال.

وهكذا، أدت صدفة غريبة داخل لعبة إلكترونية إلى القبض على قاتل متسلسل قبل أن يتمكن من ارتكاب المزيد من الجرائم.

 







مشاركة

مقالات مشابهة

  • AMD تُطلق كارات شاشة Radeon RX 9070 XT.. أداء فائق وسعر منافس
  • الساحل السوري يتحرك ويفجر أسئلةً كبرى حول مستقبل العلاقة مع دمشق
  • مسابقة رمضانية للأطفال لتعريفهم بالشهر الفضيل
  • أهمية اللسان في تبليغ رسالة الخالق إلى الإنسان.. دراسة علمية
  • أكبر بطارية في أوروبا.. قادرة على تشغيل بلد كامل لساعتين
  • "أنقذ القطة".. الكتاب الذي غيّر قواعد لعبة كتابة السيناريو في العالم
  • الكهرباء: إطلاق أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العراق
  • مدير أمن محافظة اللاذقية لـ سانا: المجموعات المسلحة التي تشتبك معها قواتنا الأمنية في ريف اللاذقية كانت تتبع لمجرم الحرب “سهيل الحسن” الذي ارتكب أبشع المجازر بحق الشعب السوري
  • جرائم تكشفها الصدفة.. لعبة إلكترونية تكشف قاتلًا متسلسلًا
  • 6 أسئلة تفسر أسباب قرارات رئيس السلطة المفاجئة في القمة العربية